بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين
حظي النبي الأكرم وأهل بيته، صلوات الله عليهم، بجملة كبيرة من الخصائص والمزايا الفريدة التي تميزهم عن غيرهم من سائر بني البشر، بل وحتى عن الكثير ممن خصّهم البارئ- تعالى- بدرجات الرسل والأولياء والصالحين، كونهم لا يمثلون عناوين لمهام سماوية، مثل الانبياء والرسل، إنما يمثلون مدرسة رسالية وحضارية متكاملة، ومن هذه الخصائص:
أولاً: العصمة
لقد بين عصمة أئمة (قادة) هذه المدرسة وطهارتهم، قوله تعالى في سورة الاحزاب، الآية: 33، {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}، وبصرف النظر عن التفاسير التي تعرضت لهذه الآية، وحاولت تحديد من هم أهل البيت، عليهم السلام، إلا انها تتفق على أن الآية شملت علياً وفاطمة والحسن والحسين، عليهم السلام، أو اقتصرت عليهم.
ومدرسة أهل البيت، عليهم السلام، تنطلق من هذه الآية في تثبيت عصمة الأئمة، ولا تعطي هذه الميزة لغيرهم، اذ بعد الإمام الثاني عشر-عجل الله فرجه الشريف- لا يقول أحد من فقهاء واتباع هذه المدرسة بعصمته من الخطايا والذنوب، مما يجعل كل انسان سوى الأئمة خاضعاً قوله وفعله، الى الأخذ والرد عليه بالدليل والبرهان انطلاقاً من نصّ القرآن، وصحيح الحديث والرواية عن الرسول وأهل بيته، عليهم السلام، والدليل العقلي المتناغم مع الوحي الالهي والفطرة الانسانية، وهذا الأمر سيفسح المجال الى سعة الأفق الفكري من جهة، في الوقت الذي تستند المنطلقات الفكرية الى مرجعية يمكن الاطمئنان الى صدقها، وهي مرجعية الرسول وأهل بيته المعصومين، التي لن تجدها في اطروحات مدرسة بني أمية، ومن نحا نحوها لافتقاد مرجعيتها الفكرية لمفهوم العصمة، ووقوع أرباب علمها في فخ القياس والاستحسان، ومن ثم غلق باب الاجتهاد واقتصار المذاهب على اربعة فقط من دون دليل يذكر ولحد الآن!
ان ثقافة القياس والاستحسان ونفي العصمة عن عترة النبي الاكرم، محمد صلى الله عليه وآله وسلم، أوقعت الامة في «حيص وبيص» وفوضى فكرية شاملة، أفضت الى اعتماد لغة العنف و السيف، بل وتبرير التمثيل بجثة العدو، بأنه عمل مشروع، وهو ما تنتهجه عصابة «داعش» في الوقت الحاضر، تحت عنوان: «ترويع وتخويف الاعداد». (1)
ثم جاءت موجة ما يسمى بـ»الفتوحات الاسلامية» على يد أدعياء الخلافة وملوك بني امية، ومن جاء بعدهم، عن طريق السيف والذبح، لتشكل إحدى نتائج ثقافة القياس والاستحسان، والتهرّب من التسليم لركن العصمة الوثيق، وايضاً للتغطية على عدم شرعية «الخلافة الاسلامية».
لقد وقف أرباب الفقه المسلمين، عاجزين أمام موضوعة الفتوحات بالسيف، ومدى شرعيتها، إلا انه وبسبب التخندق الطائفي، اعربوا عن ارتياحهم لهذه الفتوحات على يد الملوك والخلفاء، وإن أُخذ عليهم عدم الالتزام بالدين واحكامه!، بينما نلاحظ تبرير هؤلاء (الفقهاء) عدم طاعة الرسول الأكرم، وهو في ساعاته الاخيرة، ورفض الانقياد لجيش أسامة في ردع جيش الروم، في اصعب واقعة تأريخية، بأنه كان «تعاطفاً مع صاحب الرسالة» من قبل خلفاء وأصحاب قاموا فيما بعد بفتوحاتهم على طريقتهم الخاصة!
