المَرجَعيَّةُ الدِّينيَّةُ العُليَا الشَرِيفَةُ : - تُحذّرُ مِن العُنفِ الذي يُهدِّدُ السِلمَ الاجتماعيَّ والمنظومةَ الأخلاقيَّةَ ، وخاصةً العُنف العشائري - وتعتبره مُنافياً للدّين والأخلاق والعُرف ومُقتضى الانتماء للوطن :
إخوتي أخواتي نعرضُ عليكم مِن الظواهر الاجتماعيّة التي تُهدّد السِلمَ الاجتماعيَّ والمنظومةَ الأخلاقيَّةَ نموذجَ العنف .
( مُقدّمَةٌ ) : - إنَّ الفردَ والمجتمعَ الإنساني يتعرَّضَ لتجاذبات وتنازعات في خضمّ مجالات الحياة اليوميّة – نتيجة الاختلاط والنشاط ، ويواجه مجموعةً من السلوكيات – بعضها ممدوحٌ ، وبعضها مذموم ، بحسب طبيعة الحياة اليوميّة ، ومِن هذه السلوكيات العنف ، والذي يُشكّلُ خطراً كبيراً على السِلمِ الاجتماعي والمنظومة الأخلاقيّة – نعم هناك حالات فرديّة عنفيّة ، ولكنّها تفرز وتولّد تداعيات تُهدّدُ الاستقرارَ ، وتتحوّل إلى ظاهرة مجتمعيّة فيما بعد.
:: العنفُ يختلفُ بأشكاله في مختلف مجالات الحياة ، وقد يتحوّلُ إلى سلوك عدوانيّ وتعدّي وظلم وتجاوز على حقوق الآخرين.
:: إنَّ العنفَ والخشونة مذمومان ، وينبغي التفريق بينه وبين حالات الدّفاع عن الدّين والمُقدّساتِ والأعراض وتحصيل الحقوق المشروعة ، وهذه حالات ليست بمذمومة ، ولكنّها مشروطةٌ بأن تكون ضمنَ الضوابط الشرعيّة والأخلاقيّة.
:: القاعدة العامة والأصل في التعامل الإنساني هي السِلم والرفق واحترام حقوق الآخرين ، وبحسبِ تتبّع الآياتِ القرآنيّةَ الكريمة والأحاديث الشريفة والسيرة العمليّة للأئمة الأطّهارِ نجد ذلك جليّاً سلوكاً وموقفا.
فعن النبي الأكرم ،صلى الله عليه وآله ، أنَّ قال : ( مَن أُعطيَ حظه مِن الرفق أُعطيَ حظه من خير الدنيا والآخرة )
: ميزان الحكمة ، الريشهري ، ج2 ، ص 1102.
:: ينبغي بنا أن نعتبرَ بالموقف والتعاطي من قبل المعصومين ، عليهم السلام ، مع الأشخاص الذين يسيئون إليهم ، ونذكرُ لكم تعامل الإمام موسى الكاظم ، عليه السلام ، مع شخص كان يسبّه ويؤذيه ، ولنرى كيف أنَّ الإمامَ رفض من أصحابه طريقة تعاملهم مع ذلك الشخص ، وقد تعامل معه بالرفق واللين والتلطّف ، بحيث ركبَ على بغلته ، وذهب بنفسه إليه ، رغم كلّ التجاوزات التي صدرت من ذلك الشخص – فحاوره الإمام بطلف وأكرمه وأعطاه مالاً ، فتغيَّرَ – وهذه رسالةٌ يُربينا عليها الإمام ، عليه السلام ، في طريقة الإصلاح ومعالجة الموقف اجتماعيّاً وأخلاقيّاً .- وهكذا هُم، عليهم السلام ، يُربونا بلسان الحال وبلسان المقال ويهدونا للتعامل الحسن.
:: ( أنواع العنف ) ::
:1:- العنف الاجتماعي :- وهنا يلجأ بعض الناس إلى هذا العنف باستخدام القسوة في التعامل ، والاعتداء على الآخرين – وهو ما نلاحظه كثيراً عندنا – وهذا أمر مذموم شرعاً – إذ الإسلام يدعو إلى حلّ النزاعات بالتفاهم والحوار والجلوس مع المُختَلَف معه ، وبالعنف تتعقّد الأمور وتتولّد الأحقاد ويتزايد العدوان.
