بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
مات الخليفة العباسي المأمون ليلة الثاني عشر من شهر رجب عام 218 هـــ .ق ودفن في مدينة طرسوس فخلفه اخوه المعتصم، الذي بذل مساعيه لتثبيت دعائم خلافته، فكان اول ما اتخذه لدفع الخطر المتوقع الذي كان يهدد عرشه من قبل الامام الجواد عليه السلام ان أتى به من المدينة الى بغداد واخضعه للاقامة الجبرية. ولم تمض مدة على اقامته في بغداد حتى دس له المعتصم السم وقتله. وقد كان ذلك اثر هذه الحادثة : ـــ
قال الزرقان احد مقربي ابن أبي داود:
انه رجع ابن ابي داود ذات يوم من عند المعتصم وهو مغتم جدا فسألته عما ألم به فقال:
ـــ وددت اليوم اني مت قبل عشرين سنة.
قلت: ولم ذلك؟
قال: لما كان من أبي جعفر الجواد في مجلس المعتصم؟
قلت: فماذا حدث؟
قال: أتي بسارق الى مجلس الخليفة وقد اقر على نفسه بالسرقة وسأل الخليفة ان يطهره باقامة الحد عليه. فجمع لذلك الفقهاء ومعهم الجواد، فسألنا عن موضع القطع ؟
فقلت: من الكرسوع .
قال: وما دليلك؟
قلت: لأن اليد تعني الاصابع والكف الى الكرسوع لقوله سبحانه في آية التيمم (فامسحوا بوجوهكم وايديكم).
واتفق معي في ذلك قوم، بينما قال آخرون يجب القطع من المرفق لقوله سبحانه في آية الوضوء (وايديكم الى المرافق) فهي واضحة في ان المرفق هو حد اليد.
ثم التفت المعتصم الى أبي جعفر فقال:
ـــ ما تقول في هذه المسألة؟
قال عليه السلام:
ــ اعفني، فقد تكلم القوم في ذلك.
فاعاد المعتصم قوله، فاستعفى الامام غير انه لم يعفه وقال:
ـــ اقسمت عليك بالله لما قلت بما عندك.
قال عليه السلام:
ـــ اذا اقسمت فأقول انهم اخطـأوا، فالقطع يكون من مفصل اصول الاصابع وتترك الكف.
قال المعتصم: وما الحجة في ذلك؟
قال عليه السلام:
ــ قول النبي(ص) السجود على سبعة اعضاء: الوجه واليدين والركبتين والرجلين، فإذا قطعت يده من الكرسوع او المرفق لم يبق له يد يسجد عليها، وقد قال سبجانه: (وان المساجد لله فلا تدعوا مع الله احدا) وما كان لله لم يقطع.
فأعجب المعتصم بذلك وأمر بقطع يد السارق من مفصل الاصابع.
قال ابن ابي داود: فثارت حفيظتي وقامت قيامتي وتمنيت اني كنت ميتا ولم ار مثل ذلك اليوم. فقصدت المعتصم بعد ثلاثة ايام، فقلت له:
ــ نصيحة الامير علي واجبة، سأكلمك في أمر اعلم اني ادخل به النار.
قال: وما هو؟
قلت: ان الخليفة يجمع الفقهاء والعلماء في مجلسه لحكم من احكام الدين، وقد حضر المجلس القواد والوزراء ويسمعون ما يدور من احاديث، ويسأل عن الحكم فيخبره الفقهاء بما عندهم، ثم يترك اقوالهم كلهم لقول رجل يقول شطر من هذه الامة بامامته ويدعون انه أولى منه بمقامه ثم يحكم بحكمه دون حكم الفقهاء.
قال فتغير لونه وانتبه لما ارتكب من خطأ فقال:
ـــ جزاك الله عن نصيحتك خيرا.
فأمر في اليوم الرابع احد كتابه بأن يدعو الامام الجواد الى منزله، فدعاه، فأبى عليه السلام ان يجيبه، فأصر عليه قائلا:
ـــ انما ادعوك الى الطعام وأحب ان تدخل منزلي فاتبرك بك، وهناك بعض وزراء الخليفة ممن يتمنون رؤيتك في منزلي.
فاضطر الامام عليه السلام لذلك، فدسوا له السم في الطعام، فلما طعم احس بالسم، فعزم على الانصراف. فسأله رب المنزل ان يبقى فقال عليه السلام:
ـــ خروجي من دارك خير لك.
فلم يزل عليه السلام نهاره وليله يكابد السم حتى سرى في جميع بدنه الشريف فقبض.
