إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

موسوعة الامام موسى بن جعفر (الكاظم) صلوات الله عليه

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #11
    المشاركة الأصلية بواسطة صدى المهدي مشاهدة المشاركة
    اللهم صل على محمد وال محمد
    احسنتم البحث الكامل المبارك عن الامام عليه السلام
    ماجورين
    بارك الله بكم


    اللهم صلِ على محمد وآل محمد

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    اختي العزيزة (صدى المهدي)

    احسن الله مقامكم .....

    اجرنا واجركم ..... ويبارك الله بكم ...

    وشكراً على مروركم الجميل ....

    مع تحياتي واحترامي لكم ...
    sigpic

    قال رسول الله (ص):

    (مَن سرَّ مؤمناً ، فقد سرّني ، ومن سرَّني فقد سرّ الله )



    صدق رسول الله

    تعليق


    • #12
      المشاركة الأصلية بواسطة روضة الزهراء مشاهدة المشاركة
      في تكلمه بالفارسية
      - قرب الإسناد : محمد بن خالد الطيالسي ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير عن أبي الحسن الماضي قال : دخلت عليه فقلت له : جعلت فداك بم يعرف الامام ؟ فقال : بخصال أما أولهن فشئ تقدم من أبيه فيه ، وعرفه الناس ، ونصبه لهم علما ، حتى يكون حجة عليهم ، لان رسول الله صلى الله عليه وآله نصب عليا علما وعرفه الناس ، وكذلك الأئمة يعرفونهم الناس ، وينصبونهم لهم حتى يعرفوه ويسأل فيجيب ، ويسكت عنه فيبتدي ويخبر الناس بما في غد ، ويكلم الناس بكل لسان ، فقال لي : يا أبا محمد الساعة قبل أن تقوم أعطيك علامة تطمئن إليها . فوالله ما لبثت أن دخل علينا رجل من أهل خراسان فتكلم الخراساني بالعربية فأجابه هو بالفارسية ، فقال له الخراساني : أصلحك الله ما منعني أن أكلمك بكلامي إلا أني ظننت أنك لا تحسن ، فقال : سبحان الله إذا كنت لا أحسن أجيبك فما فضلي عليك ، ثم قال : يا أبا محمد إن الامام لا يخفى عليه كلام أحد من الناس ولا طير ولا بهيمة ، ولا شئ فيه روح ، بهذا يعرف الامام ، فإن لم يكن فيه هذه الخصال فليس هو بإمام .- قرب الإسناد : محمد بن عيسى ، عن حماد بن عيسى قال : دخلت على أبي الحسن موسى بن جعفر بالبصرة فقلت له : جعلت فداك ادع الله تعالى أن يرزقني دارا ، وزوجة ، وولدا ، وخادما ، والحج في كل سنة ، قال : فرفع يده ثم قال : اللهم صل على محمد وآل محمد وارزق حماد بن عيسى دارا وزوجة وولدا وخادما والحج خمسين سنة قال حماد : فلما اشترط خمسين سنة علمت أني لا أحج أكثر من خمسين سنة ، قال حماد : وقد حججت ثمانية وأربعين سنة ، وهذه داري قد رزقتها ، وهذه زوجتي وراء الستر تسمع كلامي ، وهذا ابني ، وهذه خادمي وقد رزقت كل ذلك ، فحج بعد هذا الكلام حجتين تمام الخمسين ، ثم خرج بعد الخمسين حاجا فزامل أبا العباس النوفلي فلما صار في موضع الاحرام دخل يغتسل فجاء الوادي فحمله فغرق ، فمات رحمنا الله وإياه قبل أن يحج زيادة على الخمسين وقبره بسيالة .
      - الخرائج : أحمد بن هلال ، عن أمية بن علي القيسي قال : دخلت أنا وحماد ابن عيسى على أبي جعفر بالمدينة لنودعه فقال لنا : لا تخرجا أقيما إلى غد قال : فلما خرجنا من عنده ، قال حماد : أنا أخرج فقد خرج ثقلي قلت : أما أنا فأقيم قال : فخرج حماد فجرى الوادي تلك الليلة فغرق فيه وقبره بسيالة .
      - بصائر الدرجات : أحمد بن محمد ، عن القاسم ، عن جده ، عن يعقوب بن إبراهيم الجعفري قال : سمعت إبراهيم بن وهب وهو يقول : خرجت وأنا أريد أبا الحسن بالعريض فانطلقت حتى أشرفت على قصر بني سراة ثم انحدرت الوادي فسمعت صوتا لا أرى شخصه وهو يقول : يا أبا جعفر صاحبك خلف القصر عند السدة فاقرأه مني السلام ، فالتفت فلم أر أحدا ثم رد على الصوت باللفظ الذي كان ، ثم فعل ذلك ثلاثا فاقشعر جلدي ثم انحدرت في الوادي حتى أتيت قصد الطريق الذي خلف القصر ، ولم أطأ في القصر ، ثم أتيت السد نحو السمرات ثم انطلقت قصد الغدير ، فوجدت خمسين حياة روافع من عند الغدير .
      ثم استمعت فسمعت كلاما ومراجعة فطفقت بنعلي ليسمع وطئي ، فسمعت أبا الحسن يتنحنح ، فتنحنحت وأجبته ، ثم هجمت فإذا حية متعلقة بساق شجرة فقال : لا تخشي ولا ضائر ، فرمت بنفسها ، ثم نهضت على منكبه ، ثم أدخلت رأسها في اذنه فأكثرت من الصفير ، فأجاب : بلى قد فصلت بينكم ، ولا يبغي خلاف ما أقول إلا ظالم ، ومن ظلم في دنياه فله عذاب النار في آخرته ، مع عقاب شديد ، أعاقبه إياه وآخذ ماله إن كان له حتى يتوب ، فقلت : بأبي أنت وأمي ألكم عليهم طاعة ؟ فقال : نعم والذي أكرم محمدا صلى الله عليه وآله بالنبوة ، وأعز عليا عليه السلام بالوصية والولاية إنهم لأطوع لنا منكم ، يا معشر الانس وقليل ما هم .
      بيان : روافع بالفاء والعين المهملة أي رافعة رؤوسها أو بالغين المعجمة من الرفغ وهو سعة العيش أي مطمئنة غير خائفة أو بالقاف والمهملة أي ملونة بألوان مختلفة ، و كأنه تصحيف رواتع بالتاء والمهملة أي ترتع حول الغدير ، فطفقت بنعلي أي شرعت أضرب به ، والظاهر بالصاد من الصفق وهو الضرب يسمع له صوت ، لا تخشي ولا ضائر أي لا تخافي فان الرجل لا يضرك ، وفي بعض النسخ لا عسى وكأنه تصحيف ، وقليل ما هم : أي المطيعون من الانس أو من الجن في جنب غيرهم من المخلوقات .
      - بصائر الدرجات : الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن الوشاء ، عن محمد بن علي ، عن خالد الجوان قال : دخلت على أبي الحسن وهو في عرصة داره ، وهو يومئذ بالرميلة فلما نظرت إليه قلت : بأبي أنت وأمي يا سيدي ! مظلوم ، مغصوب مضطهد - في نفسي - ثم دنوت منه ، فقبلت ما بين عينيه ، وجلست بين يديه ، فالتفت إلي فقال : يا ابن خالد نحن أعلم بهذا الامر ، فلا تتصور هذا في نفسك قال : قلت : جعلت فداك والله ما أردت بهذا شيئا قال : فقال : نحن أعلم بهذا الامر من غيرنا لو أردنا أزف إلينا ، وإن لهؤلاء القوم مدة وغاية لا بد من الانتهاء إليها قال : فقلت : لا أعود أصير في نفسي شيئا أبدا قال : فقال : لا تعد أبدا .
      - الخرائج : عن المعلى مثله . بيان : قوله في نفسي متعلق بقوله قلت [ أي قلت ] في نفسي وفي الخرائج : قلت في نفسي مظلوم وفيه : لو أردناه لرد إلينا .
      - قصص الأنبياء : بالاسناد إلى الصدوق ، عن ماجيلويه ، عن عمه ، عن الكوفي ، عن شريف بن سابق ، عن أسود بن رزين القاضي قال : دخلت على أبي الحسن الأول ، ولم يكن رآني قط ، فقال : من أهل السد أنت ؟ فقلت : من أهل الباب ، فقال الثانية : من أهل السد ؟ قلت : من أهل الباب قال : من أهل السد أنت ؟ قلت : نعم ، قال : ذاك السد الذي عمله ذو القرنين .
      - بصائر الدرجات : أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن بعض أصحابنا قال : دخلت على أبي الحسن الماضي وهو محموم ، ووجهه إلى الحائط فتناول بعض أهل بيته يذكره ، فقلت في نفسي : هذا خير خلق الله في زمانه ، يوصينا بالبر ويقول في رجل من أهل بيته هذا القول ؟ ! ! قال : فحول وجهه فقال : إن الذي سمعت من البر ، إني إذا قلت هذا لم يصدقوا قوله ، وإن لم أقل هذا صدقوا قوله علي .
      - بصائر الدرجات : الهيثم النهدي ، عن إسماعيل بن سهل ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم قال : دخلت على عبد الله بن جعفر ، وأبو الحسن في المجلس قدامه مرآة وآلتها ، مردى بالرداء ، موزرا ، فأقبلت على عبد الله فلم أزل أسائله ، حتى جرى ذكر الزكاة فسألته فقال : تسألني عن الزكاة ! ؟ من كانت عنده أربعون درهما ففيها درهم ، قال : فاستشعرته وتعجبت منه ، فقلت له : أصلحك الله قد عرفت مودتي لأبيك وانقطاعي إليه ، وقد سمعت منه كتبا فتحب أن آتيك بها ؟ قال : نعم بنو أخ ، ائتنا فقمت مستغيثا برسول الله ، فأتيت القبر فقلت : يا رسول الله إلى من ؟ إلى القدرية ، إلى الحرورية إلى المرجئة إلى الزيدية ، قال : فإني كذلك إذا أتاني غلام صغير دون الخمس فجذب ثوبي فقال لي : أجب ! قلت : من ؟ قال : سيدي موسى بن جعفر ، فدخلت إلى صحن الدار ، فإذا هو في بيت وعلية كلة فقال : يا هشام قلت : لبيك فقال لي : لا إلى المرجئة ولا إلى القدرية ، ولكن إلينا ثم دخلت عليه .
      - بصائر الدرجات : أحمد بن محمد ، عن الأهوازي ، عن ابن أبي عمير ، عن سالم مولى علي بن يقطين ، عن علي بن يقطين قال : أردت أن أكتب إليه أسأله يتنور الرجل وهو جنب ؟ قال : فكتب إلي ابتداءا : النورة تزيد الجنب نظافة ، ولكن لا يجامع الرجل مختضبا ولا تجامع مرأة مختضبة .
      - بصائر الدرجات : ابن يزيد ، عن محمد بن الحسن بن زياد ، عن الحسن الواسطي ، عن هشام بن سالم قال : لما دخلت إلى عبد الله بن أبي عبد الله فسألته فلم أر عنده شيئا فدخلني من ذلك ما الله به عليم وخفت أن لا يكون أبو عبد الله ترك خلفا فأتيت قبر النبي ، فجلست عند رأسه أدعو الله ، وأستغيث به ، ثم فكرت فقلت : أصير إلى قول الزنادقة ، ثم فكرت فيما يدخل عليهم ورأيت قولهم يفسد ، ثم قلت : لا بل قول الخوارج فأمر بالمعروف وأنهى عن المنكر ، وأضرب بسيفي حتى أموت ثم فكرت في قولهم ، وما يدخل عليهم ، فوجدته يفسد . ثم قلت : أصير إلى المرجئة ثم فكرت فيما يدخل عليهم ، فإذا قولهم يفسد فبينا أنا أفكر في نفسي ، وأمشي إذ مر بي بعض موالي أبي عبد الله فقال لي : أتحب أن أستأذن لك على أبي الحسن ؟ فقلت : نعم ، فذهبت فلم يلبث أن عاد إلي فقال : قم وادخل عليه ، فلما نظر إلي أبو الحسن فقال لي مبتدءا : يا هشام لا إلى الزنادقة ، ولا إلى الخوارج ، ولا إلى المرجئة ، ولا إلى القدرية ولكن إلينا ، قلت : أنت صاحبي ، ثم سألته فأجابني عما أردت .
      - بصائر الدرجات : إبراهيم بن إسحاق ، عن محمد بن فلان الرافعي قال : كان لي ابن عم يقال له الحسن بن عبد الله ، وكان زاهدا ، وكان من أعبد أهل زمانه ، وكان يلقاه السلطان ، وربما استقبل السلطان بالكلام الصعب ، يعظه ويأمر بالمعروف وكان السلطان يحتمل له ذلك ، لصلاحه ، فلم يزل هذه حاله ، حتى كان يوما دخل أبو الحسن موسى المسجد فرآه فأدنى إليه ثم قال له : يا أبا علي ما أحب إلي ما أنت فيه ، وأسرني بك إلا أنه ليست لك معرفة فاذهب فاطلب المعرفة قال : جعلت فداك ، وما المعرفة ؟ قال له : اذهب وتفقه واطلب الحديث قال : عمن ؟ قال : عن أنس بن مالك ، وعن فقهاء أهل المدينة ، ثم أعرض الحديث علي .
      قال : فذهب فتكلم معهم ، ثم جاءه فقرأه عليه فأسقطه كله ثم قال له : اذهب واطلب المعرفة ، وكان الرجل معنيا بدينه ، فلم يزل يترصد أبا الحسن حتى خرج إلى ضيعة له فتبعه ولحقه في الطريق ، فقال له : جعلت فداك إني أحتج عليك بين يدي الله ، فدلني على المعرفة قال : فأخبره بأمير المؤمنين وقال له : كان أمير المؤمنين بعد رسول الله ، وأخبره بأمر أبي بكر وعمر ، فقبل منه ثم قال : فمن كان بعد أمير المؤمنين ؟ قال : الحسن ثم الحسين حتى انتهى إلى نفسه ، ثم سكت .
      قال : جعلت فداك فمن هو اليوم ؟ قال : إن أخبرتك تقبل ؟ قال : بلى جعلت فداك فقال : أنا هو قال : جعلت فداك فشئ أستدل به قال : اذهب إلى تلك الشجرة وأشار إلى أم غيلان فقل لها : يقول لك موسى بن جعفر أقبلي قال : فأتيتها قال : فرأيتها والله تجب الأرض جبوبا حتى وقفت بين يديه ، ثم أشار إليها فرجعت قال : فأقر به ثم لزم السكوت ، فكان لا يراه أحد يتكلم بعد ذلك وكان من قبل ذلك يرى الرؤيا الحسنة ، ويرى له ثم ! انقطعت عنه الرؤيا فرأى ليلة أبا عبد الله فيما يرى النائم فشكا إليه انقطاع الرؤيا فقال : لا تغتم فان المؤمن إذا رسخ في الايمان رفع عنه الرؤيا .
