تأثر المعتزلة برجالات الإمامية (1)
ما أكثر ما ردده الخصوم وما أشاعوه من أخذ الإمامية عن المعتزلة، حتى انخدع بمقولاتهم من ينتسب للتشيع وصار يكرر تلك الأراجيف التي لا تستند لدليل.
لكن هؤلاء بعيدون عن الإنصاف، وقد ارتأيت قلب الطاولة عليهم، وعلى المخدوعين بهم من الشيعة، باثبات تأثر رجالات من كبار المعتزلة باثنين من متكلمي الامامية.
زرارة بن اعين أولا ( ت 150هـ)
يُعد زرارة من كبار رجالات الإمامية الثقات. قال الشيخ النجاشي في فهرست اسماء مصنفي الشيعة ، ص 175 : (زرارة بن أعين بن سنسن مولى لبني عبد الله بن عمرو السمين بن أسعد بن همام بن مرة بن ذهل بن شيبان ، أبو الحسن . شيخ أصحابنا في زمانه ومتقدمهم ، وكان قارئا فقيها متكلما شاعرا أديبا ، قد اجتمعت فيه خلال الفضل والدين ، صادقا فيما يرويه ...)
وقال ابن النديم : ( وزرارة أكبر رجال الشيعة فقها وحديثا ومعرفة بالكلام والتشيع ) فهرست ابن النديم ، ص 276أورد عبد القاهر البغدادي ( ت 429ه) وكذا الإسفراييني ( ت471هـ)
ـــ وكلاهما من علماء الجمهور ـــ نصا يبين تأثير زرارة على معتزلة البصرة.
قال الإسفراييني: ( الزرارية منهم وهم أتباع زرارة بن أعين ... وجرى على قياس قولهم قوم من بصرية القدرية ــــ اي المعتزلة ـــ ، فقالوا كلام الله مخلوق له وإرادته مخلوقة له)
التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين،ج1،ص 40وقال عبد القاهر البغدادي في الفَرق بين الفِرق ، ص 76: ( وعلى منوال هذا الضال ــ أي زرارة حاشاه ــ نسجت القدرية البصرية بحدوث الله وحدوث كلامه)
ومعنى كلام عبد القاهر أن المعتزلة تاثرت بزرارة وأخذت عنه القول بحدوث كلام الله .
ملاحظة : قول عبد القاهر بحدوث الله إما من خطا النساخ أو من خطا المصنف، فلم يقل أحد بحدوث الله والعياذ بالله !
هشام بن الحكم ثانيا (ت 179هـ)
قال الشهرستاني : ( وكان هشام بن الحكم من متكلمي الشيعة وجرت بينه وبين أبي الهذيل مناظرات في علم الكلام)
الملل والنحل ، ج 1 - ص 184وقال : ( وهذا هشام بن الحكم صاحب عور في الأصول لا يجوز ان يغفل عن الزاماته على المعتزلة فإن الرجل وراء ما يلزم به على الخصم ودون ما يظهره من التشبيه وذلك انه الزم العلاف...)
المصدر نفسه ج 1 - ص 185
ذكر المسعودي مناظرة بين هشام وأبي الهذيل العلاف، قال المسعودي في آخرها : ( فانقطع أبو الهذيل ولم يرد جواباً )
مروج الذهب ومعادن الجوهر، ج 4 - ص 22
ما يهمنا هو ما قررده عبد القاهر البغدادي والمفكر النشار من أن كبير المعتزلة في زمانه النظام ( ت 221هـ) وهو شيخ الجاحظ وبعد كبره ــ وبالرغم من خبرته الطويلة ـــ أخذ عن هشام بن الحكم وكان تلميذا عنده !.قال عبد القاهر البغدادي عن النظام: ( وكان في زمان شبابه قد عاشر قوما من الثنوية وقوما من السمنية القائلين بتكافؤ الأدلة وخالط بعد كبره قوما من ملحدة الفلاسفة ثم خالط هشام بن الحكم الرافضي فأخذ عن هشام وعن ملحدة الفلاسفة قوله بابطال الجزء الذي لا يتجزأ ثم بنى عليه قوله بالطفرة التي لم يسبق إليها ...)
