العفاف : بين عفة الرجل وعفة المرأة
يوسف ومريم (عليهما السلام) مظهران للعفة
عفة الرجل وعفة المرأة .
سؤال - هل أن الرجل قال في هذه الساحة كلاماً أكثر عفة ، أم أن المرأة ذكرت بياناً أكثر عفة في هذا المقام ؟
يوسف ومريم مظهران للعفة :
قال تعالى في شأن مريم عليها السلام :
( ان الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين ) آل عمران 42 .
كل منهما كان له مزايا كثيرة من القيم ، ذكرت في القرآن ، ولكن ما هو موضع اهتمام هذا البحث هي ملكة عفتهما . فيوسف أبتلي ونجا بفضل العفاف ،
ومريم امتحنت ونجت في ظل العفاف .
والمهم هو ماذا كان طريق نجاة هذين المعصومين ؟ وماذا كان رد كل منهما حين الخطر وماذا قالا ؟
عندما كان يوسف عليه السلام يمتحن كان تعبير القرآن :
( ولقد همّت به وهمّ بها لولا أن رءا برهان ربّه ) يوسف 24 .
أي ان الكلام ليس في مقام الفعل ، وليس في مرحلة المقدمات أيضاً بل في نشأة الاهتمام وهذه هي المرحلة الثالثة . المراد من مرحلة الاهتمام هنا هو ذلك الذي همت به تلك المرأة المصرية ووصلت همتها إلى حد ملاحقة يوسف عليه السلام إلى الفعلية ، ولكن يوسف الصديق عليه السلام ليس فقط لم يكن في العمل ولا في مقدمات العمل ،
بل لم يكن هناك قصد وهمة وخيال أيضاً ، بدليل ان الآية الشريفة علقت همة وقصد يوسف بشيء لم يحصل
وقالت : ( وهمّ بها لولا أن رءا برهان ربّه ) .
لم يقصد لأنه رآى برهان الرب .
وهناك شواهد كثيرة أخرى يذكر الله تعالى يوسف كعبد طاهر ومعصوم .
كما في قوله تعالى :
( انه من عبادنا المخلصين ) هذه هي صغرى القياس ،
وكبرى القياس هي ما قاله الشيطان من أنه ليس له طريق نفوذ إلى عباد الله المخلصين .
( إلاّ عبادك منهم المخلصين )الحجر 40 .
بناء على هذا ، فباعتراف الشيطان فان يوسف الصديق كان منزهاً عن هذه الآفة ،
حيث اعترفت المرأة المفترية أخيراً
وقالت :
( الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه ) يوسف 51
كما أن الله تعالى شهد أيضاً بنزاهة وقداسة يوسف
وقال :
( كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء ) يوسف 24 .
لا ( لنصرفه عن السوء ) .
أما في مسألة مريم عليهم السلام نرى أنها أما بمستوى يوسف الصديق الذي ذكره الله بعنوان عبد مخلص
( من عبادنا المخلصين ) أو هي أعلى منه .
بيان الموضوع هو انه حين جاء الكلام عن عفاف مريم عليهم السلام
لم يكن الكلام عن ( همت به وهم بها لولا ان رءا برهان ربه ) ،
بل الكلام عن :
( قالت أني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً ) مريم 18 .
لذا قال الله تعالى :
( فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشراً سوياً ) مريم 17 .
في الآية اعلاه لم يقل تعالى :
انها لو لم تر دليلاً إلهياً لكانت رغبت ولكانت نوت ،
بل قال :
( قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً ) ،
كلمة ( إن كنت تقياً )
هذه هي بعنوان أمر بالمعروف ونهي عن المنكر ، أي اتّق ، وكأن الله تعالى يقول لنا ، لا تقوموا بهذا العمل
( إن كنتم مؤمنين ) آل عمران 175
وهذا التعبير جاء كثيراً في القرآن ، أي اعملوا وفق الإيمان ،
أو قوله في آية أخرى :
( فهل أنتم مسلمون ) هود 14 .
