السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وال محمد
*******************
وعن سماعة قال: قلت لأبي عبـد الله
(عليه السلام):أخبرني عن الإسلام والإيمان أهما مختلفان ؟
فقال:إنّ الإيمان يشارك الإسلام والإسلام لا يشارك الإيمان .
فقلت:فصفهما لي .
فقال:الإسلام شهادة أن لا إله إلاّ الله والتصديق برسول الله
(صلى الله عليه وآله وسلم) به حقنت الدماء وعليه جرت المناكح والمواريث وعلى ظاهره جماعة الناس .
والإيمان الهدى وما يثبت في القلوب من صفة الإسلام وما ظهر من العمل به .
والإيمان أرفع من الإسلام بدرجة ، إنّ الإيمان يشارك الإسلام في الظاهر والإسلام لا يشارك الإيمان في الباطن وإن اجتمعا في القول والصـفة .
وعن محمّـد بن مسلم عن أحدهما
(عليهما السلام)قال:الإيمان إقرار وعمل والإسلام إقرار بلا عمل .
وفي رواية عن الإمام الباقر
(عليه السلام) في مقام تفسير الآية الرابعة عشر من سورة الحجرات في ما يتعلّق بقبول إسلام أهل البادية لا إيمانهم . .
عن أبي بصير عن أبي جعفر
(عليه السلام) قال:سمعته يقول :
( قَالَتِ الاَْعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمان فِي قُلُوبِكُمْ
) فمَن زعم أنّهم آمنوا فقد كذب ومن زعم أنّهم لم يسلموا فقد كذب .
(1) الكافي 2 / 25 .
(2) الكافي 2 / 24 .
(3) الكافي 2 / 25 .
وعن يونس عن جميل بن درّاج قال :سألت أبا عبـد الله
(عليه السلام)عن قول الله عزّ وجلّ :
( قَالَتِ الاَْعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمان فِي قُلُوبِكُمْ )
فقال لي : ألا ترى أنّ الإيمان غير الإسلام ؟.
وعن فضيل بن يسارعن أبي عبـد الله
(عليه السلام) قال:الإيمان يشارك الإسلام والإسلام لا يشارك الإيمان .
وعن حمران بن أعين عن أبي جعفر
(عليه السلام) قال :سمعته يقول : الإيمان ما استقرّ في القلب وأفضى به إلى الله عزّ وجلّ وصدّقه العمل بالطاعة لله والتسليم لأمره
والإسلام ما ظهر من قول أو فعل وهو الذي عليه جماعة الناس من الفرق كلّها وبه حقنت الدماء وعليه جرت المواريث وجاز النكاح واجتمعوا على الصلاة والزكاة والصوم والحجّ ، فخرجوا بذلك من الكفر وأُضيفوا إلى الإيمان .
والإسلام لا يشرك الإيمان والإيمان يشرك الإسلام وهما في القول والفعل يجتمعان كما صارت الكعبة في المسجد والمسجد ليس في الكعبة وكذلك الإيمان يشرك الإسلام والإسلام لا يشرك الإيمان .
وقد قال الله عزّ وجلّ :
( قَالَتِ الاَْعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمان فِي قُلُوبِكُمْ)
فقول الله عزّ وجلّ أصـدق القول .
(1) الكافي 2 / 24 . (2) الكافي 2 / 25 .
قلت:فهل للمؤمن فضل على المسلم في شيء من الفضائل والأحكام والحدود وغير ذلك ؟
فقال:لا هما يجريان في ذلك مجرى واحد ولكن للمؤمن فضل على المسلم في أعمالهما وما يتقرّبان به إلى الله عزّ وجلّ .
قلت:أليس الله عزّ وجلّ يقول :
( مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا)
وزعمت أنّهم مجتمعون على الصلاة والزكاة والصوم والحجّ مع المؤمن ؟ !
قال:أليس قد قال الله عزّ وجلّ :
( فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً
فالمؤمنون هم الّذين يضاعف الله عزّ وجلّ لهم حسناتهم لكلّ حسنة سبعون ضعفاً فهذا فضل المؤمن ويزيده الله في حسناته على قدر صحّة إيمانه أضعافاً كثيرةً ويفعل الله بالمؤمنين ما يشاء من الخير .
