"" عندما يشتّدُ بنا البلاءُ ينبغي أنْ لا نَخرج من الموازين الشرعيّة , بل نلجأُ إلى اللهِ , تبارك و تعالى, لنعرفَ كيف نتصرّف ""
""غرض الإمام السجّاد من الدعاء الشريف : هو أن يتكلّمَ معنا ويقول لنا : عندما تتعلّمون مِنّا الدعاءَ اعرفوا كيف تدعون , واعرفوا ميزانَ هذه الكلمات وقيمتها العقائدية والسلوكية والمصيرية ""
"" إنَّ مِن أكبر المَفاسد عندما يُؤطّرُ الفسادُ بثوب الصلاح "" ؟؟؟؟؟؟
"" يسرقُ ويرتشي ويمتصُ دماءَ المَساكين والفقراءِ ويُنظّرُ لذلك معرفيّاً ويُبَرّرُ """؟؟؟؟؟
::: كُنّا وإيّاكم في خِدمةِ الإمام زين العابدين , علي بن الحُسين , السجّاد ,( صلواتُ اللهِ وسلامه عليه) في الدعاء الشريف في الصحيفة السجّاديّة المُباركة , وتكلّمنا عن بعض
ما بيّن الإمامُ , عليه السلام , وهو أنَّ الإنسانَ قد يتعرّض لشدّةٍ وبلاءٍ , وهنا ينبغي به أن لا يخرجَ من الموازين الشرعية , بل عليه أن يلجأ إلى الله تعالى .
وتعلمون أنَّ البلاء قد يُخرجُ الإنسان من الموازين الصحيحة وذلك بحسب التربية , وقد عرضَ القرآن الكريمُ في آياته الشريفة صوراً لسقوط بعض الناس في البلاء ,
بسبب طمعٍ أو خوفٍ أو سوء تربية وغير ذلك.
والإمام السجّاد في هذا الدعاء الشريف يسعى لمعالجة مسألة الضيق في الرزق في حالٍ يعلمُ الإنسانُ بضمن عقيدته أنَّ الله هو الرازق , ولكن في بعض الحالات يُحبس الرزقُ عن الإنسان لنكتةٍ يعلمها الله سبحانه , والإنسان قد يستعجّل ويتصرّف تصرفاً مخالفاً للمبادئ العقائدية , وهذا يعني ينبغي أن يكون اللهُ تعالى حاضراً في أنفسنا وفي مواقفنا وخاصة فيما يتعلّق بالرزق , فنطلبُ الرحمة منه عزّ وجل.
ومن جملة ما قال : عليه السلام ( فَبِفَضْلِكَ ، اللَّهُمَّ ، فَأَغْنِنِي ، وبِعَظَمَتِكَ فَانْعَشْنِي ، وبِسَعَتِكَ ، فَابْسُطْ يَدِي ، وبِمَا عِنْدَكَ فَاكْفِنِي ).
:الصحيفة السجّاديّة - مِنْ دُعَائِه عِنْدَ الشِّدَّةِ والْجَهْدِ وتَعَسُّرِ الأُمُورِ :
وهنا يعرضُ الإمام السجّادُ , عليه السلامُ , أربعةَ مطالبٍ وهي :
المطلبُ الأوّل : فَبِفَضْلِكَ ، اللَّهُمَّ ، فَأَغْنِنِي : - المطلبُ الثاني : وبِعَظَمَتِكَ فَانْعَشْنِي ،:
المطلب الثالث : وبِسَعَتِكَ ، فَابْسُطْ يَدِي ، - المطلبُ الرابعُ : وبِمَا عِنْدَكَ فَاكْفِنِي ,:
ونبيّنُ المطلبَ الأوّلَ :- فَبِفَضْلِكَ ، اللَّهُمَّ ، فَأَغْنِنِي : إنَّ الغنى ليس دائماً أن يكون غنى المال , وكم شاهدنا وشاهدتم إنساناً ميسوراً ويملك أموالاً , ولكنه شحيح وذليل ,
وهو ما نُعبّر عنه في عرفنا بأنَّ ( عينه غير مملؤةٍ ) , ولا زال يشعر بالضعة مع أنّه عنده
من المال ما لو جلس لكفاه وأغناه , وأعانه ما بقي , ولكنك تراه شحيحاً , ويشكو
من العوز ويتذمّر , والوجه في ذلك : هو أنَّ الغنى ليس غنى المال .
