اللهم صل على محمد وآل محمد
الجدال: هو أن تريد التغلب في الكلام على طرف الحديث، فتقول وتقول لإثبات ما ارتأيته حقّاً كان أم باطلاً ـ في قرارة نفسك ـ
وما يبغي المجادل من جداله؟.
إنّه يريد أوّلاً وآخراً ـ انتصار نفسه.. أما أنه يريد إظهار الحق ودحض الباطل فلا تجد له في عشرة آلاف مجادل شخصاً واحداً.
والدليل على ذلك: إنّك إن راجعت ما سبق لك من مجادلات تيقنت أنّ العامل الظاهر ـ والخفي ـ كان حبّ الغلبة فحسب.
وعلى أيًّ.. فما نفع المجادلة؟.
هل تزعم بأنّ طرفك يعترف بأنّك على حق؟.
نعم تزعم أنت ذلك ـ إذا كنت نيّاً غير ناضج ـ أما الخبراء بعلم النفس فلا يشكون بأن الجدال لا يزيد المخالف إلا إصراراً، وربما أمكن إقناعه بالحق لولا الجدال أما مع الجدال فلا يقتنع وإن رأى الحق رؤي العين.
أو هل تزعم أنّه يعترف بقدرتك على الكلام؟
نعم.. تزعم ذلك إن كنت قليل الحظ من الإدراك.
فاعلم.. إنّه لا يقوم من عندك إلاّ وأنّه يردّد في نفسه إنّك ضعيف وإنّ كلامك هراء وإنّ منطقك فارغ عن كلّ ميزان.
أو هل تزعم إنّه يعترف بعظمتك وعلمك؟.
نعم.. تزعم ذلك إنْ كنت من الجاهلين؟!
أما اذا كنت تعرف حقائق النفوس فلا تشك أنّك بالمجادلة، تصغر نفسك في نظر الطرف الآخر وتبرهن أنّك قليل الحظ من الثقافة والأخلاق.
ولذا نرى الإسلام يؤكّد على ترك الجدال أشدّ تأكيد، إنّه بنظر الواقع ـ مع عدم جدواه ـ يهيج العواطف ويثير العداء والبغضاء وربّما جرّ إلى أبشع عاقبة وأوخم فساد.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (من جادل في الخصومة بغير علم لم يزل في سخط حتى ينزع)(20).
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): (إنّ أبغض الرجال إلى الله: الألدّ الخصم)(21).
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): (ما أتاني جبرائيل قط إلا وعظني، فآخر قوله لي إياك ومشادّة الناس فإنها تكشف العورة وتذهب بالعز)(22).
وقال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): (إياكم والمراء والخصومة، فإنهما يمرضان القلوب على الإخوان وينبت عليهما النفاق)(23).
فإن الشخص إذا جرح كبرياء أخيه لم يزل حتى ينقلب عليه عدوّاً وإن كان أخاه من أبيه وأمه، وقد قيل ـ لأحد الحكماء ـ هل صديقك أحب إليك أم أخوك، قال: إنما اُحبّ أخي لأنه صديقي! وتجربة واحدة كافية لمعرفة مدى المجادلة في تعكير صفو الأخوان.
وهل تعلم مدى كلمة (الآن أبيّن لك) في تجريح العاطفة مع بساطتها جدّاً وأنها أقل كلمة تقال عند الجدال؟ إنّ معناها: (إنك أيها المخاطب لا تعلم وإنّي أعلم ولي القدرة على بيان ما قلت وتبيّن بعد ذلك إنّك كنت على خطأ وأنا على صواب).
وهل ترضى أنت بأن يقول لك المخاطب هذه المقالة؟ كلا! فاعلم أنّ المخاطب مثلك لا يرضى!!
وقال الإمام زين العابدين (عليه السلام): (ويل امّه فاسقاً من لا يزال ممارياً، ويل امّه فاجراً من لا يزال مخاصماً، ويل امّه آثماً من كثر كلامه في غير ذات الله)(24).
وقال الإمام الصادق (عليه السلام): (لا تمارين حليماً ولا سفيهاً، فإنّ الحليم يقليك والسفيه يؤذيك)(25).
وقال (عليه السلام): (إياكم والمشادّة فإنها تورث المعرة وتظهر العورة)(26) وقال (عليه السلام): (إياكم والخصومة فإنها تشغل القلب وتورث النفاق وتكسب الضغائن)(27).
لكن هل يقلع الإنسان؟.
كلا! إنّ حبه للظهور ورغبته في إظهار علمه يمنعانه من ترك الجدال، وكثيراً ما يقول: إنّه لإظهار الحق!