قلت:أرأيت من دخل في الإسلام أليس هو داخلاً في الإيمان ؟ !
فقال:لا ولكنّه قد أُضيف إلى الإيمان وخرج من الكفر وسأضرب لك مثلاً تعقل به فضل الإيمان على الإسلام:أرأيت لو بصرت رجلاً في المسجـد أكنت تشهد أنك رأيته في الكعبة ؟
قلت: لا يجوز لي ذلك .
قال : فلو بصرت رجلاً في الكعبة أكنت شاهداً أنّه قد دخل المسجد الحرام ؟
قلت : نعم .
قال : وكيف ذلك ؟
(1) سورة الانعام 6 : 160 .
(2) سورة البقرة 2 : 245 .
قلت :إنّه لا يصل إلى دخول الكعبة حتّى يدخل المسجد .
فقال : قد أصـبت وأحسـنت .
ثمّ قال :كذلك الإيمان والإسلام.
وعن فضيل بن يسار قال :سمعت أبا عبـد الله
(عليه السلام) يقول : إنّ الإيمان يشارك الإسلام ولا يشاركه الإسلام ، إنّ الإيمان ما وقر في القلوب والإسلام ما عليه المناكح والمواريث وحقن الدماء والإيمان يشرك الإسلام والإسلام لا يشرك الإيمان .
وعن أبي الصباح الكناني عن أبي جعفر
(عليه السلام) قال:قيل لأمير المؤمنين
(عليه السلام) : من شهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمّـداً رسول الله
(صلى الله عليه وآله وسلم) كان مؤمناً ؟ قال : فأين فرائض الله ؟
قال : وسمعته يقول : كان علي
(عليه السلام) يقول : لو كان الإيمان كلاماً لم ينزل فيه صوم ولا صلاة ولا حلال ولا حرام .
قال:وقلت لأبي جعفر
(عليه السلام) : إنّ عندنا قوماً يقولون : إذا شهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّـداً رسول الله
(صلى الله عليه وآله وسلم) فهو مؤمن .
قال : فلمَ يضربون الحدود ، ولمَ تقطع أيديهم ؟ ! وما خلق الله عزّ وجلّ خلقا أكرم على الله عزّ وجلّ من المؤمن لأنّ الملائكة خدّام المؤمنين وأنّ جوار الله للمؤمنين وأنّ الجنّة للمؤمنين وأنّ الحور العين للمؤمنين . ثمّ قال : فما بال من جحد الفرائض كان كافراً ؟ .
فالثمرة التي يمكن أن نحصل عليها من التمييز بين الإيمان والإسلام
(1) الكافي 2 / 26 .
(2) الكافي 2 / 25 .
(3) الكافي 2 / 33 .
تظهر في فرض عدم وجود الإيمان القلبي ، فالإسلام الظاهري يكون كافياً في عدّ الشخص مسلماً والتعامل معه على أنّه من المسلمين وبناءً على هذا فإنّه يمكن تصوّر وجود المسلم الفاقد للإيمان والعكس غير صحيح لأنّ كلّ مؤمن لا بدّ أن يكون مسلماً في الواقع لكن ليس شرطاً أن يكون كلّ مسلم مؤمناً .
وهذا هو مضمون الروايات الواردة عن أهل البيت
(عليهم السلام) في هذا الشأن . والإمام الباقر
(عليه السلام) يحاول بيان المسألة بصورة أوضح وذلك حينما قال
(عليه السلام) :
مثل الإيمان من الإسلام مثل الكعبة الحرام من الحرم قد يكون الرجل في الحرم ولا يكون في الكعبة ولا يكون في الكعبة حتّى يكون في الحرم وقد يكون مسلماً ولا يكون مؤمناً ولا يكون مؤمناً حتّى يكون مسلماً .
وبناءً على ذلك يخرج الإنسان المذنب من حدود دائرة الإيمان بمجرّد ارتكابه للذنب لكنّه يبقى ضمن حدود دائرة الإسلام .