والدليل أننّا نرى إنساناً لا يملك المال ولا حتى قوت يومه ,ولكنه دائم الثناء على الله تعالى , والحمد إليه ,.
لأنّه يرى الغنى بالقناعة والرضا بما قدّر الله سبحانه , وقصد الإمام أن يرشدنا إلى عدم الاحتياج إلى اللئام من الخلق , وهذا نوع فضيلة إذا استغنى الإنسان به كفافا.
فالنبي عيسى , عليه السلامُ , كان يحثُ أتباعه على عدم الركون إلى الدنيا , حتى أنّه لم يتخذ فيها بيتاً , وكذا نبينا , صلّى الله عليه وآله وسلّم , لم يشبع ثلاثةَ أيام متوالية من القمح , .
ولماذا على الإنسان أن يكون غنيّا بهذا المعنى – القناعة – الكفاف – الرضا-؟
:.. لأنّه يعلم أنَّ الله تعالى هو مصدر الخير كلّه , وكم من غني محروم من التلذذ بماله لأنّه يخاف على ثروته , ويبخل وقد يُجامل أهل السوء ويصرفها في غير ما يرضي الله تعالى , وبالنتيجة ستكون حسرة عليه يوم القيامة.
: المطلبُ الثاني : وبِعَظَمَتِكَ فَانْعَشْنِي ،:- الإنعاشُ هو أن يكون حال الإنسان حسناً , وليس فيه ذلٌّ , وحاله حميدةٌ , وخالية من المنغصات.
وهنا يطلبُ الإمام منّا أن نطلبَ من الله تعالى أن يجعلنا بأفضل حالٍ عنده , وبعظمته وقدرته سبحانه .
:المطلب الثالث : وبِسَعَتِكَ ، فَابْسُطْ يَدِي :- السعةُ لله تعالى هي غير محدودة بل مطلقة , ومعناها أنّ الله واسع بسعة لا تُحدد , وسعته كرحمته , هكذا وردَ في الأدعية الشريفة :
كما في دعاء كُميل (( اللّهُمَ برحمتك التي وسعتْ كلّ شيء )) , وكذا في القرآن الكريم , (( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ))(156), الأعراف.
بمعنى أنَّ هذه الرحمة تتسعُ وتضمُّ في داخلها كلّ شيءٍ , فالله تبارك وتعالى رحيمٌ بنا وواسعٌ , وهو الذي يبسط الرزقَ لِمَن يشاء .
واليد المبسوطة: هي تعبير كنائي عن الغنى , وعدم القبض ,فهنيئاً للذي يبسط ما يرزقه الله على الناس من مالٍ أو من علم نافعٍ أو من خدمة بجاه أو قضاء حوائج الناس.
:.. نعم المال وكسبه أمر مهم , وفائدته تكمن في الإنفاق , وأما الذي لا يُنفقُ فلا خير فيه , وسيحاسب صاحبه عليه , وهو من أتباع الشيطان الذي يَعِدُ الغني بالفقر
فيبخل ويشح.
: المطلبُ الرابعُ : وبِمَا عِنْدَكَ فَاكْفِنِي ,:- إنَّ بعض المعارف الإلهيّة تدعونا لئن نستشعرَ بها واقعاً لا وصفاً فحسب , كما في مسألة الزهد في هذه الدنيا , والذي معناه بحسب مضمون الرواية المأثورة( أن لا يملكك الشيء , بل أنتَ الذي تملكه ) .