( فهل أنتم منتهون ) المائدة 91 .
هذا النوع من التعابير المراد به الإرشاد . أي إذا كنتم مؤمنين اعملوا وفق إيمانكم . هنا قالت مريم لهذا الملك المتمثل ان لا يقدم على ذلك العمل إذا كان تقياً . اليس هذا التعبير ألطف من تعبير يوسف ؟
قال الله تعالى في شأن يوسف : إنه لو لم ير برهان ربّه لهمّ ، ولكن لم يهم لأن رأى برهان الرب ،
ولكن بشأن مريم ليس فقط انها لم تهم ، بل نهت الملك المتمثل عن هذا الهم أيضاً .
لنر الآن من كان مربي مريم عليهم السلام ؟
كانت امرأة ، مريم لم تترب على يد رجل ، لم تترب على يد أبيها ، بل تربت على يد أمها ،
كثير من الناس صالحون ، لكنهم لا يستطيعون ان يكونوا آباء لبنات مثل مريم ، أو أمهات لبنات مثل مريم .
هناك شروط كثيرة لازمة حتى يستطيع الإنسان الوصول إلى درجة بحيث يهدي ابنه إلى الله ، والله يتقبل ذلك الابن . أم مريم اعاذت مريم بالله ، والله تعالى اعطاها اللجوء وتقبلها في كنفه .
ثم قال :
( وأنبتها نباتاً حسناً ) آل عمران 37 .
هناك أفراد كثيرون يتقبل الله سعيهم فقط ولي أنفسهم ، ولذا فان الله تعالى لا يقول في شأن جميع الافراد بأنه تقبلهم وأعاذهم بل يقول :
( إنما يتقبل الله من المتقين ) المائدة 27 .
ان قبول العمل هو غير قبول ذات العامل . فأعمال كثير من الناس مقبولة .
ولكن هل ان جواهر ذواتهم مقبولة أيضاً أم لا ؟
ان الله تعالى قال بشأن مريم : ( فنقبلها ) ولم يقل ( تقبل عملها ) بناء على هذا فان أم مريم أعاذتها بالله ،
فاعطى الله العوذ ، كانت تلك الاستعاذة بالله في جوار المحراب حيث تستجاب
وتقول ابنتها : ( إني أعوذ بالرحمن منك ان كنت تقياً ) .
حين تراجع الكتب الأدبية يلاحظ ان الذين كانت لديهم معرفة بالمعارف القرآنية يفسرون كلام أم مريم كما قالته ، ولكن الذين لم يصلوا إلى تلك المعارف الرفيعة ، يفسرون كلام أم مريم هذا بتلك التقاليد الجاهلية .
التشبية في بيان أم مريم عليها السلام :
يبين القرآن الكريم قضيّة ولادة مريم عليهم السلام بهذا الشكل :
( فلما وضعتها قالت ربّ انّي وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وأنّي سميتها مريم وإنّي أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم ) آل عمران 36 .
محل البحث هناك حيث قال :
( وليس الذكر كالأنثى ) . لو دققتم في الكتب الأدبية ترون ان الادباء في تفسير هذه الجملة قمسين : فهناك من يعتبر هذا التشبيه ، تشبيها معكوساً ويقولون :
لا المذكر أفضل من المؤنث والرجل أرقى من المرأة ،
فلو قال شخص : ( ليس الذكر كالأنثى ) ،
فهنا التشبيه تشبيه معكوس ، وفي الحقيقة يعني ليست الأنثى كالذكر .
وهناك بعض يعتقدون بان التشبيه في الآية جارٍ على الأصل لا معكوس ،
بهذا البيان وهو أن الولد لا يستطيع أبداً أداء دور هذه البنت ، ولا يستطيع أي رجل ان يصبح والدا" لعيسى ،
ولا يستطيع الرجل أداء عمل هذه المرأة ، وبناء على هذا فالتشبيه تشبيه مستقيم لا معكوس .