فليسمع إلى كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (ثلاث من لقي الله تعالى بهن دخل الجنة من أي باب شاء:
ا ـ من حسن خلقه.
ب ـ وخشي الله في المغيب والمحضر.
ج ـ وترك المراء وإن كان محقّاً)(28).
فهل سمعت؟ لكن حب الظهور مانع عن العمل بهذا الحديث..
وكيف نتمكن من قلع جذور حب الظهور؟ بالمجاهدة الطويلة فإن الإنسان يحب أن يعرّف نفسه بقلم أو لسان أو جاه أو جمال، أو.. فليجاهد طويلاً! جهاراً أهون منه الجهاد مع الأعداء بالسيف والرمح حتى يموت حب الظهور.
وبعد ذلك. فليطب الإنسان الكلام فإنه مجلبة للحب وسبب للأُلفة ولذا أكّد الإسلام عليه غاية التأكيد حتى قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (يمكّنكم من الجنة: طيب الكلام، وإطعام الطعام)(29).
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): (إنّ في الجنة غرفاً يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها، أعدّها الله لمن أطعم الطعام وأطاب الكلام)(30).
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): (الكلمة الطيبة صدقة)(31).
ويروى عن المسيح العظيم (عليه السلام): (أنّه مرّ به خنزير، فقال: مر بسلامة، فقيل له: يا روح الله تقول هذا للخنزير؟ فقال: أكره أن أُعوّد لساني الشر)(32).
وكم في المجتمع ـ اليوم ـ من يطيّب الكلام ويطعم الطعام؟.
قليل.. وقليل جداً وكذا ترى الضغائن والأحقاد والعداوات والمهاترات.
المصادر
20 ـ جامع السعادات: 2/284.
21 ـ جامع السعادات: 2/285.
22 ـ جامع السعادات: 2/285.
23 ـ جامع السعادات: 2/285.
24 ـ جامع السعادات: 2/285.
25 ـ أصول الكافي: 2/301 ـ جامع السعادات: 2/285.
26 ـ أصول الكافي: 2/301 ـ جامع السعادات: 2/285.
27 ـ أصول الكافي: 2/301 ـ جامع السعادات: 2/285.
28 ـ أصول الكافي: 2/300 ـ جامع السعادات: 2/286.
29 ـ جامع السعادات: 2/286.
30 ـ جامع السعادات: 2/286.
31 ـ جامع السعادات: 2/286.
وما يبغي المجادل من جداله؟.
إنّه يريد أوّلاً وآخراً ـ انتصار نفسه.. أما أنه يريد إظهار الحق ودحض الباطل فلا تجد له في عشرة آلاف مجادل شخصاً واحداً.
والدليل على ذلك: إنّك إن راجعت ما سبق لك من مجادلات تيقنت أنّ العامل الظاهر ـ والخفي ـ كان حبّ الغلبة فحسب.
وعلى أيًّ.. فما نفع المجادلة؟.
هل تزعم بأنّ طرفك يعترف بأنّك على حق؟.
نعم تزعم أنت ذلك ـ إذا كنت نيّاً غير ناضج ـ أما الخبراء بعلم النفس فلا يشكون بأن الجدال لا يزيد المخالف إلا إصراراً، وربما أمكن إقناعه بالحق لولا الجدال أما مع الجدال فلا يقتنع وإن رأى الحق رؤي العين.
أو هل تزعم أنّه يعترف بقدرتك على الكلام؟
نعم.. تزعم ذلك إن كنت قليل الحظ من الإدراك.
فاعلم.. إنّه لا يقوم من عندك إلاّ وأنّه يردّد في نفسه إنّك ضعيف وإنّ كلامك هراء وإنّ منطقك فارغ عن كلّ ميزان.
أو هل تزعم إنّه يعترف بعظمتك وعلمك؟.
نعم.. تزعم ذلك إنْ كنت من الجاهلين؟!
أما اذا كنت تعرف حقائق النفوس فلا تشك أنّك بالمجادلة، تصغر نفسك في نظر الطرف الآخر وتبرهن أنّك قليل الحظ من الثقافة والأخلاق.
ولذا نرى الإسلام يؤكّد على ترك الجدال أشدّ تأكيد، إنّه بنظر الواقع ـ مع عدم جدواه ـ يهيج العواطف ويثير العداء والبغضاء وربّما جرّ إلى أبشع عاقبة وأوخم فساد.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (من جادل في الخصومة بغير علم لم يزل في سخط حتى ينزع)(20).
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): (إنّ أبغض الرجال إلى الله: الألدّ الخصم)(21).
