إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مدرسة أهل البيت ع تواجه التطرف والزيف بالعلم والوسطية

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مدرسة أهل البيت ع تواجه التطرف والزيف بالعلم والوسطية


    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين


    حظي النبي الأكرم وأهل بيته، صلوات الله عليهم، بجملة كبيرة من الخصائص والمزايا الفريدة التي تميزهم عن غيرهم من سائر بني البشر، بل وحتى عن الكثير ممن خصّهم البارئ- تعالى- بدرجات الرسل والأولياء والصالحين، كونهم لا يمثلون عناوين لمهام سماوية، مثل الانبياء والرسل، إنما يمثلون مدرسة رسالية وحضارية متكاملة، ومن هذه الخصائص:



    أولاً: العصمة
    لقد بين عصمة أئمة (قادة) هذه المدرسة وطهارتهم، قوله تعالى في سورة الاحزاب، الآية: 33، {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}، وبصرف النظر عن التفاسير التي تعرضت لهذه الآية، وحاولت تحديد من هم أهل البيت، عليهم السلام، إلا انها تتفق على أن الآية شملت علياً وفاطمة والحسن والحسين، عليهم السلام، أو اقتصرت عليهم.

    ومدرسة أهل البيت، عليهم السلام، تنطلق من هذه الآية في تثبيت عصمة الأئمة، ولا تعطي هذه الميزة لغيرهم، اذ بعد الإمام الثاني عشر-عجل الله فرجه الشريف- لا يقول أحد من فقهاء واتباع هذه المدرسة بعصمته من الخطايا والذنوب، مما يجعل كل انسان سوى الأئمة خاضعاً قوله وفعله، الى الأخذ والرد عليه بالدليل والبرهان انطلاقاً من نصّ القرآن، وصحيح الحديث والرواية عن الرسول وأهل بيته، عليهم السلام، والدليل العقلي المتناغم مع الوحي الالهي والفطرة الانسانية، وهذا الأمر سيفسح المجال الى سعة الأفق الفكري من جهة، في الوقت الذي تستند المنطلقات الفكرية الى مرجعية يمكن الاطمئنان الى صدقها، وهي مرجعية الرسول وأهل بيته المعصومين، التي لن تجدها في اطروحات مدرسة بني أمية، ومن نحا نحوها لافتقاد مرجعيتها الفكرية لمفهوم العصمة، ووقوع أرباب علمها في فخ القياس والاستحسان، ومن ثم غلق باب الاجتهاد واقتصار المذاهب على اربعة فقط من دون دليل يذكر ولحد الآن!

    ان ثقافة القياس والاستحسان ونفي العصمة عن عترة النبي الاكرم، محمد صلى الله عليه وآله وسلم، أوقعت الامة في «حيص وبيص» وفوضى فكرية شاملة، أفضت الى اعتماد لغة العنف و السيف، بل وتبرير التمثيل بجثة العدو، بأنه عمل مشروع، وهو ما تنتهجه عصابة «داعش» في الوقت الحاضر، تحت عنوان: «ترويع وتخويف الاعداد». (1)

    ثم جاءت موجة ما يسمى بـ»الفتوحات الاسلامية» على يد أدعياء الخلافة وملوك بني امية، ومن جاء بعدهم، عن طريق السيف والذبح، لتشكل إحدى نتائج ثقافة القياس والاستحسان، والتهرّب من التسليم لركن العصمة الوثيق، وايضاً للتغطية على عدم شرعية «الخلافة الاسلامية».

    لقد وقف أرباب الفقه المسلمين، عاجزين أمام موضوعة الفتوحات بالسيف، ومدى شرعيتها، إلا انه وبسبب التخندق الطائفي، اعربوا عن ارتياحهم لهذه الفتوحات على يد الملوك والخلفاء، وإن أُخذ عليهم عدم الالتزام بالدين واحكامه!، بينما نلاحظ تبرير هؤلاء (الفقهاء) عدم طاعة الرسول الأكرم، وهو في ساعاته الاخيرة، ورفض الانقياد لجيش أسامة في ردع جيش الروم، في اصعب واقعة تأريخية، بأنه كان «تعاطفاً مع صاحب الرسالة» من قبل خلفاء وأصحاب قاموا فيما بعد بفتوحاتهم على طريقتهم الخاصة!