      بيان : معنيا بفتح الميم وسكون العين وتشديد الياء أي ذا عناية واهتمام بدينه قوله : تجب الأرض جبوبا كذا في ير وفي سائر الكتب تخد الأرض خدا والجب القطع والخد إحداث الحفرة المستطيلة في الأرض .
      - بصائر الدرجات : محمد بن عيسى ، عن الوشاء ، عن هشام قال : أردت شرى جارية بثمن ، وكتبت إلى أبي الحسن أستشيره في ذلك فأمسك فلم يجبني فاني من الغد عند مولى الجارية إذ مر بي وهي جالسة عند جوار فصرت بتجربة الجارية فنظر إليها ، قال ثم رجع إلى منزله ، فكتب إلي : لا بأس إن لم يكن في عمرها قلة قال : فأمسكت عن شرائها فلم أخرج من مكة حتى ماتت .
      - بصائر الدرجات : معاوية بن حكيم ، عن جعفر بن محمد بن يونس ، عن عبد الرحمان ابن الحجاج قال : استقرض أبو الحسن عن شهاب بن عبد ربه قال : وكتب كتابا ووضع على يدي عبد الرحمان بن الحجاج وقال : إن حدث بي حدث فخرقه قال عبد الرحمان : فخرجت من مكة فلقيني أبو الحسن فأرسل إلي بمنى فقال لي : يا عبد الرحمان خرق الكتاب قال : ففعلت ، وقدمت الكوفة فسألت عن شهاب ، فإذا هو قد مات في وقت لم يمكن فيه بعث الكتاب .
      - بصائر الدرجات : عبد الله بن محمد ، عن إبراهيم بن محمد ، عن علي بن معلى ، عن ابن أبي حمزة ، عن سيف بن عميرة ، عن إسحاق بن عمار قال : سمعت العبد الصالح أبا الحسن ينعى إلى رجل نفسه ، فقلت في نفسي : وإنه ليعلم متى يموت الرجل من شيعته ؟ فقال شبه المغضب : يا إسحاق قد كان رشيد الهجري يعلم علم المنايا والبلايا فالامام أولى بذلك .
      - بصائر الدرجات : عثمان بن عيسى ، عن خالد قال : كنت مع أبي الحسن بمكة فقال : من ههنا من أصحابكم ؟ فعددت عليه ثمانية أنفس ، فأمر باخراج أربعة وسكت عن أربعة فما كان إلا يومه ومن الغد حتى مات الأربعة ، فسلموا .
      - بصائر الدرجات : جعفر بن إسحاق بن سعد ، عن عثمان بن عيسى ، عن خالد بن نجيح عن أبي الحسن قال : قال لي : افرغ فيما بينك ، وبين من كان له معك عمل في سنة أربع وسبعين ومائة حتى يجيئك كتابي ، وانظر ما عندك فابعث به إلي ، ولا تقبل من أحد شيئا ، وخرج إلى المدينة ، وبقي خالد بمكة خمسة عشر يوما ثم مات .
      - بصائر الدرجات : الحسن بن علي بن معاوية ، عن إسحاق قال : كنت عند أبي الحسن ودخل عليه رجل فقال له أبو الحسن : يا فلان إنك تموت إلى شهر قال : فأضمرت في نفسي كأنه يعلم آجال شيعته ! قال : فقال : يا إسحاق وما تنكرون من ذلك ؟ ! وقد كان رشيد الهجري مستضعفا وكان يعلم علم المنايا والبلايا فالامام أولى بذلك ، ثم قال : يا إسحاق تموت إلى سنتين ويتشتت أهلك وولدك وعيالك ، وأهل بيتك ، ويفلسون إفلاسا شديدا .
      - بصائر الدرجات : أحمد بن الحسين ، عن الحسن بن بره ، عن عثمان بن عيسى ، عن الحارث بن المغيرة النضري قال : دخلت على أبي الحسن سنة الموت بمكة وهي سنة أربع وسبعين ومائة فقال لي : من ههنا من أصحابكم مريض ؟ فقلت : عثمان بن عيسى من أوجع الناس ، فقال : قل له : يخرج ، ثم قال : من ههنا فعددت عليه ثمانية ، فأمر باخراج أربعة وكف عن أربعة ، فما أمسينا من غد حتى دفنا الأربعة الذين كف عن إخراجهم ، فقال عثمان : وخرجت أنا فأصبحت معافى .
      - بصائر الدرجات : أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن علي بن المغيرة قال : مر العبد الصالح بامرأة بمنى ، وهي تبكي ، وصبيانها حولها يبكون ، وقد ماتت بقرة لها ، فدنا منها ثم قال لها : ما يبكيك يا أمة الله ؟ قالت : يا عبد الله إن لي صبيانا أيتاما فكانت لي بقرة ، معيشتي ومعيشة صبياني كان منها ، فقد ماتت و بقيت منقطعة بي وبولدي ، ولا حيلة لنا ، فقال لها : يا أمة الله هل لك أن أحييها لك قال : فألهمت أن قالت : نعم يا عبد الله قال : فتنحى ناحية فصلى ركعتين ، ثم رفع يديه يمنة وحرك شفتيه ، ثم قام فمر بالبقرة فنخسها نخسا أو ضربها برجله فاستوت على الأرض قائمة ، فلما نظرت المرأة إلى البقرة قد قامت ، صاحت : عيسى ابن مريم ورب الكعبة قال : فخالط الناس ، وصار بينهم ، ومضى بينهم ، صلى الله عليه وعلى آبائه الطاهرين .
      - بصائر الدرجات : أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن حماد بن عبد الله الفرا ، عن معتب أنه أخبره أن أبا الحسن الأول لم يكن يرى له ولد ، فأتاه يوما إسحاق ومحمد أخواه ، وأبو الحسن يتكلم بلسان ليس بعربي ، فجاء غلام سقلابي فكلمه بلسانه فذهب فجاء بعلي ابنه فقال لاخوته : هذا علي ابني فضموه إليه واحدا بعد واحد فقبلوه ، ثم كلم الغلام بلسانه فحمله فذهب فجاء بإبراهيم فقال ابني ثم كلمه بكلام فحمله فذهب ، فلم يزل يدعو بغلام بعد غلام ويكلمهم حتى جاء خمسة أولاد ، والغلمان مختلفون في أجناسهم وألسنتهم .
      علمه بكلام الطير
      - بصائر الدرجات : عبد الله بن محمد ، عن محمد بن إبراهيم ، عن عمر ، عن بشير ، عن علي ابن أبي حمزة قال : دخل رجل من موالي أبي الحسن فقال : جعلت فداك أحب أن تتغدى عندي فقام أبو الحسن عليه السلام حتى مضى معه فدخل البيت فإذا في البيت سرير فقعد على السرير وتحت السرير زوج حمام .فهدر الذكر على الأنثى وذهب الرجل ليحمل الطعام فرجع وأبو الحسن يضحك فقال : أضحك الله سنك بم ضحكت ؟ فقال : إن هذا الحمام هدر على هذه الحمامة فقال لها يا سكنى وعرسي والله ما على وجه الأرض أحد أحب إلي منك ما خلا هذا القاعد على السرير قال : قلت : جعلت فداك وتفهم كلام الطير ؟ فقال : نعم علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شئ .
      - بصائر الدرجات : الحسين بن محمد القاساني ، عن أبي الأعوص داود بن أسد المصري عن محمد بن الحسن بن جميل ، عن أحمد بن هارون بن موفق - وكان هارون بن موفق مولى أبي الحسن - قال : أتيت أبا الحسن لأسلم عليه فقال لي : اركب ندور في أموالنا فأتيت فازة لي قد ضربت على جدول ماء كان عنده خضرة فاستنزه ذلك فضربت له الفازة فجلست حتى أتى على فرس له فقبلت فخذه ونزل فأمسكت ركابه وأهويت لآخذ العنان فأبى ، وأخذه هو وأخرجه من رأس الدابة ، وعلقه في طنب من أطناب الفازة ، فجلس وسألني عن مجيئي وذلك عند المغرب ، فأعلمت بمجيئي من القصر ، إلى أن حمحم الفرس فضحك ونطق بالفارسية وأخذ بعرفها فقال : اذهب قبل ، فرفع رأسه فنزع العنان ومر يتخطى الجداول والزرع إلى براح حتى بال ورجع فنظر إلي فقال : إنه لم يعط داود وآل داود شيئا إلا وقد أعطي محمد وآل محمد أكثر منه .
      بيان : الفازة مظلة بعمودين قوله : فاستنزه أي وجده نزها ولعله رآه ومضى ثم رجع ، ولا يبعد أن يكون تصحيف فاستنزهت ، والحمحمة صوت البرذون عند الشعير .
      - مناقب ابن شهرآشوب * الإرشاد * الخرائج : البطايني قال : خرج موسى بن جعفر في بعض الأيام من المدينة إلى ضيعة له خارجة عنها فصحبته وكان راكبا بغلة وأنا على حمار ، فلما صرنا في بعض الطريق اعترضنا أسد فأحجمت خوفا وأقدم أبو الحسن غير مكترث به ، فرأيت الأسد يتذلل لأبي الحسن ويهمهم ، فوقف له أبو الحسن كالمصغي إلى همهمته ، ووضع الأسد يده على كفل بغلته ، وخفت من ذلك خوفا عظيما ، ثم تنحى الأسد إلى جانب الطريق وحول أبو الحسن وجهه إلى القبلة و جعل يدعو ثم حرك شفتيه بما لم أفهمه ثم أومأ إلى الأسد بيده أن امض ، فهمهم الأسد همهمة طويلة وأبو الحسن يقول آمين آمين ، وانصرف الأسد حتى غاب عن أعيننا ، ومضى أبو الحسن لوجهه واتبعته .
      فلما بعدنا عن الموضع لحقته فقلت : جعلت فداك ما شأن هذا الأسد فلقد خفته والله عليك وعجبت من شأنه معك ، قال : إنه خرج يشكو عسر الولادة على لبوته وسألني أن أدعو الله ليفرج عنها ففعلت ذلك والقي في روعي أنها ولدت له ذكرا فخبرته بذلك فقال لي : امض في حفظ الله فلا سلط الله عليك وعلى ذريتك وعلى أحد من شيعتك شيئا من السباع فقلت : آمين .
      بيان : أحجم عنه كف أو نكص هيبة ، واللبوة أنثى الأسد .
      - مناقب ابن شهرآشوب : روي عن عيسى شلقان قال : دخلت على أبي عبد الله وأنا أريد أن أسأله عن أبي الخطاب فقال لي مبتدءا من قبل أن أجلس : ما منعك أن تلقى ابني موسى فتسأله عن جميع ما تريد ؟ قال عيسى : فذهبت إلى العبد الصالح و هو قاعد في الكتاب وعلى شفتيه أثر المداد فقال لي مبتدءا : يا عيسى إن الله أخذ ميثاق النبيين على النبوة فلم يتحولوا عنها ، وأخذ ميثاق الوصيين على الوصية فلم يتحولوا عنها أبدا ، وإن قوما إيمانهم عارية ، وإن أبا الخطاب ممن أعير الايمان فسلبه الله إياه ، فضممته إلي وقبلت ما بين عينيه وقلت : ذرية بعضها من بعض .
      ثم رجعت إلى الصادق فقال : ما صنعت ؟ قلت : أتيته فأخبرني مبتدءا من غير أن أسأله عن جميع ما أردت ، فعلمت عند ذلك أنه صاحب هذا الامر ، فقال : يا عيسى إن ابني هذا الذي رأيت لو سألته عما بين دفتي المصحف لأجابك فيه بعلم ثم أخرجه ذلك اليوم من الكتاب .
      - مناقب ابن شهرآشوب * الخرائج : روي عن أحمد بن عمر الحلال قال : سمعت الأخرس يذكر موسى بن جعفر بسوء فاشتريت سكينا وقلت في نفسي والله لأقتلنه إذا خرج للمسجد ، فأقمت على ذلك وجلست فما شعرت إلا برقعة أبي الحسن قد طلعت علي فيها : بحقي عليك لما كففت عن الأخرس فإن الله يغنى وهو حسبي فما بقي أيام إلا ومات .
      - الخرائج : روى إسماعيل بن موسى ، قال : كنا مع أبي الحسن في عمرة فنزلنا بعض قصور الأمراء فأمر بالرحلة فشدت المحامل وركب بعض العيال وكان أبو الحسن في بيت فخرج فقام على بابه فقال : حطوا حطوا قال إسماعيل : وهل ترى شيئا ؟ قال : إنه سيأتيكم ريح سوداء مظلمة تطرح بعض الإبل فجاءت ريح سوداء فأشهد لقد رأيت جملنا عليه كنيسة كنت أركب أنا فيها وأحمد أخي ولقد قام ثم سقط على جنبه بالكنيسة .
      - الخرائج : روى إبراهيم بن الحسن بن راشد ، عن ابن يقطين قال : كنت واقفا عند هارون الرشيد إذ جاءته هدايا ملك الروم وكان فيها دراعة ديباج سوداء منسوجة بالذهب لم أر أحسن منها فرآني أنظر إليها فوهبها لي ، وبعثتها إلى أبي إبراهيم ومضت عليها برهة تسعة أشهر وانصرفت يوما من عند هارون بعد أن تغديت بين يديه ، فلما دخلت داري قام إلى خادمي الذي يأخذ ثيابي بمنديل على يده وكتاب لطيف ختمه رطب فقال : أتاني بهذا رجل الساعة فقال : أوصله إلى مولاك ساعة يدخل ، ففضضت الكتاب وإذا به كتاب مولاي أبي إبراهيم وفيه : يا علي هذا وقت حاجتك إلى الدراعة وقد بعثت بها إليك ، فكشفت طرف المنديل عنها ورأيتها وعرفتها ، ودخل علي خادم هارون بغير إذن فقال : أجب أمير المؤمنين قلت : أي شئ حدث ؟ قال : لا أدري .
      فركبت ودخلت عليه ، وعنده عمر بن بزيع واقفا بين يديه فقال : ما فعلت الدراعة التي وهبتك ، قلت : خلع أمير المؤمنين علي كثيرة من دراريع وغيرها فعن أيها يسألني ؟ قال : دراعة الديباج السوداء الرومية المذهبة ، فقلت : ما عسى أن أصنع بها ألبسها في أوقات واصلي فيها ركعات ، وقد كنت دعوت بها عند منصرفي من دار أمير المؤمنين الساعة لألبسها ، فنظر إلى عمر بن بزيع فقال : قل يحضرها فأرسلت خادمي جاء بها ، فلما رآها قال : يا عمر ما ينبغي أن تنقل على علي بعد هذا شيئا ، قال : فأمر لي بخمسين ألف درهم حملت مع الدراعة إلى داري ، قال علي بن يقطين : وكان الساعي ابن عم لي فسود الله وجهه وكذبه والحمد لله .
      - الخرائج : روي عن عيسى المدائني قال : خرجت سنة إلى مكة فأقمت بها ثم قلت : أقيم بالمدينة مثل ما أقمت بمكة فهو أعظم لثوابي ، فقدمت المدينة فنزلت طرف المصلى إلى جنب دار أبي ذر ، فجعلت أختلف إلى سيدي فأصابنا مطر شديد بالمدينة فأتيت أبا الحسن مسلما عليه يوما وإن السماء تهطل فلما دخلت ابتدأني فقال لي : وعليك السلام يا عيسى ارجع فقد انهدم بيتك إلى متاعك فانصرفت راجعا فإذا البيت قد أنهار ، واستعملت عملة فاستخرجوا متاعي كله ولا افتقدته غير سطل كان لي .
