من مفاخر شيعة أفغانستان : الامتناع عن لعن أميرالمؤمنين عليه السّلام
قال العلّامة ياقوت الحموي في معجم البلدان (١) - وهو يصف مدينة سجستان -:
« قال الرَّهنيُّ: وأجلّ من هذا كلّه، أنّه لُعِن عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنه) على منابر الشّرق والغرب ولم يُلعن على منبرها إلّا مرّة، وامتنعوا على بني أميّة حتّى زادوا في عهدهم أن لا يُلعنَ على منبرهم أحد، ولا يصطادوا في بلدهم قنفذاً ولا سلحفاة، وأيّ شرف أعظم من امتناعهم من لعن أخي رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) على منبرهم وهو يُلعن على منابر الحرمين مكّة والمدينة ». اهـ.
قلتُ: إنّ هذا النصَّ نفيسٌ جدّاً، وهو يثبت حقيقة ولاء الشّيعة في مدينة سيستان، وينبغي التنبيه إلى أمرين:
الأوّل: أنّ سيستان - أو سجستان - كانت ضمن خراسان الكبرى، وبعد ترسيم الحدود انقسمت إلى قسمين، فجزء منها يقع جنوب أفغانستان والجزء الآخر يقع شرق إيران.
والرّهنيّ: هو الفقيه المتكلِّم المحدِّث الإماميّ، محمّد بن بحر، الشّيبانيّ ولاءً، السجستانيّ أصلاً، الكرمانيّ مسكناً، له نحو خمسمائة كتاب ورسالة.
الثّاني: إنّ النقلَ المتوارث كابراً عن كابر عند شيعة أفغانستان: أنّ شيعة أفغانستان القدامى (الغوريين سابقاً) تشيّعوا في عهد أمير المؤمنين (عليه السّلام) على يد بعض ولاته الأخيار، فثبتوا على الولاية الحقّة، ولم ينجروا إلى مكائد الأمويّين ولا نزلوا تحت سلطتهم، فامتنعوا عن لعن أمير المؤمنين (عليه السّلام) على منبرهم، وخاضوا معارك مع الأمويين بسبب إبائهم ذلك، وهذا النقل ممّا تواتر لدى الهزارة وشيعة أفغانستان، وصارت من مفاخرهم.
وهذا النقل عن الرّهنيّ - وهو من علماء القرن الثالث والرّابع الهجريّ - توثيقٌ لجزء من تلك الأخبار المنقولة شفاهيّة لدى شيعة أفغانستان، إلّا أنّ هذا النقل فيه أمرٌ مخالفٌ، وهو: (ولم يُلعن على منبرها إلّا مرّة) - هكذا ورد في المطبوعة -، وهو ممّا لا يمكن المساعدة عليه كما هو معلومٌ من سياق الفخر والتميّز؛ إذ لُعن أمير المؤمنين (عليهم السّلام) على كافّة منابر الإسلام - مكة والمدينة، الكوفة والبصرة والشام - لمدة سبعين سنة إلى زمن عمر بن عبد العزيز، إلّا منبرهم - أعني شيعة الغور، وهم الهزارة -، ولا معنى للفخر والتميّز عن باقي البلدان مع وقوع اللّعن على المنبر ولو مرّة واحدة. ولذا: فالأظهر أنّه وقع تحريف في هذا المقطع والصّحيح هو: (ولم يُلعن على منبرها ولا مرّة).
ونقل السيّد التستريّ في مجالس المؤمنين - كما نقله عنه السيّد الأمين في الأعيان (٢) - كلام الرّهنيّ بالمعنى: « أنّه في زمان بني أميّة لُعن عليّ بن أبي طالب على منابر الشّرق والغرب ومكة والمدينة، وأنّ أهل سجستان امتنعوا من ذلك حتّى أنّهم أدخلوا ذلك في العهد الذي كتبوه بينهم وبين بني أميّة ».
وورد في دائرة المعارف الحسينيّة للشّيخ محمّد صادق الكرباسيّ: « ويُذكر أنّ معاوية عندما أمر بسبِّ عليّ (عليه السّلام) من على المنابر عام ٤٥ هـ، رفض الغوريون ذلك؛ لأنّهم كانوا من الموالين لعليّ (عليه السّلام)، وعلى أثره اضطهدوا »(٣).
فهنيئاً لشيعة أفغانستان هذه المفخرة العظيمة، وها هم يدفعون ضريبة ذاك الولاء كلّ يوم، فأعظم الله أجورهم ورفع قدرهم ودرجاتهم.
******************************
1- معجم البلدان، ج٣، ص١٩١.
2- أعيان الشيعة، ج١، ص٢٠٥.
3- معجم المشاريع الحسينية، دائرة المعارف الحسينية، ج٢، ص٢٠٠.
وفي المصدر يبدأ من ص١٩٥ بالبحث عن تاريخ التشيّع في أفغانستان وانتشارهم، وهو بحثٌ لطيف.
