سهب في إيراد الشواهد على الثواب الجزيل الذي ينتظركلّ من قضى حوائج
إخوانه وتبشّره بالأمن يوم الحساب فعن الإمام الصادق عليه السلام : « من سعى في حاجة أخيه المسلم طلب وجه اللّه ، كتب اللّه له ألف ألف حسنة » (١) وعنه ايضاً « من قضى لأخيه المؤمن حاجةً ،
قضى اللّه عزّ وجل له يوم القيامة مائة ألف حاجة من ذلك أوّلها الجنة » (٢). وعن الإمام الكاظم« إنّ للّه عبادا في الأرض
يسعون في حوائج الناس ، هم الآمنون يوم القيامة » (٣).ونجد في الرّوايات معطيات إيجابية يجد ثمراتها الإنسان المؤمن في
الدنيا قبل الآخــــرة كزيادة الرزق فــــعن أمـــــير المؤمنين علــــيه الســـــلام : « مواساة الأخ في اللّه تزيد في الرزق » (٤).
وفي مقابل ذلك نجد التحذير الكثير لكل من يقصر فـــــي حق إخوانه ولهذا التحذير والإنذار آثار عملية تتمثّل فــــي المحافظة على
الجدار الاجتماعي من أي تصدّع وفي الحدّ من التحولات الاجتماعية التي تخل بقواعد العيش المشترك يقول الإمام الصادق عليهالسلام :
« من صار إلى أخيه المؤمن في حاجته فحجبه ، لم يزل في لعنة اللّه إلى أن حضرته الوفاة » (5).وعن الإمام الصادق عليه السلام :« أيّما
رجل مسلم أتاه رجل مسلم في حاجة ، وهو يقدر على قضائها فمنعه إيّاها ،عيّره اللّه يوم القيامة تعييرا شديد ، وقال له : أتاك أخوك في حاجة
قد جعلت قضاؤها في يدك فمنعته إيّاها زهدا منك في ثوابها ، وعزّتي لا أنظر إليك اليوم في حاجةٍ معذّبا كنت أو مغفورا لك » (6).وعن الإمام
الكاظم عليه السلام :« من قصد إليه رجل من إخوانه مستجيرا به في بعض أحواله ، فلم يجره بعد أن يقدر عليه ، فقد قطع ولاية اللّه عزّ وجل »(7).
وهنا نجد أيضا في الروايات معطيات سلبية لمن أخل بمبدأ الأخوة وما يتطلبه من تكافل وتعاون فعن الإمام الباقر عليهالسلام:« من بخل بمعونة أخيه المسلم
والقيام له في حاجته ، ابتلي بمعونة من يأثم عليه ولا يؤجر » (8).وعن الإمام الصادق عليهالسلام : « أيّما رجل من شيعتنا أتاه رجل من إخواننا فاستعان
به في حاجة فلم يعنه وهو يقدر،ابتلاه اللّه عزّوجل بأن يقضي حوائج عدوّ من أعدائنا يعذّبه اللّه عليه يوم القيامة » (9).وعنه عليه السلام : « ما من مؤمن يخذل
أخاه وهو يقدر على نصرته إلاّ خذله اللّه في الدنيا والآخرة » (10).
وفي الوقت الذي تحث تعاليم آل البيت عليهم السلام
على التكافل المادي نجد أنهم يركزون كذلك على التكافل الأدبي مع الفقراء والمساكين
ومن الشواهد على ذلك قول الرسول صلىاللهعليهوآله : « من استذلّ مؤمنا أو مؤمنة أو حقّره لفقره
وقلّة ذات يده ، شهره اللّه تعالى يوم القيامة ثمّ يفضحه » (11) وفي هذا الخصوص يقول الإمام الصادق عليهالسلام :
« من حقّر مؤمنا لقلّة ماله حقّره اللّه ، فلم يزل عند اللّه محقورا حتى يتوب ممّا صنع »(12).أراد أئمتنا عليهمالسلام ـ بذلك ـ
من شيعتهم أن يرتقوا إلى مستوى إيماني رفيع يقرن العبادة والمحافظة عليها بالمعاملة الحسنة من أجل بناء محيط اجتماعي سليم.
وبذلك يظهر بأن الإيمان الكامل لا يتحقق على نحو مثالي إلا بالتكافل وكلما تكاتف الفرد المسلم مع إخوانه وتعاون معهم كلما
ارتقى إلى مدارج إيمانية عالية.ولقد سبق أئمتنا عليهم السلام علماء الاجتماع في الدعوة إلى تقوية الأواصر الاجتماعية لدى الناس
وقد ثبت أن ذلك يؤدي إلى ارتقاء الإنسان لذلك حثوا شيعتهم على تحقيق أعلى درجة من الاندماج والتعاون .
والحمد لله رب العالمين
__________
(١) أصول الكافي ٢ : ١٩٧ / ٦ باب قضاء حاجة المؤمن
(٢) أصول الكافي ٢ : ١٩٣ / ١ باب قضاء حاجة المؤمن من كتاب الإيمان والكفر.
(٣) أصول الكافي ١ : ١٩٧ / ٢ باب السعي في حاجة المؤمن من كتاب الإيمان والكفر.
(٤) مشكاة الأنوار / الطبرسي : ٢٣٠.
(5) الاختصاص / منسوب إلى الشيخ المفيد : ٣١
(6) الأمالي / الشيخ الطوسي : ٩٩ / المجلس الرابع.
(7) أصول الكافي ٢ : ٣٦٦ / ٤ باب من استعان به أخوه فلم يعنه من كتاب الإيمان والكفر.
(8) أصول الكافي ٢ : ٣٦٦ / ١ من الباب المتقدم.
(9) ثواب الأعمال : ٢٤٩.
(10) المحاسن / البرقي ١ : ٩٩
(11) مشكاة الأنوار / علي الطبرسي : ٢٢٨.
(12) المصدر السابق : ١٢٠.
تعليق