زوجات الرسول و زواجه
لابد أن يعرف هؤلاء ومن يسمعهم أن الرسول يتميز عن أمته و أتصاله بالسماء وأنه المبلغ و الواسطة بيننا وبين السماء فله مميزات يختص بها وانه يتبع ما يوحى اليه ولا يمكن عليه الخطأ.
فعنده من المميزات التي لا يمكن أن يصل أحدنا لها منها العدالة التي لا تحيد قيد شعره ومنها قوته البدنية التي تؤهله للقيام بالواجبات الجسام فمثلا كانت صلاة الليل واجبة عليه خلافا لأمته وهذه ميزه يختص بها وحده وكذلك زواجه من عدة نساء وعدم السماح لهن بالزواج من بعده وهذه أيضا يختص بها الرسول هذا وحده كافي للرد على دعواهم ولكن رغم ذلك نتعرض الى سيرته التاريخيه مع أزواجه لنرى هل يمكن أن يكون زواجه {ص} طلب للغريزه.
بلغ خمسا وعشرين سنه ولم يتزوج و كان كريما عفيفا طاهرا صادقا أمينا في قومه لم ير أحد ولم يروي احد حتى من أعدائه إنه مال الى سفاح أو زنا او مخادنة طول حياته وهو في أوج غريزته لم يتزوج ثم بعد الخامسة و العشرين تزوج بخديجة وهي أكبر منه سنا قيل إن عمرها أربعون سنه فبقي مقتصرا عليها نيفا وعشرين سنه وهي ثلثا عمره الشريف ثم تزوج بعد وفاتها من النساء حينما أخذ بنشر الدعوه بمدة تقدر بعشر سنين ثم حرم عليه النساء بعد ومن المعلوم إن هذه الأفعال على هذه الخصوصيات لا يقبل التوجه على أنه مولع بالشهوة مع النساء ولو نظرنا الى زوجاته لوجدناهن كلهن ثيب إلا عائشه وأغلبهن كبيرة السن ولو كان كما يقولون لكان يميل الى الشابات الجميلات وقد خير نسائه بين البقاء عنده إذا زهدن في الدنيا وبين طلاقهن أن كن يردن الدنيا وزينتها, وسيرته تشهد أنه يقضي شوطا طويلا من الليل بأجواء روحية يتعبد بها فلو كان كما يقولون لم يلتفت الى العباده وهو مع زوجاته.
وهنا السؤال وهو لماذا تزوج الرسول هذا العدد؟
أولا كانت العرب تحتقر المرأة كما أسلفنا إحتقارا منقطع النظير فأراد الله ان يخص الرسول بهذا التزويج لكي يعلم الناس قيمة المرأة فكانت هذه النفس الألهيه تزدوج مع الكبيره والصغيره و الجميله و الدميمه فأدبهم أولا عملا.
و ثانيا لفظا بحثه على اكرام المرأة وسيأتي بعضه قريبا.
وثالثا كون الرسول في حالة دعوة ونشر أحكام جديده فتزوج بهذا العدد لأغراض سياسيه وشرعيه فمثلا تزوج بجويرية و أسمها بره بنت الحارث سيد بني المسطلق بعد وقعة بني المسطلق المسلمون قد أسروا منهم مئتي بيت بالنساء و الذراري فتزوج بها الرسول{ص} فقال المسلمون هؤلاء اصهار رسول الله{ص} لا ينبغي أسرهم فأعتقوهم جميعا فأسلم بذلك بني المسطلق ولحقوا عن آخرهم بالمسلمين وكانوا جما غفيرا وأثر ذلك أثرا حسنا في سائر العرب وتقوى المسلمون بذلك.
وتزوج زينب بنت جحش بعد ان طلقها زيد مولاه وابنه بالتبني وقد كانوا يعتبرون الأبن بالتبني كلأبن الحقيقي ففي هذا الزواج نسخ هذا المفهوم وشرع حكما جديدا ولو لم يتزوج الرسول فلربما تبقى أثار الجاهلية ويتحرج السلمون من مثل هذا الزواج, وتزوج بزينب بنت خزيمه بعد قتل زوجها في أحد وكانت من السيدات الفاضلات في الجاهليه تدعى أم المساكين لكثرة برها بالفقراء وعطفها بهم فصان بأزدواجها ماء وجهها وخط للمسلمين هذا الطريق وهو ان يكرم الناس أصحاب المواقف الشريفة ولكي يحفز الناس الى عمل الخير.
