المراد من دحو الأرض هو تسويتها والذي هو تعبير آخر عن إنشائها
وخلقها، وبناء على ذلك يكون معنى قوله تعالى: (وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا)
هو أنشأها وخلقها فيكون خلقها
بمقتضى ذلك بعد خلق السماء وذلك لقوله تعالى: (أَأَنتُمْ
أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاء بَنَاهَا /
رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا / وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا)
ثمَّ قال تعالى: (وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا).
وثمَّة
تفسير آخر لدحو الأرض وهو مدُّها وبسطها وتهيئتها لكي يحيا عليها الإنسان وبقية
المخلوقات، وهذا المعنى يتناسب مع المدلول اللغوي لكلمة الدحو، يقال: مدحى النعامة،
أي موضع بيضها، فهي تدحو الأرض برجلها أي تبسطها وتهيئها لتضع عليه بيضها، ولعلَّ
الآيات التي تلت قوله تعالى: (وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ
دَحَاهَا) تؤكِّد هذا المعنى فقد أفادت أنَّ الله تعالى
أخرج من الأرض الماء والمرعى وأرسى الجبال لتكون متاعًا ومعاشًا للإنسان والأنعام،
فتلك هي التهيئة المناسبة لحياة الإنسان على الأرض، قال تعالى: (وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا /
أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَاهَا / وَالْجِبَالَ
أَرْسَاهَا / مَتَاعًا
لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ ) ، فكأنَّ هذه الآيات بيانًا
للمراد من دحو الأرض.
نسألكم الدعاء
أخوكم عبدالإله عباس
تعليق