كتاب حكايات بحار الانوار
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
مات الخليفة العباسي المأمون ليلة الثاني عشر من شهر رجب عام 218 هـــ .ق ودفن في مدينة طرسوس فخلفه اخوه المعتصم، الذي بذل مساعيه لتثبيت دعائم خلافته، فكان اول ما اتخذه لدفع الخطر المتوقع الذي كان يهدد عرشه من قبل الامام الجواد عليه السلام ان أتى به من المدينة الى بغداد واخضعه للاقامة الجبرية. ولم تمض مدة على اقامته في بغداد حتى دس له المعتصم السم وقتله. وقد كان ذلك اثر هذه الحادثة : ـــ
قال الزرقان احد مقربي ابن أبي داود:
انه رجع ابن ابي داود ذات يوم من عند المعتصم وهو مغتم جدا فسألته عما ألم به فقال:
ـــ وددت اليوم اني مت قبل عشرين سنة.
قلت: ولم ذلك؟
قال: لما كان من أبي جعفر الجواد في مجلس المعتصم؟
قلت: فماذا حدث؟
قال: أتي بسارق الى مجلس الخليفة وقد اقر على نفسه بالسرقة وسأل الخليفة ان يطهره باقامة الحد عليه. فجمع لذلك الفقهاء ومعهم الجواد، فسألنا عن موضع القطع ؟
فقلت: من الكرسوع .
قال: وما دليلك؟
قلت: لأن اليد تعني الاصابع والكف الى الكرسوع لقوله سبحانه في آية التيمم (فامسحوا بوجوهكم وايديكم).
واتفق معي في ذلك قوم، بينما قال آخرون يجب القطع من المرفق لقوله سبحانه في آية الوضوء (وايديكم الى المرافق) فهي واضحة في ان المرفق هو حد اليد.
ثم التفت المعتصم الى أبي جعفر فقال:
ـــ ما تقول في هذه المسألة؟
قال عليه السلام:
ــ اعفني، فقد تكلم القوم في ذلك.
فاعاد المعتصم قوله، فاستعفى الامام غير انه لم يعفه وقال:
ـــ اقسمت عليك بالله لما قلت بما عندك.
قال عليه السلام:
ـــ اذا اقسمت فأقول انهم اخطـأوا، فالقطع يكون من مفصل اصول الاصابع وتترك الكف.
قال المعتصم: وما الحجة في ذلك؟
قال عليه السلام:
ــ قول النبي(ص) السجود على سبعة اعضاء: الوجه واليدين والركبتين والرجلين، فإذا قطعت يده من الكرسوع او المرفق لم يبق له يد يسجد عليها، وقد قال سبجانه: (وان المساجد لله فلا تدعوا مع الله احدا) وما كان لله لم يقطع.
فأعجب المعتصم بذلك وأمر بقطع يد السارق من مفصل الاصابع.
قال ابن ابي داود: فثارت حفيظتي وقامت قيامتي وتمنيت اني كنت ميتا ولم ار مثل ذلك اليوم. فقصدت المعتصم بعد ثلاثة ايام، فقلت له:
ــ نصيحة الامير علي واجبة، سأكلمك في أمر اعلم اني ادخل به النار.
قال: وما هو؟
قلت: ان الخليفة يجمع الفقهاء والعلماء في مجلسه لحكم من احكام الدين، وقد حضر المجلس القواد والوزراء ويسمعون ما يدور من احاديث، ويسأل عن الحكم فيخبره الفقهاء بما عندهم، ثم يترك اقوالهم كلهم لقول رجل يقول شطر من هذه الامة بامامته ويدعون انه أولى منه بمقامه ثم يحكم بحكمه دون حكم الفقهاء.
قال فتغير لونه وانتبه لما ارتكب من خطأ فقال:
ـــ جزاك الله عن نصيحتك خيرا.
فأمر في اليوم الرابع احد كتابه بأن يدعو الامام الجواد الى منزله، فدعاه، فأبى عليه السلام ان يجيبه، فأصر عليه قائلا:
ـــ انما ادعوك الى الطعام وأحب ان تدخل منزلي فاتبرك بك، وهناك بعض وزراء الخليفة ممن يتمنون رؤيتك في منزلي.
فاضطر الامام عليه السلام لذلك، فدسوا له السم في الطعام، فلما طعم احس بالسم، فعزم على الانصراف. فسأله رب المنزل ان يبقى فقال عليه السلام:
ـــ خروجي من دارك خير لك.
فلم يزل عليه السلام نهاره وليله يكابد السم حتى سرى في جميع بدنه الشريف فقبض.
كتاب حكايات بحار الانوار
تعليق