وينبغي بالإنسان أن يعرف دافعية الزهد , وأن يعلم من نفسه أنّه زاهد فعلاً وسلوكاً , بحيث إذا عُرِضَت عليه الدنيا يعرضُ عنها , وينبذها , ويتشوّق للآخرة ويرغبُ فيها.
وأما أن يعمل بخلاف ما بتفوّه به بلسانه , وما يعتقد فهذه من المغالطات القبيحة , والمشكلة أنّ أحدنا قد يشجّع الآخر على الابتعاد عن الآخرة , والتشبث بالدنيا.
و نقصدُ بالدنيا – الجانب الحرام فيها والسيء والمذموم والزائد عن الحاجة:
هذا ما نلاحظه في بعض الدوائر الخدمية , والتي يوجدُ فيها موظفون يأخذون الرشا
من المراجعين المساكين , ويعملون بخلاف ما يعتقدون وما يقولون .
بحيث تجده يحفظ الأحاديث في الزهد , ولكنه يخالف ذلك واقعاً وتطبيقا.
بل يؤطّر فساده بثوب الإصلاح , أو يُنظّر له معرفيّا ليبرر لنفسه أكل الحرام والمشبوه , وهذه من المفاسد الكبيرة ,هذا كنموذج يقول بقول الزاهدين في الدنيا ويعمل بعمل الراغبين فيها ,.
فتجده بعض الناس يبحث عن الربا والسرقة والرشوة ,ثمّ يقول بقول الزاهدين في الدنيا ؟
والحال أنّ الدنيا والآخرة ضرتان لا تجتمعان ( لكّل منهما مهرها ) , ولكن هذا البعض يُريد أن يعمل بقول المتنبي ( حشرٌ مع الناس عيد) .
وليعلم أنّ لحمه ودمه وجسمه سينبت من هذا المال الحرام وستكون عليه وبالاً بآثارها الوضعية الوخيمة , فما ذنب أطفاله الذين ينفق عليهم من هذا المال السحت , وهم
لا يفقهون ذلك من حلال أم من حرام؟
""غرض الإمام السجّاد من هذا الدعاء الشريف : هو أن يتكلّمَ معنا ويقول لنا : عندما تتعلّمون منا الدعاء اعرفوا كيف تدعون , واعرفوا ميزان هذه الكلمات وقيمتها العقائدية والسلوكية والمصيرية ""
فكم من مرتشٍ لا يهدأ الليلَ إلى أن يحصل على هذه الأموال المحرّمة ؟
ولا بُدّ من أن نكون أقوياء في مثل هذه الجوانب , وأن ننبه المجتمع على ذلك ,
وأن تسودَ عندنا ثقافة المقت لهذه الحالات السلبية , فضلاً عن حرمتها الفقهية شرعاً.
وهذه أشبه بالسمّ الذي يقتل صاحبه في النهاية حتى ولو كان يعتقد بأنّه دواء .
فأين قارون وأمواله وأتباعه ؟
وفي قول الإمام : وبِمَا عِنْدَكَ فَاكْفِنِي :- حكمة من أنَّ الطريق الذي نسلكه يجب أن تكون فيه الكفاية ولو من القليل خيراً , طريقاً مشروعاً ومَرضيّاً عند الله عزّ وجل.
_______________________________________________
مَضمونُ خطبةِ الجُمعَةِ الأولى والتي ألقاهَا سَماحةُ السيّد أحمد الصافي ,دَامَ عِزّه, الوكيل الشرعي للمَرجعيّةِ الدّينيّةِ الشَريفةِ في الحَرَمِ الحُسَيني المُقدّس ,اليوم ,
الأوّل من جمادى الأولى ,1439 هجري- التاسع عشر من كانون الثاني ,2018 م .