قال العلّامة ياقوت الحموي في معجم البلدان (١) - وهو يصف مدينة سجستان -:
« قال الرَّهنيُّ: وأجلّ من هذا كلّه، أنّه لُعِن عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنه) على منابر الشّرق والغرب ولم يُلعن على منبرها إلّا مرّة، وامتنعوا على بني أميّة حتّى زادوا في عهدهم أن لا يُلعنَ على منبرهم أحد، ولا يصطادوا في بلدهم قنفذاً ولا سلحفاة، وأيّ شرف أعظم من امتناعهم من لعن أخي رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) على منبرهم وهو يُلعن على منابر الحرمين مكّة والمدينة ». اهـ.
قلتُ: إنّ هذا النصَّ نفيسٌ جدّاً، وهو يثبت حقيقة ولاء الشّيعة في مدينة سيستان، وينبغي التنبيه إلى أمرين:
الأوّل: أنّ سيستان - أو سجستان - كانت ضمن خراسان الكبرى، وبعد ترسيم الحدود انقسمت إلى قسمين، فجزء منها يقع جنوب أفغانستان والجزء الآخر يقع شرق إيران.
والرّهنيّ: هو الفقيه المتكلِّم المحدِّث الإماميّ، محمّد بن بحر، الشّيبانيّ ولاءً، السجستانيّ أصلاً، الكرمانيّ مسكناً، له نحو خمسمائة كتاب ورسالة.
الثّاني: إنّ النقلَ المتوارث كابراً عن كابر عند شيعة أفغانستان: أنّ شيعة أفغانستان القدامى (الغوريين سابقاً) تشيّعوا في عهد أمير المؤمنين (عليه السّلام) على يد بعض ولاته الأخيار، فثبتوا على الولاية الحقّة، ولم ينجروا إلى مكائد الأمويّين ولا نزلوا تحت سلطتهم، فامتنعوا عن لعن أمير المؤمنين (عليه السّلام) على منبرهم، وخاضوا معارك مع الأمويين بسبب إبائهم ذلك، وهذا النقل ممّا تواتر لدى الهزارة وشيعة أفغانستان، وصارت من مفاخرهم.
وهذا النقل عن الرّهنيّ - وهو من علماء القرن الثالث والرّابع الهجريّ - توثيقٌ لجزء من تلك الأخبار المنقولة شفاهيّة لدى شيعة أفغانستان، إلّا أنّ هذا النقل فيه أمرٌ مخالفٌ، وهو: (ولم يُلعن على منبرها إلّا مرّة) - هكذا ورد في المطبوعة -، وهو ممّا لا يمكن المساعدة عليه كما هو معلومٌ من سياق الفخر والتميّز؛ إذ لُعن أمير المؤمنين (عليهم السّلام) على كافّة منابر الإسلام - مكة والمدينة، الكوفة والبصرة والشام - لمدة سبعين سنة إلى زمن عمر بن عبد العزيز، إلّا منبرهم - أعني شيعة الغور، وهم الهزارة -، ولا معنى للفخر والتميّز عن باقي البلدان مع وقوع اللّعن على المنبر ولو مرّة واحدة. ولذا: فالأظهر أنّه وقع تحريف في هذا المقطع والصّحيح هو: (ولم يُلعن على منبرها ولا مرّة).
ونقل السيّد التستريّ في مجالس المؤمنين - كما نقله عنه السيّد الأمين في الأعيان (٢) - كلام الرّهنيّ بالمعنى: « أنّه في زمان بني أميّة لُعن عليّ بن أبي طالب على منابر الشّرق والغرب ومكة والمدينة، وأنّ أهل سجستان امتنعوا من ذلك حتّى أنّهم أدخلوا ذلك في العهد الذي كتبوه بينهم وبين بني أميّة ».
وورد في دائرة المعارف الحسينيّة للشّيخ محمّد صادق الكرباسيّ: « ويُذكر أنّ معاوية عندما أمر بسبِّ عليّ (عليه السّلام) من على المنابر عام ٤٥ هـ، رفض الغوريون ذلك؛ لأنّهم كانوا من الموالين لعليّ (عليه السّلام)، وعلى أثره اضطهدوا »(٣).
فهنيئاً لشيعة أفغانستان هذه المفخرة العظيمة، وها هم يدفعون ضريبة ذاك الولاء كلّ يوم، فأعظم الله أجورهم ورفع قدرهم ودرجاتهم.
******************************
1- معجم البلدان، ج٣، ص١٩١.
2- أعيان الشيعة، ج١، ص٢٠٥.
3- معجم المشاريع الحسينية، دائرة المعارف الحسينية، ج٢، ص٢٠٠.
وفي المصدر يبدأ من ص١٩٥ بالبحث عن تاريخ التشيّع في أفغانستان وانتشارهم، وهو بحثٌ لطيف.
تعليق