منقول
يوسف ومريم (عليهما السلام) مظهران للعفة
عفة الرجل وعفة المرأة .
سؤال - هل أن الرجل قال في هذه الساحة كلاماً أكثر عفة ، أم أن المرأة ذكرت بياناً أكثر عفة في هذا المقام ؟
يوسف ومريم مظهران للعفة :
قال تعالى في شأن مريم عليها السلام :
( ان الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين ) آل عمران 42 .
كل منهما كان له مزايا كثيرة من القيم ، ذكرت في القرآن ، ولكن ما هو موضع اهتمام هذا البحث هي ملكة عفتهما . فيوسف أبتلي ونجا بفضل العفاف ،
ومريم امتحنت ونجت في ظل العفاف .
والمهم هو ماذا كان طريق نجاة هذين المعصومين ؟ وماذا كان رد كل منهما حين الخطر وماذا قالا ؟
عندما كان يوسف عليه السلام يمتحن كان تعبير القرآن :
( ولقد همّت به وهمّ بها لولا أن رءا برهان ربّه ) يوسف 24 .
أي ان الكلام ليس في مقام الفعل ، وليس في مرحلة المقدمات أيضاً بل في نشأة الاهتمام وهذه هي المرحلة الثالثة . المراد من مرحلة الاهتمام هنا هو ذلك الذي همت به تلك المرأة المصرية ووصلت همتها إلى حد ملاحقة يوسف عليه السلام إلى الفعلية ، ولكن يوسف الصديق عليه السلام ليس فقط لم يكن في العمل ولا في مقدمات العمل ،
بل لم يكن هناك قصد وهمة وخيال أيضاً ، بدليل ان الآية الشريفة علقت همة وقصد يوسف بشيء لم يحصل
وقالت : ( وهمّ بها لولا أن رءا برهان ربّه ) .
لم يقصد لأنه رآى برهان الرب .
وهناك شواهد كثيرة أخرى يذكر الله تعالى يوسف كعبد طاهر ومعصوم .
كما في قوله تعالى :
( انه من عبادنا المخلصين ) هذه هي صغرى القياس ،
وكبرى القياس هي ما قاله الشيطان من أنه ليس له طريق نفوذ إلى عباد الله المخلصين .
( إلاّ عبادك منهم المخلصين )الحجر 40 .
بناء على هذا ، فباعتراف الشيطان فان يوسف الصديق كان منزهاً عن هذه الآفة ،
حيث اعترفت المرأة المفترية أخيراً
وقالت :
( الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه ) يوسف 51
كما أن الله تعالى شهد أيضاً بنزاهة وقداسة يوسف
وقال :
( كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء ) يوسف 24 .
لا ( لنصرفه عن السوء ) .
أما في مسألة مريم عليهم السلام نرى أنها أما بمستوى يوسف الصديق الذي ذكره الله بعنوان عبد مخلص
( من عبادنا المخلصين ) أو هي أعلى منه .
بيان الموضوع هو انه حين جاء الكلام عن عفاف مريم عليهم السلام
لم يكن الكلام عن ( همت به وهم بها لولا ان رءا برهان ربه ) ،
بل الكلام عن :
( قالت أني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً ) مريم 18 .
لذا قال الله تعالى :
( فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشراً سوياً ) مريم 17 .
في الآية اعلاه لم يقل تعالى :
انها لو لم تر دليلاً إلهياً لكانت رغبت ولكانت نوت ،
بل قال :
( قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً ) ،
كلمة ( إن كنت تقياً )
هذه هي بعنوان أمر بالمعروف ونهي عن المنكر ، أي اتّق ، وكأن الله تعالى يقول لنا ، لا تقوموا بهذا العمل
( إن كنتم مؤمنين ) آل عمران 175
وهذا التعبير جاء كثيراً في القرآن ، أي اعملوا وفق الإيمان ،
أو قوله في آية أخرى :
( فهل أنتم مسلمون ) هود 14 .