وتزوج بنت أبي سفيان فقد تركت أباها وهاجرت الى الحبشه فتنصر زوجها و فارقها في غربتها فأرسل إليها النبي وتزوجها لكي لا ترجع الى أهلها فيجبروها على الرد الى ألهتهم ولكي يربط صهره مع ابي سفيان الذي يقود الجيوش ضد المسلمين لعله تكون رابطة نساء بينهم فيقلل من عدائه للأسلام فينتشر الأسلام و ينتصر هذه بعض الأشارات التي يمكن أن نستوحيها من هذا الزواج وهي تكفي للرد على هذه الشبهة والله اعلم بعلل احكامه.
الطلاق
أ-جواز الطلاق: قبل كل شئ لابد أن نعرف ان الأسلام ندد بالطلاق بقدر ما حث على الزواج حتى قيل "أن أبغض الحلال عند الله الطلاق", ولو راجعنا سنة اهل البيت وعلى رأسهم نبينا الأكرم حول الطلاق لرأنيا ذما شديدا بيد انه لا يرتقي الى مستوى الحرمة وسنعرف لماذا فيما بعد ولكن لو قال قائل إن الأسلام يبغض الطلاق فلماذا لا يجعل مجموعة من القوانين والشروط تسمح بالطلاق في حدودها ولا تسمح به إذا تعداها.
الجواب: إن النظام العائلي لا يحكمه القانون فقط بل تحكمه قوانين أخرى فيتدخل فيه مثلا الجانب النفسي فقيام صرح البيت الزوجي قائم على الحب فأذا تهدم الحب من طرف الزوج وكان لا يطيق زوجته فهل تبقى الزوجة ترضخ تحت الذله, وهو في العذاب؟
ففي هذه الحالة اما ان نقول ببقائهم على حالهم هذا وقد حكمنا على الزوجين بالسجن المؤبد و بقائهم لا يطاق
قال الشاعر:-
ومن نكد الدنبا على الحر أن يرى عدو له مامن صداقتة بد
وإذا قلنا يطلقها ولكن بغض أحدهما للآخر من ضمن هذه القوانين التي تسمح بالطلاق –حسب ما اقترحه القائل سابقا- فنقول له هذه الحاله تهدم الأقتراح لأن كل من أراد الطلاق قال انا أبغض زوجتي و انفتح الطلاق على مصراعيه ولم تأتي بجديد.
بعض الأمور فيها خدش لكرامة المرأة ولذا تجنبتها الشريعة و أبدلتها بحلول سليمة ومن هذه الأشياء –التي فيها خدش لكرامة المرأة ان يحرم الأسلام الطلاق و تبقى المرأة تحت ذلة الرجل الكاره لها ولم يسمح له الشرع بطلاقها.
إن الأسلام دين الواقعيه و العدل أعطى الأسلام لهذه الأمور علاج بنظرته الشاملة العميقة ينظر الأسلام الى منشأ العداوة فأذا كانت هذه العداوة ناشئة من إنفعال عصبي جعل لها حل قال تعالى"..... وعاشروهن بالمعروف فأن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا".
المعاشرة بالمعروف التي تتمثل في إحترام المرأة في مشاعرها و عواطفها و شخصيتها المستقلة محترمة في إدارتها و تفكيرها وهذا هو الذي يحفظ للحياة الزوجيهة حيويتها و إنسانيتها.
"فأن كرهتموهن فعسى...." الآية فيها لفتة جميله توحي الى الأزواج بالأبتعاد عن الأستسلام للمشاعر الطارئه بسبب ما , فقد تنطلق المشاعر بالكراهه على أساس حاله إنفعالية سريعة ناشئة من نظرة سوداء او كلمة حمقاء او حركة عابرة او فعل بدون قصد مما يستثير في الأنسان جانب الأحساس الضبابي الغامض فيخيل له الخير شر والشر خير فتختلط عليه المواقف وتبتعد عن طريق الحكمه ومما يزيد في الطين بله وجود الشيطان الذي يجري من إبن آدم مجرى الدم في العروق فيتصرف تصرفا خاطئا بعيدا عن مصلحتيهما فنرى هذا المقطع القرآني يحث الأنسان على التفكير العميق المتأني الذي ينفصل عن أجواء المشاعر الملتهبة ليقف وجها لوجه أمام الحقيقه الموضوعيه وبعد التفكير السليم سوف تكون فيه المصلحة والخير الكثير لآن أكثر المشاكل بسيطة لا تستحق أن تهدم البيت الزوجي بالطلاق ولكن القرار الأنفعالي غير المركز يسبب تعقيد المشكله.