      فلما أتيته بالغد مسلما عليه قال : هل فقدت من متاعك شيئا فندعو الله لك بالخلف ؟ قلت : ما فقدت شيئا ما خلا سطلا كان لي أتوضأ منه فقدته فأطرق مليا ثم رفع رأسه إلي فقال : قد ظننت أنك أنسيت السطل فسل جارية رب الدار عنه وقل لها : أنت رفعت السطل في الخلا فرديه فإنها سترده عليك ، فلما انصرفت أتيت جارية رب الدار ، فقلت : إني نسيت السطل في الخلا فرديه على أتوضأ به فردت علي سطلي .
      علمه بموت رجل
      - الخرائج : روي أن علي بن أبي حمزة قال : كنت عند موسى بن جعفر إذ أتاه رجل من أهل الري يقال له جندب فسلم عليه وجلس وساءله أبو الحسن وأحسن السؤال به ثم قال له : يا جندب ما فعل أخوك ؟قال له : بخير وهو يقرئك السلام فقال : يا جندب أعظم الله لك أجرك في أخيك فقال : ورد كتابه من الكوفة لثلاثة عشر يوما بالسلامة ، فقال : إنه والله مات بعد كتابه بيومين ودفع إلى امرأته مالا وقال : ليكن هذا المال عندك فإذا قدم أخي فادفعيه إليه ، وقد أودعته الأرض في البيت الذي كان يكون فيه ، فإذا أنت أتيتها فتلطف لها وأطمعها في نفسك فإنها ستدفعه إليك ، قال علي بن أبي حمزة : وكان جندب رجلا كبيرا جميلا قال : فلقيت جندبا بعد ما فقد أبو الحسن فسألته عما قال له فقال : صدق والله سيدي ما زاد ولا نقص لا في الكتاب ولا في المال .
      في امرأة من بني أمية
      - الخرائج : روى ابن أبي حمزة قال : كان رجل من موالي أبي الحسن لي صديقا قال : خرجت من منزلي يوما فإذا أنا بامرأة حسناء جميلة ومعها أخرى فتبعتها فقلت لها : تمتعيني نفسك فالتفتت إلي وقالت إن كان لنا عندك جنس فليس فينا مطمع ، وإن لم يكن لك زوجة فامض بنا ، فقلت ليس لك عندنا جنس فانطلقت معي حتى صرنا إلى باب المنزل فدخلت فلما أن خلعت فرد خف وبقي الخف الآخر تنزعه إذا قارع يقرع الباب فخرجت فإذا أنا بموفق فقلت له : ما وراك ؟ قال : خير يقول أبو الحسن : أخرج هذه المرأة التي معك في البيت ولا تمسها .فدخلت فقلت لها : البسي خفيك يا هذه واخرجي ، فلبست خفها وخرجت فنظرت إلى موفق بالباب فقال : سد الباب فسددته ، فوالله ما جاءت له غير بعيد وأنا وراء الباب أستمع وأتطلع حتى لقيها رجل مستعر ، فقال لها : مالك خرجت سريعا ألست قلت لا تخرجي قالت : إن رسول الساحر جاء يأمره أن يخرجني فأخرجني قال : فسمعته يقول أولى له وإذا القوم طمعوا في مال عندي ، فلما كان العشاء عدت إلى أبي الحسن قال : لا تعد فان تلك امرأة من بني أمية أهل بيت لعنة إنهم كانوا بعثوا أن يأخذوها من منزلك فاحمد الله الذي صرفها .
      ثم قال لي أبو الحسن : تزوج بابنة فلان وهو مولى أبي أيوب البخاري فإنها امرأة قد جمعت كل ما تريد من أمر الدنيا والآخرة فتزوجت فكان كما قال .
      بيان : قوله مستعر من استعر النار أي التهب وهو كناية عن العزم على الشر والفساد .
      - الخرائج : روي أن علي بن أبي حمزة قال : بعثني أبو الحسن في حاجة فجئت وإذا معتب على الباب فقلت : أعلم مولاي بمكاني ، فدخل معتب ومرت بي امرأة فقلت لولا أن معتبا دخل فأعلم مولاي بمكاني لاتبعت هذه المرأة فتمتعت بها ، فخرج معتب فقال : ادخل ، فدخلت عليه وهو على مصلى تحته مرفقة فمد يده وأخرج من تحت المرفقة صرة فناولنيها وقال : الحق المرأة فإنها على دكان العلاف تقول يا عبد الله قد حبستني ، قلت أنا ؟ قالت : نعم فذهبت بها وتمتعت بها .
      - الخرائج : روي عن المعلى بن محمد ، عن بعض أصحابنا ، عن بكار القمي قال : حججت أربعين حجة ، فلما كان في آخرها أصبت بنفقتي فقدمت مكة فأقمت حتى يصدر الناس ثم أصير إلى المدينة فأزور رسول الله وأنظر إلى سيدي أبي الحسن موسى وعسى أن أعمل عملا بيدي فأجمع شيئا فأستعين به على طريقي إلى الكوفة ، فخرجت حتى صرت إلى المدينة فأتيت رسول الله فسلمت عليه ثم جئت إلى المصلى إلى الموضع الذي يقوم فيه العملة ، فقمت فيه رجاء أن يسبب الله لي عملا أعمله .
      فبينما أنا كذلك إذا أنا برجل قد أقبل فاجتمع حوله الفعلة ، فجئت فوقفت معهم فذهب بجماعة فاتبعته فقلت : يا عبد الله إني رجل غريب فان رأيت أن تذهب بي معهم فتستعملني قال : أنت من أهل الكوفة ؟ قلت : نعم قال : اذهب فانطلقت معه إلى دار كبيرة تبنى جديدة ، فعملت فيها أياما وكنا لا نعطي من أسبوع إلى أسبوع إلا يوما واحدا ، وكان العمال لا يعملون فقلت للوكيل : استعملني عليهم حتى أستعملهم وأعمل معهم فقال : قد استعملتك فكنت أعمل وأستعملهم .
      قال : فاني لواقف ذات يوم على السلم إذ نظرت إلى أبي الحسن موسى قد أقبل وأنا في السلم في الدار ، ثم رفع رأسه إلي فقال : بكار جئتنا انزل فنزلت قال : فتنحى ناحية فقال لي : ما تصنع ههنا ؟ فقلت : جعلت فداك أصبت بنفقتي بجمع فأقمت إلى : صدور الناس ثم إني صرت إلى المدينة فأتيت المصلى فقلت أطلب عملا فبينما أنا قائم إذ جاء وكيلك فذهب برجال فسألته أن يستعملني كما يستعملهم فقال لي : قم يومك هذا .
      فلما كان من الغد وكان اليوم الذي يعطون فيه جاء فقعد على الباب فجعل يدعو الوكيل برجل رجل يعطيه ، كلما ذهبت لأدنو قال لي بيده كذا حتى إذا كان في آخرهم قال إلي : ادن فدنوت فدفع إلى صرة فيها خمسة عشر دينارا قال لي : خذ هذه نفقتك إلى الكوفة .
      ثم قال : اخرج غدا ، قلت : نعم جعلت فداك ولم أستطع أن أرده ، ثم ذهب وعاد إلي الرسول فقال : قال أبو الحسن : ائتني غدا قبل أن تذهب .
      فلما كان من الغد أتيته فقال : اخرج الساعة حتى تصير إلى فيد فإنك توافق قوما يخرجون إلى الكوفة وهاك هذا الكتاب فادفعه إلى علي بن أبي حمزة قال : فانطلقت فلا والله ما تلقاني خلق حتى صرت إلى فيد ، فإذا قوم قد تهيؤا للخروج إلى الكوفة من الغد ، فاشتريت بعيرا وصحبتهم إلى الكوفة فدخلتها ليلا فقلت أصير إلى منزلي فأرقد ليلتي هذه ثم أغدو بكتاب مولاي إلى علي بن أبي حمزة ، فأتيت منزلي فأخبرت أن اللصوص دخلوا حانوتي قبل قدومي بأيام .
      فلما أن أصبحت صليت الفجر فبينما أنا جالس متفكر فيما ذهب لي من حانوتي إذا أنا بقارع يقرع الباب فخرجت فإذا علي بن أبي حمزة فعانقته وسلم علي ثم قال لي : يا بكار هات كتاب سيدي ، قلت : نعم كنت على المجئ إليك الساعة ، قال : هات قد علمت أنك قدمت ممسيا ، فأخرجت الكتاب فدفعته إليه فأخذه وقبله ووضعه على عينيه وبكى ، فقلت : ما يبكيك ؟ قال : شوقا إلى سيدي ففكه وقرأه ثم رفع رأسه وقال : يا بكار دخل عليك اللصوص ؟ قلت : نعم فأخذوا ما في حانوتك ؟ قلت : نعم .
      قال : إن الله قد أخلف عليك قد أمرني مولاك ومولاي أن أخلف عليك ما ذهب منك وأعطاني أربعين دينارا ، قال : فقومت ما ذهب فإذا قيمته أربعون دينارا ففتح علي الكتاب وقال فيه : ادفع إلى بكار قيمة ما ذهب من حانوته أربعين دينارا .
      - الخرائج : روي أن إسحاق بن عمار قال : لما حبس هارون أبا الحسن موسى دخل عليه أبو يوسف ومحمد بن الحسن صاحبا أبي حنيفة فقال أحدهما للآخر : نحن على أحد الامرين إما أن نساويه أو نشكله فجلسا بين يديه ، فجاء رجل كان موكلا من قبل السندي بن شاهك فقال : إن نوبتي قد انقضت وأنا على الانصراف فإن كان لك حاجة أمرتني حتى آتيك بها في الوقت الذي تخلفني النوبة ؟ فقال : ما لي حاجة ، فلما أن خرج قال لأبي يوسف : ما أعجب هذا يسألني أن أكلفه حاجة من حوائجي ليرجع وهو ميت في هذه الليلة ، فقاما فقال أحدهما للآخر : إنا جئنا لنسأله عن الفرض والسنة وهو الآن جاء بشئ آخر كأنه من علم الغيب .
      ثم بعثا برجل مع الرجل فقالا : اذهب حتى تلزمه وتنظر ما يكون من أمره في هذه الليلة وتأتينا بخبره من الغد ، فمضى الرجل فنام في مسجد في باب داره فلما أصبح سمع الواعية ورأي الناس يدخلون داره فقال : ما هذا ؟ قالوا : قد مات فلان في هذه الليلة فجأة من غير علة ، فانصرف إلى أبي يوسف ومحمد وأخبرهما الخبر فأتيا أبا الحسن فقالا : قد علمنا أنك أدركت العلم في الحلال والحرام فمن أين أدركت أمر هذا الرجل الموكل بك أنه يموت في هذه الليلة ؟ قال : من الباب الذي أخبر بعلمه رسول الله علي بن أبي طالب فلما رد عليهما هذا بقيا لا يحيران جوابا .
      - الخرائج : عن إسحاق بن عمار أن أبا بصير أقبل مع أبي الحسن موسى من مكة يريد المدينة ، فنزل أبو الحسن في الموضع الذي يقال له زبالة بمرحلة فدعا بعلي بن أبي حمزة البطائني وكان تلميذا لأبي بصير فجعل يوصيه بوصية بحضرة أبي بصير ويقول : يا علي إذا صرنا إلى الكوفة تقدم في كذا ، فغضب أبو بصير و خرج من عنده ، فقال : لا والله ما أعجب ما أرى هذا الرجل أنا أصحبه منذ حين ثم تخطاني بحوائجه إلى بعض غلماني ، فلما كان من الغد حم أبو بصير بزبالة فدعا بعلي بن أبي حمزة فقال لي : أستغفر الله مما حل في صدري من مولاي ومن سوء ظني به ، فقد علم أني ميت وأني لا ألحق الكوفة ، فإذا أنا مت فافعل كذا وتقدم في كذا ، فمات أبو بصير في زبالة .
      - الخرائج : روي أن هشام بن الحكم قال : لما مضى أبو عبد الله وادعى الإمامة عبد الله بن جعفر وأنه أكبر من ولده ، دعاه موسى بن جعفر وقال : يا أخي إن كنت صاحب هذا الامر فهلم يدك فأدخلها النار ، وكان حفر حفيرة وألقى فيها حطبا وضربها بنفط ونار ، فلم يفعل عبد الله ، وأدخل أبو الحسن يده في تلك الحفيرة ، ولم يخرجها من النار إلا بعد احتراق الحطب وهو يمسحها .
      - الخرائج : روي أن علي بن مؤيد قال : خرج إليه عن أبي الحسن موسى : سألتني عن أمور كنت منها في تقية ومن كتمانها في سعة ، فلما انقضى سلطان الجبابرة ودنا سلطان ذي السلطان العظيم ، بفراق الدنيا المذمومة إلى أهلها ، العتاة على خالقهم ، رأيت أن أفسر لك ما سألتني عنه مخافة أن تدخل الحيرة على ضعفاء شيعتنا من قبل جهالتهم فاتق الله واكتم ذلك إلا من أهله ، واحذر أن تكون سبب بلية على الأوصياء أو حارشا عليهم في إفشاء ما استودعتك وإظهار ما استكتمتك ، ولن تفعل إنشاء الله ، إن أول ما أنهي عليك أن أنعى إليك نفسي في ليالي هذه ، غير جازع ولا نادم ولا شاك فيما هو كائن مما قضى الله وقدر وحتم ، في كلام كثير ، ثم إنه مضى في أيامه هذه .
      - الخرائج : روي عن محمد بن عبد الله ، عن صالح بن واقد الطبري قال :
      دخلت على موسى بن جعفر فقال :
      يا صالح إنه يدعوك الطاغية يعني هارون فيحبسك في محبسه ويسألك عني فقل إني لا أعرفه ، فإذا صرت إلى محبسه فقل من أردت أن تخرجه فأخرجه بإذن الله تعالى ، قال صالح : فدعاني هارون من طبرستان فقال :
      ما فعل موسى بن جعفر فقد بلغني أنه كان عندك ؟ فقلت : وما يدريني من موسى بن جعفر ؟ أنت يا أمير المؤمنين أعرف به وبمكانه ، فقال اذهبوا به إلى الحبس ، فوالله إني لفي بعض الليالي قاعد وأهل الحبس نيام إذا أنا به يقول :
      يا صالح ، قلت : لبيك قال : صرت إلى ههنا ؟ فقلت : نعم يا سيدي قال : قم فاخرج واتبعني ، فقمت و خرجت ، فلما صرنا إلى بعض الطريق قال : يا صالح السلطان سلطاننا كرامة من الله أعطاناها ، قلت :
      يا سيدي فأين أحتجز من هذا الطاغية ؟ قال : عليك ببلادك فارجع إليها فإنه لن يصل إليك ، قال صالح : فرجعت إلى طبرستان فوالله ما سأل عني ولا أدرى أحبسني أم لا .
      - الخرائج : روي عن الأصبغ بن موسى قال : حملت دنانير إلى موسى بن جعفر بعضها لي وبعضها لإخواني ، فلما دخلت المدينة أخرجت الذي لأصحابي فعددته فكان تسعة وتسعين دينارا فأخرجت من عندي دينارا فأتممتها مائة دينار فدخلت فصببتها بين يديه ، فأخذ دينارا من بينها ثم قال : هاك دينارك ، إنما بعث إلينا وزنا لا عددا .

