بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
نص الشبهة:
ما هو مدى صحة ما ينقُلُهُ قراء المجالس الحسينية عن تكلم رأس الحسين [عليه السلام] بعد استشهادِهِ وعن سطوع النور منهُ إلى عنان السماء حيث إن بعض العلماء يقولون إن هذهِ أمور مبالغٌ فيها ولا سند شرعي صحيح إليها؟
الجواب:
إن الرواية بكلام الرأس وسطوع النور منه إلى عنان السماء ، موجودة . . ولا يستطيع أحد أن يكذبها بدعوى أنها مبالغ فيها ، ومن يدّعي المبالغة فعليه أن يذكر لنا المقدار الحقيقي منها . .
والغريب في الأمر : أن بعض هؤلاء الذين يطالبون الآخرين بالدليل على الإثبات هم أنفسهم يقولون : كما أن الإثبات يحتاج إلى دليل ، كذلك النفي يحتاج إلى دليل فنحن نطالب هؤلاء بدليلهم على النفي هنا.
كما أننا نطالبهم بدليل على إثبات وجود مبالغة من الأساس . .
ويثير عجبنا حقاً: أن السؤال قد جاء بصيغة: أن قراء المجالس هم الذين ينقلون ذلك، مع أن ذلك وارد في الروايات التي ذكرها علماؤنا الأبرار في مؤلفاتهم المعتبرة ..
والذي يزيد هذا الأمر غرابة ، التعبير في السؤال بكلمة « سند شرعي » فيا ليته بيّن لنا الفرق بين السند الشرعي الصحيح . . وبين السند الصحيح غير الشرعي لرواية ترتبط بالمعصوم . .
ولسنا بحاجة إلى لفت نظر القارئ إلى أن استخدام أمثال هذه التعابير ، والتقعّر في الأقوال على هذا النحو ، إنما يهدف للتأثير النفسي على القارئ كي يقنع منهم بمجرد الدعوى ، ولا يطالبهم بالدليل عليها . .
هذا ، وقد روي أن الرأس المقدس قد تكلم بالآيات القرآنية وبغيرها ، من طرق السنة والشيعة .
فراجع على سبيل المثال :
« الإرشاد للمفيد والخصائص الكبرى ج2 ص125 و127
ومناقب آل أبي طالب ج2 ص188
وشرح الشافية وهي قصيدة أبي فراس ص148
ومقتل العوالم ص151
والخرايج والجرايح ،
وتفسير نور الثقلين ج3 ص243
والبحار ج45 ص188 و172
ومصادر ذلك كثيرة لا مجال لاستقصائها » .
بقي أن نشير إلى أننا نخشى أن يكون قولهم : إن تكلم الرأس مبالغ فيه ، مقدمة للقول بأن تكلم الحصى وتسبيحه في يد الرسول [صلى الله عليه وآله] ، مبالغ فيه ، ومعراج الرسول [صلى الله عليه وآله] ، مبالغ فيه . وانشقاق القمر كذلك ، ورد الشمس لعلي [عليه السلام] ، والإتيان بعرش بلقيس ، وعدم احتراق إبراهيم [عليه السلام] بالنار ، وقلع علي [عليه السلام] لباب خيبر ، ومعرفة داود وسليمان [عليهما السلام] بمنطق الطير ، وتسخير الجن لسليمان [عليه السلام] ، وتسخير الرياح له ، ومعرفته بما تقوله النملة و . . و . . و . . مبالغ فيه . . ولعل الهدف من ذلك كله هو تحديد قدرة الله جل وعلا . . وتحجيمها لتصبح في حجم قدراتهم .
وأخيراً نقول : قد روى الكليني بسنده عن الإمام الباقر [عليه السلام] ، قوله في حديث : « والله ، إن أحب أصحابي إلي أورعهم ، وأفقههم ، وأكتمهم لحديثنا ، وإن أسوأهم عندي حالاً وأمقتهم للذي إذا سمع الحديث ينسب إلينا ويروى عنا ، فلم يقبله اشمأز منه ، وجحده ، وكفّر من دان به ، وهو لا يدري! لعل الحديث من عندنا خرج ، وإلينا أسند ، فيكون بذلك خارجاً من ولايتنا » 1 2 .
---------------------------
السيد جعفر مرتضى العاملي
تعليق