اجتاح الظلام سمائها وليل قد انتصف، وقمر لم يكتمل بعد على خلاف قلب يسكن بين اضلاعها في الجانب الايسر، كانت البصيرة للمرة الاولى تنيره بالكامل ناشرة طمأنينة وسكينة على روح كانت ضائعة بين ذنوب عقيدة نشأت عليها ولم يكن لها الخيار من أمرها.
هناك حيث ينام الجميع إلى جانب النافذة المشرعة بصيص من ضوء خافت يتسلل إلى جانب السرير تصاحبه نسمات خريفية تتسابق نحوها تداعب كتيبات نشرتها هنا وهناك عثرت فيها على بداية الطريق.
لبست سنواتها العشرون وراحت تغوص بأعماق الكتب تتجول بين سطورها طارقة أبواب الكلمات تسألها حرفا حرفا لتحصل على إجابة تنتشلها من حيرة الظلالة أو تفسر لها ما حصل منذ عقود من الزمن، أحقا أحرقت باب الدار تلك التي استأذن خير الخلق لطرقها واسقطوا جنينها وكسروا اضلاعها عصرا بين الحائط والباب وانكروا حقا لها ولبعلها؟!
ماذا لو توفاني الموت وأنا على هذا الحال؟
هكذا تتساءل مع نفسها وتستعيد ما قاله زميلها صباح اليوم في مجلس أقامه مجموعة من الطلبة لإحياء ذكرى شهادة الزهراء حيث جرى الحديث عن مظلومية الزهراء (عليها السلام) وعن ظالميها...
ثم راحت تتجول بين دهاليز حياتها المظلمة باحثة عن شيء أشبه بشعاع ضوء من بعيد،
في ما مضى كان يطاردها ينير طريقها يحاول استدراجها...
أكان ذلك فطرتها التي لم تتلوث بالمعاصي؟
ام إنه اللطف الالهي؟
ام كلاهما معا؟
ثم ينقض عليها واقع مرير فأن تغير معتقداتها يعني أن عليها ان تتحمل الكثير فهي تدرك تماما أي أذى يقاسونه الشيعة في جميع العالم...
ما أفصحت عن هويتها يوما وما كان أحد يعلم أنها من مذهب مخالف لمذهبهم لذلك لم يشك احد حين راحت تسألهم وتشكك وتشكل على مايقولون، كانوا يجيبون... دون تردد، أصيبت بشيء أشبه بسكرات الموت كبس على أنفاسها ماجعلها تنسحب معتذرة.
هرعت إلى مكتبة الجامعة مستعينة بذلك الصوت الذي يستدرجها نحوه بكتب التاريخ للبحث في قضية غصب الخلافة، وغصب حقوق الزهراء وقتل المحسن!!
وما إن عثرت على ضالتها حتى ادركت ان الحقيقة اخفيت لمصالح أناس اشتروا التاريخ بأموال المسلمين ليضيعوا الإسلام ويقضوا على بقاياه دون ان يشكوا من وجع الضمير وبقلوب لم يدخلها الإيمان مُلئت احقادا على الرسول وآله.