وللإمام الصادق
(عليه السلام) في هذا الخصوص بحثٌ جاء ضمن رسالته الجوابية على سؤال (عبـد الرحيم قصير)فقد كتب يقول :الإيمان هو: الإقرار باللسان وعقد في القلب وعملٌ بالأركان والإيمان بعضه من بعض وهو دارٌ وكذلك الإسلام دارٌ والكفر دارٌ فقد يكون العبد مسلماً قبل أن يكون مؤمناً ولا يكون مؤمناً حتّى يكون مسلماً فالإسلام قبل الإيمان وهو يُشارك الإيمان فإذا أتى العبد كبيرة من كبائر المعاصي أو صغيرة من صغائر
(1) الكافي 2 / 27 ـ 28 معاني الأخبار : 186 .
المعاصي التي نهى الله عزّ وجلّ عنها كان خارجاً من الإيمان ساقطاً عنه اسم الإيمان وثابتاً عليه اسم الإسلام فإن تاب واستغفر عادَ إلى دار الإيمان ولا يخرجه إلى الكفر إلاّ الجحود والاستحلال أن يقول للحلال:هذا حرام وللحرام : هذا حلال ودانَ ذلك فعندها يكون خارجاً من الإسلام والإيمان داخلاً في الكفر وكان بمنزلة من دخل الحرم ثمّ دخل الكعبة وأحدث في الكعبة حدثاً فأُخرج عن الكعبة وعن الحرم فضُربت عُنُقُهُ وصار إلى النار.
هذا المقدار من التفاوت بين الإيمان والإسلام لا يتعارض مع ما يعتقد به المرجئة في خصوص مرتكب الكبيرة حيث إنّ المرجئة يعتقدون بأنّ مجرّد ارتكاب الكبيرة لا يكون موجباً لإطلاق لفظ الكافر على مرتكبها بل هو لا يزال مؤمناً أو على الأقل القول بإسلامه .
بناءً على هذا فإنّه لا يوجد تعارض بين ما يقول به المرجئة في خصوص الجزء الأوّل عدم اعتبار مرتكب الكبيرة كافراً ـ وبين ما ذكرناه من الفصل بين الإيمان والإسلام .
فمثل هذا التفصيل يحمل في طيّاته معنىً دقيقاً وذلك لأنّ من خلاله يتمّ تحديد موقعية الفرد المتديّن ضمن دائرة الدين فكلّ فرد يمكن ان يكون مؤمناً ومسلماً في نفس الوقت ويمكن ان يكون الإيمان لم يدخل قلبه بعد لكنّه في الظاهر يعمل وفقاً لما يمليه الشرع عليه . . .
وعلى كلّ حال يجب التعامل مع هذا الشخص على أنّه من المسلمين أو بتعبير المرجئة : يجب التعامل معه على أنّه من المؤمنين .
(1) الكافي 2 / 27 ـ 28 .
مفهوم المؤمن عند الأئمّة
(عليهم السلام) بمعنى المتديّن المعتقد الأصيل وبعبارة أخرى أنّ الأئمّة
(عليهم السلام) بالرغم من قبولهم بإسلام مرتكب الكبيرة إلاّ أنّهم لم يكونوا مستعدّين لإطلاق لفظ المؤمن عليه لأنّ الإيمان هو عبارة عن الاعتقاد القلبي المرتكز في قرارة النفس ولعلّ إطلاق كلمة المؤمن على مرتكب الكبيرة سوف يؤدّي إلى هتك حرمة الإيمان بمرور الزمن .
هذا وقد جاء في إحدى الروايات أنّ أبا حنيفة وبعضاً من أنصاره من المرجئة أمثال عمر بن قيس الماصر وعمر بن ذرّ ذهبوا عند الإمام الصادق
(عليه السلام) واخذوا يسألونه فيما يتعلق بالإيمان قال الإمام
(عليه السلام) نقلاً عن رسول الله
(صلى الله عليه وآله وسلم):لا يزني الزاني وهو مؤمن ولا يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر وهو مؤمن عندها سأل عمر بن ذرّ:بِمَ نسمّيهم ؟ قال عليه السلام : بما سمّاهم الله وبأعمالهم قال الله عزّ وجلّ عنهم السارق والزاني
اللهم صل على محمد وال محمد
*******************
وعن سماعة قال: قلت لأبي عبـد الله
(عليه السلام):أخبرني عن الإسلام والإيمان أهما مختلفان ؟
فقال:إنّ الإيمان يشارك الإسلام والإسلام لا يشارك الإيمان .