________________________________________________
- تدوين – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشْرَفُ –
- كَتَبْنَا بقَصدِ القُربَةِ للهِ تعالى , رَاجينَ القَبولَ والنَفعَ العَامَ , ونسألَكم الدُعاءَ-
_______________________________________________
""غرض الإمام السجّاد من الدعاء الشريف : هو أن يتكلّمَ معنا ويقول لنا : عندما تتعلّمون مِنّا الدعاءَ اعرفوا كيف تدعون , واعرفوا ميزانَ هذه الكلمات وقيمتها العقائدية والسلوكية والمصيرية ""
"" إنَّ مِن أكبر المَفاسد عندما يُؤطّرُ الفسادُ بثوب الصلاح "" ؟؟؟؟؟؟
"" يسرقُ ويرتشي ويمتصُ دماءَ المَساكين والفقراءِ ويُنظّرُ لذلك معرفيّاً ويُبَرّرُ """؟؟؟؟؟
::: كُنّا وإيّاكم في خِدمةِ الإمام زين العابدين , علي بن الحُسين , السجّاد ,( صلواتُ اللهِ وسلامه عليه) في الدعاء الشريف في الصحيفة السجّاديّة المُباركة , وتكلّمنا عن بعض
ما بيّن الإمامُ , عليه السلام , وهو أنَّ الإنسانَ قد يتعرّض لشدّةٍ وبلاءٍ , وهنا ينبغي به أن لا يخرجَ من الموازين الشرعية , بل عليه أن يلجأ إلى الله تعالى .
وتعلمون أنَّ البلاء قد يُخرجُ الإنسان من الموازين الصحيحة وذلك بحسب التربية , وقد عرضَ القرآن الكريمُ في آياته الشريفة صوراً لسقوط بعض الناس في البلاء ,
بسبب طمعٍ أو خوفٍ أو سوء تربية وغير ذلك.
والإمام السجّاد في هذا الدعاء الشريف يسعى لمعالجة مسألة الضيق في الرزق في حالٍ يعلمُ الإنسانُ بضمن عقيدته أنَّ الله هو الرازق , ولكن في بعض الحالات يُحبس الرزقُ عن الإنسان لنكتةٍ يعلمها الله سبحانه , والإنسان قد يستعجّل ويتصرّف تصرفاً مخالفاً للمبادئ العقائدية , وهذا يعني ينبغي أن يكون اللهُ تعالى حاضراً في أنفسنا وفي مواقفنا وخاصة فيما يتعلّق بالرزق , فنطلبُ الرحمة منه عزّ وجل.
ومن جملة ما قال : عليه السلام ( فَبِفَضْلِكَ ، اللَّهُمَّ ، فَأَغْنِنِي ، وبِعَظَمَتِكَ فَانْعَشْنِي ، وبِسَعَتِكَ ، فَابْسُطْ يَدِي ، وبِمَا عِنْدَكَ فَاكْفِنِي ).
:الصحيفة السجّاديّة - مِنْ دُعَائِه عِنْدَ الشِّدَّةِ والْجَهْدِ وتَعَسُّرِ الأُمُورِ :
وهنا يعرضُ الإمام السجّادُ , عليه السلامُ , أربعةَ مطالبٍ وهي :
المطلبُ الأوّل : فَبِفَضْلِكَ ، اللَّهُمَّ ، فَأَغْنِنِي : - المطلبُ الثاني : وبِعَظَمَتِكَ فَانْعَشْنِي ،:
المطلب الثالث : وبِسَعَتِكَ ، فَابْسُطْ يَدِي ، - المطلبُ الرابعُ : وبِمَا عِنْدَكَ فَاكْفِنِي ,:
ونبيّنُ المطلبَ الأوّلَ :- فَبِفَضْلِكَ ، اللَّهُمَّ ، فَأَغْنِنِي : إنَّ الغنى ليس دائماً أن يكون غنى المال , وكم شاهدنا وشاهدتم إنساناً ميسوراً ويملك أموالاً , ولكنه شحيح وذليل ,
وهو ما نُعبّر عنه في عرفنا بأنَّ ( عينه غير مملؤةٍ ) , ولا زال يشعر بالضعة مع أنّه عنده
من المال ما لو جلس لكفاه وأغناه , وأعانه ما بقي , ولكنك تراه شحيحاً , ويشكو
من العوز ويتذمّر , والوجه في ذلك : هو أنَّ الغنى ليس غنى المال .