ولو إستحكم البغض بين الزوجين لأسباب عميقة وسقط الحب والمشاعر من الزوجين إنعكس ذلك على الاطفال وكانت الأعصاب متوترة فيكونون هم الضحيه وهم الذين يحملون صراع والديهما مما يؤثر تأثيرا بالغا و سلبيا على حياتهما المستقبليه , إن الأسلام يعارض و بشده الطلاق الغادر بسبب أمرأة جديده أو أي هوى أخر ولكن حل ذلك لا يكون بأجبار الزوج على الأحتفاض بزوجته لأن هذا الأحتفاض لا ينسجم مع القانون الطبيعي للحياة العائليه و الذي عرفنا اضراره قبل قليل.
إن الأسلام سعى الى القضاء على ما ينافي الشهامه و المرؤه وسعى أيضا على ان يقوم الرجل بشهامة وكرم برعاية البيت الزوجي لكنه لا يرضى بألصاق المرأة بالقوه الى جنب الرجل الغادر إن ما يفعله الأسلام عكس ما يفعله الغرب فهو يكافح عوامل اللؤم و الغدر و الأستغراق بالأهواء لكنه غير مستعد لألصاق المرأة برجل لئيم بينما يسهل الغربيون في عوامل اللؤم و الخيانة الزوجيه و العلاقات اللامشروعه ثم يسعون الى إلصاق المرأة برجل حقير خائن وفي هذه المقارنه نلمس سمو الشريعه و تخلف من يدعي الأصلاح.
ومع ذلك فقد أوجب الأسلام في الطلاق شهود عادلين وهذه خطوة لرفع الطلاق فهؤلاء الشهود يشترط ان يكونون ملتزمين –عدول- و العادل دائما يسعى الى الأصلاح فلعلهم يشرحون للزوج مفاسد الطلاق وخطأ تفكيره و يتجاذبان أطراف الحديث بعيدا عن التعصب و الأنفعال فلعله يتراجع عن قراره.
وخطوة اخرى وهي لا يصح الطلاق بطهر قد جامعها فيه ولا يصح أيضا في حال الحيض –إلا في بعض الحالات الخاصة- فهذه فتره طويله ربمايرجع بها الزوج الى الصواب وحتى بعد الطلاق فأنه يحق له مراجعة زوجته أثناء العده وهي ثلاث أطهار لمستقيمة الحيض وثلاثة أشهر لمن كان حيضها غير مستقيم و منظم ولو طلقها مرة اخرى يحق له مراجعنها أما في التطليقة الثالثه فلا تحل له إلا أن تنكح زوجا غيره وهذه عقوبة من الله تدعو الناس الى التعقل في تفكيرهم.
وخطوة أخرى لسد باب الطلاق قال تعالى" أن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من اهله و حكما من اهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا".
فهذه خطوة جعلها الله لكي يخرج القضية من الأنفعال فجعل الحكمين للأصلاح ليريا الحق و يعالجا الداء لأن الزوج و الزوجه في حاله إنفعالية ولا يستقيم التفكير السليم في حالة الأنفعال وجعل الحكمين من اهلهما لعلمهما بأوضاع الزوجين و لحرصهما اكثر من غيرهما على الأصلاح ولا ننسى أن احكام الأسلام يشد بعضها بعضا ففي موارد أخرى حرم الظلم و حرم الكذب و أوجب العدل و أمر بالعفو و الصقح عن المسئ وأمر بالأبتعاد عن الشبهات الى غير ذلك مما يطول ذكره فكل هذه الأمور لو إتبعها الزوجان فمن المستحيل أن يقع الطلاق بل يسود البيت ومن ثم المجتمع الحب و السلام و الرفاهية ولكن الناس غافلون عن هذا المنهاج الذي يرفع الناس الى القمة فلا يهمل البدن ولا الروح فيستقر الأنسان في هذه الدنيا ثم يرجع الى الجنة وما أدراك ماالجنه.