فقلت:فصفهما لي .
فقال:الإسلام شهادة أن لا إله إلاّ الله والتصديق برسول الله
(صلى الله عليه وآله وسلم) به حقنت الدماء وعليه جرت المناكح والمواريث وعلى ظاهره جماعة الناس .
والإيمان الهدى وما يثبت في القلوب من صفة الإسلام وما ظهر من العمل به .
والإيمان أرفع من الإسلام بدرجة ، إنّ الإيمان يشارك الإسلام في الظاهر والإسلام لا يشارك الإيمان في الباطن وإن اجتمعا في القول والصـفة .
وعن محمّـد بن مسلم عن أحدهما
(عليهما السلام)قال:الإيمان إقرار وعمل والإسلام إقرار بلا عمل .
وفي رواية عن الإمام الباقر
(عليه السلام) في مقام تفسير الآية الرابعة عشر من سورة الحجرات في ما يتعلّق بقبول إسلام أهل البادية لا إيمانهم . .
عن أبي بصير عن أبي جعفر
(عليه السلام) قال:سمعته يقول :
( قَالَتِ الاَْعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمان فِي قُلُوبِكُمْ
) فمَن زعم أنّهم آمنوا فقد كذب ومن زعم أنّهم لم يسلموا فقد كذب .
(1) الكافي 2 / 25 .
(2) الكافي 2 / 24 .
(3) الكافي 2 / 25 .
وعن يونس عن جميل بن درّاج قال :سألت أبا عبـد الله
(عليه السلام)عن قول الله عزّ وجلّ :
( قَالَتِ الاَْعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمان فِي قُلُوبِكُمْ )
فقال لي : ألا ترى أنّ الإيمان غير الإسلام ؟.
وعن فضيل بن يسارعن أبي عبـد الله
(عليه السلام) قال:الإيمان يشارك الإسلام والإسلام لا يشارك الإيمان .
وعن حمران بن أعين عن أبي جعفر
(عليه السلام) قال :سمعته يقول : الإيمان ما استقرّ في القلب وأفضى به إلى الله عزّ وجلّ وصدّقه العمل بالطاعة لله والتسليم لأمره
والإسلام ما ظهر من قول أو فعل وهو الذي عليه جماعة الناس من الفرق كلّها وبه حقنت الدماء وعليه جرت المواريث وجاز النكاح واجتمعوا على الصلاة والزكاة والصوم والحجّ ، فخرجوا بذلك من الكفر وأُضيفوا إلى الإيمان .
والإسلام لا يشرك الإيمان والإيمان يشرك الإسلام وهما في القول والفعل يجتمعان كما صارت الكعبة في المسجد والمسجد ليس في الكعبة وكذلك الإيمان يشرك الإسلام والإسلام لا يشرك الإيمان .
وقد قال الله عزّ وجلّ :
( قَالَتِ الاَْعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمان فِي قُلُوبِكُمْ)
فقول الله عزّ وجلّ أصـدق القول .
(1) الكافي 2 / 24 . (2) الكافي 2 / 25 .
قلت:فهل للمؤمن فضل على المسلم في شيء من الفضائل والأحكام والحدود وغير ذلك ؟
فقال:لا هما يجريان في ذلك مجرى واحد ولكن للمؤمن فضل على المسلم في أعمالهما وما يتقرّبان به إلى الله عزّ وجلّ .
قلت:أليس الله عزّ وجلّ يقول :
( مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا)
وزعمت أنّهم مجتمعون على الصلاة والزكاة والصوم والحجّ مع المؤمن ؟ !
قال:أليس قد قال الله عزّ وجلّ :
( فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً
فالمؤمنون هم الّذين يضاعف الله عزّ وجلّ لهم حسناتهم لكلّ حسنة سبعون ضعفاً فهذا فضل المؤمن ويزيده الله في حسناته على قدر صحّة إيمانه أضعافاً كثيرةً ويفعل الله بالمؤمنين ما يشاء من الخير .
