عصر الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) :
لقد كانت مدّة إمامة الكاظم (عليه السلام) خمسةً وثلاثين عاماً حيث اضطلع بها منذ أن كان عمره عشرين ربيعاً عام 148 هـ إلى أن استشهد عام 183 هـ وعمره خمسة وخمسون عاماً .
وهكذا عاصر من ملوك بني العباس بقية ملك المنصور ، وملك المهدي لمدة ( 10) سنوات ، والهادي لمدة سنة واحدة ، وهارون الملقب بالرشيد لمدة (15) عاماً .
وكان ملك بني العباس من أقوى ما يكون خلال هذه الفترة حتى سمّي عصر الرشيد بالعصر الذهبي ، ولا ريب أن قوة البلاد الإسلامية خلال هذا العصر لا يمكن قياسها بسائر العصور ، وفي ذات الوقت كانت الحركة الرسالية قد بلغت من القوة خلال عهد الإمام الكاظم (عليه السلام) ما أهّله للقيام بثورة شاملة لولا بعض الأقدار التي منعت اندلاع الثورة ، وأخرت نجاحها .
وقد بلغ الصراع بين السلطة العباسية والحركة الرسالية الذَّروة في عهد الرشيد ، حيث نستوحي من مجموعة نصوص وحوادث تاريخية أن مخطط الثورة كان جاهزاً ، وأن السلطة العباسية قد فشلت في احتواء الثورة على أنها كانت في عصرها الذهبي ، ذلك لأن أنصار الحركة الرسالية قد ازدادوا ليس فقط بين الناس بل كان بعض كبار رجالات الدولة يميلون إلى حدٍ ما إلى الحركة الرسالية ، ولعل ذلك يفسر لنا محاولة المأمون العباسي خليفة الرشيد ، للتقرب إلى البيت العلوي وبالذات إلى الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) الذي قتل الرشيد والده (عليه السلام) . والحوادث التي تهدينا إلى تلك الحقيقة هي التالية :
هناك بعض الأحاديث التي تدل على أنه كان المقدر أن يقوم الإمام السابع بالأمر ، وقد اشتهر عند الشيعة أنه القائم من آل محمد (صلى الله عليه واله وسلم) وأنه لا يموت حتى يملأ اللـه على يديه الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن ملئت ظلماً وجوراً .
فعن أبي حمزة الثمالي قال : قلت لأبي جعفر (عليه السلام) إن علياً (عليه السلام) كان يقول : ( إلى السبعين بلاء ، وكان يقول : بعد البلاء رخاء ) وقد مضت السبعون ولم نر رخاءً ، فقال أبو جعفر (عليه السلام) : ( يا ثابت إن اللـه تعالى قد وقّت هذا الأمر في السبعين ، فلما قتل الحسين اشتد غضب اللـه على أهل الأرض فأخّره إلى أربعين ومائة سنة ، فحدثناكم فأذعتم الحديث وكشفتم قناع السرّ ، فأخّره اللـه ولم يجعل له بعد ذلك وقتاً عندنا، ويمحو اللـه ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ) قال أبو حمزة : وقلت ذلك لأبي عبد اللـه (عليه السلام) فقــال :
( قد كان ذلك ) .
وهنالك رواية عن داود الرقّي قال : قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام) جعلت فداك أنه واللـه ما يلج في صدري من أمرك شيء إلاّ حديث سمعته من ذريج يرويه عن أبي جعفر (عليه السلام) قال لي : ( ما هو) قال سمعته يقول : ( سابعنا قائمنا إن شاء اللـه ) .
قال : ( صدقت وصدق ذريج وصدق أبو جعفر (عليه السلام) ، فازددت واللـه شكاً ، ثم قال لي : ( يا داود بن أبي كلدة ! أما واللـه لولا أن موسى قال للعالم { سَتَجِدُنِي إِن شَآءَ اللـه صَابِراً } (الكهف/69) ما سأله عن شيء ، وكذلك أبو جعفر (عليه السلام) لولا أن قال إن شاء اللـه لكان كما قال : فقطعت عليه ) .
