بـسـم الله الـرحـمـن الـرحـيـم
اللهـم صـلِ على مـحمـد وآل مـحمـد وعجل فرجهم ولعن عدوهم
خبر الأسقف الذي وفد علي عمر بن الخطاب
[117]
[خبر آخر]
اللهـم صـلِ على مـحمـد وآل مـحمـد وعجل فرجهم ولعن عدوهم
خبر الأسقف الذي وفد علي عمر بن الخطاب
[117]
[خبر آخر]
وبالإسناد يرفعه إلى أنس بن مالك انّه قال: وفد الأسقف البحراني على عمر بن الخطاب لأجل إدائه الجزية، فدعاه عمر إلى الإسلام فقال له الأسقف: أنتم تقولون: إنّ لله جنّة عرضها السموات والأرض، فأين تكون النار؟!
قال: فسكت عمر ولم يرد جواباً.
فقال له الجماعة الحاضرين : أجبه يا أمير المؤمنين حتى لا يطعن في الإسلام.
قال: فأطرق خجلاً من الجماعة الحاضرين ساعة لا يرد جواباً، فإذا بباب المسجد رجل قد سدّه بمنكبيه، فتأمّلوه وإذا به عيبة علم النبوة علي بن أبي طالب (عليه السلام) قد دخل، قال: فضجّ الناس عند رؤيته ، فقام عمر بن الخطاب والجماعة على أقدامهم وقال: يامولاي أين كنت عن هذا الأسقف الّذي قد علانا منه الكلام؟ اخبره يا مولانا بالعجل قبل أن يرتدّ الإسلام، فأنت بدر التمام، ومصباح الظلام، وابن عمّ رسول الأنام .
فقال الإمام علي (عليه السلام): ما تقول يا أسقف؟
قال: يا فتى أنتم تقولون أنّ الجنّة عرضها كعرض السماوات والأرض، فأين تكون النار؟
قال له الإمام: إذا جاء الليل أين يكون النهار؟
فقال له الأسقف: من أنت يا فتى ، دعني حتى أسال هذا الفظّ الغليظ .
أنبئني يا عمر عن أرض طلعت عليه الشمس ساعة ولم تطلع مرّة اُخرى؟
قال عمر: أعفني عن هذا واسئل علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ثمّ قال : أخبره يا أبا الحسن .
فقال علي (عليه السلام) : هي أرض البحر التي فلقها الله لموسى حتى عبر هو وجنوده ، فوقعت الشمس عليها تلك الساعة ولم تطلع قبل ولا بعد ، وانطبق البحر على فرعون وجنوده .
فقال الأسقف : صدقت يا فتى قومه وسيّد عشيرته، أخبرني عن شيء هو في أهل الدنيا تأخذ الناس منه مهما أخذوا فلا ينقص، بل يزداد .
قال علي (عليه السلام): هو القرآن والعلوم.
فقال: صدقت ، أخبرني عن أوّل رسول أرسله الله لا من الجن ولا من الأنس.
فقال علي (عليه السلام): ذلك الغراب الّذي بعثه الله تعالى لما قتل قابيل أخاه هابيل ، فبقي متحيّراً لا يعلم ما يصنع به ، فعند ذلك بعث غراباً يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه .
فقال: صدقت يا فتى ، فقد بقي لي مسألة واحدة أريد أن يخبرني عنها هذا وأومأ بيده إلى عمر .
فقال: ياعمر أخبرني أين هو الله ؟
قال: فغضب عند ذلك وأمسك ولم يرد جواباً .
قال: فالتفت الإمام علي (عليه السلام) وقال: لا تغضب يا أبا حفص حتى لا يقول انّك قد عجزت، فقال: فأخبره أنت يا أبا الحسن.
فعند ذلك قال الإمام : كنت عند رسول الله إذ أقبل إليه ملك فسلّم عليه فردّ عليه السلام فقال: أين كنت؟
قال: عند ربّي فوق سبع سماوات .
قال: ثمّ أقبل ملك آخر فقال: أين كنت ؟
قال: كنت عند ربّي في تخوم الأرض السابعة السفلى، ثمّ أقبل ملك ثالث فقال : أين كنت ؟
قال : كنت عند ربّي في مطلع الشمس ، ثمّ جاء ملك آخر فقال : أين كنت ؟
قال : كنت عند ربّي في مغرب الشمس ، فإن الله لا يخلو منه مكان ، ولا هو شيء، ولا على شيء، ولا من شيء ، وسع كرسيه السماوات والأرض ليس كمثله شيء، وهو سميع البصير، لا يعزب عنه مثقال ذرّة في الأرض ولا في السماء، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر، يعلم ما في السماوات وما في الأرض ، ما يكون من نجوى ثلاثة إلّا هو رابعهم ، ولا خمسة إلّا هو سادسهم، ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلّا هو معهم أينما كانوا.
قال فلمّا سمع الأسقف قوله قال له: مدّ يدك فانّي أشهد أن لا إله إلّا الله ، وانّ محمداً رسول الله، وانّك خليفة الله في أرضه ووصي رسوله ، وإن ّ هذا الجالس الغليظ الكفل الحبنبلي ليس لهذا المكان بأهل ، وانّما أنت أهله فتبسّم الإمام(1).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
(1) بحار الأنوار 58:10 ح 3 .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من كتاب ( الفضائل )
تأليف ( أبي الفضل سديد الدين شاذان بن جبرئيل القمّي)
من اعلام القرن السادس الهجري
تحقيق
محمود البدري
دار زائر للنشر
الروضة المقدسة - قم
تعليق