( فهل أنتم منتهون ) المائدة 91 .
هذا النوع من التعابير المراد به الإرشاد . أي إذا كنتم مؤمنين اعملوا وفق إيمانكم . هنا قالت مريم لهذا الملك المتمثل ان لا يقدم على ذلك العمل إذا كان تقياً . اليس هذا التعبير ألطف من تعبير يوسف ؟
قال الله تعالى في شأن يوسف : إنه لو لم ير برهان ربّه لهمّ ، ولكن لم يهم لأن رأى برهان الرب ،
ولكن بشأن مريم ليس فقط انها لم تهم ، بل نهت الملك المتمثل عن هذا الهم أيضاً .
لنر الآن من كان مربي مريم عليهم السلام ؟
كانت امرأة ، مريم لم تترب على يد رجل ، لم تترب على يد أبيها ، بل تربت على يد أمها ،
كثير من الناس صالحون ، لكنهم لا يستطيعون ان يكونوا آباء لبنات مثل مريم ، أو أمهات لبنات مثل مريم .
هناك شروط كثيرة لازمة حتى يستطيع الإنسان الوصول إلى درجة بحيث يهدي ابنه إلى الله ، والله يتقبل ذلك الابن . أم مريم اعاذت مريم بالله ، والله تعالى اعطاها اللجوء وتقبلها في كنفه .
ثم قال :
( وأنبتها نباتاً حسناً ) آل عمران 37 .
هناك أفراد كثيرون يتقبل الله سعيهم فقط ولي أنفسهم ، ولذا فان الله تعالى لا يقول في شأن جميع الافراد بأنه تقبلهم وأعاذهم بل يقول :
( إنما يتقبل الله من المتقين ) المائدة 27 .
ان قبول العمل هو غير قبول ذات العامل . فأعمال كثير من الناس مقبولة .
ولكن هل ان جواهر ذواتهم مقبولة أيضاً أم لا ؟
ان الله تعالى قال بشأن مريم : ( فنقبلها ) ولم يقل ( تقبل عملها ) بناء على هذا فان أم مريم أعاذتها بالله ،
فاعطى الله العوذ ، كانت تلك الاستعاذة بالله في جوار المحراب حيث تستجاب
وتقول ابنتها : ( إني أعوذ بالرحمن منك ان كنت تقياً ) .
حين تراجع الكتب الأدبية يلاحظ ان الذين كانت لديهم معرفة بالمعارف القرآنية يفسرون كلام أم مريم كما قالته ، ولكن الذين لم يصلوا إلى تلك المعارف الرفيعة ، يفسرون كلام أم مريم هذا بتلك التقاليد الجاهلية .
التشبية في بيان أم مريم عليها السلام :
يبين القرآن الكريم قضيّة ولادة مريم عليهم السلام بهذا الشكل :
( فلما وضعتها قالت ربّ انّي وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وأنّي سميتها مريم وإنّي أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم ) آل عمران 36 .
محل البحث هناك حيث قال :
( وليس الذكر كالأنثى ) . لو دققتم في الكتب الأدبية ترون ان الادباء في تفسير هذه الجملة قمسين : فهناك من يعتبر هذا التشبيه ، تشبيها معكوساً ويقولون :
لا المذكر أفضل من المؤنث والرجل أرقى من المرأة ،
فلو قال شخص : ( ليس الذكر كالأنثى ) ،
فهنا التشبيه تشبيه معكوس ، وفي الحقيقة يعني ليست الأنثى كالذكر .
وهناك بعض يعتقدون بان التشبيه في الآية جارٍ على الأصل لا معكوس ،
بهذا البيان وهو أن الولد لا يستطيع أبداً أداء دور هذه البنت ، ولا يستطيع أي رجل ان يصبح والدا" لعيسى ،
ولا يستطيع الرجل أداء عمل هذه المرأة ، وبناء على هذا فالتشبيه تشبيه مستقيم لا معكوس .
منقول
تعليق