ان مدرسة أهل البيت، عليهم السلام، لا تبرر جريمة ولا تشرع تعدياً بدافع «عظمة» الدولة او الخلافة او ما شابه ذلك، كما قام به الفاتحون بالسيف، وما تلتزم به «داعش» اليوم، بل ترى نشر المعرفة وثقافة الحوار وتحكيم القيم الانسانية والاخلاقية، هو السبيل الوحيد لانتشار الاسلام في العالم.
ومن الشواهد على ذلك؛ ما نقرأه من سيرة الامام السجاد، عليه السلام، الذي برهن من خلال طريقة تعامله مع العبيد، عندما كان يشتريهم ويدخلهم فيما يشبه الدورة الثقافية- الرسالية» ثم يطلق سراحهم، وكذا الحال بالنسبة لمدرسة الامام الصادق، عليه السلام، المتعددة الأبعاد، وهكذا نجح شيعة أهل البيت، عليهم السلام، عن طريق الحوار، من تحويل مسلمي بلاد فارس، من تابعين لمدرسة القياس والاستحسان منذ فتحها على يد الخليفة الثاني بالسيف، الى مستبصرة بنور أهل البيت، عليهم السلام.
ثانياً: العدل
والعدل في اللغة خلاف الجور والظلم، وتذهب مدرسة أهل البيت الى جعله أصلاً مهماً من اصول الدين، تهدد عقيدة من لا يلتزم به، الى جانب التوحيد والنبوة والامامة والمعاد، كما يكون شرطاً اساساً في تولّي الانسان لمنصب الرئاسة العليا في الدولة، ومرجعية التقليد، والقضاء، وحتى إمامة الصلاة.
وتأكيد هذه المدرسة على العدل، تجد مصاديقه في نصوص القرآن الكريم وسنّة الرسول الاكرم، صلى الله عليه وآله وسلم، وقد أكثر أئمة أهل البيت، عليهم السلام، من ذكر وجوبه في الوالي وغيره، ولا أدلّ على ذلك؛ ما تركه الامام علي، عليه السلام، من اقوال ووصايا، إذ قال في كتابه الشهير الى واليه على مصر، مالك الاشتر ما نصه: «أنصف الله، وأنصف الناس من نفسك، ومن خاصة أهلك، ومن لك فيه هوى من رعيتك، فإنك ألا تفعل تظلم، ومن ظلم عباد الله كان الله خصمه دون عباده، ومن خاصمه الله أدحض حجته، وكان لله حرباً حتى ينزع او يتوب، وليس شيء أدعى الى تغيير نعمة الله، وتعجيل نقمته من إقامة على ظلم، فان الله سميع دعوة المضطهدين، وهو للظالمين بالمرصاد».(2)
ويقترن التأكيد على العدل بالتأكيد على المنظومة الحقوقية المحترمة للحاكم والمحكوم، كما يظهر من قول الامام، عليه السلام: «فاذا أدت الرعية الى الوالي حقه، وادى الوالي اليها حقها، عزّ الحق بينهم، وقامت مناهج الدين، واعتدلت معالم العدل، وجرت على أذلالها (وجوهها) السنن، فصلح بذلك الزمان، وطمع في بقاء الدولة، ويئست مطالع الأعداء، واذا غلبت الرعية واليها، وأجحف الوالي برعيته اختلفت هنالك الكلمة، وظهرت معالم الجور وكثر الادغال (الإفساد) في الدين، وتركت محاج السنن، فعمل بالهوى، وعطلت الأحكام، وكثرت علل النفوس، فلا تستوحشن بعظيم حق عطل، ولا لعظيم باطل فعل، فهنالك تذل الأبرار، وتُعز الاشرار، وتعظم تبعات الله عند العباد».(3)
ولم تكن هذه الوصايا مجرد مواعظ، بل كانت منهج عمل وسلوك طبقه الامام مع القريب والبعيد، والعدل عند أهل البيت، عليهم السلام، مبدأ عظيم ينطوي على منظومة متكاملة من القيم كالوسطية والاعتدال والاستقامة، والامر بالمعروف والنهي عن المنكر والرفق والتسامح والتأكيد على اجتماع الكلمة والتقوى والورع.
