قال الدكتور المفكر عبدالفتاح عبد المقصود في كتابه الامام علي بن أبي طالب :
ماكان أبوبكر حقا بالذي استهواه حب التملك أو التآمر على الناس . ولكن الأيام نصبته قي مقام فكان لزاما عليه أن يرعى حق هذا المقام . ولقد دفعته لهذا الحرص وحدة الأمة أن تنشق ويذهب بريحها تناحر الأحزاب ، وقوة الدين الناشئ أن يميل الناس عن الجهاد في سبيله الى الجهاد في سبيل الأشخاص . وكان الرجل عالما تمام العلم أنه قد بلغ بالبيعة الحد الذي يحسن به الادام وتسوء عقبى التردد والنكوص ، وهو حقا ليس بخير الناس - كما قال بلسانه ليكون منهم الأمير المسود . ولكنه كان أدنى الى اصابة جانب الخير في الحكم لو انهم عملوا على المنهج الذي ارتسمه لنفسه حين خطبهم بالأمس (( أما بعد ، أيها الناس ، اني وقد وليت عليكم ولست بخيركم ، فان أحسنت فأعينوني ، وان أسأت فقوموني ... ) ولكنه اليوم لايستطيع ان يترسم الخطا التي عاهد الله أن يسير وفق نهجها الواضح المعلوم . وهو ان يستطيع هذا بحال حتى يحرص على الأرض تحت قدميه أن تنهار ! . وهكذا نراه يعاود ماكان أخفق فيه بالأمس عساه يفئ برضاء علي ومن بعده آل محمد وصحبه المخلصين ، ثم من بعدهم حشود مخالفيه من المسلمين .. ذهب فدخل عليه داره وقد حف به صاحباه عمر وابن الجراح : وتوسل ماوسعه اللين ورقة الحديث . ولكن عليا ظل الثابت على حقه ، المتمسك به ، لايسلم وان كان لم يتذرع بالعنف أو تأليب الناس للفوز بهذا الحق المسلوب . وقال ابوبكر محاولا أن يصل الى اقناع غريمه باثارة الخوف في قلبه على وحدة الاسلام : (( ابن عم رسول الله ، وختنه على ابنته ، يريد أن يشق عصا المسلمين ؟ ،
فأسرع العباس يقول : ، وكان حاضرا : (( ماأحد أولى بمقام رسول الله منه ! ))
وقال علي ، رابط الجأش ثابت الجنان : (( انا أحق بهذا الأمر منكم ، فلاأبايعكم وأنتم أولى بالبيعة لي .. ) (( فهل كانت بيعتي عن غير رضا من الناس ؟)) (( ولكنكم زعمتم للأنصار أنكم أولى بها منهم ، اذ كان محمد منكم ، فأعطوكم المقادة . ولست احتج عليكم الا بمثل ماسلف لكم من الحجة على الأنصار . )) فقال عمر : (( قد كان رسول الله منا ومنكم )) فالتفت علي نحوه ، غاضبا . يقول : (( نحن أولى برسول الله حيا وميتا ! .. ياعمر ، انا آله ، موضع سره ، ولجأ أمره . وعيبة علمه ، وموئل حكمه ... لايقاس بآل محمد من هذه الأمة أحد ، ولايسوى بهم من جرت نعمتهم عليه أبدآ ! .. )) هنا عاود ابن الخطاب عنفه ، فاندفع يقول : (( انك اذن لست متروكا حتى تبايع )) فصاح به علي : (( أفتلزمني البيعة يابن الخطاب ! )) وقال أبوبكر بهدوئه المعروف : (( ياأبا الحسن ، ان الناس قد اختاروني عليهم . واني أحب لك أن تدخل فيما دخل فيه الناس ... )) وعقب عمر : (( ياخليفة رسول الله ، لقد لزمته طاعتك اذ بايعك الناس ... )) فثار ثائر علي ، وهتف به يزأر ، وفي صوته رنة سخرية وتهكم : (( ياعمر ! . . احلب حلبا لك شطره ، واشدد له اليوم يردده عليك غدا ! ... ) ثم التفت الى ابي بكر يقول : (( أما والله لقد تقمصتها وانك لتعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى ، ينحدر عني السيل ولايرقى الي الطير ! ... )) (1) اهـ
وقال أيضآ :
فراح الشيخ يوالي التحريض : (( ياعجبا ! . رضيتم يابني عبد مناف أن يغلبكم عليها أذل بيت في قريش ؟ ))
قال علي بهدوء مابنفسه : (( مارضيت ، بل صبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجا .. )) (2) اهـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ج1 ص173-175 ، منشورات مكتبة العرفان بيروت