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): (ما أتاني جبرائيل قط إلا وعظني، فآخر قوله لي إياك ومشادّة الناس فإنها تكشف العورة وتذهب بالعز)(22).
وقال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): (إياكم والمراء والخصومة، فإنهما يمرضان القلوب على الإخوان وينبت عليهما النفاق)(23).
فإن الشخص إذا جرح كبرياء أخيه لم يزل حتى ينقلب عليه عدوّاً وإن كان أخاه من أبيه وأمه، وقد قيل ـ لأحد الحكماء ـ هل صديقك أحب إليك أم أخوك، قال: إنما اُحبّ أخي لأنه صديقي! وتجربة واحدة كافية لمعرفة مدى المجادلة في تعكير صفو الأخوان.
وهل تعلم مدى كلمة (الآن أبيّن لك) في تجريح العاطفة مع بساطتها جدّاً وأنها أقل كلمة تقال عند الجدال؟ إنّ معناها: (إنك أيها المخاطب لا تعلم وإنّي أعلم ولي القدرة على بيان ما قلت وتبيّن بعد ذلك إنّك كنت على خطأ وأنا على صواب).
وهل ترضى أنت بأن يقول لك المخاطب هذه المقالة؟ كلا! فاعلم أنّ المخاطب مثلك لا يرضى!!
وقال الإمام زين العابدين (عليه السلام): (ويل امّه فاسقاً من لا يزال ممارياً، ويل امّه فاجراً من لا يزال مخاصماً، ويل امّه آثماً من كثر كلامه في غير ذات الله)(24).
وقال الإمام الصادق (عليه السلام): (لا تمارين حليماً ولا سفيهاً، فإنّ الحليم يقليك والسفيه يؤذيك)(25).
وقال (عليه السلام): (إياكم والمشادّة فإنها تورث المعرة وتظهر العورة)(26) وقال (عليه السلام): (إياكم والخصومة فإنها تشغل القلب وتورث النفاق وتكسب الضغائن)(27).
لكن هل يقلع الإنسان؟.
كلا! إنّ حبه للظهور ورغبته في إظهار علمه يمنعانه من ترك الجدال، وكثيراً ما يقول: إنّه لإظهار الحق!
فليسمع إلى كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (ثلاث من لقي الله تعالى بهن دخل الجنة من أي باب شاء:
ا ـ من حسن خلقه.
ب ـ وخشي الله في المغيب والمحضر.
ج ـ وترك المراء وإن كان محقّاً)(28).
فهل سمعت؟ لكن حب الظهور مانع عن العمل بهذا الحديث..
وكيف نتمكن من قلع جذور حب الظهور؟ بالمجاهدة الطويلة فإن الإنسان يحب أن يعرّف نفسه بقلم أو لسان أو جاه أو جمال، أو.. فليجاهد طويلاً! جهاراً أهون منه الجهاد مع الأعداء بالسيف والرمح حتى يموت حب الظهور.
وبعد ذلك. فليطب الإنسان الكلام فإنه مجلبة للحب وسبب للأُلفة ولذا أكّد الإسلام عليه غاية التأكيد حتى قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (يمكّنكم من الجنة: طيب الكلام، وإطعام الطعام)(29).
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): (إنّ في الجنة غرفاً يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها، أعدّها الله لمن أطعم الطعام وأطاب الكلام)(30).
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): (الكلمة الطيبة صدقة)(31).
ويروى عن المسيح العظيم (عليه السلام): (أنّه مرّ به خنزير، فقال: مر بسلامة، فقيل له: يا روح الله تقول هذا للخنزير؟ فقال: أكره أن أُعوّد لساني الشر)(32).
وكم في المجتمع ـ اليوم ـ من يطيّب الكلام ويطعم الطعام؟.
قليل.. وقليل جداً وكذا ترى الضغائن والأحقاد والعداوات والمهاترات.
المصادر
20 ـ جامع السعادات: 2/284.
21 ـ جامع السعادات: 2/285.
22 ـ جامع السعادات: 2/285.
23 ـ جامع السعادات: 2/285.
24 ـ جامع السعادات: 2/285.
25 ـ أصول الكافي: 2/301 ـ جامع السعادات: 2/285.
26 ـ أصول الكافي: 2/301 ـ جامع السعادات: 2/285.
27 ـ أصول الكافي: 2/301 ـ جامع السعادات: 2/285.
28 ـ أصول الكافي: 2/300 ـ جامع السعادات: 2/286.
29 ـ جامع السعادات: 2/286.
30 ـ جامع السعادات: 2/286.
31 ـ جامع السعادات: 2/286.
من كتاب الفضيلة الإسلامية
تعليق