الفَرق بين الفِرق ، ص عن 127ليس هذا فحسب !قال المفكر علي سامي النشار ـــ الذي لقبه البعض برئيس الأشاعرة في العصر الحديث ــــ : ( إن هشام بن الحكم كان أكبر شخصية في عصره، ومن أكبر تلامذته النظام فيلسوف المعتزلة الكبير... ويبدو أثر هشام بن الحكم كبير جدا في معظم المذهب النظامي!!)
نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام ج2 ص 72
وقال: ( لقد نفذ ــ أي هشام بن الحكم ــ إلى أعماق المذهب المعتزلي خلال هذا الشيخ الكبير من شيوخ المعتزلة! )
المصدر نفسه، ج2 ص 196لقد ترك هشام آثاره في الاعتزال، فصار يميل إلى بعض آرائه رجالٌ من المعتزلة منهم ابو الحسين البصري. قال الشهرستاني : ( والمتأخرون من المعتزلة مثل القاضي عبد الجبار وغيره انتهجوا طريقة أبي هاشم وخالفه في ذلك أبو الحسين البصري وتصفح أدلة الشيوخ واعترض على ذلك بالتزييف والابطال وانفرد عنهم بمسائل ... وله ميل إلى مذهب هشام بن الحكم ...) الملل والنحل ، ج 1 - ص 85قال الجاحظ مبينا فضل استاذه إبراهيم النظام تلميذ هشام : (ولولا أصحاب إبراهيم وإبراهيم لهلكت العوام من المعتزلة ، فإني أقول : إنه قد أنهج لهم سبلا ، وفتق لهم أمورا ، واختصر لهم أبوابا ظهرت فيها المنفعة ، وشملتهم بها النعمة)
الحيوان ، ج 4 - ص 360
إذن وحسب كلام الجاحظ : لولا النظام ــ الذي تتلمذ على هشام بن الحكم والذي كان أثر هشام بن الحكم عليه كبير جدا كما يقول المفكر الكبير النشار ـــ إذن لهلكت العوام من المعتزلة !
بقلم الأخ مروان خليفات
ما أكثر ما ردده الخصوم وما أشاعوه من أخذ الإمامية عن المعتزلة، حتى انخدع بمقولاتهم من ينتسب للتشيع وصار يكرر تلك الأراجيف التي لا تستند لدليل.
لكن هؤلاء بعيدون عن الإنصاف، وقد ارتأيت قلب الطاولة عليهم، وعلى المخدوعين بهم من الشيعة، باثبات تأثر رجالات من كبار المعتزلة باثنين من متكلمي الامامية.
زرارة بن اعين أولا ( ت 150هـ)
يُعد زرارة من كبار رجالات الإمامية الثقات. قال الشيخ النجاشي في فهرست اسماء مصنفي الشيعة ، ص 175 : (زرارة بن أعين بن سنسن مولى لبني عبد الله بن عمرو السمين بن أسعد بن همام بن مرة بن ذهل بن شيبان ، أبو الحسن . شيخ أصحابنا في زمانه ومتقدمهم ، وكان قارئا فقيها متكلما شاعرا أديبا ، قد اجتمعت فيه خلال الفضل والدين ، صادقا فيما يرويه ...)
وقال ابن النديم : ( وزرارة أكبر رجال الشيعة فقها وحديثا ومعرفة بالكلام والتشيع ) فهرست ابن النديم ، ص 276أورد عبد القاهر البغدادي ( ت 429ه) وكذا الإسفراييني ( ت471هـ)
ـــ وكلاهما من علماء الجمهور ـــ نصا يبين تأثير زرارة على معتزلة البصرة.
قال الإسفراييني: ( الزرارية منهم وهم أتباع زرارة بن أعين ... وجرى على قياس قولهم قوم من بصرية القدرية ــــ اي المعتزلة ـــ ، فقالوا كلام الله مخلوق له وإرادته مخلوقة له)
التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين،ج1،ص 40وقال عبد القاهر البغدادي في الفَرق بين الفِرق ، ص 76: ( وعلى منوال هذا الضال ــ أي زرارة حاشاه ــ نسجت القدرية البصرية بحدوث الله وحدوث كلامه)
ومعنى كلام عبد القاهر أن المعتزلة تاثرت بزرارة وأخذت عنه القول بحدوث كلام الله .