      ​يتبع ......
      sigpic

      قال رسول الله (ص):

      (مَن سرَّ مؤمناً ، فقد سرّني ، ومن سرَّني فقد سرّ الله )



      صدق رسول الله

      تعليق


      • #13
        ترجمة عبد الله الأفطح
        - الخرائج : روي عن المفضل بن عمر قال : لما قضي الصادق كانت وصيته في الإمامة إلى موسى الكاظم فادعى أخوه عبد الله الإمامة ، وكان أكبر ولد جعفر في وقته ذلك ، وهو المعروف بالأفطح فأمر موسى بجمع حطب كثير في وسط داره فأرسل إلى أخيه عبد الله يسأله أن يصير إليه ، فلما صار عنده ومع موسى جماعة من وجوه الامامية ، وجلس إليه أخوه عبد الله ، أمر موسى أن يجعل النار في ذلك الحطب كله فاحترق كله ، ولا يعلم الناس السبب فيه ، حتى صار الحطب كله جمرا ثم قام موسى وجلس بثيابه في وسط النار وأقبل يحدث الناس ساعة ، ثم قام فنفض ثوبه ورجع إلى المجلس فقال لأخيه عبد الله : إن كنت تزعم أنك الامام بعد أبيك فاجلس في ذلك المجلس ، فقالوا : فرأينا عبد الله قد تغير لونه فقام يجر رداءه حتى خرج من دار موسى .- الخرائج : روي عن إسحاق بن منصور ، عن أبيه ، قال : سمعت موسى بن جعفر يقول ناعيا إلى رجل من الشيعة نفسه ، فقلت في نفسي : وإنه ليعلم متى يموت الرجل من شيعته ! ! فالتفت إلي فقال : اصنع ما أنت صانع فان عمرك قد فني ، وقد بقي منه دون سنتين ، وكذلك أخوك ولا يمكث بعدك إلا شهرا واحدا حتى يموت ، وكذلك عامة أهل بيتك ويتشتت كلهم ، ويتفرق جمعهم ، ويشمت بهم أعداؤهم ، وهم يصيرون رحمة لإخوانهم أكان هذا في صدرك ؟ فقلت : أستغفر الله مما في صدري ، فلم يستكمل منصور سنتين حتى مات ، ومات بعده بشهر أخوه ومات عامة أهل بيته ، وأفلس بقيتهم وتفرقوا حتى احتاج من بقي منهم إلى الصدقة .
        - الكافي : أحمد بن مهران ، عن محمد بن علي ، عن سيف بن عميرة ، عن إسحاق بن عمار قال : سمعت العبد الصالح ينعى إلى رجل نفسه - إلى قوله - فالتفت إلى شبه المغضب فقال : يا إسحاق قد كان رشيد الهجري يعلم علم المنايا والبلايا والامام أولى بعلم ذلك ، ثم قال : يا إسحاق اصنع - إلى قوله - فلم يلبث إسحاق بعد هذا المجلس إلا يسيرا حتى مات فما أتى عليهم إلا قليل حتى قام بنو عمار بأموال الناس فأفلسوا .
        - الخرائج : روى واضح عن الرضا قال : قال أبي موسى للحسين بن أبي العلا : اشتر لي جارية نوبية فقال الحسين : أعرف والله جارية نوبية نفيسة أحسن ما رأيت من النوبة ، فلولا خصلة لكانت من يأتيك ، فقال : وما تلك الخصلة ؟ قال : لا تعرف كلامك وأنت لا تعرف كلامها ، فتبسم ثم قال : اذهب حتى تشتريها [ قال : ] فلما دخلت بها إليه ، قال لها بلغتها : ما اسمك ؟ قالت : مونسة قال : أنت لعمري مونسة قد كان لك اسم غير هذا ، كان اسمك قبل هذا حبيبة ، قالت : صدقت ، ثم قال : يا ابن أبي العلا إنها ستلد لي غلاما لا يكون في ولدي أسخى منه ولا أشجع ولا أعبد منه قال : فما تسميه حتى أعرفه ؟ قال : اسمه إبراهيم .
        فقال علي بن أبي حمزة : كنت مع موسى بمنى إذ أتاني رسوله فقال : الحق بي بالثعلبية فلحقت به ومعه عياله وعمران خادمه فقال : أيما أحب إليك : المقام ههنا أو تلحق بمكة ؟ قلت : أحبهما إلي ما أحببته ، قال : مكة خير لك ثم بعثني إلى داره بمكة وأتيته وقد صلى المغرب فدخلت فقال : اخلع نعليك إنك بالوادي المقدس ، فخلعت نعلي وجلست معه ، فاتيت بخوان فيه خبيص فأكلت أنا وهو ، ثم رفع الخوان وكنت أحدثه ، ثم غشيني النعاس ، فقال لي : قم فنم حتى أقوم أنا لصلاة الليل ، فحملني النوم إلى أن فرغ من صلاة الليل ، ثم جاءني فنبهني فقال : قم فتوضأ ! وصل صلاة الليل وخفف ، فلما فرغت من الصلاة صليت الفجر ثم قال لي : يا علي إن أم ولدي ضربها الطلق فحملتها إلى الثعلبية مخافة أن يسمع الناس صوتها فولدت هناك الغلام الذي ذكرت لك كرمه وسخاءه وشجاعته قال علي : فوالله لقد أدركت الغلام فكان كما وصف .
        بيان : قوله : لا يكون في ولدي أسخى منه أي سائر أولاده سوى الرضا .
        - الخرائج : روي عن ابن أبي حمزة قال : كنت عند أبي الحسن موسى إذ دخل عليه ثلاثون مملوكا من الحبشة اشتروا له ، فتكلم غلام منهم فكان جميلا بكلام فأجابه موسى بلغته ، فتعجب الغلام وتعجبوا جميعا وظنوا أنه لا يفهم كلامهم ، فقال له موسى : إني لأدفع إليك مالا فادفع إلى كل منهم ثلاثين درهما فخرجوا وبعضهم يقول لبعض : إنه أفصح منا بلغاتنا ، وهذه نعمة من الله علينا .
        قال علي بن أبي حمزة : فلما خرجوا قلت : يا ابن رسول الله رأيتك تكلم هؤلاء الحبشيين بلغاتهم ؟ ! قال : نعم ، قال : وأمرت ذلك الغلام من بينهم بشئ دونهم ؟ قال : نعم أمرته أن يستوصي بأصحابه خيرا وأن يعطي كل واحد منهم في كل شهر ثلاثين درهما ، لأنه لما تكلم كان أعلمهم فإنه من أبناء ملوكهم ، فجعلته عليهم وأوصيته بما يحتاجون إليه ، وهو مع هذا غلام صدق ، ثم قال : لعلك عجبت من كلامي إياهم بالحبشة ؟ قلت : إي والله قال : لا تعجب فما خفي عليك من أمري أعجب وأعجب ، وما الذي سمعته مني إلا كطائر أخذ بمنقاره من البحر قطرة ، أفترى هذا الذي يأخذه بمنقاره ينقص من البحر ؟ ! والامام بمنزلة البحر لا ينفد ما عنده وعجائبه أكثر من عجائب البحر .


        علمه بكلام أهل الصين
        - الخرائج : قال بدر مولى الرضا : إن إسحاق بن عمار دخل على موسى بن جعفر فجلس عنده إذا استأذن رجل خراساني فكلمه بكلام لم يسمع مثله قط كأنه كلام الطير ، قال إسحاق : فأجابه موسى بمثله وبلغته إلى أن قضى وطره من مساءلته ، فخرج من عنده فقلت : ما سمعت بمثل هذا الكلام قال : هذا كلام قوم من أهل الصين مثله ، ثم قال : أتعجب من كلامي بلغته ؟ قلت : هو موضع التعجب قال : أخبرك بما هو أعجب منه إن الامام يعلم منطق الطير ومنطق كل ذي روح خلقه الله وما يخفى على الامام شئ .- الخرائج : روي عن علي بن أبي حمزة قال : أخذ بيدي موسى بن جعفر يوما فخرجنا من المدينة إلى الصحراء فإذا نحن برجل مغربي على الطريق يبكي وبين يديه حمار ميت ، ورحله مطروح ، فقال له موسى : ما شأنك ؟ قال : كنت مع رفقائي نريد الحج فمات حماري ههنا وبقيت ومضى أصحابي وقد بقيت متحيرا ليس لي شئ أحمل عليه ، فقال موسى : لعله لم يمت قال : أما ترحمني حتى تلهو بي قال : إن عندي رقية جيدة قال الرجل : ليس يكفيني ما أنا فيه حتى تستهزئ بي ، فدنا موسى من الحمار ونطق بشئ لم أسمعه ، وأخذ قضيبا كان مطروحا فضربه وصاح عليه ، فوثب الحمار صحيحا سليما فقال : يا مغربي ترى ههنا شيئا من الاستهزاء ؟ الحق بأصحابك ، ومضينا وتركناه .
        قال علي بن أبي حمزة : فكنت واقفا يوما على بئر زمزم بمكة فإذا المغربي هناك ، فلما رآني عدا إلي وقبل يدي فرحا مسرورا فقلت له : ما حال حمارك ؟ فقال : هو والله سليم صحيح وما أدري من أين ذلك الرجل الذي من الله به علي فأحيى لي حماري بعد موته ، فقلت له : قد بلغت حاجتك فلا تسأل عما لا تبلغ معرفته .
        - الخرائج : روي عن أبي خالد الزبالي قال : قدم أبو الحسن موسى زبالة ومعه جماعة من أصحاب المهدي بعثهم في إشخاصه إليه ، قال : وأمرني بشراء حوائج ونظر إلي وأنا مغموم ، فقال : يا أبا خالد مالي أراك مغموما ؟ قلت : هو ذا تصير إلى هذا الطاغية ولا آمنك منه قال : ليس علي منه بأس إذا كان يوم كذا فانتظرني في أول الميل .
        قال : فما كانت لي همة إلا إحصاء الأيام حتى إذا كان ذلك اليوم وافيت أول الميل فلم أرد أحدا حتى كادت الشمس تجب فشككت ، ونظرت بعد إلى شخص قد أقبل فانتظرته فإذا هو أبو الحسن موسى على بغلة قد تقدم فنظر إلي فقال : لا تشكن ، فقلت : قد كان ذلك ، ثم قال : إن لي عودة ولا أتخلص منهم فكان كما قال .

        علمه بموت الرجل
        - الخرائج : قال خالد بن نجيح : قلت لموسى : إن أصحابنا قدموا من الكوفة وذكروا أن المفضل شديد الوجع فادع الله له ، قال : قد استراح ، وكان هذا الكلام بعد موته بثلاثة أيام .- مناقب ابن شهرآشوب : بيان بن نافع التفليسي قال : خلفت والدي مع الحرم في الموسم وقصدت موسى بن جعفر فلما أن قربت منه هممت بالسلام عليه فأقبل علي بوجهه وقال : بر حجك با ابن نافع آجرك الله في أبيك فإنه قد قبضه إليه في هذه الساعة ، فارجع فخذ في جهازه فبقيت متحيرا عند قوله ، وقد كنت خلفته وما به علة فقال : يا ابن نافع أفلا تؤمن ؟ فرجعت فإذا أنا بالجواري يلطمن خدودهن فقلت : ما وراكن ؟ قلن : أبوك فارق الدنيا ، قال ابن نافع : فجئت إليه أسأله عما أخفاه وأراني فقال : لي أبد ما أخفاه واراك ثم قال : يا ابن نافع إن كان في أمنيتك كذا وكذا أن تسأل عنه فأنا جنب الله وكلمته الباقية وحجته البالغة . أبو خالد الزبالي وأبو يعقوب الزبالي ، قال كل واحد منهما : استقبلت أبا الحسن بالأجفر في المقدمة الأولى على المهدي ، فلما خرج ودعته وبكيت ، فقال لي : ما يبكيك ؟ قلت : حملك هؤلاء ولا أدري ما يحدث ؟ قال : فقال لي : لا بأس علي منه في وجهي هذا ، ولا هو بصاحبي وإني لراجع إلى الحجاز ومار عليك في هذا الموضع راجعا فانتظرني في يوم كذا وكذا في وقت كذا فإنك تلقاني راجعا ، قلت له : خير البشرى ، لقد خفته عليك قال : فلا تخف فترصدته ذلك الوقت في ذلك الموضع فإذا بالسواد قد أقبل ومناد ينادي من خلفي فأتيته فإذا هو أبو الحسن على بغلة له ، فقال لي : إيها أبا خالد ، قلت : لبيك يا ابن رسول الله الحمد لله الذي خلصك من أيديهم ، فقال : أما إن لي عودة إليهم لا أتخلص من أيديهم .
        يعقوب السراج قال : دخلت على أبي عبد الله وهو واقف على رأس أبي الحسن وهو في المهد فجعل يساره طويلا ، فقال لي : ادن إلى مولاك ، فدنوت فسلمت عليه فرد بلسان فصيح ، ثم قال : اذهب فغير اسم ابنتك التي سميتا أمس فإنه اسم يبغضه الله ، وكانت ولدت لي ابنة فسميتها بفلانة ، فقال لي أبو عبد الله : انته إلى أمره ترشد فغيرت اسمها .
        بيان : في كا فسميتها بالحميراء .