قلت:أرأيت من دخل في الإسلام أليس هو داخلاً في الإيمان ؟ !
فقال:لا ولكنّه قد أُضيف إلى الإيمان وخرج من الكفر وسأضرب لك مثلاً تعقل به فضل الإيمان على الإسلام:أرأيت لو بصرت رجلاً في المسجـد أكنت تشهد أنك رأيته في الكعبة ؟
قلت: لا يجوز لي ذلك .
قال : فلو بصرت رجلاً في الكعبة أكنت شاهداً أنّه قد دخل المسجد الحرام ؟
قلت : نعم .
قال : وكيف ذلك ؟
(1) سورة الانعام 6 : 160 .
(2) سورة البقرة 2 : 245 .
قلت :إنّه لا يصل إلى دخول الكعبة حتّى يدخل المسجد .
فقال : قد أصـبت وأحسـنت .
ثمّ قال :كذلك الإيمان والإسلام.
وعن فضيل بن يسار قال :سمعت أبا عبـد الله
(عليه السلام) يقول : إنّ الإيمان يشارك الإسلام ولا يشاركه الإسلام ، إنّ الإيمان ما وقر في القلوب والإسلام ما عليه المناكح والمواريث وحقن الدماء والإيمان يشرك الإسلام والإسلام لا يشرك الإيمان .
وعن أبي الصباح الكناني عن أبي جعفر
(عليه السلام) قال:قيل لأمير المؤمنين
(عليه السلام) : من شهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمّـداً رسول الله
(صلى الله عليه وآله وسلم) كان مؤمناً ؟ قال : فأين فرائض الله ؟
قال : وسمعته يقول : كان علي
(عليه السلام) يقول : لو كان الإيمان كلاماً لم ينزل فيه صوم ولا صلاة ولا حلال ولا حرام .
قال:وقلت لأبي جعفر
(عليه السلام) : إنّ عندنا قوماً يقولون : إذا شهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّـداً رسول الله
(صلى الله عليه وآله وسلم) فهو مؤمن .
قال : فلمَ يضربون الحدود ، ولمَ تقطع أيديهم ؟ ! وما خلق الله عزّ وجلّ خلقا أكرم على الله عزّ وجلّ من المؤمن لأنّ الملائكة خدّام المؤمنين وأنّ جوار الله للمؤمنين وأنّ الجنّة للمؤمنين وأنّ الحور العين للمؤمنين . ثمّ قال : فما بال من جحد الفرائض كان كافراً ؟ .
فالثمرة التي يمكن أن نحصل عليها من التمييز بين الإيمان والإسلام
(1) الكافي 2 / 26 .
(2) الكافي 2 / 25 .
(3) الكافي 2 / 33 .
تظهر في فرض عدم وجود الإيمان القلبي ، فالإسلام الظاهري يكون كافياً في عدّ الشخص مسلماً والتعامل معه على أنّه من المسلمين وبناءً على هذا فإنّه يمكن تصوّر وجود المسلم الفاقد للإيمان والعكس غير صحيح لأنّ كلّ مؤمن لا بدّ أن يكون مسلماً في الواقع لكن ليس شرطاً أن يكون كلّ مسلم مؤمناً .
وهذا هو مضمون الروايات الواردة عن أهل البيت
(عليهم السلام) في هذا الشأن . والإمام الباقر
(عليه السلام) يحاول بيان المسألة بصورة أوضح وذلك حينما قال
(عليه السلام) :
مثل الإيمان من الإسلام مثل الكعبة الحرام من الحرم قد يكون الرجل في الحرم ولا يكون في الكعبة ولا يكون في الكعبة حتّى يكون في الحرم وقد يكون مسلماً ولا يكون مؤمناً ولا يكون مؤمناً حتّى يكون مسلماً .
وبناءً على ذلك يخرج الإنسان المذنب من حدود دائرة الإيمان بمجرّد ارتكابه للذنب لكنّه يبقى ضمن حدود دائرة الإسلام .
