بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين
اللّسان أكثر الجوارح عذاباً
ولما كان اللّسان أضرّ الجوارح وأكثرها خطورة على الإنسان وأعظمها هلاكاً له، كان مستحقّاً لشديد العقاب وأليم العذاب، وفي هذا ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوله: “يُعَذِّبُ اللهُ اللِّسَانَ بِعَذَابٍ لَا يُعَذِّبُ بِهِ شَيْئاً مِنَ الْجَوَارِحِ فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ عَذَّبْتَنِي بِعَذَابٍ لَمْ تُعَذِّبْ بِهِ شَيْئاً، فَيُقَالُ لَهُ: خَرَجَتْ مِنْكَ كَلِمَةٌ فَبَلَغَتْ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا فَسُفِكَ بِهَا الدَّمُ الْحَرَامُ وَ انْتُهِبَ بِهَا الْمَالُ الْحَرَامُ وَانْتُهِكَ بِهَا الْفَرْجُ الْحَرَامُ، وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَأُعَذِّبَنَّكَ بِعَذَابٍ لَا أُعَذِّبُ بِهِ شَيْئاً مِنْ جَوَارِحِكَ”[1].
ولهذا على من أراد تخليص نفسه من عذاب جبّار السماوات أن يلجم لسانه بلجام الصمت، وألَّا ينطق ويتفوّه إلّا بصدقةٍ أو معروفٍ أو صلح بين الناس، ومن قدر على ذلك كبح آفات اللّسان ونال رضا الرحمن، قال تبارك وتعالى: ï´؟لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًاï´¾[2].
لماذا الحثُّ الكبير على الصمت؟!!
لا شكّ أنَّ الكثير من الآفات الأخلاقيّة والرذائل النفسيّة إنَّما تكون بفعل لغو الكلام وزلات اللّسان، فـ “رُبَّ لِسَانٍ أَتَى عَلَى إِنْسَانٍ”[3]، و”كَمْ مِنْ دَمٍّ سَفَكَهُ فَمٌ”[4]. وأنَّ سلامة الإنسان واستقامة الإيمان إنَّما تكون بحفظ اللّسان، ومن هنا نلحظ الحثّ الكبير على الصمت الموجب لراحة وسلامة الإنسان، وفي هذا ورد عن إمامنا الباقر عليه السلام أنَّهُ قال: “إِنَّ هَذَا اللِّسَانَ مِفْتَاحُ كُلِّ خَيْرٍ وَشَرٍّ فَيَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَخْتِمَ عَلَى لِسَانِهِ كَمَا يَخْتِمُ عَلَى ذَهَبِهِ وَفِضَّتِهِ”[5]، ولهذا كان التأكيد الشديد على حقّ اللّسان في “إِكْرَامِهِ عَنِ الْخَنَا وَ تَعْوِيدِهِ الْخَيْر”[6] كما ورد عن إمامنا زين العابدين عليه السلام.
استقامة اللسان
لقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوله: “إنَّ أَكْثَرَ خَطَايَا ابن آَدَم فِيْ لِسَانِهِ”[7]، وهذا الأمر مشهودٌ ومحسوسٌ ولا يقبل الأخذ والردّ، فاللّسان مصدرُ الكذب والغيبة والفحش والسبّ والبذاءة والمراء والمجادلة والخصومة والتشدّق والكلام في ما لا يعني، والخوض في الباطل والغناء والسخرية والاستهزاء وإفشاء السّر وغيرها الكثير من الأباطيل ولغو الحديث والرذائل.
ومن هنا، وبما أنَّهُ من اللازم على الهداة المهديّين إرشاد العباد إلى ما يُنجيهم من مهاوي النيران ويُدخلهم إلى الروض والجنان، وهذا ما لا يكون إلّا لمستقيمي الإيمان وصِفَتُهُم كما في حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “لَا يَسْتَقِيمُ إِيمَانُ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ وَلَا يَسْتَقِيمُ قَلْبُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ”[8]، كان لزاماً عليهم عليه السلام حثّ الناس وترغيبهم بموجبات الاستقامة ومنها حفظ اللّسان والصمت والسكوت عن غير ما فيه رضا الله ـ عزّ وجلّ ـ وصلاح الأفراد والأمم.
[1] م. ن، ح 16.
[2] سورة النساء، الآية: 114.
[3] الآمدي، عبد الواحد التميمي، غرر الحكم، ص213، ح4154، الطَّبعة الأولى 1366ش، مكتب الإعلام الإسلامي، الحوزة العلميّة بقم.
[4] م. ن، ح4158.
[5] الحرّاني، ابن شعبة، تحف العقول، ص 298، تصحيح وتعليق علي أكبر غفاري، الطَّبعة الثانية 1363ش، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرّفة.
[6] الحرّ العاملي، محمّد بن الحسن، وسائل الشيعة، ج15، ص172، باب جملة مما ينبغي القيام به من الحقوق الواجبة والمندوب، ح1،الطَّبعة الثانية1414هـ، مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث بقم المشرّفة.
[7] الطبراني، المعجم الكبير، ج10، ص197، ح 10446، الطَّبعة الثانية 1406 هـ ، دار إحياء التُّراث العربي، بيروت.
[8] العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج68، ص287، ح42.