والدليل أننّا نرى إنساناً لا يملك المال ولا حتى قوت يومه ,ولكنه دائم الثناء على الله تعالى , والحمد إليه ,.
لأنّه يرى الغنى بالقناعة والرضا بما قدّر الله سبحانه , وقصد الإمام أن يرشدنا إلى عدم الاحتياج إلى اللئام من الخلق , وهذا نوع فضيلة إذا استغنى الإنسان به كفافا.
فالنبي عيسى , عليه السلامُ , كان يحثُ أتباعه على عدم الركون إلى الدنيا , حتى أنّه لم يتخذ فيها بيتاً , وكذا نبينا , صلّى الله عليه وآله وسلّم , لم يشبع ثلاثةَ أيام متوالية من القمح , .
ولماذا على الإنسان أن يكون غنيّا بهذا المعنى – القناعة – الكفاف – الرضا-؟
:.. لأنّه يعلم أنَّ الله تعالى هو مصدر الخير كلّه , وكم من غني محروم من التلذذ بماله لأنّه يخاف على ثروته , ويبخل وقد يُجامل أهل السوء ويصرفها في غير ما يرضي الله تعالى , وبالنتيجة ستكون حسرة عليه يوم القيامة.
: المطلبُ الثاني : وبِعَظَمَتِكَ فَانْعَشْنِي ،:- الإنعاشُ هو أن يكون حال الإنسان حسناً , وليس فيه ذلٌّ , وحاله حميدةٌ , وخالية من المنغصات.
وهنا يطلبُ الإمام منّا أن نطلبَ من الله تعالى أن يجعلنا بأفضل حالٍ عنده , وبعظمته وقدرته سبحانه .
:المطلب الثالث : وبِسَعَتِكَ ، فَابْسُطْ يَدِي :- السعةُ لله تعالى هي غير محدودة بل مطلقة , ومعناها أنّ الله واسع بسعة لا تُحدد , وسعته كرحمته , هكذا وردَ في الأدعية الشريفة :
كما في دعاء كُميل (( اللّهُمَ برحمتك التي وسعتْ كلّ شيء )) , وكذا في القرآن الكريم , (( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ))(156), الأعراف.
بمعنى أنَّ هذه الرحمة تتسعُ وتضمُّ في داخلها كلّ شيءٍ , فالله تبارك وتعالى رحيمٌ بنا وواسعٌ , وهو الذي يبسط الرزقَ لِمَن يشاء .
واليد المبسوطة: هي تعبير كنائي عن الغنى , وعدم القبض ,فهنيئاً للذي يبسط ما يرزقه الله على الناس من مالٍ أو من علم نافعٍ أو من خدمة بجاه أو قضاء حوائج الناس.
:.. نعم المال وكسبه أمر مهم , وفائدته تكمن في الإنفاق , وأما الذي لا يُنفقُ فلا خير فيه , وسيحاسب صاحبه عليه , وهو من أتباع الشيطان الذي يَعِدُ الغني بالفقر
فيبخل ويشح.
: المطلبُ الرابعُ : وبِمَا عِنْدَكَ فَاكْفِنِي ,:- إنَّ بعض المعارف الإلهيّة تدعونا لئن نستشعرَ بها واقعاً لا وصفاً فحسب , كما في مسألة الزهد في هذه الدنيا , والذي معناه بحسب مضمون الرواية المأثورة( أن لا يملكك الشيء , بل أنتَ الذي تملكه ) .
