بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين
اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين
حينما يستضيف الله سبحانه وتعالى عبداً من عبيده ويوفقه لرحلة الحج الإيمانية الإلهية ، فإنه يكون قد قدّر له فواضل وآلاء ورحمات ونفحات . فإذا كان العبد هذا عاقلاً عارفاً ذكيّاً استفاد منها ، أما إذا فاته شيء من هذه الآلاء الرحمانية ، فلا له أن يعرف أن لذلك سبباً في نفسه ، كما لابد له أن يبحث عنه ليعالجه معالجة قطعياً .
ولكي يستجيب العبد المؤمن لنداء الرحمن استجابة تامة ، وينهل من المائدة الإلهية التي دعي إليها ، عليه أن يكشف السر الذي من أجله قد استضافه الله رب العالمين .
لقد جئنا لنحج ، والحج بحد ذاته لابد أن يكون له هدف وغاية ، فما هو الهدف ؟ وكيف نحققه ؟ وكيف نتأكد من أننا قد حققناه في أنفسنا ؟
إنها أسئلة ثلاثة ، ونحن في بداية هذه الرحلة الإيمانية لا نزال في مبدأ ومنطلق هذا الطريق ، لابد أن نبحث بجدٍ بالغ عن إجابة صحيحة لها .
قد يعتقد البعض أنه قد حقق الغاية من الحج ، ولكنه ـ في واقع الأمر ـ لم يحقق منه إلا النزر اليسير ، أو قد لم يحقق منه شيئاً أبداً . . فيعود إلى أهله مسروراً ، بينما في الوقت ذاته يعود صاحبه الذي كان يلازمه في المناسك بزاد عظيم .
إن الأمر برمته قد لا يختلف عن ذاك الذي يأكل الطعام ليرفع جوعه ويملأ معدته فقط ، أو يأكل الطعام ليستلذ به ، ولكن العاقل فقط من يتناول الطعام لينمّي قوته ؛ أي ليسعى نحو تحقيق الأهداف التي من أجلها يقبل على الطعام . . وكذلك أمر الحج الذي له هدف كبير جداً ، رغم أننا قد نحرز أداءه من الوجهة الشرعية ، ولكننا من الوجهة العرفانية لما نحقق مقصده بعد .
يقول تبارك اسمه : ﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ ، أقول : لعل هذه الآية هي الآية المحورية في موضوع الحج ، لأنها في الوقت الذي تبين أحكام الحج وتروكه ومدته ، تحدد أيضاً الهدف الأسمى منه .
لقد جئنا إلى الحج لأننا نعرف أن أمامنا طريق طويل . . طويل و وعر . . فالمشاكل تعترضنا ، والفتن تحيط بنا ، والعقبات أمامنا ، ولسنا على يقين من أننا سنبقى متمسكين ، أم أن الفتن ، ولا سيما فتن آخر الزمان ستسلبنا إيماننا ـ والعياذ بالله ـ ، لا نعرف هل أننا سنتحدى الظروف الصعبة التي ستخوضها ، أم أننا سننهار في مقابلها .
ربما يبقى الإنسان سنين طويلة مع الحق ، ولكنه قد يخسر كل ما ضحى من أجله في لحظة حاسمة واحدة . وربما يحدث العكس تماماً ، حيث يعيش المرء مع الباطل سنين طويلة وعمراً مديداً ، ولكنه قد يربح الدنيا والآخرة في لحظة إشراق واحدة . وهذه هي السعادة الحقيقية التي خلق ابن آدم من أجل الإحساس بها .
وإنما جئنا إلى الحج لنضمن أكبر نسبة ممكنة من احتمالات السعادة ، وذلك عبر التزود بالتقوى ؛ التي هي زادنا الأوحد في الدنيا لمواجهة الفتن ، وزادنا عند الموت لمواجهة سكراته القطيعة ، كما هي زادنا الأوحد لعبور أهوال يوم القيامة والتخلص من عذاب جهنم ثم الدخول إلى جنان الخلد والحصول على رضوان الله الأبدي .
وعلى هذا الأساس ؛ ليكن في حسباننا أنّ كل عمل نقوم به ، وكل مبلغ نبذله ، وكل خطوة نخطوها لدى فريضة الحج ، سيسجل من ضمن حسناتنا إن نحن نوينا ذلك واعتبرناه من جملة القربات إلى الله سبحانه وتعالى .
