ثم لا يخفى أن تعيين الأصل و الفرع للانوار و الابتهاجات و مراتب الآخرة عندنا مشكل ، و ليس لنا طريق إلى القطع بأن أي شيء أصل لاي نور و بهجة ، و ربما كان المظنون عندنا : أن أصل كل نور و سعادة و بهجة هو اليقين القطعي الاجمالي بان الواجب - سبحانه- في غاية العظمة و الجلال و القدرة و الكمال ، و أنه تام فوق التمام ، و كل ما سواه من المهيات الموجودة صادرة عنه على أشرف أنحاء الصدور و أقواها و أدلها على العظمة ، و أنه لا موجود و لا شيء إلا الواجب و صفاته و أفعاله ، و أن ذاته الاقدس ذات لا يمكن أن يكون لذهن من الاذهان العالية ، و لا لمدرك من المدارك المتعالية عقلا كان أو نفسا أو غيرهما ، لو أمكن أن يكون مدركا ، أن يدرك في لحاظ التعقل ذاتا يمكن أن تكون فوقه أو مثله ، بل كلما تصور إجمالا فهو فوقه ، و كذا صفاته الكمالية و افعاله ، و أن صفاته الكمالية : من عظمته و جلاله ، و قدرته ، و جماله ، و علمه ، و حكمته ، و غير ذلك غير متناهية ، و ليس لها حدّ و غاية ، و ما تعلق به علمه من مخلوقاته لا نهاية له كثرة و قوة و كمالا ، و أن له من المراتب الغير المتناهية من العظمة و الجلال ما لا يطيق أشرف الموجودات و اقواها لادراك أولها فمن عرف ذلك و تيقن به ، و علم ان هذا العالم و ما فيه لا نسبة له إلى عالم الآخرة و ما فيه ، و أن الطافه و مزاياه إلى عباده الذين عرفوا نسبتهم إليه ، و تيقنوا بأن لاشرافة ولا كمال للنفوس و العقول فوق معرفة ربهم و التقرب إليه و الوصول إلى حبه و انسه ، فقد وصل إلى أصل كل سعادة و نور و بهجة ، لا سيما إذا دفع عن نفسه ذمائم الأخلاق و اتصف بفضائلها ، و قد ظهر مما ذكر : أنه لا ريب في ثبوت الشوق للعباد إلى اللّه - سبحانه-.
والعجب ممن أنكر حقيقة الشوق إلى اللّه - سبحانه- لانكاره المحبة له - كما يأتي-، إذ لا يتصور الشوق إلا إلى محبوب ، و قد عرفت ثبوته من حيث النظر و الاعتبار ، و لا ريب في ثبوته أيضا من الآيات و الاخبار: قال اللّه سبحانه : {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا } [الكهف : 110] ، فان الرجاء لا ينفك عن الشوق.
وقال رسول اللّه (صلى الله عليه واله) في دعائه :
«اللهم إنى أسألك الرضاء بعد القضاء ، و برد العيش بعد الموت ، و لذة النظر الى وجهك الكريم ، و شوقا إلى لقائك».يتبع
والعجب ممن أنكر حقيقة الشوق إلى اللّه - سبحانه- لانكاره المحبة له - كما يأتي-، إذ لا يتصور الشوق إلا إلى محبوب ، و قد عرفت ثبوته من حيث النظر و الاعتبار ، و لا ريب في ثبوته أيضا من الآيات و الاخبار: قال اللّه سبحانه : {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا } [الكهف : 110] ، فان الرجاء لا ينفك عن الشوق.
وقال رسول اللّه (صلى الله عليه واله) في دعائه :
«اللهم إنى أسألك الرضاء بعد القضاء ، و برد العيش بعد الموت ، و لذة النظر الى وجهك الكريم ، و شوقا إلى لقائك».يتبع