:2:- العُنف السياسي :- وهذا العنف يُستخدمُ بوسائل غير مشروعة لتحقيق أهدافٍ سياسيّة – وذلك من خلال الطعن بالسيرة الذاتيّة و التسقيط الاعتباري للشخصيّة اجتماعيّاً ، والحال أنَّ المطلوب هو العمل لخدمة الناس وإدارة أمور البلاد بطرق صحيحةٍ .
:3:- العنف الأُسري :- ويتمثّل هذا الأسلوب بالتأنيب والخشونة والقساوة في التعامل داخل الأسرة ، على مستوى تعامل الزوج مع زوجته ، أو الأب مع أولاده ، وإنَّ هذا اللون من العنف ليس أسلوباً تربويّاً صحيحاً – بل المطلوب الرفق واللين – والشارع يرفض ضرب الزوج لزوجته - وهو عنف شائع ينبغي تجنّبه.
:4:- العنف في أسلوب التخاطب والحوار ووسائل التواصل الاجتماعي والكتابة ، والمراسلة ، والكلام مع بعضنا البعض – وهو أسلوب غير صحيح ومذموم – والمطلوب التعامل بأسلوب يقوم على الاحترام وحفظ كرامة الآخر ، من غير قوّة وخشونة – قال تعالى : ((فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ ))(159) آل عمران.
إنَّ أسلوب الحوار والإقناع والتفاهم واللين هو الذي يحلّ المشاكل ويُقرّبُ القلوبَ ، ويحفظ كرامة واحترام الآخرين – بخلاف التعدّي والشتم والسب فإنّه يُبعِّد عن الحلّ .
:5:- العنف في الدّعوة وأساليب التغيير الاعتقادي والأخلاقي :- إنَّ الإسلام يدعو إلى اعتماد الأسلوب الحسن في الدّعوة ، ولا يرضى أبداً بالتجاوز على الآخرين بالخشونة والإهانة – بل يدعو للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة .
:6:- العنف العشائري :- وهو من أخطر الأنواع التي تُهدّدُ الاستقرار الاجتماعي والسِلمَ الأهلي – ونُلاحظه بكثرة عند بعض العشائر – والتي تتقاتل لأسباب بسيطة – وتحكم بما ( ما أنزل اللهُ به من سلطان) وبما يُخالف الدّين والعرف والأخلاق ومقتضى الانتماء للوطن والبلد – وخاصة بما يُسمّى ب ( أساليب الجِلوَة ) :- وهي إجلاء لمجموعة من العوائل من مناطق سكناهم ، بسبب النزاعات ، وهذه مخالفات لا يقبل بها الشرعُ الإسلامي ولا العرف ولا الأخلاق .
والمواطنون يشكون من ذلك ، فضلاً عن ظاهرة ( النهوة ) ومنع المرأة من التزوّج – وكذلك أساليب ( مطلوب دّم )- فهذه ليس من الإسلام في شيء ، وتُنافي الأخلاقَ والانتماءَ للوطن.
:: وهنا نُجدّدُ دعوتنا السابقة للعشائر العراقيّة الكريمة ، ونعني بعضها :- بالكفِّ التّامِ عن جميع الممارسات المُخالفة للتعاليم الشرعيّة والأخلاقيّة والوطنيّة – فهذه الأمور تُمثّلُ ظلماً فاحشاً للآخرين – واللهُ اللهُ في حفظِ حُرمات المواطنين ، وعدم التعدّي عليهم بغير حقّ ::
_____________________________________________
أهمُّ مَا جَاءَ في خِطَابِ المَرجَعيَّةِ الدِّينيّةِ العُليَا الشَريفَةِ, اليَوم, الجُمْعَة – التاسع والعشرون من ربيع الأوّل 1440هجري – السابع من كانون الأوّل - 2018م – وعَلَى لِسَانِ وَكيلِهَا الشَرعي ، سماحة الشيخ عبد المَهدي الكربلائي، دامَ عِزّه ، خَطيب وإمَام الجُمعَةِ فِي الحَرَمِ الحُسَيني المُقَدّسِ :::
_________________________________________
تدوين – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشْرَفُ –
- كَتَبْنَا بقَصدِ القُربَةِ للهِ تبارك وتعالى , رَاجينَ القَبولَ والنَفعَ العَامَّ, ونسألَكُم الدُعَاءَ.