لقد بدأ الرساليون في ذلك الظرف يتناقلون الكلام ، وبلغ الأمر إلى السلطات ، إلى درجة أنه شاع وفشى ، فاعتقلت مجموعة من الرساليين وسجنت الإمام (عليه السلام) وقتلته بعد ذلك
ولقد شاعت فكرة قيام الإمام السابع إلى درجة أن السلطة استخدمتها كورقة إعلامية ضد الحركة الرسالية ، بعد أن دسّت السمّ إلى الإمام وقتلته في غياهب سجون بغداد ، كيف ؟
إن من المعروف أن القائم لا يموت حتى يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن ملئت ظلماً وجوراً ، وها هو الإمام السابع قد فارق الحياة ، إذاً هو ليس القائم المنتظر .
وهكذا حاولت السلطة إبراز التناقض في أقوال الحركة الرسالية ، حيث نادى أزلام السلطة على نعش الإمام الكاظم (عليه السلام) ما يلي :
هذا موسى بن جعفر الذي تزعم الرافضة أنه لا يموت ، فانظروا إليه فنظروا
والواقع أن ( فشل الثورة ) أو تأخيرها ، واستشهاد الإمام المنتظر لقيادتها ، سبّب صدمة عنيفة لبعض أبناء الحركة الرسالية ، وكان امتحاناً عسيراً لولا ما ظهر بعدئذ من حكمة ذلك حيث تحول الوضع السياسي لمصلحتهم بعد هارون من دون إراقة الدماء .
ولقد استغل بعض أصحاب المصالح الطامعين في الرئاسة أو المال هذه الصدمة عند السذّج من الناس ، وطفقوا يقولون أن موسى بن جعفر (عليه السلام) لم يمت ، وأنه لا يموت حتى يقوم بالأمر .
ولقد قاوم الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) هذا المذهب الفاسد ، حتى اضمحل ولم يعد لهم وجود يذكر .
فمثلاً جاء في الحديث المأثور عن جعفر بن محمد النوفلي قال : أتيت الرضا (عليه السلام) وهو بقنطرة أربق ، فسلمت عليه ثم جلست وقلت : جعلت فداك إن أناساً يزعمون أن أباك حيّ ، فقال : كذبوا لعنهم اللـه ، لو كان حياً ما قسم ميراثه ولا نكح نساءه ، ولكنه واللـه ذاق الموت كما ذاقه عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) </i></b></i>
لقد كانت مدّة إمامة الكاظم (عليه السلام) خمسةً وثلاثين عاماً حيث اضطلع بها منذ أن كان عمره عشرين ربيعاً عام 148 هـ إلى أن استشهد عام 183 هـ وعمره خمسة وخمسون عاماً .
وهكذا عاصر من ملوك بني العباس بقية ملك المنصور ، وملك المهدي لمدة ( 10) سنوات ، والهادي لمدة سنة واحدة ، وهارون الملقب بالرشيد لمدة (15) عاماً .
وكان ملك بني العباس من أقوى ما يكون خلال هذه الفترة حتى سمّي عصر الرشيد بالعصر الذهبي ، ولا ريب أن قوة البلاد الإسلامية خلال هذا العصر لا يمكن قياسها بسائر العصور ، وفي ذات الوقت كانت الحركة الرسالية قد بلغت من القوة خلال عهد الإمام الكاظم (عليه السلام) ما أهّله للقيام بثورة شاملة لولا بعض الأقدار التي منعت اندلاع الثورة ، وأخرت نجاحها .
وقد بلغ الصراع بين السلطة العباسية والحركة الرسالية الذَّروة في عهد الرشيد ، حيث نستوحي من مجموعة نصوص وحوادث تاريخية أن مخطط الثورة كان جاهزاً ، وأن السلطة العباسية قد فشلت في احتواء الثورة على أنها كانت في عصرها الذهبي ، ذلك لأن أنصار الحركة الرسالية قد ازدادوا ليس فقط بين الناس بل كان بعض كبار رجالات الدولة يميلون إلى حدٍ ما إلى الحركة الرسالية ، ولعل ذلك يفسر لنا محاولة المأمون العباسي خليفة الرشيد ، للتقرب إلى البيت العلوي وبالذات إلى الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) الذي قتل الرشيد والده (عليه السلام) . والحوادث التي تهدينا إلى تلك الحقيقة هي التالية :
هناك بعض الأحاديث التي تدل على أنه كان المقدر أن يقوم الإمام السابع بالأمر ، وقد اشتهر عند الشيعة أنه القائم من آل محمد (صلى الله عليه واله وسلم) وأنه لا يموت حتى يملأ اللـه على يديه الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن ملئت ظلماً وجوراً .