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين
حظي النبي الأكرم وأهل بيته، صلوات الله عليهم، بجملة كبيرة من الخصائص والمزايا الفريدة التي تميزهم عن غيرهم من سائر بني البشر، بل وحتى عن الكثير ممن خصّهم البارئ- تعالى- بدرجات الرسل والأولياء والصالحين، كونهم لا يمثلون عناوين لمهام سماوية، مثل الانبياء والرسل، إنما يمثلون مدرسة رسالية وحضارية متكاملة، ومن هذه الخصائص:
أولاً: العصمة
لقد بين عصمة أئمة (قادة) هذه المدرسة وطهارتهم، قوله تعالى في سورة الاحزاب، الآية: 33، {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}، وبصرف النظر عن التفاسير التي تعرضت لهذه الآية، وحاولت تحديد من هم أهل البيت، عليهم السلام، إلا انها تتفق على أن الآية شملت علياً وفاطمة والحسن والحسين، عليهم السلام، أو اقتصرت عليهم.
ومدرسة أهل البيت، عليهم السلام، تنطلق من هذه الآية في تثبيت عصمة الأئمة، ولا تعطي هذه الميزة لغيرهم، اذ بعد الإمام الثاني عشر-عجل الله فرجه الشريف- لا يقول أحد من فقهاء واتباع هذه المدرسة بعصمته من الخطايا والذنوب، مما يجعل كل انسان سوى الأئمة خاضعاً قوله وفعله، الى الأخذ والرد عليه بالدليل والبرهان انطلاقاً من نصّ القرآن، وصحيح الحديث والرواية عن الرسول وأهل بيته، عليهم السلام، والدليل العقلي المتناغم مع الوحي الالهي والفطرة الانسانية، وهذا الأمر سيفسح المجال الى سعة الأفق الفكري من جهة، في الوقت الذي تستند المنطلقات الفكرية الى مرجعية يمكن الاطمئنان الى صدقها، وهي مرجعية الرسول وأهل بيته المعصومين، التي لن تجدها في اطروحات مدرسة بني أمية، ومن نحا نحوها لافتقاد مرجعيتها الفكرية لمفهوم العصمة، ووقوع أرباب علمها في فخ القياس والاستحسان، ومن ثم غلق باب الاجتهاد واقتصار المذاهب على اربعة فقط من دون دليل يذكر ولحد الآن!
ان ثقافة القياس والاستحسان ونفي العصمة عن عترة النبي الاكرم، محمد صلى الله عليه وآله وسلم، أوقعت الامة في «حيص وبيص» وفوضى فكرية شاملة، أفضت الى اعتماد لغة العنف و السيف، بل وتبرير التمثيل بجثة العدو، بأنه عمل مشروع، وهو ما تنتهجه عصابة «داعش» في الوقت الحاضر، تحت عنوان: «ترويع وتخويف الاعداد». (1)
ثم جاءت موجة ما يسمى بـ»الفتوحات الاسلامية» على يد أدعياء الخلافة وملوك بني امية، ومن جاء بعدهم، عن طريق السيف والذبح، لتشكل إحدى نتائج ثقافة القياس والاستحسان، والتهرّب من التسليم لركن العصمة الوثيق، وايضاً للتغطية على عدم شرعية «الخلافة الاسلامية».
لقد وقف أرباب الفقه المسلمين، عاجزين أمام موضوعة الفتوحات بالسيف، ومدى شرعيتها، إلا انه وبسبب التخندق الطائفي، اعربوا عن ارتياحهم لهذه الفتوحات على يد الملوك والخلفاء، وإن أُخذ عليهم عدم الالتزام بالدين واحكامه!، بينما نلاحظ تبرير هؤلاء (الفقهاء) عدم طاعة الرسول الأكرم، وهو في ساعاته الاخيرة، ورفض الانقياد لجيش أسامة في ردع جيش الروم، في اصعب واقعة تأريخية، بأنه كان «تعاطفاً مع صاحب الرسالة» من قبل خلفاء وأصحاب قاموا فيما بعد بفتوحاتهم على طريقتهم الخاصة!