إن التقوى التي جئنا نحج من أجل التزود بها ، هي عبارة عن الإرادة وتفعيل هذه الإرادة باتجاه الامتناع عن ارتكاب المحرمات ، كما هي السعي الحثيث نحو التلمس القلبي والعقلي لحقيقة الإيمان والعقدية لحلّ مشاكل الحياة وكبح النفس عن اتباع الشيطان . فكان الحجّ خير ساحة لتحقيق ذلك ، بعد استيعاب أسرار الفرائض المقررة له من قبل الشارع المقدس ، وعبر التجرد عن الاهتمامات الصغيرة والتافهة والتوجه نحو العبادة الحقّة واختزال معاني الأدعية المأثورة عن النبي وأهل بيته عليه وعليهم السلام .
ولعل أول خطوة على طريق التزود بالتقوى أثناء الحج ، هي الالتزام بمستحبات الحج التي هي عبارة عن التمهيد المناسب للدخول في عالم أداء الفرائض ، والنظر إليها بالنظرة القدسية التي تستحقها .
ومن الممكن القول بأن الخطوة الثانية على هذا الطريق ، هي حضور مجالس العلماء والاستماع إلى أحاديثهم بإمعان وتوجه ، مع الأخذ بنظر الاعتبار أن لمواقع الحج تأثيرها الكبير على استيعاب المفاهيم بشكل مؤثر .
ثم علينا أن نسعى بكل جهدنا وقدرتنا إلى التوسل بالله سبحانه وتعالى ، لا سيما إذا وضعنا أمام أعيننا وقدمنا بين أيدينا ما اقترفناه من ذنوب وموبقات ، وما قد اسودت وجوهنا من ارتكابه ، وخير وسيلة نتقرب بها إلى الله تعالى ، النبي وأهل بيته صلوات الله عليهم أجمعين ، الذين بلغوا الكمال والقرب منه سبحانه وتعالى .
وليعرف كل واحد منا أننا إذا لازمتنا حالة ما قبل الحج إلى منتهاه ، ليعرف أنه لم يحقق هدف الحج الذي فرضه الله سبحانه . وهذه علامة سؤال كبيرة تُرفع أمام ما أديناه في إطار قبول الحج أو عدم قبوله ، وفي إطار تزودنا بالتقوى أو عدم تزودنا ، . أما إذا حصلت لدينا حالة الانزجار من الذنوب التي كنا نقترفها قبل الحج ، فهي آية دخولنا في رحاب الإيمان والتقوى ، حيث نندم ونعاهد الله على هجر الذنوب .
نسأل الله أن يجعل عاقبتنا الحسنى ، وأن يتقبل منا ما عملناه ، وأن يحفظ أعمالنا عنده ، وهو الذي تضع عنده الودائع ، إنه ولي التوفيق .
ولكي يستجيب العبد المؤمن لنداء الرحمن استجابة تامة ، وينهل من المائدة الإلهية التي دعي إليها ، عليه أن يكشف السر الذي من أجله قد استضافه الله رب العالمين .
لقد جئنا لنحج ، والحج بحد ذاته لابد أن يكون له هدف وغاية ، فما هو الهدف ؟ وكيف نحققه ؟ وكيف نتأكد من أننا قد حققناه في أنفسنا ؟
إنها أسئلة ثلاثة ، ونحن في بداية هذه الرحلة الإيمانية لا نزال في مبدأ ومنطلق هذا الطريق ، لابد أن نبحث بجدٍ بالغ عن إجابة صحيحة لها .
قد يعتقد البعض أنه قد حقق الغاية من الحج ، ولكنه ـ في واقع الأمر ـ لم يحقق منه إلا النزر اليسير ، أو قد لم يحقق منه شيئاً أبداً . . فيعود إلى أهله مسروراً ، بينما في الوقت ذاته يعود صاحبه الذي كان يلازمه في المناسك بزاد عظيم .
إن الأمر برمته قد لا يختلف عن ذاك الذي يأكل الطعام ليرفع جوعه ويملأ معدته فقط ، أو يأكل الطعام ليستلذ به ، ولكن العاقل فقط من يتناول الطعام لينمّي قوته ؛ أي ليسعى نحو تحقيق الأهداف التي من أجلها يقبل على الطعام . . وكذلك أمر الحج الذي له هدف كبير جداً ، رغم أننا قد نحرز أداءه من الوجهة الشرعية ، ولكننا من الوجهة العرفانية لما نحقق مقصده بعد .
يقول تبارك اسمه : ﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ ، أقول : لعل هذه الآية هي الآية المحورية في موضوع الحج ، لأنها في الوقت الذي تبين أحكام الحج وتروكه ومدته ، تحدد أيضاً الهدف الأسمى منه .