    ان مدرسة أهل البيت، عليهم السلام، لا تبرر جريمة ولا تشرع تعدياً بدافع «عظمة» الدولة او الخلافة او ما شابه ذلك، كما قام به الفاتحون بالسيف، وما تلتزم به «داعش» اليوم، بل ترى نشر المعرفة وثقافة الحوار وتحكيم القيم الانسانية والاخلاقية، هو السبيل الوحيد لانتشار الاسلام في العالم.

    ومن الشواهد على ذلك؛ ما نقرأه من سيرة الامام السجاد، عليه السلام، الذي برهن من خلال طريقة تعامله مع العبيد، عندما كان يشتريهم ويدخلهم فيما يشبه الدورة الثقافية- الرسالية» ثم يطلق سراحهم، وكذا الحال بالنسبة لمدرسة الامام الصادق، عليه السلام، المتعددة الأبعاد، وهكذا نجح شيعة أهل البيت، عليهم السلام، عن طريق الحوار، من تحويل مسلمي بلاد فارس، من تابعين لمدرسة القياس والاستحسان منذ فتحها على يد الخليفة الثاني بالسيف، الى مستبصرة بنور أهل البيت، عليهم السلام.




    ثانياً: العدل
    والعدل في اللغة خلاف الجور والظلم، وتذهب مدرسة أهل البيت الى جعله أصلاً مهماً من اصول الدين، تهدد عقيدة من لا يلتزم به، الى جانب التوحيد والنبوة والامامة والمعاد، كما يكون شرطاً اساساً في تولّي الانسان لمنصب الرئاسة العليا في الدولة، ومرجعية التقليد، والقضاء، وحتى إمامة الصلاة.

    وتأكيد هذه المدرسة على العدل، تجد مصاديقه في نصوص القرآن الكريم وسنّة الرسول الاكرم، صلى الله عليه وآله وسلم، وقد أكثر أئمة أهل البيت، عليهم السلام، من ذكر وجوبه في الوالي وغيره، ولا أدلّ على ذلك؛ ما تركه الامام علي، عليه السلام، من اقوال ووصايا، إذ قال في كتابه الشهير الى واليه على مصر، مالك الاشتر ما نصه: «أنصف الله، وأنصف الناس من نفسك، ومن خاصة أهلك، ومن لك فيه هوى من رعيتك، فإنك ألا تفعل تظلم، ومن ظلم عباد الله كان الله خصمه دون عباده، ومن خاصمه الله أدحض حجته، وكان لله حرباً حتى ينزع او يتوب، وليس شيء أدعى الى تغيير نعمة الله، وتعجيل نقمته من إقامة على ظلم، فان الله سميع دعوة المضطهدين، وهو للظالمين بالمرصاد».(2)

    ويقترن التأكيد على العدل بالتأكيد على المنظومة الحقوقية المحترمة للحاكم والمحكوم، كما يظهر من قول الامام، عليه السلام: «فاذا أدت الرعية الى الوالي حقه، وادى الوالي اليها حقها، عزّ الحق بينهم، وقامت مناهج الدين، واعتدلت معالم العدل، وجرت على أذلالها (وجوهها) السنن، فصلح بذلك الزمان، وطمع في بقاء الدولة، ويئست مطالع الأعداء، واذا غلبت الرعية واليها، وأجحف الوالي برعيته اختلفت هنالك الكلمة، وظهرت معالم الجور وكثر الادغال (الإفساد) في الدين، وتركت محاج السنن، فعمل بالهوى، وعطلت الأحكام، وكثرت علل النفوس، فلا تستوحشن بعظيم حق عطل، ولا لعظيم باطل فعل، فهنالك تذل الأبرار، وتُعز الاشرار، وتعظم تبعات الله عند العباد».(3)

    ولم تكن هذه الوصايا مجرد مواعظ، بل كانت منهج عمل وسلوك طبقه الامام مع القريب والبعيد، والعدل عند أهل البيت، عليهم السلام، مبدأ عظيم ينطوي على منظومة متكاملة من القيم كالوسطية والاعتدال والاستقامة، والامر بالمعروف والنهي عن المنكر والرفق والتسامح والتأكيد على اجتماع الكلمة والتقوى والورع.