وللإمام الصادق
(عليه السلام) في هذا الخصوص بحثٌ جاء ضمن رسالته الجوابية على سؤال (عبـد الرحيم قصير)فقد كتب يقول :الإيمان هو: الإقرار باللسان وعقد في القلب وعملٌ بالأركان والإيمان بعضه من بعض وهو دارٌ وكذلك الإسلام دارٌ والكفر دارٌ فقد يكون العبد مسلماً قبل أن يكون مؤمناً ولا يكون مؤمناً حتّى يكون مسلماً فالإسلام قبل الإيمان وهو يُشارك الإيمان فإذا أتى العبد كبيرة من كبائر المعاصي أو صغيرة من صغائر
(1) الكافي 2 / 27 ـ 28 معاني الأخبار : 186 .
المعاصي التي نهى الله عزّ وجلّ عنها كان خارجاً من الإيمان ساقطاً عنه اسم الإيمان وثابتاً عليه اسم الإسلام فإن تاب واستغفر عادَ إلى دار الإيمان ولا يخرجه إلى الكفر إلاّ الجحود والاستحلال أن يقول للحلال:هذا حرام وللحرام : هذا حلال ودانَ ذلك فعندها يكون خارجاً من الإسلام والإيمان داخلاً في الكفر وكان بمنزلة من دخل الحرم ثمّ دخل الكعبة وأحدث في الكعبة حدثاً فأُخرج عن الكعبة وعن الحرم فضُربت عُنُقُهُ وصار إلى النار.
هذا المقدار من التفاوت بين الإيمان والإسلام لا يتعارض مع ما يعتقد به المرجئة في خصوص مرتكب الكبيرة حيث إنّ المرجئة يعتقدون بأنّ مجرّد ارتكاب الكبيرة لا يكون موجباً لإطلاق لفظ الكافر على مرتكبها بل هو لا يزال مؤمناً أو على الأقل القول بإسلامه .
بناءً على هذا فإنّه لا يوجد تعارض بين ما يقول به المرجئة في خصوص الجزء الأوّل عدم اعتبار مرتكب الكبيرة كافراً ـ وبين ما ذكرناه من الفصل بين الإيمان والإسلام .
فمثل هذا التفصيل يحمل في طيّاته معنىً دقيقاً وذلك لأنّ من خلاله يتمّ تحديد موقعية الفرد المتديّن ضمن دائرة الدين فكلّ فرد يمكن ان يكون مؤمناً ومسلماً في نفس الوقت ويمكن ان يكون الإيمان لم يدخل قلبه بعد لكنّه في الظاهر يعمل وفقاً لما يمليه الشرع عليه . . .
وعلى كلّ حال يجب التعامل مع هذا الشخص على أنّه من المسلمين أو بتعبير المرجئة : يجب التعامل معه على أنّه من المؤمنين .
(1) الكافي 2 / 27 ـ 28 .
مفهوم المؤمن عند الأئمّة
(عليهم السلام) بمعنى المتديّن المعتقد الأصيل وبعبارة أخرى أنّ الأئمّة
(عليهم السلام) بالرغم من قبولهم بإسلام مرتكب الكبيرة إلاّ أنّهم لم يكونوا مستعدّين لإطلاق لفظ المؤمن عليه لأنّ الإيمان هو عبارة عن الاعتقاد القلبي المرتكز في قرارة النفس ولعلّ إطلاق كلمة المؤمن على مرتكب الكبيرة سوف يؤدّي إلى هتك حرمة الإيمان بمرور الزمن .
هذا وقد جاء في إحدى الروايات أنّ أبا حنيفة وبعضاً من أنصاره من المرجئة أمثال عمر بن قيس الماصر وعمر بن ذرّ ذهبوا عند الإمام الصادق
(عليه السلام) واخذوا يسألونه فيما يتعلق بالإيمان قال الإمام
(عليه السلام) نقلاً عن رسول الله
(صلى الله عليه وآله وسلم):لا يزني الزاني وهو مؤمن ولا يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر وهو مؤمن عندها سأل عمر بن ذرّ:بِمَ نسمّيهم ؟ قال عليه السلام : بما سمّاهم الله وبأعمالهم قال الله عزّ وجلّ عنهم السارق والزاني
تعليق