بسم الله الرحمن الرحيم
الغنى والفقر
قال امير المؤمنين ( عليه افضل الصلاة والسلام ) : ( اشرف الغنى هو ترك المنى )
الغنى والغني : هو ان يكون عند انسانا شئ يستغني به عن الاخرين , فالغني بالمال هو الذي يمتلك مالا فلا يحتاج الى غيره من مال , والغني بالعلم هو الذي عنده علم يستغني به عن غيره , والغني في الطب مثلا هو الذي عنده شهادة طبية فلا يحتاج الى غيره في ما يرتبط في الطب ,ويعني بعبارة اخرى الغنى :هو فقدان العوز الى الشئ بامتلاك مثله ,الا ان هذا النوع من الغنى ليس هو اشرف الغنى , لان ذلك له جانب سلبي اخر يغفل عنه الكثير , وهو يكون في تعلق قلبه في هذا الشئ , فالذي يمتلك الملايين مثلا يستغني عن غيره ولا يحتاج الى أي احد لكنه يكون عبدا لهذه الملايين فهو في ما يرتبط بهذه الاموال هو فقير اليها اسير لها محتاج اليها .
( المنى ) جمع منية و هي توقّع ما لا يمكن وجوده أو يتعذّر تحصيله ، و هي بنفسها حاجة شديدة و فقر مولم يتولّد منها حاجات كثيرة و شدائد مولمة غير يسيرة تمسّ بكرامة الإنسان و شرفه ، فالمنى الشهوانية تجرّ الإنسان إلى الخضوع لربّات الجمال و تحمّل ما يكلّفنه بالغنج و الدلال ، و المنى في الجاه و تحصيل الرتب العالية تخضع الإنسان تجاه الرّجال الأنذال ، و منية جمع المال و الادّخار تكلّف الإنسان بتحمل مشاق صعبة ماسّة بالشرف ، فأشرف الغنى ترك الامنيّات و ملازمة القناعة و الثبات .( كما جاء في منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة )
والمنى , لماذا نترك المنى ؟ المنى هو ذلك الامل الكاذب بتحقيق شئ يتعذر تحقيقه او ما اشبه ان يكون معجزة , خاصة بدون ان يوفر الانسان وسائله , يعني انسان يرغب في شئ لكن تحقيق ذلك الشئ لا يكون , وهذه هي التي يعبر عنها القرآن بالاماني في قوله تعالىفي سورة النساءالآية 123:
( لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا) فالاماني هي التي تدفع الانسان الى العمل الدنئ الوضيع فمن عنده امنية بزواج من فتاة جميلة تراه قد يذل نفسه بالوصول الى هذه الامنية وهو مستعد ان يضع يده بيد الشيطان لانه يتمنى ان يصل الى امنيته بسبب او باخر , وليس هذا هو اشرف انواع الغنى بل اشرفها هو غنى النفس , فترك المنى يستلزم قناعة النفس وهو غناها فافهم .
تعليق