        يتبع ......
        sigpic

        قال رسول الله (ص):

        (مَن سرَّ مؤمناً ، فقد سرّني ، ومن سرَّني فقد سرّ الله )



        صدق رسول الله

        تعليق


        • #14

          قصة أهل نيسابور وشطيطة

          - مناقب ابن شهرآشوب : أبو علي بن راشد وغيره في خبر طويل : انه اجتمعت عصابة الشيعة بنيسابور واختاروا محمد بن علي النيسابوري فدفعوا إليه ثلاثين ألف دينار وخمسين ألف درهم وشقة من الثياب ، وأتت شطيطة بدرهم صحيح وشقة خام من غزل يدها تساوي أربعة دراهم فقالت : إن الله لا يستحيي من الحق ، قال : فثنيت درهمها وجاؤا بجزء فيه مسائل ملء سبعين ورقة في كل ورقة مسألة وباقي الورق بياض ليكتب الجواب تحتها وقد حزمت كل ورقتين بثلاث حزم وختم عليها بثلاث خواتيم على كل حزام خاتم ، وقالوا : ادفع إلى الامام ليلة وخذ منه في غد ، فان وجدت الجزء صحيح الخواتيم فاكسر منها خمسة وانظر هل أجاب عن المسائل ، فإن لم تنكسر الخواتيم فهو الامام المستحق للمال فادفع إليه ، وإلا فرد إلينا أموالنا .فدخل على الأفطح عبد الله بن جعفر وجربه وخرج عنه قائلا رب اهدني إلى سواء الصراط ، قال : فبينما أنا واقف إذا أنا بغلام يقول : أجب من تريد ، فأتى بي دار موسى بن جعفر فلما رآني قال لي لم تقنط يا أبا جعفر ؟ ولم تفزع إلى اليهود والنصارى ؟ إلي فأنا حجة الله ووليه ، ألم يعرفك أبو حمزة على باب مسجد جدي ، وقد أجبتك عما في الجزء من المسائل بجميع ما تحتاج إليه منذ أمس ، فجئني به وبدرهم شطيطة الذي وزنه درهم ودانقان الذي في الكيس الذي فيه أربعمائة درهم للوازوري ، والشقة التي في رزمة الأخوين البلخيين .
          قال : فطار عقلي من مقاله ، وأتيت بما أمرني ووضعت ذلك قبله ، فأخذ درهم شطيطة وإزارها ، ثم استقبلني وقال : إن الله لا يستحيي من الحق يا أبا جعفر أبلغ شطيطة سلامي وأعطها هذه الصرة وكانت أربعين درهما ثم قال : وأهديت لها شقة من أكفاني من قطن قريتنا صيدا قرية فاطمة عليها السلام وغزل أختي حليمة ابنة أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق ، ثم قال : وقل لها ستعيشين تسعة عشر يوما من وصول أبي جعفر ووصول الشقة والدراهم ، فأنفقي على نفسك منها ستة عشر درهما ، واجعلي أربعة وعشرين صدقة عنك وما يلزم عنك ، وأنا أتولى الصلاة عليك ، فإذا رأيتني يا أبا جعفر فاكتم علي ، فإنه أبقى لنفسك ، ثم قال : واردد الأموال إلى أصحابها ، وافكك هذه الخواتيم عن الجزء وانظر هل أجبناك عن المسائل أم لا من قبل أن تجيئنا بالجزء ؟ فوجدت الخواتيم صحيحة . ففتحت منها واحدا من وسطها فوجدت فيه مكتوبا : ما يقول العالم في رجل قال : نذرت لله لأعتقن كل مملوك كان في رقي قديما وكان له جماعة من العبيد ؟ الجواب بخطه : ليعتقن من كان في ملكه من قبل ستة أشهر ، والدليل على صحة ذلك قوله تعالى " والقمر قدرناه " الآية والحديث من ليس له ستة أشهر .
          وفككت الختام الثاني فوجدت ما تحته : ما يقول العالم في رجل قال : والله لأتصدقن بمال كثير فما يتصدق ؟ الجواب تحته بخطه : إن كان الذي حلف من أرباب شياه فليتصدق بأربع وثمانين شاة وإن كان من أصحاب النعم فليتصدق بأربع وثمانين بعيرا ، وإن كان من أرباب الدراهم فليتصدق بأربع وثمانين درهما ، والدليل عليه قوله تعالى : " ولقد نصركم الله في مواطن كثيرة " فعددت مواطن رسول الله قبل نزول تلك الآية فكانت أربعة وثمانين موطنا . فكسرت الختم الثالث فوجدت تحته مكتوبا : ما يقول العالم في رجل نبش قبر ميت وقطع رأس الميت وأخذ الكفن ؟ الجواب بخطه : يقطع السارق لاخذ الكفن من وراء الحرز ، ويلزم مائة دينار لقطع رأس الميت لأنا جعلناه بمنزلة الجنين في بطن أمه قبل أن ينفخ فيه الروح فجعلنا في النطفة عشرين دينارا ، المسألة إلى آخرها .
          فلما وافى خراسان وجد الذين رد عليهم أموالهم ارتدوا إلى الفطحية ، و شطيطة على الحق فبلغها سلامه وأعطاها صرته وشقته ، فعاشت كما قال عليه السلام فلما توفيت شطيطة جاء الامام على بعير له ، فلما فرغ من تجهيزها ركب بعيره وانثنى نحو البرية ، وقال : عرف أصحابك وأقرأهم مني السلام وقل لهم : إني ومن يجري مجراي من الأئمة لابد لنا من حضور جنائزكم في أي بلد كنتم ، فاتقوا الله في أنفسكم .
          علي بن أبي حمزة قال : كنا بمكة سنة من السنين فأصاب الناس تلك السنة صاعقة كبيرة حتى مات من ذلك خلق كثير ، فدخلت على أبي الحسن عليه السلام فقال مبتدئا من غير أن أسأله : يا علي ينبغي للغريق والمصعوق أن يتربص به ثلاثا إلى أن يجئ منه ريح يدل على موته ، قلت له : جعلت فداك كأنك تخبرني إذ دفن ناس كثير أحياء ؟ قال : نعم يا علي قد دفن ناس كثير أحياء ، ما ماتوا إلا في قبورهم .
          علي بن أبي حمزة قال : أرسلني أبو الحسن إلى رجل قدامه طبق يبيع بفلس فلس وقال : أعطه هذه الثمانية عشر درهما وقل له : يقول لك أبو الحسن : انتفع بهذه الدراهم فإنها تكفيك حتى تموت ، فلما أعطيته بكى ، فقلت : وما يبكيك ؟ قال : ولم لا أبكي وقد نعيت إلي نفسي ، فقلت : وما عند الله خير مما أنت فيه فسكت ، وقال : من أنت يا عبد الله ؟ فقلت علي بن أبي حمزة قال : والله لهكذا قال لي سيدي و مولاي إني باعث إليك مع علي بن أبي حمزة برسالتي ، قال علي : فلبثت نحوا من عشرين ليلة ثم أتيت إليه وهو مريض فقلت : أوصني بما أحببت أنفذه من مالي قال : إذا أنا مت فزوج ابنتي من رجل دين ، ثم بع داري وادفع ثمنها إلى أبي الحسن ، واشهد لي بالغسل والدفن والصلاة ، قال : فلما دفنته زوجت ابنته من رجل مؤمن وبعت داره وأتيت بثمنها إلى أبي الحسن فزكاه وترحم عليه وقال : رد هذه الدراهم فادفعها إلى ابنته .
          علي بن أبي حمزة قال : أرسلني أبو الحسن إلى رجل من بني حنيفة و قال : إنك تجده في ميمنة المسجد ، ورفعت إليه كتابه فقرأه ثم قال : آتني يوم كذا وكذا حتى أعطيك جوابه فأتيته في اليوم الذي كان وعدني ، فأعطاني جواب الكتاب ، ثم لبثت شهرا فأتيته لأسلم عليه فقيل : إن الرجل قد مات ، فلما رجعت من قابل إلى مكة فلقيت أبا الحسن وأعطيته جواب كتابه فقال : رحمه الله ، فقال : يا علي لم لم تشهد جنازته ؟ قلت : قد فاتت مني .
          شعيب العقرقوفي قال : بعثت مباركا مولاي إلى أبي الحسن ومعه مائتا دينار وكتبت معه كتابا فذكر لي مبارك أنه سأل عن أبي الحسن فقيل : قد خرج إلى مكة فقلت : لأسير بين مكة والمدينة بالليل ، إذا هاتف يهتف بي يا مبارك مولى شعيب العقرقوفي ، فقلت : من أنت يا عبد الله ؟ فقال : أنا معتب يقول لك أبو الحسن : هات الكتاب الذي معك وواف بالذي معك إلى منى ، فنزلت من محملي ودفعت إليه الكتاب ، وصرت إلى منى فأدخلت عليه وصببت الدنانير التي معي قدامه فجر بعضها إليه ودفع بعضها بيده ، ثم قال لي : يا مبارك ادفع هذه الدنانير ؟ إلى شعيب وقل له : يقول لك أبو الحسن : ردها إلى موضعها الذي أخذتها منه فان صاحبها يحتاج إليها ، فخرجت من عنده وقدمت على سيدي وقلت ما قصة هذه الدنانير قال : إني طلبت من فاطمة خمسين دينارا لأتم بها هذه الدنانير فامتنعت علي و قالت : أريد أن أشتري بها قراح فلان بن فلان فأخذتها منها سرا ولم ألتفت إلى كلامها ثم دعا شعيب بالميزان فوزنها فإذا هي خمسون دينارا .
          أبو خالد الزبالي قال : نزل أبو الحسن منزلنا في يوم شديد البرد في سنة مجدبة ، ونحن لا نقدر على عود نستوقد به ، فقال : يا أبا خالد ائتنا بحطب نستوقد به ، قلت : والله ما أعرف في هذا الموضع عودا واحدا ، فقال : كلا يا أبا خالد ترى هذا الفج خذ فيه فإنك تلقى أعرابيا معه حملان حطبا فاشترهما منه ولا تماكسه ، فركبت حماري وانطلقت نحو الفج الذي وصف لي فإذا أعرابي معه حملان حطبا فاشتريتهما منه وأتيته بهما ، فاستوقدوا منه يومهم ذلك ، وأتيته بطرف ما عندنا فطعم منه ، ثم قال : يا أبا خالد انظر خفاف الغلمان ونعالهم فأصلحها حتى نقدم عليك في شهر كذا وكذا .
          قال أبو خالد : فكتبت تاريخ ذلك اليوم ، فركبت حماري اليوم الموعود حتى جئت إلى لزق ميل ونزلت فيه فإذا أنا براكب يقبل نحو القطار فقصدت إليه فإذا يهتف بي ويقول : يا أبا خالد ، قلت : لبيك جعلت فداك قال : أتراك وفيناك بما وعدناك .
          ثم قال : يا أبا خالد ما فعلت بالقبتين اللتين كنا نزلنا فيهما ؟ فقلت : جعلت فداك قد هيأتهما لك ، وانطلقت معه حتى نزل في القبتين اللتين كان نزل فيهما ، ثم قال : ما حال خفاف الغلمان ونعالهم ؟ قلت : قد أصلحناها فأتيته بهما فقال : يا أبا خالد سلني حاجتك فقلت جعلت : فداك أخبرك بما كنت فيه كنت زيدي المذهب حتى قدمت علي وسألتني الحطب وذكرت مجيئك في يوم كذا ، فعلمت أنك الامام الذي فرض الله طاعته ، فقال : يا أبا خالد من مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية ، وحوسب بما عمل في الاسلام .
          في كتاب أمثال الصالحين قال شقيق البلخي :
          وجدت رجلا عند فيد يملا * الاناء من الرمل ويشربه , فتعجبت من ذلك واستسقيته فسقاني فوجدته سويقا وسكرا القصة وقد نظموها :
          سل شقيق البلخي عنه بما شاهد منه وما الذي كان أبصر
          قال :
          لما حججت عاينت شخصا ناحل الجسم شاحب اللون أسمر
          سائرا وحده وليس له زاد فما زلت دائبا أتفكر
          وتوهمت أنه يسأل الناس ولم أدر أنه الحج الأكبر
          ثم عاينته ونحن نزول دون فيد على الكثيب الأحمر
          يضع الرمل في الاناء ويشربه فناديته وعقلي محير
          اسقني شربة فلما سقاني منه عاينته سويقا وسكر
          فسألت الحجيج من يك هذا ؟ قيل هذا الإمام موسى بن جعفر
          علي بن أبي حمزة قال : كنت معتكفا في مسجد الكوفة إذ جاءني أبو جعفر الأحول بكتاب مختوم من أبي الحسن فقرأت كتابه ، فإذا فيه : إذا قرأت كتابي الصغير الذي في جوف كتابي المختوم فاحرزه حتى أطلبه منك ، فأخذ علي الكتاب فأدخله بيت بزه في صندوق مقفل في جوف قمطر في جوف حق مقفل وباب البيت مقفل ، ومفاتيح هذه الأقفال في حجرته ، فإذا كان الليل فهي تحت رأسه وليس يدخل بيت البز غيره ، فلما حضر الموسم خرج إلى مكة وافدا بجميع ما كتب إليه من حوائجه .
          فلما دخل عليه قال له العبد الصالح : يا علي ما فعل الكتاب الصغير الذي كتبت إليك فيه أن احتفظ به ؟ فحكيته قال : إذا نظرت إلى الكتاب أليس تعرفه ؟ قلت : بلى قال : فرفع مصلى تحته فإذا هو أخرجه إلي فقال : احتفظ به فلو تعلم ما فيه لضاق صدرك قال : فرجعت إلى الكوفة والكتاب معي فأخرجته في دروز جيبي عند إبطي ، فكان الكتاب حياة علي في حبيبه ، فلما مات علي قال محمد وحسن ابناه : فلم يكن لنا هم إلا الكتاب ففقدناه ، فعلمنا أن الكتاب قد صار إليه .
          بيان : القمطر : بكسر القاف وفتح الميم وسكون الطاء : ما يصان فيه الكتب .
          - مناقب ابن شهرآشوب :
          ومن معجزاته ما نظم قصيدة ابن الغار البغدادي :



          وله معجز القليب فسل عنه رواة الحديث بالنقل تخبر
          ولدى السجن حين أبدى إلى السجان قولا في السجن والامر مشهر
          ثم يوم الفصاد حتى أتى الآسي إليه فرده وهو يذعر
          ثم نادى آمنت بالله لا غير وأن الإمام موسى بن جعفر
          واذكر الطائر الذي جاء بالصك إليه من الامام وبشر
          ولقد قدموا إليه طعاما فيه مستلمح أباه وأنكر
          وتجافى عنه وقال حرام أكل هذا فكيف يعرف منكر
          واذكر الفتيان أيضا ففيها فضله أذهل العقول وأبهر
          عند ذاك استقال من مذهب كان يوالي أصحابه وتغير
          يتبع...
          sigpic

          قال رسول الله (ص):

          (مَن سرَّ مؤمناً ، فقد سرّني ، ومن سرَّني فقد سرّ الله )