فعن أبي حمزة الثمالي قال : قلت لأبي جعفر (عليه السلام) إن علياً (عليه السلام) كان يقول : ( إلى السبعين بلاء ، وكان يقول : بعد البلاء رخاء ) وقد مضت السبعون ولم نر رخاءً ، فقال أبو جعفر (عليه السلام) : ( يا ثابت إن اللـه تعالى قد وقّت هذا الأمر في السبعين ، فلما قتل الحسين اشتد غضب اللـه على أهل الأرض فأخّره إلى أربعين ومائة سنة ، فحدثناكم فأذعتم الحديث وكشفتم قناع السرّ ، فأخّره اللـه ولم يجعل له بعد ذلك وقتاً عندنا، ويمحو اللـه ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ) قال أبو حمزة : وقلت ذلك لأبي عبد اللـه (عليه السلام) فقــال :
( قد كان ذلك ) .
وهنالك رواية عن داود الرقّي قال : قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام) جعلت فداك أنه واللـه ما يلج في صدري من أمرك شيء إلاّ حديث سمعته من ذريج يرويه عن أبي جعفر (عليه السلام) قال لي : ( ما هو) قال سمعته يقول : ( سابعنا قائمنا إن شاء اللـه ) .
قال : ( صدقت وصدق ذريج وصدق أبو جعفر (عليه السلام) ، فازددت واللـه شكاً ، ثم قال لي : ( يا داود بن أبي كلدة ! أما واللـه لولا أن موسى قال للعالم { سَتَجِدُنِي إِن شَآءَ اللـه صَابِراً } (الكهف/69) ما سأله عن شيء ، وكذلك أبو جعفر (عليه السلام) لولا أن قال إن شاء اللـه لكان كما قال : فقطعت عليه ) .
لقد بدأ الرساليون في ذلك الظرف يتناقلون الكلام ، وبلغ الأمر إلى السلطات ، إلى درجة أنه شاع وفشى ، فاعتقلت مجموعة من الرساليين وسجنت الإمام (عليه السلام) وقتلته بعد ذلك
ولقد شاعت فكرة قيام الإمام السابع إلى درجة أن السلطة استخدمتها كورقة إعلامية ضد الحركة الرسالية ، بعد أن دسّت السمّ إلى الإمام وقتلته في غياهب سجون بغداد ، كيف ؟
إن من المعروف أن القائم لا يموت حتى يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن ملئت ظلماً وجوراً ، وها هو الإمام السابع قد فارق الحياة ، إذاً هو ليس القائم المنتظر .
وهكذا حاولت السلطة إبراز التناقض في أقوال الحركة الرسالية ، حيث نادى أزلام السلطة على نعش الإمام الكاظم (عليه السلام) ما يلي :
هذا موسى بن جعفر الذي تزعم الرافضة أنه لا يموت ، فانظروا إليه فنظروا
والواقع أن ( فشل الثورة ) أو تأخيرها ، واستشهاد الإمام المنتظر لقيادتها ، سبّب صدمة عنيفة لبعض أبناء الحركة الرسالية ، وكان امتحاناً عسيراً لولا ما ظهر بعدئذ من حكمة ذلك حيث تحول الوضع السياسي لمصلحتهم بعد هارون من دون إراقة الدماء .
ولقد استغل بعض أصحاب المصالح الطامعين في الرئاسة أو المال هذه الصدمة عند السذّج من الناس ، وطفقوا يقولون أن موسى بن جعفر (عليه السلام) لم يمت ، وأنه لا يموت حتى يقوم بالأمر .
ولقد قاوم الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) هذا المذهب الفاسد ، حتى اضمحل ولم يعد لهم وجود يذكر .
فمثلاً جاء في الحديث المأثور عن جعفر بن محمد النوفلي قال : أتيت الرضا (عليه السلام) وهو بقنطرة أربق ، فسلمت عليه ثم جلست وقلت : جعلت فداك إن أناساً يزعمون أن أباك حيّ ، فقال : كذبوا لعنهم اللـه ، لو كان حياً ما قسم ميراثه ولا نكح نساءه ، ولكنه واللـه ذاق الموت كما ذاقه عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) </i></b></i>
تعليق