___________________________________________
إخوتي أخواتي نعرضُ عليكم مِن الظواهر الاجتماعيّة التي تُهدّد السِلمَ الاجتماعيَّ والمنظومةَ الأخلاقيَّةَ نموذجَ العنف .
( مُقدّمَةٌ ) : - إنَّ الفردَ والمجتمعَ الإنساني يتعرَّضَ لتجاذبات وتنازعات في خضمّ مجالات الحياة اليوميّة – نتيجة الاختلاط والنشاط ، ويواجه مجموعةً من السلوكيات – بعضها ممدوحٌ ، وبعضها مذموم ، بحسب طبيعة الحياة اليوميّة ، ومِن هذه السلوكيات العنف ، والذي يُشكّلُ خطراً كبيراً على السِلمِ الاجتماعي والمنظومة الأخلاقيّة – نعم هناك حالات فرديّة عنفيّة ، ولكنّها تفرز وتولّد تداعيات تُهدّدُ الاستقرارَ ، وتتحوّل إلى ظاهرة مجتمعيّة فيما بعد.
:: العنفُ يختلفُ بأشكاله في مختلف مجالات الحياة ، وقد يتحوّلُ إلى سلوك عدوانيّ وتعدّي وظلم وتجاوز على حقوق الآخرين.
:: إنَّ العنفَ والخشونة مذمومان ، وينبغي التفريق بينه وبين حالات الدّفاع عن الدّين والمُقدّساتِ والأعراض وتحصيل الحقوق المشروعة ، وهذه حالات ليست بمذمومة ، ولكنّها مشروطةٌ بأن تكون ضمنَ الضوابط الشرعيّة والأخلاقيّة.
:: القاعدة العامة والأصل في التعامل الإنساني هي السِلم والرفق واحترام حقوق الآخرين ، وبحسبِ تتبّع الآياتِ القرآنيّةَ الكريمة والأحاديث الشريفة والسيرة العمليّة للأئمة الأطّهارِ نجد ذلك جليّاً سلوكاً وموقفا.
فعن النبي الأكرم ،صلى الله عليه وآله ، أنَّ قال : ( مَن أُعطيَ حظه مِن الرفق أُعطيَ حظه من خير الدنيا والآخرة )
: ميزان الحكمة ، الريشهري ، ج2 ، ص 1102.
:: ينبغي بنا أن نعتبرَ بالموقف والتعاطي من قبل المعصومين ، عليهم السلام ، مع الأشخاص الذين يسيئون إليهم ، ونذكرُ لكم تعامل الإمام موسى الكاظم ، عليه السلام ، مع شخص كان يسبّه ويؤذيه ، ولنرى كيف أنَّ الإمامَ رفض من أصحابه طريقة تعاملهم مع ذلك الشخص ، وقد تعامل معه بالرفق واللين والتلطّف ، بحيث ركبَ على بغلته ، وذهب بنفسه إليه ، رغم كلّ التجاوزات التي صدرت من ذلك الشخص – فحاوره الإمام بطلف وأكرمه وأعطاه مالاً ، فتغيَّرَ – وهذه رسالةٌ يُربينا عليها الإمام ، عليه السلام ، في طريقة الإصلاح ومعالجة الموقف اجتماعيّاً وأخلاقيّاً .- وهكذا هُم، عليهم السلام ، يُربونا بلسان الحال وبلسان المقال ويهدونا للتعامل الحسن.
:: ( أنواع العنف ) ::
:1:- العنف الاجتماعي :- وهنا يلجأ بعض الناس إلى هذا العنف باستخدام القسوة في التعامل ، والاعتداء على الآخرين – وهو ما نلاحظه كثيراً عندنا – وهذا أمر مذموم شرعاً – إذ الإسلام يدعو إلى حلّ النزاعات بالتفاهم والحوار والجلوس مع المُختَلَف معه ، وبالعنف تتعقّد الأمور وتتولّد الأحقاد ويتزايد العدوان.