(2) ص185
ماكان أبوبكر حقا بالذي استهواه حب التملك أو التآمر على الناس . ولكن الأيام نصبته قي مقام فكان لزاما عليه أن يرعى حق هذا المقام . ولقد دفعته لهذا الحرص وحدة الأمة أن تنشق ويذهب بريحها تناحر الأحزاب ، وقوة الدين الناشئ أن يميل الناس عن الجهاد في سبيله الى الجهاد في سبيل الأشخاص . وكان الرجل عالما تمام العلم أنه قد بلغ بالبيعة الحد الذي يحسن به الادام وتسوء عقبى التردد والنكوص ، وهو حقا ليس بخير الناس - كما قال بلسانه ليكون منهم الأمير المسود . ولكنه كان أدنى الى اصابة جانب الخير في الحكم لو انهم عملوا على المنهج الذي ارتسمه لنفسه حين خطبهم بالأمس (( أما بعد ، أيها الناس ، اني وقد وليت عليكم ولست بخيركم ، فان أحسنت فأعينوني ، وان أسأت فقوموني ... ) ولكنه اليوم لايستطيع ان يترسم الخطا التي عاهد الله أن يسير وفق نهجها الواضح المعلوم . وهو ان يستطيع هذا بحال حتى يحرص على الأرض تحت قدميه أن تنهار ! . وهكذا نراه يعاود ماكان أخفق فيه بالأمس عساه يفئ برضاء علي ومن بعده آل محمد وصحبه المخلصين ، ثم من بعدهم حشود مخالفيه من المسلمين .. ذهب فدخل عليه داره وقد حف به صاحباه عمر وابن الجراح : وتوسل ماوسعه اللين ورقة الحديث . ولكن عليا ظل الثابت على حقه ، المتمسك به ، لايسلم وان كان لم يتذرع بالعنف أو تأليب الناس للفوز بهذا الحق المسلوب . وقال ابوبكر محاولا أن يصل الى اقناع غريمه باثارة الخوف في قلبه على وحدة الاسلام : (( ابن عم رسول الله ، وختنه على ابنته ، يريد أن يشق عصا المسلمين ؟ ،
فأسرع العباس يقول : ، وكان حاضرا : (( ماأحد أولى بمقام رسول الله منه ! ))
وقال علي ، رابط الجأش ثابت الجنان : (( انا أحق بهذا الأمر منكم ، فلاأبايعكم وأنتم أولى بالبيعة لي .. ) (( فهل كانت بيعتي عن غير رضا من الناس ؟)) (( ولكنكم زعمتم للأنصار أنكم أولى بها منهم ، اذ كان محمد منكم ، فأعطوكم المقادة . ولست احتج عليكم الا بمثل ماسلف لكم من الحجة على الأنصار . )) فقال عمر : (( قد كان رسول الله منا ومنكم )) فالتفت علي نحوه ، غاضبا . يقول : (( نحن أولى برسول الله حيا وميتا ! .. ياعمر ، انا آله ، موضع سره ، ولجأ أمره . وعيبة علمه ، وموئل حكمه ... لايقاس بآل محمد من هذه الأمة أحد ، ولايسوى بهم من جرت نعمتهم عليه أبدآ ! .. )) هنا عاود ابن الخطاب عنفه ، فاندفع يقول : (( انك اذن لست متروكا حتى تبايع )) فصاح به علي : (( أفتلزمني البيعة يابن الخطاب ! )) وقال أبوبكر بهدوئه المعروف : (( ياأبا الحسن ، ان الناس قد اختاروني عليهم . واني أحب لك أن تدخل فيما دخل فيه الناس ... )) وعقب عمر : (( ياخليفة رسول الله ، لقد لزمته طاعتك اذ بايعك الناس ... )) فثار ثائر علي ، وهتف به يزأر ، وفي صوته رنة سخرية وتهكم : (( ياعمر ! . . احلب حلبا لك شطره ، واشدد له اليوم يردده عليك غدا ! ... ) ثم التفت الى ابي بكر يقول : (( أما والله لقد تقمصتها وانك لتعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى ، ينحدر عني السيل ولايرقى الي الطير ! ... )) (1) اهـ
وقال أيضآ :
فراح الشيخ يوالي التحريض : (( ياعجبا ! . رضيتم يابني عبد مناف أن يغلبكم عليها أذل بيت في قريش ؟ ))
قال علي بهدوء مابنفسه : (( مارضيت ، بل صبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجا .. )) (2) اهـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ج1 ص173-175 ، منشورات مكتبة العرفان بيروت
(2) ص185
تعليق