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين
اللّسان أكثر الجوارح عذاباً
ولما كان اللّسان أضرّ الجوارح وأكثرها خطورة على الإنسان وأعظمها هلاكاً له، كان مستحقّاً لشديد العقاب وأليم العذاب، وفي هذا ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوله: “يُعَذِّبُ اللهُ اللِّسَانَ بِعَذَابٍ لَا يُعَذِّبُ بِهِ شَيْئاً مِنَ الْجَوَارِحِ فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ عَذَّبْتَنِي بِعَذَابٍ لَمْ تُعَذِّبْ بِهِ شَيْئاً، فَيُقَالُ لَهُ: خَرَجَتْ مِنْكَ كَلِمَةٌ فَبَلَغَتْ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا فَسُفِكَ بِهَا الدَّمُ الْحَرَامُ وَ انْتُهِبَ بِهَا الْمَالُ الْحَرَامُ وَانْتُهِكَ بِهَا الْفَرْجُ الْحَرَامُ، وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَأُعَذِّبَنَّكَ بِعَذَابٍ لَا أُعَذِّبُ بِهِ شَيْئاً مِنْ جَوَارِحِكَ”[1].
ولهذا على من أراد تخليص نفسه من عذاب جبّار السماوات أن يلجم لسانه بلجام الصمت، وألَّا ينطق ويتفوّه إلّا بصدقةٍ أو معروفٍ أو صلح بين الناس، ومن قدر على ذلك كبح آفات اللّسان ونال رضا الرحمن، قال تبارك وتعالى: ï´؟لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًاï´¾[2].
لماذا الحثُّ الكبير على الصمت؟!!
لا شكّ أنَّ الكثير من الآفات الأخلاقيّة والرذائل النفسيّة إنَّما تكون بفعل لغو الكلام وزلات اللّسان، فـ “رُبَّ لِسَانٍ أَتَى عَلَى إِنْسَانٍ”[3]، و”كَمْ مِنْ دَمٍّ سَفَكَهُ فَمٌ”[4]. وأنَّ سلامة الإنسان واستقامة الإيمان إنَّما تكون بحفظ اللّسان، ومن هنا نلحظ الحثّ الكبير على الصمت الموجب لراحة وسلامة الإنسان، وفي هذا ورد عن إمامنا الباقر عليه السلام أنَّهُ قال: “إِنَّ هَذَا اللِّسَانَ مِفْتَاحُ كُلِّ خَيْرٍ وَشَرٍّ فَيَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَخْتِمَ عَلَى لِسَانِهِ كَمَا يَخْتِمُ عَلَى ذَهَبِهِ وَفِضَّتِهِ”[5]، ولهذا كان التأكيد الشديد على حقّ اللّسان في “إِكْرَامِهِ عَنِ الْخَنَا وَ تَعْوِيدِهِ الْخَيْر”[6] كما ورد عن إمامنا زين العابدين عليه السلام.
استقامة اللسان
لقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوله: “إنَّ أَكْثَرَ خَطَايَا ابن آَدَم فِيْ لِسَانِهِ”[7]، وهذا الأمر مشهودٌ ومحسوسٌ ولا يقبل الأخذ والردّ، فاللّسان مصدرُ الكذب والغيبة والفحش والسبّ والبذاءة والمراء والمجادلة والخصومة والتشدّق والكلام في ما لا يعني، والخوض في الباطل والغناء والسخرية والاستهزاء وإفشاء السّر وغيرها الكثير من الأباطيل ولغو الحديث والرذائل.
ومن هنا، وبما أنَّهُ من اللازم على الهداة المهديّين إرشاد العباد إلى ما يُنجيهم من مهاوي النيران ويُدخلهم إلى الروض والجنان، وهذا ما لا يكون إلّا لمستقيمي الإيمان وصِفَتُهُم كما في حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “لَا يَسْتَقِيمُ إِيمَانُ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ وَلَا يَسْتَقِيمُ قَلْبُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ”[8]، كان لزاماً عليهم عليه السلام حثّ الناس وترغيبهم بموجبات الاستقامة ومنها حفظ اللّسان والصمت والسكوت عن غير ما فيه رضا الله ـ عزّ وجلّ ـ وصلاح الأفراد والأمم.
[1] م. ن، ح 16.
[2] سورة النساء، الآية: 114.
[3] الآمدي، عبد الواحد التميمي، غرر الحكم، ص213، ح4154، الطَّبعة الأولى 1366ش، مكتب الإعلام الإسلامي، الحوزة العلميّة بقم.
[4] م. ن، ح4158.
[5] الحرّاني، ابن شعبة، تحف العقول، ص 298، تصحيح وتعليق علي أكبر غفاري، الطَّبعة الثانية 1363ش، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرّفة.
[6] الحرّ العاملي، محمّد بن الحسن، وسائل الشيعة، ج15، ص172، باب جملة مما ينبغي القيام به من الحقوق الواجبة والمندوب، ح1،الطَّبعة الثانية1414هـ، مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث بقم المشرّفة.
[7] الطبراني، المعجم الكبير، ج10، ص197، ح 10446، الطَّبعة الثانية 1406 هـ ، دار إحياء التُّراث العربي، بيروت.
[8] العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج68، ص287، ح42.
تعليق