:2:- العُنف السياسي :- وهذا العنف يُستخدمُ بوسائل غير مشروعة لتحقيق أهدافٍ سياسيّة – وذلك من خلال الطعن بالسيرة الذاتيّة و التسقيط الاعتباري للشخصيّة اجتماعيّاً ، والحال أنَّ المطلوب هو العمل لخدمة الناس وإدارة أمور البلاد بطرق صحيحةٍ .
:3:- العنف الأُسري :- ويتمثّل هذا الأسلوب بالتأنيب والخشونة والقساوة في التعامل داخل الأسرة ، على مستوى تعامل الزوج مع زوجته ، أو الأب مع أولاده ، وإنَّ هذا اللون من العنف ليس أسلوباً تربويّاً صحيحاً – بل المطلوب الرفق واللين – والشارع يرفض ضرب الزوج لزوجته - وهو عنف شائع ينبغي تجنّبه.
:4:- العنف في أسلوب التخاطب والحوار ووسائل التواصل الاجتماعي والكتابة ، والمراسلة ، والكلام مع بعضنا البعض – وهو أسلوب غير صحيح ومذموم – والمطلوب التعامل بأسلوب يقوم على الاحترام وحفظ كرامة الآخر ، من غير قوّة وخشونة – قال تعالى : ((فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ ))(159) آل عمران.
إنَّ أسلوب الحوار والإقناع والتفاهم واللين هو الذي يحلّ المشاكل ويُقرّبُ القلوبَ ، ويحفظ كرامة واحترام الآخرين – بخلاف التعدّي والشتم والسب فإنّه يُبعِّد عن الحلّ .
:5:- العنف في الدّعوة وأساليب التغيير الاعتقادي والأخلاقي :- إنَّ الإسلام يدعو إلى اعتماد الأسلوب الحسن في الدّعوة ، ولا يرضى أبداً بالتجاوز على الآخرين بالخشونة والإهانة – بل يدعو للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة .
:6:- العنف العشائري :- وهو من أخطر الأنواع التي تُهدّدُ الاستقرار الاجتماعي والسِلمَ الأهلي – ونُلاحظه بكثرة عند بعض العشائر – والتي تتقاتل لأسباب بسيطة – وتحكم بما ( ما أنزل اللهُ به من سلطان) وبما يُخالف الدّين والعرف والأخلاق ومقتضى الانتماء للوطن والبلد – وخاصة بما يُسمّى ب ( أساليب الجِلوَة ) :- وهي إجلاء لمجموعة من العوائل من مناطق سكناهم ، بسبب النزاعات ، وهذه مخالفات لا يقبل بها الشرعُ الإسلامي ولا العرف ولا الأخلاق .
والمواطنون يشكون من ذلك ، فضلاً عن ظاهرة ( النهوة ) ومنع المرأة من التزوّج – وكذلك أساليب ( مطلوب دّم )- فهذه ليس من الإسلام في شيء ، وتُنافي الأخلاقَ والانتماءَ للوطن.
:: وهنا نُجدّدُ دعوتنا السابقة للعشائر العراقيّة الكريمة ، ونعني بعضها :- بالكفِّ التّامِ عن جميع الممارسات المُخالفة للتعاليم الشرعيّة والأخلاقيّة والوطنيّة – فهذه الأمور تُمثّلُ ظلماً فاحشاً للآخرين – واللهُ اللهُ في حفظِ حُرمات المواطنين ، وعدم التعدّي عليهم بغير حقّ ::
_____________________________________________
أهمُّ مَا جَاءَ في خِطَابِ المَرجَعيَّةِ الدِّينيّةِ العُليَا الشَريفَةِ, اليَوم, الجُمْعَة – التاسع والعشرون من ربيع الأوّل 1440هجري – السابع من كانون الأوّل - 2018م – وعَلَى لِسَانِ وَكيلِهَا الشَرعي ، سماحة الشيخ عبد المَهدي الكربلائي، دامَ عِزّه ، خَطيب وإمَام الجُمعَةِ فِي الحَرَمِ الحُسَيني المُقَدّسِ :::
_________________________________________
تدوين – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشْرَفُ –
- كَتَبْنَا بقَصدِ القُربَةِ للهِ تبارك وتعالى , رَاجينَ القَبولَ والنَفعَ العَامَّ, ونسألَكُم الدُعَاءَ.
___________________________________________
تعليق