العفة
وهي: الامتناع والترفع عما لا يحل أو لا يجمل، من شهوات البطن والجنس، والتحرر من استرقاقها المُذِل.
وهي من أنبل السجايا، وأرفع الخصائص، الدالة على سمو الإيمان، وشرف النفس، وعز الكرامة، وقد أشادت بفضلها الآثار:
قال الباقر(عليه السلام): (ما من عبادة أفضل عند الله من عفة بطن وفرج) (1الوافي ج3 ص65 عن الكافي).
وقال رجل للباقر(عليه السلام): (إنني ضعيف العمل، قليل الصلاة قليل الصيام، ولكني أرجو أن لا آكل إلا حلالا، ولا أنكح إلا حلالا. فقال له: أي جهاد أفضل من عفة بطن وفرج)(البحار م15 ج2 ص184 عن محاسن البرقي وقريب منه في الكافي).
وقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): (أكثر ما تلج به أمتي النار، الأجوفان البطن والفرج)(البحار م15 ج2 ص183 عن الكافي).
حقيقة العفة
ليس المراد بالعفة، حرمان النفس من أشواقها، ورغائبها المشروعة، في المطعم والجنس، وإنما الغرض منها، هو القصد والاعتدال في تعاطيها وممارستها، إذ كل إفراط أو تفريط مضر بالإنسان، وداع إلى شقائه وبؤسه:
فالإفراط في شهوات البطن والجنس، يفضيان به إلى المخاطرة الجسمية، والأضرار الماحقة، التي سنذكرها في بحث [الشره].
والتفريط فيها كذلك، باعث على الحرمان من متع الحياة، ولذائذها المشروعة، وموجب لهزال الجسد، وضعف طاقاته ومعنوياته.
الاعتدال المطلوب
من الصعب تحديد الاعتدال في غريزتي الطعام والجنس، لاختلاف حاجات الأفراد وطاقاتهم، فاعتدال في شخص قد يعتبر إفراطا أو تفريطا في آخر.
والاعتدال النسبي في المأكل هو: أن ينال كل فرد ما يقيم أوده ويسد حاجته من الطعام، متوقيا الجشع المقيت، والامتلاء المرهق.
وخير مقياس لذلك هو ماحدده أمير المؤمنين(عليه السلام)، وهو يحدث ابنه الحسن(عليه السلام): (يا بني ألا أعلمك أربع كلمات تستغني بها عن الطب؟ فقال: بلى يا أمير المؤمنين. قال لا تجلس على الطعام إلا وأنت جائع، ولاتقم عن الطعام إلا وأنت تشتهيه، وجود المضغ، وإذا نمت فأعرض نفسك على الخلاء، فإذا استعملت هذا استغنيت عن الطب).
وقال: إن في القرآن لآية تجمع الطب كله: ((كلوا واشربوا ولا تسرفوا))(الأعراف: 31) ـ (سفينة البحار م2 ص79 من دعوات الراوندي).
محاسن العفة
لا ريب أن العفة، هي من أنبل السجايا، وأرفع الفضائل، والمعربة عن سمو الإيمان، وشرف النفس، والباعثة على سعادة المجتمع والفرد.
وهي الخُلة المشرفة التي تزين الإنسان، وتسمو به عن مزريات الشره والجشع، وتصونه عن التملق للئام، استدرارا لعطفهم ونوالهم، وتحفزه على كسب وسائل العيش ورغائب الحياة، بطرقها المشروعة، وأساليبها العفيفة.
تعليق