          صدق رسول الله

          تعليق


          • #15
            قصة شقيق البلخي
            - كشف الغمة : عن محمد بن طلحة قال : قال خشنام بن حاتم الأصم قال : قال لي أبي حاتم : قال لي شقيق البلخي : خرجت حاجا في سنة تسع وأربعين ومائة فنزلت القادسية فبينا أنا أنظر إلى الناس في زينتهم وكثرتهم ، فنظرت إلى فتى حسن الوجه شديد السمرة ضعيف ، فوق ثيابه ثوب من صوف مشتمل بشملة في رجليه نعلان وقد جلس منفردا ، فقلت في نفسي : هذا الفتى من الصوفية يريد أن يكون كلا على الناس في طريقهم والله لأمضين إليه ولأوبخنه ، فدنوت منه .فلما رآني مقبلا قال : يا شقيق " اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم " ثم تركني ، ومضى ، فقلت في نفسي إن هذا الامر عظيم قد تكلم بما في نفسي ونطق باسمي ، وما هذا إلا عبد صالح لألحقنه ولأسألنه أن يحللني فأسرعت في أثره فلم ألحقه وغاب من عيني ، فلما نزلنا واقصة وإذا به يصلي وأعضاؤه تضطرب ودموعه تجري ، فقلت : هذا صاحبي أمضي إليه وأستحله .
            فصبرت حتى جلس ، وأقبلت نحوه فلما رآني مقبلا قال : يا شقيق أتل " وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى " ثم تركني ومضى فقلت : إن هذا الفتى لمن الابدال ، لقد تكلم على سري مرتين ، فلما نزلنا زبالة إذا بالفتى قائم على البئر وبيده ركوة يريد أن يستقي ماءا فسقطت الركوة من يده في البئر وأنا أنظر إليه ، فرأيته قد رمق السماء وسمعته يقول :
            أنت ربي إذا ظمئت إلى الماء * وقوتي إذا أردت الطعاما اللهم سيدي مالي غيرها فلا تعدمنيها ، قال شقيق : فوالله لقد رأيت البئر وقد ارتفع ماؤها فمد يده وأخذ الركوة وملؤها ماء ، فتوضأ وصلى أربع ركعات ، ثم مال إلى كثيب رمل فجعل يقبض بيده ويطرحه في الركوة ويحركه ويشرب ، فأقبلت إليه وسلمت عليه فرد علي فقلت : أطعمني من فضل ما أنعم الله عليك ، فقال : يا شقيق لم تزل نعمة الله علينا ظاهرة وباطنة فأحسن ظنك بربك ، ثم ناولني الركوة فشربت منها فإذا هو سويق وسكر ، فوالله ما شربت قط ألذ منه ولا أطيب ريحا فشبعت ورويت ، وأقمت أياما لا أشتهي طعاما ولا شرابا .
            ثم لم أره حتى دخلنا مكة ، فرأيته ليلة إلى جنب قبة الشراب في نصف الليل قائما يصلي بخشوع وأنين وبكاء ، فلم يزل كذلك حتى ذهب الليل ، فلما رأى الفجر جلس في مصلاه يسبح ثم قام فصلى الغداة ، وطاف بالبيت أسبوعا وخرج فتبعته وإذا له غاشية وموال وهو على خلاف ما رأيته في الطريق ، ودار به الناس من حوله يسلمون عليه ، فقلت لبعض من رأيته يقرب منه : من هذا الفتى ؟ فقال : هذا موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، فقلت : قد عجبت أن يكون هذه العجائب إلا لمثل هذا السيد ، ولقد نظم بعض المتقدمين واقعة شقيق معه في أبيات طويلة اقتصرت على ذكر بعضها فقال :
            لما حججت عاينت شخصا ناحل الجسم شاحب اللون أسمر
            سائرا وحده وليس له زاد فما زلت دائبا أتفكر
            وتوهمت أنه يسأل الناس ولم أدر أنه الحج الأكبر
            ثم عاينته ونحن نزول دون فيد على الكثيب الأحمر
            يضع الرمل في الاناء ويشربه فناديته وعقلي محير
            اسقني شربة فلما سقاني منه عاينته سويقا وسكر
            فسألت الحجيج من يك هذا ؟ قيل هذا الإمام موسى بن جعفر
            بيان : قال الفيروزآبادي : الغاشية السؤال يأتونك والزوار والأصدقاء ينتابونك ، وحديدة فوق موخرة الرحل وغشاء القلب والسرج والسيف وغيره ما تغشاه . وقال : شحب لونه كجمع ونصر وكرم وعنى شحوبا وشحوبة تغير من هزال أو جوع أو سفر والنحول الهزال .
            أقول : رأيت هذه القصة في أصل كتاب محمد بن طلحة مطالب السؤول وفي الفصول المهمة وأوردها ابن شهرآشوب أيضا مع اختصار ، وقال صاحب كشف الغمة وصاحب الفصول المهمة : هذه الحكاية رواها جماعة من أهل التأليف رواها ابن الجوزي في كتابيه " إثارة العزم الساكن إلى أشرف الأماكن " و " كتاب صفة الصفوة " والحافظ عبد العزيز بن الأخضر الجنابذي في كتاب معالم العترة النبوية ، ورواها الرامهرمزي في كتاب كرامات الأولياء .
            وذكر محمد بن طلحة في مطالب السؤول .
            - وروى في كشف الغمة عنه أيضا أنه قال : ولقد قرع سمعي ذكر واقعة عظيمة ذكرها بعض صدور العراق أثبتت لموسى أشرف منقبة ، وشهدت له بعلو مقامه عند الله تعالى وزلفى منزلته لديه ، وظهرت بها كرامته بعد وفاته ، ولا شك أن ظهور الكرامة بعد الموت أكبر منها دلالة حال الحياة : وهي أن من عظماء الخلفاء مجدهم الله تعالى من كان له نائب كبير الشأن في الدنيا من مماليكه الأعيان في ولاية عامة طالت فيها مدقه ، وكان ذا سطوة وجبروت فلما انتقل إلى الله تعالى : اقتضت رعاية الخليفة أن تقدم بدفنه في ضريح مجاور لضريح الإمام موسى بن جعفر بالمشهد المطهر ، وكان بالمشهد المطهر نقيب معروف مشهود له بالصلاح ، كثير التردد والملازمة للضريح والخدمة له ، قائم بوظائفها .
            فذكر هذا النقيب أنه بعد دفن هذا المتوفى في ذلك القبر بات بالمشهد الشريف فرأى في منامه أن القبر قد انفتح والنار تشتعل فيه ، وقد انتشر منه دخان ورائحة قتار ذلك المدفون فيه إلى أن ملأت المشهد ، وأن الإمام موسى واقف ، فصاح لهذا النقيب باسمه وقال له : تقول للخليفة يا فلان وسماه باسمه لقد آذيتني بمجاورة هذا الظالم وقال كلاما خشنا .
            فاستيقظ ذلك النقيب وهو يرعد فرقا وخوفا ولم يلبث أن كتب ورقة وسيرها منهيا فيها صورة الواقعة بتفصيلها ، فلما جن الليل جاء الخليفة إلى المشهد المطهر بنفسه واستدعى النقيب ودخلوا الضريح وأمر بكشف ذلك القبر ونقل ذلك المدفون إلى موضع آخر خارج المشهد ، فلما كشفوه وجدوا فيه رماد الحريق ولم يجدوا للميت أثرا .
            توضيح : القتار بالضم ريح القدر والشواء والعظم المحرق .
            - عيون المعجزات : عن محمد بن الفضل عن داود الرقي قال : قلت لأبي عبد الله : حدثني عن أعداء أمير المؤمنين وأهل بيت النبوة ، فقال : الحديث أحب إليك أم المعاينة ؟ قلت : المعاينة ، فقال لأبي إبراهيم موسى : ائتني بالقضيب فمضى وأحضره إياه ، فقال له : يا موسى اضرب به الأرض وأرهم أعداء أمير المؤمنين وأعداءنا ، فضرب به الأرض ضربة فانشقت الأرض عن بحر أسود ، ثم ضرب البحر بالقضيب فانفلق عن صخرة سوداء ، فضرب الصخرة فانفتح منها باب ، فإذا بالقوم جميعا لا يحصون لكثرتهم ووجوههم مسودة وأعينهم زرق ، كل واحد منهم مصفد مشدود في جانب من الصخرة ، وهم ينادون يا محمد ! والزبانية تضرب وجوههم ويقولون لهم : كذبتم ليس محمد لكم ولا أنتم له .
            فقلت له : جعلت فداك من هؤلاء ؟ فقال : الجبت والطاغوت والرجس واللعين ابن اللعين ، ولم يزل يعددهم كلهم من أولهم إلى آخرهم حتى أتى على أصحاب السقيفة ، وأصحاب الفتنة ، وبني الأزرق والأوزاع وبني أمية جدد الله عليهم العذاب بكرة وأصيلا .
            ثم قال للصخرة : انطبقي عليهم إلى الوقت المعلوم .
            بيان : يمكن أن يكون أصحاب الفتنة إشارة إلى طلحة والزبير وأصحابهما وبنو الأزرق الروم ولا يبعد أن يكون إشارة إلى معاوية وأصحابه وبنو زريق حي من الأنصار والأوزاع الجماعات المختلفة .

            يتبع ...
            sigpic

            قال رسول الله (ص):

            (مَن سرَّ مؤمناً ، فقد سرّني ، ومن سرَّني فقد سرّ الله )