وينبغي بالإنسان أن يعرف دافعية الزهد , وأن يعلم من نفسه أنّه زاهد فعلاً وسلوكاً , بحيث إذا عُرِضَت عليه الدنيا يعرضُ عنها , وينبذها , ويتشوّق للآخرة ويرغبُ فيها.
وأما أن يعمل بخلاف ما بتفوّه به بلسانه , وما يعتقد فهذه من المغالطات القبيحة , والمشكلة أنّ أحدنا قد يشجّع الآخر على الابتعاد عن الآخرة , والتشبث بالدنيا.
و نقصدُ بالدنيا – الجانب الحرام فيها والسيء والمذموم والزائد عن الحاجة:
هذا ما نلاحظه في بعض الدوائر الخدمية , والتي يوجدُ فيها موظفون يأخذون الرشا
من المراجعين المساكين , ويعملون بخلاف ما يعتقدون وما يقولون .
بحيث تجده يحفظ الأحاديث في الزهد , ولكنه يخالف ذلك واقعاً وتطبيقا.
بل يؤطّر فساده بثوب الإصلاح , أو يُنظّر له معرفيّا ليبرر لنفسه أكل الحرام والمشبوه , وهذه من المفاسد الكبيرة ,هذا كنموذج يقول بقول الزاهدين في الدنيا ويعمل بعمل الراغبين فيها ,.
فتجده بعض الناس يبحث عن الربا والسرقة والرشوة ,ثمّ يقول بقول الزاهدين في الدنيا ؟
والحال أنّ الدنيا والآخرة ضرتان لا تجتمعان ( لكّل منهما مهرها ) , ولكن هذا البعض يُريد أن يعمل بقول المتنبي ( حشرٌ مع الناس عيد) .
وليعلم أنّ لحمه ودمه وجسمه سينبت من هذا المال الحرام وستكون عليه وبالاً بآثارها الوضعية الوخيمة , فما ذنب أطفاله الذين ينفق عليهم من هذا المال السحت , وهم
لا يفقهون ذلك من حلال أم من حرام؟
""غرض الإمام السجّاد من هذا الدعاء الشريف : هو أن يتكلّمَ معنا ويقول لنا : عندما تتعلّمون منا الدعاء اعرفوا كيف تدعون , واعرفوا ميزان هذه الكلمات وقيمتها العقائدية والسلوكية والمصيرية ""
فكم من مرتشٍ لا يهدأ الليلَ إلى أن يحصل على هذه الأموال المحرّمة ؟
ولا بُدّ من أن نكون أقوياء في مثل هذه الجوانب , وأن ننبه المجتمع على ذلك ,
وأن تسودَ عندنا ثقافة المقت لهذه الحالات السلبية , فضلاً عن حرمتها الفقهية شرعاً.
وهذه أشبه بالسمّ الذي يقتل صاحبه في النهاية حتى ولو كان يعتقد بأنّه دواء .
فأين قارون وأمواله وأتباعه ؟
وفي قول الإمام : وبِمَا عِنْدَكَ فَاكْفِنِي :- حكمة من أنَّ الطريق الذي نسلكه يجب أن تكون فيه الكفاية ولو من القليل خيراً , طريقاً مشروعاً ومَرضيّاً عند الله عزّ وجل.
_______________________________________________
مَضمونُ خطبةِ الجُمعَةِ الأولى والتي ألقاهَا سَماحةُ السيّد أحمد الصافي ,دَامَ عِزّه, الوكيل الشرعي للمَرجعيّةِ الدّينيّةِ الشَريفةِ في الحَرَمِ الحُسَيني المُقدّس ,اليوم ,
الأوّل من جمادى الأولى ,1439 هجري- التاسع عشر من كانون الثاني ,2018 م .
________________________________________________
- تدوين – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشْرَفُ –
- كَتَبْنَا بقَصدِ القُربَةِ للهِ تعالى , رَاجينَ القَبولَ والنَفعَ العَامَ , ونسألَكم الدُعاءَ-
_______________________________________________
تعليق