فيما يأتي قصةٌ لمأساةِ أمٍ فقدتْ مولودها الأولْ الذي لمْ يتجاوزْ عامَهُ الأوّل بَعدْ. وقدْ استُشهدَ في إحدى الانفجارات الغادرة التي حطمتْ ربيعَ طفولتهِ وسعادةَ أمّه ولعلَّ كلماتي هذي تكونُ مواساةً لها ولجميعِ أمهاتِ الشهداءْ وهي بعنوان:...
رأيتهُ في الحضنِ يرفرف كعصفورٍ على غديرِ الحبِ... وأمه ترسلُ مع البسماتِ قبلات الحنانْ... فتحطُّ على وجنتهِ وتغمرهُ سلاماً واماناً... تحكي نظراتها عمّا في قلبها... من عطفٍ وحُبٍ لابنها... لفتهُ بجناحيها... وغطتهُ بقلبها... داعبتهُ ولمْ تعبأ بما حولها... فحياتها مصبوبةٌ بالذي في حجرها... وبلحظةٍ مدَّ البؤسُ يديهِ... وأحاطَ الدنيا بها... سمعتْ دوياً وغابَ ابنها عن عينها... أفاقتْ وإذا الأرضُ تحيطها بكفها... نظرتْ للحضنِ وإذْ قدْ غابَ منهُ درةُ قلبها... فقامتْ مذعورةً كالناقةِ إذا أضاعتْ فصيلها... تمشي كمَنْ غابَ عقلهُ... تهذي وعلى الشفةِ تربعتْ كلمةُ: «بني»... تبحثُ عنْ نورِ عينها... سادَ الصمتُ حينَ رأتْ عربةَ طفلها... خرساءَ وحيدةً على جانبِ الطريقِ... تبكي وبجانبها زجاجةُ الحليبِ مذعورةٌ... وقد فُقِدَ مالكها... نظرتْ لليمينِ وإذْ بأسفلِ الشجرةِ... قدْ أغمضَ العينينَ والشجرةُ تراعهُ بفيئها... ركضتِ الأمُ واحتضنته والدمعُ ينهملُ من عينيها... صدرهُ الصغيرُ قدْ خُضِّبَ بالدماءِ... وعيناهُ ودعتِ الحياةَ بما بها... وبسمةٌ صغيرةٌ مطمئنةٌ... على ثُغرهِ فرشتْ نفسها... تقولُ لأمهِ: لا تبكي... ولاقيني عندَ ربكِ... عصفورٌ يرفرفُ بربوعِ جنةِ الخلودِ... ويُسقى مِن مائها... سأشكو قاتلي لربِّ السماءْ... فقدْ نحرَ طفولتي وشرّد عنْ قلبكِ الهناءْ... فإذا بالأمِّ ضمته لصدرها... وتعطرتْ بدمائه... تقبلهُ لعلَّ الروحَ تعودُ للجسدِ... ولعلّها تكونُ في حلمٍ أزعجها... لفتهُ بغطائهِ لعلَّ الحياةَ لمْ تفارقهُ... ليعودَ وينطقَ باسمها...
مَنْ غدرَ طفولتهُ البريئةْ؟... منْ اقتلعَ الفرحَ مِن خَلَدِها؟... ما ذنبه؟ وما ارتكب؟... ليغيبَ عن حُجر أمهِ وتُخطفَ منها ضحكتُها... وها هو قدْ خطَّ بدمائهِ على وجهِ السماءْ... واللهِ لنْ أنسى غدركمْ... وستنهضُ بلادي ويشفى جرحها...
📚📖📚📖📚📖📚📖📚
تعليق