ملاحظة : قول عبد القاهر بحدوث الله إما من خطا النساخ أو من خطا المصنف، فلم يقل أحد بحدوث الله والعياذ بالله !
هشام بن الحكم ثانيا (ت 179هـ)
قال الشهرستاني : ( وكان هشام بن الحكم من متكلمي الشيعة وجرت بينه وبين أبي الهذيل مناظرات في علم الكلام)
الملل والنحل ، ج 1 - ص 184وقال : ( وهذا هشام بن الحكم صاحب عور في الأصول لا يجوز ان يغفل عن الزاماته على المعتزلة فإن الرجل وراء ما يلزم به على الخصم ودون ما يظهره من التشبيه وذلك انه الزم العلاف...)
المصدر نفسه ج 1 - ص 185
ذكر المسعودي مناظرة بين هشام وأبي الهذيل العلاف، قال المسعودي في آخرها : ( فانقطع أبو الهذيل ولم يرد جواباً )
مروج الذهب ومعادن الجوهر، ج 4 - ص 22
ما يهمنا هو ما قررده عبد القاهر البغدادي والمفكر النشار من أن كبير المعتزلة في زمانه النظام ( ت 221هـ) وهو شيخ الجاحظ وبعد كبره ــ وبالرغم من خبرته الطويلة ـــ أخذ عن هشام بن الحكم وكان تلميذا عنده !.قال عبد القاهر البغدادي عن النظام: ( وكان في زمان شبابه قد عاشر قوما من الثنوية وقوما من السمنية القائلين بتكافؤ الأدلة وخالط بعد كبره قوما من ملحدة الفلاسفة ثم خالط هشام بن الحكم الرافضي فأخذ عن هشام وعن ملحدة الفلاسفة قوله بابطال الجزء الذي لا يتجزأ ثم بنى عليه قوله بالطفرة التي لم يسبق إليها ...)
الفَرق بين الفِرق ، ص عن 127ليس هذا فحسب !قال المفكر علي سامي النشار ـــ الذي لقبه البعض برئيس الأشاعرة في العصر الحديث ــــ : ( إن هشام بن الحكم كان أكبر شخصية في عصره، ومن أكبر تلامذته النظام فيلسوف المعتزلة الكبير... ويبدو أثر هشام بن الحكم كبير جدا في معظم المذهب النظامي!!)
نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام ج2 ص 72
وقال: ( لقد نفذ ــ أي هشام بن الحكم ــ إلى أعماق المذهب المعتزلي خلال هذا الشيخ الكبير من شيوخ المعتزلة! )
المصدر نفسه، ج2 ص 196لقد ترك هشام آثاره في الاعتزال، فصار يميل إلى بعض آرائه رجالٌ من المعتزلة منهم ابو الحسين البصري. قال الشهرستاني : ( والمتأخرون من المعتزلة مثل القاضي عبد الجبار وغيره انتهجوا طريقة أبي هاشم وخالفه في ذلك أبو الحسين البصري وتصفح أدلة الشيوخ واعترض على ذلك بالتزييف والابطال وانفرد عنهم بمسائل ... وله ميل إلى مذهب هشام بن الحكم ...) الملل والنحل ، ج 1 - ص 85قال الجاحظ مبينا فضل استاذه إبراهيم النظام تلميذ هشام : (ولولا أصحاب إبراهيم وإبراهيم لهلكت العوام من المعتزلة ، فإني أقول : إنه قد أنهج لهم سبلا ، وفتق لهم أمورا ، واختصر لهم أبوابا ظهرت فيها المنفعة ، وشملتهم بها النعمة)
الحيوان ، ج 4 - ص 360
إذن وحسب كلام الجاحظ : لولا النظام ــ الذي تتلمذ على هشام بن الحكم والذي كان أثر هشام بن الحكم عليه كبير جدا كما يقول المفكر الكبير النشار ـــ إذن لهلكت العوام من المعتزلة !
بقلم الأخ مروان خليفات
تعليق