  • #2

    ثالثاً: العلم

    يشكل العلم اساس قيام مدرسة أهل البيت، عليهم السلام، فهي مدرسة تلتف حول من تجدهم اكثر الناس علماً ومعرفة بمستنبطات الاحكام من مصادر التشريع، وأكثر حكمة ودراية بحوادث الايام.

    لقد اثبتت الروايات ان أئمة أهل البيت كانوا اكثر اهل زمانهم علماً وحكمة، ولم يستطع أحد من الصحابة ومن علماء عصرهم دحض حجتهم واثبات تفوقه عليهم، وليس أدل على ذلك من قول «الخليفة الثاني»: «لولا علي لهلك عمر» فعلم علي، عليه السلام، فاق علم جميع الصحابة، وكذلك علم ابنائه من الأئمة، و ورد عن أهل البيت كثير من الاحاديث المؤكدة لأهمية العلم في حياة البشر، كقول الرسول، صلى الله عليه وآله وسلم:

    «أطلب العلم من المهد الى اللحد»، كما ورد عن الامام علي، عليه السلام، قال: «العلم مقرون بالعمل فمن علم عمل، والعلم يهتف بالعمل فإن أجابه والاّ ارتحل عنه»، وقوله: «الناس ثلاث: فعالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجأوا الى ركن وثيق».

    ان تقديس العلم واحترامه في هذه المدرسة يجعلنا لا نقبل أن يكون الحاكم على الناس، أقلهم علماً ومعرفة وكفاءة، أفلا يمكن ان يقود الجهلة وأنصاف المتعلمين شعوبهم مستعملين سياسة الحديد والنار، فيغرقونها في ويلات ومحن لا تعرف سبل الخلاص منها، وهذه القاعدة عند الالتزام بها ستقطع الطريق على المغامرين والطماعين والطامحين من اصحاب الاهواء الذين يتاجرون بالشعارات والبيانات الرنانة لتضليل وخداع الناس من أجل تحقيق مصالحهم، كما حصل للامة ان وقعت في ويلات حكومات فاسدة بعد رحيل الرسول الاكرم، صلى الله عليه وآله وسلم، من بني أمية وبني العباس، والخوارج، والتكفيريين سابقاً ولاحقاً، ممن يفتقرون الى نور العلم والمعرفة.



    رابعاً: الايثار ومحبة المستضعفين

    لا تقوم مدرسة أهل البيت على سحق الضعفاء والمساكين من الناس واحتقارهم كما تفعل وفعلت الاموية القديمة والحديثة، وكذلك الانظمة الرأسمالية الفاشلة، والشيوعية والقومية، بل هي مدرسة الايثار والحب الكبير للضعفاء من الناس، فتؤكد على معونتهم ومساعدتهم وأداء الحقوق إليهم وترقية حسهم الانساني، انطلاقاً من قيم الاسلام وأحكامه الجليّة والواضحة، وقد دلّ على ذلك قوله تعالى في سورة الانسان، الآية:8-29 {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً}، إذ نزلت هذه الآيات بحق الامام علي وأهل بيته، عليهم السلام، والمسكين واليتيم والاسير الذين ساعدوهم أهل بيت النبوة وقدموهم على انفسهم، يمثلون جانباً من الطبقات المستضعفة في المجتمع، ولما كان قول الأئمة وفعلهم وتقريرهم، واجبة الاتباع في مدرستهم، إذاَ؛ يجب على اتباعهم جعل الاهتمام منصباً على مساعدة هذه الطبقات وحمايتها ومحبتها وايثارها على النفس، بدلاً من الاهتمام بالمترفين من اصحاب النفوذ والسلطان، وهذا الأمر سيجعل من مدرسة أهل البيت، مدرسة تستوعب كل الطبقات المحرومة في المجتمعات المعاصرة، ثم تنميها وتطورها وتساعدها في الدفاع عن حقوقها وحرياتها.



