ينظرون اليها بحزن ويتكلمون بصمت:
منذ ذلك اليوم أصبحت أيامنا جدباء..
وليالينا يطويها الحزن..
منذ ذلك اليوم دخلنا دوامة الكآبة..
واخضرار أشجارنا تحوّل إلى اصفرار..
والسرور مضى من بيتنا إلى غير رجعة..
ذلك البيت الذي طالما تعالت فيه ضحكاتِك وحاطته اهتماماتِكِ ولامستْ يداكِ جدرانه..
ذلك اليوم الذي علمنا فيه أنّ المرض استشرى بجسدك الناحل..
وأصبحتِ طريحة الفراش تحتاجين إلى مَن يمدّ يده لك يعينك على النهوض آه..
يا أمنا أنتِ من كنتِ تضيئين بيتنا بنور وجهك الوضّاء..
يا مَن كنتِ تسهرين ليلك على راحتنا وتقضين نهارك في تلبية احتياجاتنا..
قد مزق قلبنا منظركِ وأنت تتألمين.. وتتوجع مهجنا حينما تتوجعين..
يجرحنا منظركِ وأنت تذوين يوماً بعد يوم وتذبلين كزهرة تفتّتت ورقاتها..
ونحن عاجزون عن فعل أي شيء لكِ.. يا شمعة بيتنا..
يا ليتنا استطعنا فداءك لافتديناكِ بالأرواح والأموال..
ولكن الله عزوجل لم يكتفِ بأن جعل الجنان تحت قدميك ولكن أراد سبحانه منحك أرقاها.
تطلق رَبّةِ البَيتٍ العَلِيلة اهاتها:
هو الحزن العميق أراه في عيونكم، وأنتم تتأملوني، إنه حزن العاجز..
تلاحقكم نظراتي اليائسة وأنتم تدورون في البيت متعاونين فيما بينكم..
يملأ قلبي الحَبور على الرغم من آلامه..
وأنا أراكم يداً واحدة يجمعكم حبّكم لي..
تسارعون إلى خدمتي.. في الوقت الذي أتمنى فيه أن أقف على قدمي أُعدّ لكم ما تحبونه من طعام كعهدي السابق..
وأمسح بيدي ما تراكم من غبار على أثاثي..
وقبله أمسح ما تراكم على قلوبكم من حزن على حالي..
أشفق عليكم من تحمل مسؤولية ثقيلة كانت على عاتقي سابقاً..
وقدّمها لكم قدري وقدركم، فحملتموها بدلاً مني.. وكلّكم حرص على أن لا تنوؤا بها..
وتمزّقكم بين هذه الأحمال وبين قلقكم الدائم على وضعي الصحي الذي يتردى يوماً بعد يوم..
فتسعون حثيثاً لتقديم كلّ ما تستطيعون لتخففوا آلامي..
ولكن من دون جدوى..
وتحبسون أحزانكم عنّي ظناً منكم بأني لاهية بالمرض..
وتناسيتم أني أشعر بكم وإن كنتُ في لحظات حياتي الأخيرة..
يا أعزائي هذا قضاء الله وقدره ولا حيلة لكم أو لي في الأمر وقد تقبلته من ربّي الرحيم ولن أقول غير الحمد لله
تعليق