            صدق رسول الله

            تعليق


            • #16
              قصة إبراهيم الجمال وعلي بن يقطين ، وقصة رجل نصراني

              - ومن الكتاب المذكور : عن محمد بن علي الصوفي قال : استأذن إبراهيم الجمال رضي الله عنه على أبي الحسن علي بن يقطين الوزير فحجبه ، فحج علي بن يقطين في تلك السنة فاستأذن بالمدينة على مولانا موسى بن جعفر فحجبه ، فرآه ثاني يومه فقال علي بن يقطين : يا سيدي ما ذنبي ؟ فقال : حجبتك لأنك حجبت أخاك إبراهيم الجمال وقد أبى الله أن يشكر سعيك أو يغفر لك إبراهيم الجمال ، فقلت : سيدي ومولاي من لي بإبراهيم الجمال في هذا الوقت وأنا بالمدينة وهو بالكوفة ؟ فقال : إذا كان الليل فامض إلى البقيع وحدك من غير أن يعلم بك أحد من أصحابك و غلمانك واركب نجيبا هناك مسرجا قال : فوافي البقيع وركب النجيب ولم يلبث أن أناخه على باب إبراهيم الجمال بالكوفة فقرع الباب وقال : أنا علي بن يقطين .فقال إبراهيم الجمال من داخل الدار : وما يعمل علي بن يقطين الوزير ببابي ؟ ! فقال علي بن يقطين : يا هذا إن أمري عظيم وآلى عليه أن يأذن له ، فلما دخل قال : يا إبراهيم إن المولى أبى أن يقبلني أو تغفر لي ، فقال : يغفر الله لك فآلى علي بن يقطين على إبراهيم الجمال أن يطأ خده فامتنع إبراهيم من ذلك فآلى عليه ثانيا ففعل ، فلم يزل إبراهيم يطأ خده وعلي بن يقطين يقول : اللهم اشهد ، ثم انصرف وركب النجيب وأناخه من ليلته بباب المولى موسى بن جعفر بالمدينة فأذن له ودخل عليه فقبله .
              - الكافي : أحمد بن مهران ، وعلي بن إبراهيم جميعا ، عن محمد بن علي عن الحسن بن راشد ، عن يعقوب بن جعفر بن إبراهيم قال : كنت عند أبي الحسن موسى إذ أتاه رجل نصراني ونحن معه بالعريض ، فقال له النصراني : إني أتيتك من بلد بعيد وسفر شاق وسألت ربي منذ ثلاثين سنة أن يرشدني إلى خير الأديان وإلى خير العباد وأعلمهم ، وأتاني آت في النوم فوصف لي رجلا بعليا دمشق فانطلقت حتى أتيته فكلمته فقال : أنا أعلم أهل ديني وغيري أعلم مني .
              فقلت : أرشدني إلى من هو أعلم منك فاني لا أستعظم السفر ولا تبعد علي الشقة ، ولقد قرأت الإنجيل كلها ومزامير داود ، وقرأت أربعة أسفار من التوراة وقرأت ظاهر القرآن حتى استوعبته كله ، فقال لي العالم : إن كنت تريد علم النصرانية فأنا أعلم العرب والعجم بها ، وإن كنت تريد علم اليهود فباطي بن شراحيل السامري أعلم الناس بها اليوم ، وإن كنت تريد علم الاسلام وعلم التوراة وعلم الإنجيل والزبور وكتاب هود وكلما انزل على نبي من الأنبياء في دهرك ودهر غيرك ، وما نزل من السماء من خير فعلمه أحد أو لم يعلم به أحد فيه تبيان كل شئ وشفاء للعالمين ، وروح لمن استروح إليه ، وبصيرة لمن أراد الله به خيرا وأنس إلى الحق فأرشدك إليه ، فائته ولو ماشيا على رجليك ، فإن لم تقدر فحبوا على ركبتيك ، فإن لم تقدر فزحفا على استك ، فإن لم تقدر فعلى وجهك .
              فقلت : لا بل أنا أقدر على المسير في البدن والمال ، قال : فانطلق من فورك حتى تأتي يثرب ، فقلت : لا أعرف يثرب ، فقال : فانطلق حتى تأتي مدينة النبي الذي بعث في العرب ، وهو النبي العربي الهاشمي فإذا دخلتها فسل عن بني غنم بن مالك بن النجار ، وهو عند باب مسجدها وأظهر بزة النصرانية وحليتها ، فان واليها يتشدد عليهم والخليفة أشد ، ثم تسأل عن بني عمرو بن مبذول ، وهو ببقيع الزبير ثم تسأل عن موسى بن جعفر وأين منزله وأين هو مسافر أم حاضر ، فإن كان مسافرا فالحقه فان سفره أقرب مما ضربت إليه ، ثم أعلمه أن مطران عليا الغوطة . غوطة دمشق هو الذي أرشدني إليك ، وهو يقرئك السلام كثيرا ويقول لك : إني لأكثر مناجاة ربي أن يجعل إسلامي على يديك .
              فقص هذه القصة وهو قائم معتمد على عصاه ، ثم قال : إن أذنت لي يا سيدي كفرت لك وجلست فقال : آذن لك أن تجلس ولا آذن لك أن تكفر ، فجلس ثم ألقى عنه برنسه ، ثم قال : جعلت فداك تأذن لي في الكلام ؟ قال : نعم ما جئت إلا له . فقال له النصراني : أردد على صاحبي السلام أو ما ترد السلام ؟ فقال أبو الحسن : على صاحبك أن هداه الله ، فأما التسليم فذاك إذا صار في ديننا .
              فقال النصراني : إني أسألك أصلحك الله ؟ قال : سل ، قال : أخبرني عن كتاب الله الذي انزل على محمد ونطق به ثم وصفه بما وصفه به فقال " حم والكتاب المبين إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين ، فيها يفرق كل أمر حكيم " ما تفسيرها في الباطن ؟ فقال : أما حم فهو محمد وهو في كتاب هود الذي أنزل عليه وهو منقوص الحروف ، وأما الكتاب المبين فهو أمير المؤمنين علي وأما الليلة ففاطمة وأما قوله : فيها يفرق كل أمر حكيم يقول : يخرج منها خير كثير فرجل حكيم ورجل حكيم ورجل حكيم .
              فقال الرجل : صف لي الأول والآخر من هؤلاء الرجال ، قال : إن الصفات تشتبه ، ولكن الثالث من القوم أصف لك ما يخرج من نسله ، وإنه عندكم لفي الكتب التي نزلت عليكم إن لم تغيروا وتحرفوا وتكفروا ، وقديما ما فعلتم .
              فقال له النصراني : إني لا أستر عنك ما علمت ولا أكذبك وأنت تعلم ما أقول وكذبه والله لقد أعطاك الله من فضله ، وقسم عليك من نعمه مالا يخطره الخاطرون ، ولا يستره الساترون ، ولا يكذب فيه من كذب ، فقولي لك في ذلك الحق كلما ذكرت فهو كما ذكرت .
              فقال له أبو إبراهيم أعجلك أيضا خبرا لا يعرفه إلا قليل ممن قرأ الكتب أخبرني ما اسم أم مريم ، وأي يوم نفخت فيه مريم ؟ ولكم من ساعة من النهار ؟ وأي يوم وضعت مريم فيه عيسى ؟ ولكم من ساعة من النهار ؟ فقال النصراني : لا أدري .
              فقال أبو إبراهيم عليه السلام : أما أم مريم فاسمها مرثا وهي وهيبة بالعربية ، وأما اليوم الذي حملت فيه مريم فهو يوم الجمعة للزوال ، وهو اليوم الذي هبط فيه الروح الأمين وليس للمسلمين عيد كان أولى منه عظمه الله تبارك وتعالى ، وعظمه محمد فأمر أن يجعله عيدا فهو يوم الجمعة ، وأما اليوم الذي ولدت فيه مريم فهو يوم الثلاثا لأربع ساعات ونصف من النهار ، والنهر الذي ولدت عليه مريم عيسى هل تعرفه ؟ قال : لا ، قال : هو الفرات ، وعليه شجر النخل والكرم وليس يساوي بالفرات شئ للكروم والنخيل . فأما اليوم الذي حجبت فيه لسانها ونادى قيدوس ولده وأشياعه فأعانوه و أخرجوا آل عمران لينظروا إلى مريم فقالوا لها ما قص الله عليك في كتابه وعلينا في كتابه فهل فهمته ؟ فقال : نعم وقرأته اليوم الا حدث قال إذا لا تقوم من مجلسك حتى يهديك الله .
              قال النصراني : ما كان اسم أمي بالسريانية وبالعربية ؟ فقال : كان اسم أمك بالسريانية عنقالية ، وعنقورة كان اسم جدتك لأبيك ، وأما اسم أمك بالعربية فهومية ، وأما اسم أبيك فعبد المسيح وهو عبد الله بالعربية ، وليس للمسيح عبد قال : صدقت وبررت فما كان اسم جدي ؟ قال : كان اسم جدك جبرئيل ، وهو عبد الرحمن سميته في مجلسي هذا ، قال : أما إنه كان مسلما .
              قال أبو إبراهيم : نعم وقتل شهيدا دخلت عليه أجناد فقتلوه في منزله غيلة و الأجناد من أهل الشام .
              قال : فما كان اسمي قبل كنيتي ؟ قال : كان اسمك عبد الصليب ، قال : فما تسميني ؟ قال : أسميك عبد الله ، قال : فاني آمنت بالله العظيم وشهدت أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له فردا صمدا ، ليس كما يصفه النصارى ، وليس كما يصفه اليهود ولا جنس من أجناس الشرك ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالحق فأبان به لأهله وعمي المبطلون ، وأنه كان رسول الله إلى الناس كافة إلى الأحمر والأسود كل فيه مشترك فأبصر من أبصر ، واهتدى من اهتدى ، وعمي المبطلون وضل عنهم ما كانوا يدعون ، وأشهد أن وليه نطق بحكمته وأن من كان قبله من الأنبياء نطقوا بالحكمة البالغة ، وتوازروا على الطاعة لله ، وفارقوا الباطل وأهله ، والرجس وأهله ، وهجروا سبيل الضلالة ، ونصرهم الله بالطاعة له وعصمهم من المعصية ، فهم لله أولياء ، وللدين أنصار ، يحثون على الخير ، ويأمرون به آمنت بالصغير منهم والكبير ، ومن ذكرت منهم ومن لم أذكر ، وآمنت بالله تبارك وتعالى رب العالمين .
              ثم قطع زناره وقطع صليبا كان في عنقه من ذهب ، ثم قال : مرني حتى أضع صدقتي حيث تأمرني فقال : ههنا أخ لك كان على مثل دينك ، وهو رجل من قومك من قيس بن ثعلبة ، وهو في نعمة كنعمتك فتواسيا وتجاورا ، ولست أدع أن أورد عليكما حقكما في الاسلام ، فقال : والله أصلحك الله إني لغني ولقد تركت ثلاثمائة طروق بين فرس وفرسة ، وتركت ألف بعير فحقك فيها أوفر من حقي فقال له : أنت مولى الله ورسوله وأنت في حد نسبك على حالك ، فحسن إسلامه وتزوج امرأة من بني فهر وأصدقها أبو إبراهيم خمسين دينارا من صدقة علي بن أبي طالب وأخدمه وبوأه وأقام حتى اخرج أبو إبراهيم فمات بعد مخرجه بثمان و عشرين ليلة .
              بيان : العريض : كزبير واد بالمدينة ، وعليا دمشق بالضم والمد : أعلاها والشقة : السفر الطويل ، والسامرة : قوم من اليهود يخالفونهم في بعض أحكامهم فعلمه أحد أي غير الامام ، أو لم يعلم به أحد غيره ، ويحتمل التعميم بناءا على ما يلقى إلى الامام من العلوم الدائبة .
              قوله : فيه تبيان كل شئ الضمير راجع إلى الامام ويحتمل رجوعه إلى ما نزل ، والروح : بالفتح الرحمة ، والاسترواح طلب الروح ، وتعديته بإلى بتضمين معنى التوجه والاصغاء ، والحبو : المشي باليدين والرجلين ، والزحف : الانسحاب على الاست ، فعلى وجهك أي بأن تجر نفسك على الأرض مكبوبا على وجهك ، و " هو " كأن الضمير راجع إلى مصدر تسأل ، والبزة : بالكسر الهيئة ، والحلية بالكسر الصفة ، وضمير عليهم راجع إلى من يبعثه لطلبه وشيعته ، مما ضربت أي سافرت من بلدك إليه .
              ومطران النصارى : بالفتح وقد تكسر لقب للكبير والهيم منهم ، والغوطة : بالضم مدينة دمشق أو كورتها ، والتكفير : أن يخضع الانسان لغيره ، كما يكفر العلج للدهاقين يضع يده على صدره ويتطأطأ له ، وكان إلقاء البرنس للتعظيم كما هو دأبهم اليوم ، أو ما ترد : الترديد من الراوي ، والهمزة للاستفهام الانكاري ، والواو للعطف ، وكأنه أظهر ، على صاحبك أن هداه الله ، الظاهر كون أن بالفتح أي نرد أو ندعو على صاحبك أن يهديه الله إلى الاسلام ، ويمكن أن يقرأ بالكسر أي نسلم عليه بشرط الهداية لا مطلقا أو بعدها لا في الحال ، ثم وصفه أي الرب تعالى الكتاب بما وصفه به من كونه مبينا ، وكونه منزلا في ليلة مباركة ، وهو في كتاب هود أي اسمه فيه كذلك ، وهو منقوص الحروف أي نقص منه حرفان الميم الأول والدال وأما التعبير عن فاطمة بالليلة فباعتبار عفافها ومستوريتها عن الخلائق صورة ورتبة .
              يخرج منها : بلا واسطة وبها خير : بالتخفيف أو بالتشديد .
              أقول : هذا بطن الآية لدلالة الظهر عليه بالالتزام ، إذ نزول القرآن في ليلة القدر إنما هو لهداية الخلق وإرشادهم إلى شرايع الدين وإقامتهم على الحق إلى انقضاء الدنيا ، ولا يتأتى ذلك إلا بوجود إمام في كل عصر يعلم جميع ما يحتاج إليه الخلق ، وتحقق ذلك بنصب أمير المؤمنين وجعله مخزنا لعلم القرآن لفظا و معنى ، وظهرا وبطنا ، ليصير مصداقا للكتاب المبين ، ومزاوجته مع سيدة النساء ليخرج منهما الأئمة الهادون إلى يوم الدين ، فظهر أن الظهر والبطن متطابقان ومتلازمان .
              صف لي : كأن مراده التوصيف بالشمائل ، فان الصفات تشتبه : أي تتشابه لا تكاد تنتهي إلى شئ تسكن إليه النفس ، ما يخرج من نسله أي القائم أو الجميع ، واستعمل ما في موضع من ، وقديما ظرف لفعلتم ، ، وما للابهام في صدق ما أقول : أي من جهة صدق ما أقول وكذبه ، أو في جملة صادقة وكاذبة .
              مالا يخطره الخاطرون بتقديم المعجمة على المهملة : أي مالا يخطر ببال أحد لكن في الاسناد توسع ، لأن الخاطر هو الذي يخطر بالبال ، ولذا قرأ بعضهم بالعكس أي لا يمنعه المانعون ، ولا يستره الساترون : أي لا يقدرون على ستره لشدة وضوحه .
              ولا يكذب فيه من كذب بالتخفيف فيهما أو بالتشديد فيهما ، أو بالتشديد في الأول والتخفيف في الثاني ، أو بالعكس والأول أظهر ، فيحتمل وجهين : الأول : أن المعنى من أراد أن يكذب فيما أنعم الله عليك وينكره لا يقدر عليه لوضوح الامر ، و من أنكر فباللسان دون الجنان نظير قوله تعالى " لا ريب فيه " أي ليس محلا للريب والثاني : أن يكون المراد أنه كل من يزعم أنه يفرط في مدحك فليس بكاذب بل مقصر عما تستحقه من ذلك ، نفخت على المجهول أي نفخ فيها ، فيه قال الجوهري نفخ فيه ونفخه أيضا لغة .
              قوله فاسمه مرثا ، وفي بعض الروايات أن اسمها حنة كما في القاموس فيمكن أن يكون أحدهما اسما والآخر لقبا ، أو يكون أحدهما موافقا للمشهور بين أهل الكتاب ، وهو اليوم الذي هبط ، أي إلى مريم للنفخ ، أو إلى الرسول للبعثة أو أولا إلى الأرض ، حجبت فيه لسانها : أي منعت عن الكلام لصوم الصمت ، اليوم الا حدث : أي هذا اليوم فان الأيام السالفة بالنسبة إليه قديمة ، وبررت أي في تسميتك إياه بعبد الله ، أو صدقت فيما سألت وبررت في إفادة ما لم أسأل ، لأنه تبرع بذكر اسم جدته وأبيه ، سميته على صيغة المتكلم ، أي كان اسمه جبرئيل وسميته أنا في هذا المجلس عبد الرحمن ، بناءا على مرجوحية التسمية باسم الملائكة أو بالخطاب بأن يكون اسم جده جبرئيل وسماه في نفسه في هذا المجلس عبد الرحمن طلبا للمعجزة والأول أظهر .
              غيلة بالكسر أي فجأة وبغتة ، قبل كنيتي كأنه كان له اسم قبل الكنية ثم كنى واشتهر بها ، فسأل عن الاسم المتروك لمزيد اليقين ، فأبان به ضمير " به " للحق و الباء لتقوية التعدية ، والأحمر والأسود العجم والعرب ، أو الإنس والجن ، و المراد بوليه أبو الحسن أو أمير المؤمنين أو كل أوصيائه ، صدقتي كأن المراد بها الصليب الذي كان في عنقه أراد أن يتصدق بذهبه ويحتمل الأعم ، وهو في نعمة : أي الهداية إلى الاسلام بعد الكفر ، حقكما أي من الصدقات ، والمراد بالطروق هنا ما بلغ حد الطرق ذكرا كان أو أنثى ، فحقك فيها أي الخمس أو بناءا على أن الامام أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، أنت مولى الله [ ورسوله ] أي معتقهما لأنه بهما أعتق من النار ويحتمل أن يكون بمعنى الوارد على قبيلة لم يكن منهم أو الناصر ، وأنت في حد نسبك أي لا يضر ذلك في نسبك ومنزلتك