ان مدرسة أهل البيت، عليهم السلام، لا تبرر جريمة ولا تشرع تعدياً بدافع «عظمة» الدولة او الخلافة او ما شابه ذلك، كما قام به الفاتحون بالسيف، وما تلتزم به «داعش» اليوم، بل ترى نشر المعرفة وثقافة الحوار وتحكيم القيم الانسانية والاخلاقية، هو السبيل الوحيد لانتشار الاسلام في العالم.
ومن الشواهد على ذلك؛ ما نقرأه من سيرة الامام السجاد، عليه السلام، الذي برهن من خلال طريقة تعامله مع العبيد، عندما كان يشتريهم ويدخلهم فيما يشبه الدورة الثقافية- الرسالية» ثم يطلق سراحهم، وكذا الحال بالنسبة لمدرسة الامام الصادق، عليه السلام، المتعددة الأبعاد، وهكذا نجح شيعة أهل البيت، عليهم السلام، عن طريق الحوار، من تحويل مسلمي بلاد فارس، من تابعين لمدرسة القياس والاستحسان منذ فتحها على يد الخليفة الثاني بالسيف، الى مستبصرة بنور أهل البيت، عليهم السلام.
ثانياً: العدل
والعدل في اللغة خلاف الجور والظلم، وتذهب مدرسة أهل البيت الى جعله أصلاً مهماً من اصول الدين، تهدد عقيدة من لا يلتزم به، الى جانب التوحيد والنبوة والامامة والمعاد، كما يكون شرطاً اساساً في تولّي الانسان لمنصب الرئاسة العليا في الدولة، ومرجعية التقليد، والقضاء، وحتى إمامة الصلاة.
وتأكيد هذه المدرسة على العدل، تجد مصاديقه في نصوص القرآن الكريم وسنّة الرسول الاكرم، صلى الله عليه وآله وسلم، وقد أكثر أئمة أهل البيت، عليهم السلام، من ذكر وجوبه في الوالي وغيره، ولا أدلّ على ذلك؛ ما تركه الامام علي، عليه السلام، من اقوال ووصايا، إذ قال في كتابه الشهير الى واليه على مصر، مالك الاشتر ما نصه: «أنصف الله، وأنصف الناس من نفسك، ومن خاصة أهلك، ومن لك فيه هوى من رعيتك، فإنك ألا تفعل تظلم، ومن ظلم عباد الله كان الله خصمه دون عباده، ومن خاصمه الله أدحض حجته، وكان لله حرباً حتى ينزع او يتوب، وليس شيء أدعى الى تغيير نعمة الله، وتعجيل نقمته من إقامة على ظلم، فان الله سميع دعوة المضطهدين، وهو للظالمين بالمرصاد».(2)
ويقترن التأكيد على العدل بالتأكيد على المنظومة الحقوقية المحترمة للحاكم والمحكوم، كما يظهر من قول الامام، عليه السلام: «فاذا أدت الرعية الى الوالي حقه، وادى الوالي اليها حقها، عزّ الحق بينهم، وقامت مناهج الدين، واعتدلت معالم العدل، وجرت على أذلالها (وجوهها) السنن، فصلح بذلك الزمان، وطمع في بقاء الدولة، ويئست مطالع الأعداء، واذا غلبت الرعية واليها، وأجحف الوالي برعيته اختلفت هنالك الكلمة، وظهرت معالم الجور وكثر الادغال (الإفساد) في الدين، وتركت محاج السنن، فعمل بالهوى، وعطلت الأحكام، وكثرت علل النفوس، فلا تستوحشن بعظيم حق عطل، ولا لعظيم باطل فعل، فهنالك تذل الأبرار، وتُعز الاشرار، وتعظم تبعات الله عند العباد».(3)
ولم تكن هذه الوصايا مجرد مواعظ، بل كانت منهج عمل وسلوك طبقه الامام مع القريب والبعيد، والعدل عند أهل البيت، عليهم السلام، مبدأ عظيم ينطوي على منظومة متكاملة من القيم كالوسطية والاعتدال والاستقامة، والامر بالمعروف والنهي عن المنكر والرفق والتسامح والتأكيد على اجتماع الكلمة والتقوى والورع.
تعليق