    خامساً: التاريخ يحكم لصالح مدرسة أهل البيت
    يُدرس التاريخ من منظارين مختلفين؛ الاول يرتبط بالعمران والحضارة المادية، والثانية يرتبط بالانسان، فمن يدرس التاريخ بالمنظار الاول قد تعجبه المنجزات العمرانية والحضارة للدول الماضية والحاضرة، كالدولة الاموية والعباسية والعثمانية، ثم التجارب الشيوعية فيما كان يسمى «الاتحاد السوفيتي» سابقاً، او التجارب الامريكية والصينية و غيرها، لان هذه الدول وأمثالها، حققت وتحقق منجزات عمرانية مذهلة، لكن مثل هذه الدراسة للتأريخ تكون بعين واحدة لا تبصر ما قام عليه العمران الحضاري من آلام ومعاناة للبشر، وانحراف عن منهج الحق وسحق لكرامة الانسان وامتهان حقوقه، وتشويه لكيانه المتميز على بقية المخلوقات.

    أما من يدرس التأريخ بالمنظار الثاني، فلا تبهره المنجزات العمرانية، على اهميتها، بقدر ما ينشغل بحركة التاريخ، كحركة متدفقة ترتبط ببناء الانسان وتقدمه، فيكون بناء الانسان مقدماً على بناء العمران وتحقيق الانجاز.

    والمنظار الأخير يجب أن يكون الاساس في دراسة التاريخ وتحليل أحداثه، لان الامم والدول القوية لا تكون قوية بمنجزاتها الحضارية التي قامت على دموع البشر ومعاناتهم، بل تكون قوية بقدرة قياداتها والمسؤولين فيها على بناء الانسان الضامن لديمومة العمران الحضاري واستمراره وتقدمه الى الامام أكثر.(4)


    من هنا نفهم سر تأخر قيام أهل البيت، عليهم السلام، في عدة عهود، او عدم قبول أو الانخراط في حركة العباسيين ضد الامويين، رغم رفع شعارات «يا لثارات الحسين» او اشتراط النهضة ضد الظلمة بشرط الطاعة المطلقة لله وللدين والامام، او عدم افشاء السر، وذلك كون الهدف ليس الوصول لسلطة زائلة، إنما لتحقيق كرامة الانسان بحيث يكون فوق السلطة (انسانياً) وليس تحتها، كما حصل للمتصارعين من بني امية، وبني العباس، بحيث أخذ أحدهم يذبح الآخر وصولاً للسلطة وكلهم يتحدثون باسم «خلافة الاسلام»!


    --------------

    1-في اشارة الى جواز التمثيل بالأسير لأجل ادخال الرعب في قلب العدو، خلافاً لسنة النبي من احترام الأسير، وهذا ما أجازه أحمد بن حنبل وآخرون!

    2-نهج البلاغة وشرح محمد عبده، ط1 /ص459.

    3-المصدر السابق، ص361.


    4-الانحياز الموضوعي الى مدرسة أهل البيت، عليهم السلام، د. خالد العر داوي - مركز الفرات للتنمية.







    تعليق


    • #3
      الأخت الكريمة
      ( عطر الولاية )
      بارك الله تعالى فيكم على هذا الطرح الموفق
      جعله المولى في ميزان حسناتكم


      ولولا أبو طالب وأبنه * لما مثل الدين شخصا وقاما
      فذاك بمكة آوى وحامى * وهذا بيثرب جس الحماما

      فلله ذا فاتحا للهدى * ولله ذا للمعالي ختاما
      وما ضر مجد أبي طالب * جهول لغا أو بصير تعامى
      كما لا يضر إياب الصبا * ح من ظن ضوء النهار الظلاما

      [/CENTER]

      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
      x
      يعمل...
      X