بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
--------------------------------------------------
هذا بعون الله وتوفيقه لعله بحث جديد من نوعه اذا صح اساسه واستنتاجاته في علامات الظهور للامام الحجة ع الموعود المنتظر .
المقدمة التأسيسية للمطلب :
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى (116) فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى° (117) إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى° (119) فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى (120) فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى° (121) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122) قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ... سورة طه
الايات المباركة اعلاه من سورة طه ومثيلاتها المقاربة المضمون في سورة البقرة وغيرها من السور يمكن في الرجوع الى التفاسير المعتبرة وظاهر التأمل انها اساس اقدم صراع ازلي لبني آدم مع ابليس خصوصا والشيطان كعنوان عام ، وهذا يظهر جلياً في الايات اعلاه ،
لقد ذكر الله تعالى ان الملائكة ع اطاعوا الامر الإلهي وسجدوا جميعا إلا ابليس ( الذي هو من الجن ) أبى وعصى امر الله ولم يسجد لآدم .
فقال الله تعالى لآدم وزوجه ان هذا ( أي ابليس ) عدوّ ٌ لكما فأحذرا ان يخرجكما من الجنة .
ثم بعد ذلك في الاية 120 تغير الخطاب في الاشارة من ابليس الى الشيطان ! وطبعاً نحن نعلم دقة القران ودقة مقاصده بلا شك وهنا لا بد من علة ورائها وإلا يمكن القول ايضا ( فوسوس اليه ابليس ) ،
والجواب على هذا يمكن فرضه بالتالي :
وهو ان ابليس في الاصل من الجن ( جنسه هو الجن : وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُوا لآِدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ،،، وَالْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ )
والشيطان اسم للشرير من الجن ، وحيث ان ابليس من الجن وهو شرير عاصي متكبر عن امر الله وعلى من أُمِرَ بطاعته فهو إذاً شيطان بل سيد الشياطين وإمامهم اللعين .
لذلك يمكن وصف ابليس الذي هو من الجن بالشيطان ويمكن الاشارة اليه بالذات كابليس .
وعليه تغير صيغة الخطاب في الآيات اعلاه من ابليس الى الشيطان هو اولا لتثبيت العدو الاصيل لآدم وحواء بذاته وهو ابليس ، ومن ثم تالياً استبدل الوصف بالشيطان لتوسيع العنوان وشموله لكل شرير من الجن ( اي الشياطين ) اللذين اختصوا بالعداوة الازلية والمستمرة على طول حياة بني آدم في الدنيا .
وحيث ثبت ايضا قرآنيا ان عنوان الشيطان الذي ملاكه الشر والانحراف عن طاعة الله هو يصدق على اشرار بني آدام كمثل اشرار الجن بقوله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ ) .
لذلك يمكن القول قد قدر الله وقضى امور اساسية يمكن تثبيتها من الايات السابقة اعلاه وغيرها من الايات :
1- ان يكونا كلا من بني آدم والجن في ( الارض / الدنيا ) اعداء لبعضهما البعض / إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا غ? إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ
2- ان الانس والجن منقسمون الى خطين او صراطين ازليين ومستمرين هما خط الرحمن وخط الشيطان او الصراط المستقيم وصراط السعير وقدى تكفل الله بالهداية والسعادة لاتباع خط الرحمن والصراط المستقيم ، والا فهو الضلال والشقاء لمن عمي عن الهداية الإلهية العامة لكلا من الجن والانس سواء .
3- ان خط الشيطان يصدق على اشرار ومنحرفي الجن والانس
4- ان ابليس ومعه تنزلا ومصداقا خط الشيطان ( شياطين الجن والانس ) باقٍ الى يوم الوقت المعلوم : ( قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنْ الْمُنظَرِين * إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُوم ) ،،، ويوم الوقت المعلوم سيكون قبل يوم البعث وعلى الاقل بعد يوم الوعد عند ظهور الامام المهدي ع وهناك روايات تشير تاكيدا على هذا المطلب .
وعليه وخلاصتا لما سبق فأننا في هذه النقاط الاربعة استطعنا ان نؤسس عنوان وفهم القضاء الإلهي لخطي الرحمن والشيطان ومصاديقهما واستمرارهما منذ نزول سيدنا آدم ع الى الارض والى يوم الظهور الموعود للامام الحجة ع . وستتبين هذه الحقائق اكثر في المباحث التفصيلية اللاحقة ،
وسننتقل في المبحث التالي في محاولة لقرائة بعض مضامين الروايات وفق هذا الاساس ، ومن ثم نطبقها على بعض علامات الظهور ومفهومها ،،، وعلى مفهوم وشرائط الظهور لنرى الفرق بينهما ونرى ايضا ما اذا يمكن التفريق بين علامات الظهور وامكان توقيتها للظهور وفق الطبيعة العلاماتية والسنن والاحكام الازلية الجارية وتداخلها العضوي مع الظهور ، وبين شرائط الظهور وامكان التوقيت للظهور ، وهل أن الروايات التي حذرت وكذبت توقيت الظهور هي متعلقها التوقيت عموما ، أم وفق الشرائط ، ام التوقيت وفق العلامات ، وهذا لعله اول محاولة بحث من نوعها كما ذكرنا اول الامر .
الباحث الطائي
يتبــــع لاحقا
تعليق