              قصة رجل من الرهبان وما قال له
              الكافي : علي بن إبراهيم وأحمد بن مهران جميعا عن محمد بن علي ، عن الحسن ابن راشد ، عن يعقوب بن جعفر قال : كنت عند أبي إبراهيم وأتاه رجل من أهل نجران اليمن من الرهبان ومعه راهبة فاستأذن لهما الفضل بن سوار فقال له : إذا كان غدا فأت بهما عند بئر أم خير ، قال : فوافينا من الغد فوجدنا القوم قد وافوا فأمر بخصفة بواري ثم جلس وجلسوا ، فبدأت الراهبة بالمسائل فسألت عن مسائل كثيرة كل ذلك يجيبها ، وسألها أبو إبراهيم عن أشياء لم يكن عندها فيه شئ ، ثم أسلمت ، ثم أقبل الراهب يسأله فكان يجيبه في كل ما يسأله .فقال الراهب : قد كنت قويا على ديني وما خلفت أحدا من النصارى في الأرض يبلغ مبلغي في العلم ، ولقد سمعت برجل في الهند إذا شاء حج إلى بيت المقدس في يوم وليلة ثم يرجع إلى منزله بأرض الهند ، فسألت عنه بأي أرض هو فقيل لي إنه بسندان وسألت الذي أخبرني فقال : هو علم الاسم الذي ظفر به آصف صاحب سليمان لما أتى بعرش سبأ ، وهو الذي ذكره الله لكم في كتابكم ، ولنا معشر الأديان في كتبنا .
              فقال له أبو إبراهيم : فكم لله من اسم لا يرد ؟ فقال الراهب : الأسماء كثيرة ، فأما المحتوم منها الذي لا يرد سائله فسبعة ، فقال له أبو الحسن فأخبرني عما تحفظ منها ؟ فقال الراهب : لا والله الذي أنزل التوراة على موسى وجعل عيسى عبرة للعالمين وفتنة لشكر أولي الألباب ، وجعل محمدا بركة ورحمة وجعل عليا عبرة وبصيرة ، وجعل الأوصياء من نسله ونسل محمد ما أدري ، ولو دريت ما احتجت فيه إلى كلامك ولا جئتك ولا سألتك .
              فقال له أبو إبراهيم : عد إلى حديث الهندي ، فقال له الراهب : سمعت بهذه الأسماء ولا أدري ما بطائنها ولا شرائحها ، ولا أدري ما هي ، ولا كيف هي ، ولا بدعائها فانطلقت حتى قدمت سندان الهند ، فسألت عن الرجل فقيل لي : إنه بنى ديرا في جبل فصار لا يخرج ولا يرى إلا في كل سنة مرتين ، وزعمت الهند أن الله تعالى فجر له عينا في ديره ، وزعمت الهند أنه يزرع له من غير زرع يلقيه ، ويحرث له من غير حرث يعمله ، فانتهيت إلى بابه ، فأقمت ثلاثا لا أدق الباب ، ولا أعالج الباب .
              فلما كان اليوم الرابع فتح الله باب ، وجاءت بقرة عليها حطب تجر ضرعها يكاد يخرج ما في ضرعها من اللبن ، فدفعت الباب فانفتح فتبعتها ودخلت ، فوجدت الرجل قائما ينظر إلى السماء فيبكي ، وينظر إلى الأرض فيبكي ، وينظر إلى الجبال فيبكي ، فقلت : سبحان الله ما أقل ضربك في دهرنا هذا فقال لي : والله ما أنا إلا حسنة من حسنات رجل خلفته وراء ظهرك . فقلت له : أخبرت أن عندك اسما من أسماء الله تعالى تبلغ به في كل يوم و ليلة بيت المقدس وترجع إلى بيتك ، فقال لي : فهل تعرف البيت المقدس ؟ فقلت : لا أعرف إلا بيت المقدس الذي بالشام ، فقال : ليس بيت المقدس ولكنه البيت المقدس وهو بيت آل محمد فقلت له : أما ما سمعت به إلى يومي هذا فهو بيت المقدس فقال لي : تلك محاريب الأنبياء ، وإنما كان يقال لها حظيرة المحاريب حتى جاءت الفترة التي كانت بين محمد وعيسى صلى الله عليهما ، وقرب البلاء من أهل الشرك وحلت النقمات في دور الشياطين ، فحولوا وبدلوا ونقلوا تلك الأسماء وهو قول الله تبارك وتعالى : البطن لآل محمد والظهر مثل : " إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان " .
              فقلت له : إني قد ضربت إليك من بلد بعيد تعرضت إليك بحارا وغموما و هموما وخوفا ، وأصبحت وأمسيت مؤيسا ألا أكون ظفرت بحاجتي فقال لي : ما أرى أمك حملت بك إلا وقد حضرها ملك كريم ، ولا أعلم أن أباك حين أراد الوقوع بأمك إلا وقد اغتسل وجاءها على طهر ، ولا أزعم إلا أنه كان درس السفر الرابع من سحره ذلك فختم له بخير ، ارجع من حيث جئت ، فانطلق حتى تنزل مدينة محمد التي يقال لها طيبة ، وقد كان اسمها في الجاهلية يثرب ، ثم اعمد إلى موضع منها يقال له البقيع ، ثم سل عن دار يقال لها دار مروان فانزلها ، وأقم ثلاثا ، ثم سل الشيخ الأسود الذي يكون على بابها يعمل البواري ، وهي في بلادهم اسمها الخصف فتلطف بالشيخ وقل له : بعثني إليك نزيلك الذي كان ينزل في الزاوية في البيت الذي فيه الخشيبات الأربع ، ثم سله عن فلان بن فلان الفلاني ، وسله أين ناديه ، وسله أي ساعة يمر فيها فليريكاه ، أو يصفه لك فتعرفه بالصفة ، وسأصفه لك ، قلت : فإذا لقيته فأصنع ماذا ؟ فقال : سله عما كان وعما هو كائن ، وسله عن معالم دين من مضى ومن بقي .
              فقال له أبو إبراهيم : قد نصحك صاحبك الذي لقيت ، فقال الراهب : ما اسمه جعلت فداك ؟ قال : هو متمم بن فيروز ، وهو من أبناء الفرس ، وهو ممن آمن بالله وحده لا شريك له ، وعبده بالاخلاص والايقان ، وفر من قومه لما خالفهم فوهب له ربه حكما ، وهداه لسبيل الرشاد ، وجعله من المتقين وعرف بينه وبين عباده المخلصين ، وما من سنة إلا وهو يزور فيها مكة حاجا ، ويعتمر في رأس كل شهر مرة ، ويجئ من موضعه من الهند إلى مكة فضلا من الله وعونا ، وكذلك نجزي الشاكرين .
              ثم سأله الراهب عن مسائل كثيرة كل ذلك يجيبه فيها وسأل الراهب عن أشياء لم يكن عند الراهب فيها شئ فأخبره بها ، ثم إن الراهب قال : أخبرني عن ثمانية أحرف نزلت فتبين في الأرض منها أربعة ، وبقي في الهواء منها أربعة على من نزلت تلك الأربعة التي في الهواء ومن يفسرها ؟ قال : ذلك قائمنا فينزله الله عليه فيفسره وينزله عليه ما لم ينزل على الصديقين والرسل والمهتدين .
              ثم قال الراهب : فأخبرني عن الاثنين من تلك الأربعة الأحرف التي في الأرض ما هي ؟ قال : أخبرك بالأربعة كلها ، أما أولين فلا إله إلا الله وحده لا شريك له باقيا ، والثانية محمد رسول الله مخلصا ، والثالثة نحن أهل البيت ، والرابعة شيعتنا منا ، ونحن من رسول الله ورسول الله من الله بسبب .
              فقال له الراهب : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وأن ما جاء به من عند الله حق ، وأنكم صفوة الله من خلقه ، وأن شيعتكم المطهرون المستبدلون ولهم عاقبة الله والحمد لله رب العالمين ، فدعا أبو إبراهيم بجبة خز وقميص قوهي وطيلسان وخف وقلنسوة فأعطاها إياه ، وصلى الظهر وقال له اختتن فقال : قد اختتنت في سابعي .
              توضيح : في القاموس الخصفة الجلة تعمل من الخوص للتمر ، والثوب الغليظ جدا انتهى وكأن الإضافة إلى البواري لبيان أن المراد بها ما يعمل من الخوص للفرش مكان البارية لا ما يعمل للتمر ، وكأن هذا هو المراد بالبواري فيما سيأتي ، و سندان الآن غير معروف ، لا يرد أي سائله كما سيأتي أو المسؤول به ، عبرة بالكسر وهي ما يعتبر به أي ليستدلوا به على كمال قدرة الله حيث خلقه من غير أب ، وفتنة أي امتحانا ليشكروه على نعمة إيجاد عيسى لهم كذلك فيثابوا ، ويمكن أن يقرأ العبرة بالفتح الاسم من التعبير عما في الضمير ، كما يقال لعيسى كلمة الله وللأئمة كلمات الله ، فإنهم يعبرون عن الله .
              قوله : ما أدري : جواب القسم ، والبطائن كأنه جمع البطانة بالكسر أي سرائرها ، وشرائحها أي ما يشرحها ويبينها وكأنه كناية عن ظواهرها ، وفي بعض النسخ شرايعها أي طرق تعلمها أو ظواهرها ، ولا بدعائها ، الدراية تتعدى بنفسها و بالباء يقال دريته ودريت به ، ما أقل ضربك أي مثلك ، رجل خلفته أي موسى .
              قوله : ليس بيت المقدس اسم ليس ضمير مستتر للذي بالشام ، وضمير لكنه لبيت المقدس ، والحاصل أنه ليس الذي بالشام اسمه بيت المقدس ولكن المسمى ببيت المقدس هو البيت المقدس المطهر وهو بيت آل محمد الذين أنزل الله فيهم آية التطهير فهو بيت المقدس ، ضمير هو للذي بالشام ، والجملة جواب أما وخبر ما ، والحاصل أي ما سمعت إلى الآن غير الذي بالشام مسمى ببيت المقدس وتأنيث تلك باعتبار الخبر أو بتأويل البقعة ونحوها والحظيرة : في الأصل هي التي تعمل لللإبل من شجر ثم استعمل في كل ما يحيط بالشئ خشبا أو قصبا أو غيرهما ، وقرب البلاء أي الابتلاء والافتتان والخذلان ، وهو المراد بحلول النقمات في دور شياطين الانس أو الأعم منهم ومن الجن ، بسلب ما يوجب هدايتهم عنهم ، وهو قول الله : كان الضمير لمصدر نقلوا ، وقوله : البطن إلى قوله مثل معترضة .
              وقوله إن هي الخ بيان لقول الله ، وحاصل الكلام أن آيات الشرك ظاهرها في الأصنام الظاهرة ، وباطنها في خلفاء الجور الذين أشركوا مع أئمة الحق و نصبوا مكانهم ، فقوله سبحانه " أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى " أريد في بطنها باللات الأول وبالعزى الثاني ، وبالمناة الثالث ، حيث سموهم بأمير المؤمنين وبخليفة رسول الله وبالصديق والفاروق وذي النورين وأمثال ذلك .
              وتوضيحه : أن الله تعالى لم ينزل القرآن لأهل عصر الرسول ، و الحاضرين في وقت الخطاب فقط ، بل يشمل سائر الخلق إلى انقضاء الدهر ، فإذا نزلت آية في قصة أو واقعة فهي جارية في أمثالها وأشباهها .
              فما ورد في عبادة الأصنام والطواغيت في زمان كان الغالب فيه عبادة الأصنام لعدولهم عن الأدلة العقلية والنقلية الدالة على بطلانها ، وعلى وجوب طاعة النبي الناهي عن عبادتها ، فهو يجرى في أقوام تركوا طاعة أئمة الحق ، واتبعوا أئمة الجور ، لعدولهم عن الأدلة العقلية والنقلية ، واتباعهم الأهواء ، وعدولهم عن النصوص الجلية ، فهم لكثرتهم ، وامتداد أزمنتهم ، كأنهم الأصل ، وكأن ظواهر الآيات مثل فيهم ، فظواهر الآيات أكثرها أمثال ، وبواطنها هي المقصودة بالانزال ، كما قال سبحانه " ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون " .
              وعلى ما حققنا لا يلزم جريان سائر الآيات الواقعة في ذلك السياق في هذا البطن كقولهسبحانه " ألكم الذكر وله الأنثى " وإن أمكن أن يكون في بطن الآية إطلاق الأنثى عليهم ، للأنوثية السارية في أكثرهم ، لا سيما الثاني كما مر في تأويل قوله تعالى " إن يدعون من دونه إلا إناثا " أن كل من تسمى بأمير المؤمنين ورضي بهذا اللقب غيره فهو مبتلى بالعلة الملعونة ، أو لضعف الإناث بالنسبة إلى الذكور على سبيل الاستعارة ، فان فرارهم في أكثر الحروب وعجزهم عن أكثر أمور الخلافة وشرائطها ، يلحقهم بالإناث كما قال عمر ، كل الناس أفقه من عمر حتى المخدرات في الحجال .
              ثم اعلم أنه قرأ بعضهم مثل بضمتين أي أصنام ، وهو بعيد ، وقرأ بعضهم مثل بالكسر وقال : المراد أن الظهر والبطن جميعا لآل محمد في جميع القرآن مثل هذه الآية ، وهو أيضا بعيد ، تعرضت إليك : أي متوجها إليك مؤيسا ألا أكون : الظاهر أنه بالفتح مركبا من أن ولا ، ولا زائدة كما في قوله تعالى " ما منعك ألا تسجد " .
              أو يضمن مؤيسا معنى الخوف أي خائفا أن لا أكون ، وقيل إلا بالكسر من قبيل سألتك إلا فعلت كذا : أي كنت في جميع الأحوال مؤيسا إلا وقت الظفر بحاجتي ، والأول أظهر .
              ولا أعلم أن أباك ، لعل كلمة أن زيدت من النساخ ، وإن أمكن توجيهه وكان التخصيص بالسفر الرابع لكونه أفضل أسفار التوراة ، أو لاشتماله على أحوال خاتم النبيين وأوصيائه صلوات الله عليهم ، وأقم ثلاثا : كأنه أمره بذلك لئلا يعلم الناس بالتعجيل مطلبه وفي القاموس النزيل الضيف .
              عن فلان بن فلان الفلاني : أي عن موسى بن جعفر العلوي مثلا ، والنادي المجلس ، وأي ساعة يمر أي يتوجه إلى النادي ، وضمير فيها للساعة ، فليريكاه بفتح اللام والألف للاشباع . وسأصفه : الظاهر أنه وصف الإمام بحليته له ، ولم يذكر في الخبر ومن بقي أي أمة خاتم الأنبياء ، فان دينه باق إلى يوم القيامة ، ويجئ من موضعه أي بطي الأرض ، بإعجازه .
              فتبين في الأرض ، أي ظهرت وعمل بمضمونها وكأن البقاء في الهواء كناية عن عدم تبينها في الأرض وعدم العمل بمضمونها لأنها متعلقة بأحوال من يأتي في آخر الزمان ، أو أنها نزلت من اللوح إلى بيت المعمور ، أو إلى السماء الدنيا أو إلى بعض الصحف ، لكن لم تنزل بعد إلى الأرض ، وتنزل عليه ، ويؤيده قوله وينزل عليه ، باقيا : كأنه حال عن يقول المقدر في قوله فلا إله إلا الله أي فقولي لا إله إلا الله حال كون ذلك القول باقيا أبد الدهر ، وكذا قوله مخلصا أو إلها باقيا ، وأرسل حال كونه مخلصا بفتح اللام أو كسرها ، نحن أهل البيت بالرفع على الخبرية أي نحن المعنيون بآية التطهير أو بالبدلية ، أو بالنصب على الاختصاص فالمعنى أن الكلمة الثانية نحن فإنهم كلمات الله الحسنى كما مر .
              وقوله بسبب : متعلق بالجمل الثلاث أي شيعتنا متعلقون منا بسبب ، وهكذا والسبب في الأصل هو الحبل ، ثم استعير لكل ما يتوصل به إلى الشئ قال تعالى " وتقطعت بهم الأسباب " أي الوصل والمودات ، والمراد هنا الدين أو الولاية والمحبة ، والروابط المعنوية ، والمستذلون بفتح المعجمة أي الذين صيرهم الناس أذلاء ، وفي بعض النسخ المستبدلون إشارة إلى قوله تعالى " يستبدل قوما غيركم " ولهم عاقبة الله : أي تمكينهم في الأرض في آخر الزمان كما قال تعالى : " والعاقبة للمتقين " .
              وفي القاموس القوهي ثياب بيض وقوهستان بالضم كورة بين نيسابور وهراة وموضع ، وبلد بكرمان ، ومنه ثوب قوهي ، لما ينسج بها ، أو كل ثوب أشبهه يقال له قوهي في سابعي أي سابع ولادتي بأن كان أبوه مؤمنا ، أو سبعة أيام قبل ذلك . وروى البرسي في مشارق الأنوار عن صفوان بن مهران قال : أمرني سيدي أبو عبد الله يوما أن أقدم ناقته إلى باب الدار ، فجئت بها ، فخرج أبو الحسن مسرعا وهو ابن ست سنين ، فاستوى على ظهر الناقة وأثارها وغاب عن بصري قال : فقلت : إنا لله وإنا إليه راجعون ، وما أقول لمولاي إذا خرج يريد الناقة قال : فلما مضى من النهار ساعة إذا الناقة قد انقضت كأنها شهاب وهي ترفض عرقا ، فنزل عنها ، ودخل الدار ، فخرج الخادم وقال : أعد الناقة مكانها وأجب مولاك قال : ففعلت ما أمرني ، فدخلت عليه فقال : يا صفوان إنما أمرتك باحضار الناقة ليركبها مولاك أبو الحسن ، فقلت في نفسك كذا وكذا ، فهل علمت يا صفوان أين بلغ عليها في هذه الساعة ؟ إنه بلغ ما بلغه ذو القرنين وجاوزه أضعافا مضاعفة ، وأبلغ كل مؤمن ومؤمنة سلامي .
              الى هنا تمت معجزاته ، واستجابة دعواته ، ومعالي أموره وغرائب شأنه....
              التعديل الأخير تم بواسطة روضة الزهراء; الساعة 08-04-2019, 03:12 PM.
              sigpic

              قال رسول الله (ص):

              (مَن سرَّ مؤمناً ، فقد سرّني ، ومن سرَّني فقد سرّ الله )



              صدق رسول الله

              تعليق

              المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
              حفظ-تلقائي
              Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
              x
              يعمل...
              X