لقد جئنا إلى الحج لأننا نعرف أن أمامنا طريق طويل . . طويل و وعر . . فالمشاكل تعترضنا ، والفتن تحيط بنا ، والعقبات أمامنا ، ولسنا على يقين من أننا سنبقى متمسكين ، أم أن الفتن ، ولا سيما فتن آخر الزمان ستسلبنا إيماننا ـ والعياذ بالله ـ ، لا نعرف هل أننا سنتحدى الظروف الصعبة التي ستخوضها ، أم أننا سننهار في مقابلها .
ربما يبقى الإنسان سنين طويلة مع الحق ، ولكنه قد يخسر كل ما ضحى من أجله في لحظة حاسمة واحدة . وربما يحدث العكس تماماً ، حيث يعيش المرء مع الباطل سنين طويلة وعمراً مديداً ، ولكنه قد يربح الدنيا والآخرة في لحظة إشراق واحدة . وهذه هي السعادة الحقيقية التي خلق ابن آدم من أجل الإحساس بها .
وإنما جئنا إلى الحج لنضمن أكبر نسبة ممكنة من احتمالات السعادة ، وذلك عبر التزود بالتقوى ؛ التي هي زادنا الأوحد في الدنيا لمواجهة الفتن ، وزادنا عند الموت لمواجهة سكراته القطيعة ، كما هي زادنا الأوحد لعبور أهوال يوم القيامة والتخلص من عذاب جهنم ثم الدخول إلى جنان الخلد والحصول على رضوان الله الأبدي .
وعلى هذا الأساس ؛ ليكن في حسباننا أنّ كل عمل نقوم به ، وكل مبلغ نبذله ، وكل خطوة نخطوها لدى فريضة الحج ، سيسجل من ضمن حسناتنا إن نحن نوينا ذلك واعتبرناه من جملة القربات إلى الله سبحانه وتعالى .
إن التقوى التي جئنا نحج من أجل التزود بها ، هي عبارة عن الإرادة وتفعيل هذه الإرادة باتجاه الامتناع عن ارتكاب المحرمات ، كما هي السعي الحثيث نحو التلمس القلبي والعقلي لحقيقة الإيمان والعقدية لحلّ مشاكل الحياة وكبح النفس عن اتباع الشيطان . فكان الحجّ خير ساحة لتحقيق ذلك ، بعد استيعاب أسرار الفرائض المقررة له من قبل الشارع المقدس ، وعبر التجرد عن الاهتمامات الصغيرة والتافهة والتوجه نحو العبادة الحقّة واختزال معاني الأدعية المأثورة عن النبي وأهل بيته عليه وعليهم السلام .
ولعل أول خطوة على طريق التزود بالتقوى أثناء الحج ، هي الالتزام بمستحبات الحج التي هي عبارة عن التمهيد المناسب للدخول في عالم أداء الفرائض ، والنظر إليها بالنظرة القدسية التي تستحقها .
ومن الممكن القول بأن الخطوة الثانية على هذا الطريق ، هي حضور مجالس العلماء والاستماع إلى أحاديثهم بإمعان وتوجه ، مع الأخذ بنظر الاعتبار أن لمواقع الحج تأثيرها الكبير على استيعاب المفاهيم بشكل مؤثر .
ثم علينا أن نسعى بكل جهدنا وقدرتنا إلى التوسل بالله سبحانه وتعالى ، لا سيما إذا وضعنا أمام أعيننا وقدمنا بين أيدينا ما اقترفناه من ذنوب وموبقات ، وما قد اسودت وجوهنا من ارتكابه ، وخير وسيلة نتقرب بها إلى الله تعالى ، النبي وأهل بيته صلوات الله عليهم أجمعين ، الذين بلغوا الكمال والقرب منه سبحانه وتعالى .
وليعرف كل واحد منا أننا إذا لازمتنا حالة ما قبل الحج إلى منتهاه ، ليعرف أنه لم يحقق هدف الحج الذي فرضه الله سبحانه . وهذه علامة سؤال كبيرة تُرفع أمام ما أديناه في إطار قبول الحج أو عدم قبوله ، وفي إطار تزودنا بالتقوى أو عدم تزودنا ، . أما إذا حصلت لدينا حالة الانزجار من الذنوب التي كنا نقترفها قبل الحج ، فهي آية دخولنا في رحاب الإيمان والتقوى ، حيث نندم ونعاهد الله على هجر الذنوب .
نسأل الله أن يجعل عاقبتنا الحسنى ، وأن يتقبل منا ما عملناه ، وأن يحفظ أعمالنا عنده ، وهو الذي تضع عنده الودائع ، إنه ولي التوفيق .
تعليق