أما الآن فلنذكر لماذا جعل الله الطلاق بيد الرجل؟
هنا تنحصر مسألة حق الطلاق بأربعة موارد فأما أن يجعلها الله بيد الرجل وأما بيد المرأة وأما بيد المرأة مع بعض الصلاحية للرجل وأما {بيد الرجل مع بعض الصلاحية للمرأة} وقدد أختار لنا الله بحكمته وعلمه بالعواقب خيرها وشرها الشطر الأخير ولا ننسى إن في الأسلام نوعين من الأنفصال نوع يسمى فسخ وهذا يملكه الرجل و المرأة على حد سواء وهو عباره عن وجود احد العيوب في الزوج الموجبه لفسخ العقد مثل الجنون و العنن وغيرها كما هو مفصل في كتب الفقه الأسلامي فيكون الفسخ بيد الزوجة إن شاءت فسخت وإن شاءت لم تفسخ.
وكذلك الزوج إذا وجد بزوجته أحد العيوب الموجبة لفسخ العقد يملك هذا الحق .
أما النوع الآخر فهو الطلاق والطلاق وإن كان بيد الرجل في الأصالة ولكن يمكن أن تملكه المرأة أيضا بشرط في حال العقد فمثلا تجعل في العقد شرط أن يكون الطلاق بيدها إذا حدث كذا من الزوج فهنا كان الطلاق بهذه القضية وكيلة عن الزوج وكانت مشتركة مع الزوج في هذا الحق أما إذا لم تجعل شرط في العقد وجعلته بيد الرجل مطلقا فهي التي أسقطت حقها لزوجها .
ولم يكتفي الأسلام بذلك فهل معنا ذلك إذا اسقطت حقها لزوجها فأنه ملك الطلاق ومن ثم يفعل مايريد كلا لقد وضع الأسلام خطوة أخرى وهي إذا كان الزوج معاند لا يقوم بأداء واجباته التي أوجبها الأسلام عليه إتجاه زوجته بقسميها المالي {النفقه} أو الأخلاقي {حسن المعاشره} ولا يقوم بطلاقها فهل يبقى حال الزوجة هكذا ولم يحل الأسلام هذه المشكله؟ كلا
إن الأسلام دين شامل رسم لنا سبل الخير و أمرنا بأتباعها و أوضح لنا معالم الشر وأمرنا بمخالفتها هذا الدين الذي وصل معنا الى كيفية شرب الماء وكيفية النوم الصحيحح هل من المعقول أن يترك هذه القضية العويصة وقد قال في كتابه:- {{لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب و الميزان ليوم الناس بالقسط}} وضع لنا الشارع حلا لهذه المشكله فلقد قال عز من قال:- {{ وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه}}.
نفهم من هذه الآية طريقتين للتعامل مع الزوجه فأما أن يقوم بواجباته كما يليق {إمساك بمعروف} وأما أن يقطع الصله الزوجيه بالطلاق ويخلي سبيل المرأة {تسريح بأحسان} أما الخيار الثالث وهو ما نتحدث عنه أي ان لا يطلق ولا يتصرف معها بالحسنى فهذا مما لا يقره الأسلام وجملة {ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا} إنما هذا القسم من المعامله. فهذه الآيه رغم نزولها في العده إلا أنها مبدأ عام يبين الحقوق الزوجيه في كل وقت .
فأذا أخذ الزوج القسم الأخير من المعامله والذي لا يقره الأسلام هنا يأتي دور الحاكم الشرعي يجب أن يأمر بأحضار الزوج فيأمره بالطلاق أولا إذا كان مصرا على إنحرافه فإذا طلق فبها وإن لم يفعل أوقع الحاكم الطلاق بدلا عنه وتنفصل عنه المرأة لأن مثل هذا الأنسان الذي يسعى لإضرار الناس ولم يقيم واجياته الأجتماعيه اسقط الله حتى الحق الذي كان بيده وهنا عرفنا إن الطلاق بيد الرجل مادام يسير في طريق العدل والأنسانيه أما إذا تنصل منهما فلا يستحق هذا الحق ويرفع من يده.
ولو سأل سائل لماذا لم يجعل الله الطلاق بالأصالة عند المرأة وبالعارض يكون للرجل فنقول بأختصار إن الله أعلم بأنفسنا منا وكما ذكرنا سابقا إنه وزع المسوليات حسب الكفائه البدنيه و العقليه وعرفنا مما سبق إن من بعض الأختلافات بين الجنسين إن المرأة أكثر إنفعالا و عاطفتا و تأثرا من الرجل وهذه النقاط تكون سلبيه امام الطلاق فلو ملكت المرأة حق الطلاق لما صبرت مع زوجها
و لطلقته لأقل إنفعال وها نحن نقرا نماذج في الغرب تدل على ذلك مثلا إن امرأة شكت زوجها وطلبت الطلاق قائله انه لا يقبل كلبي العزيز فيفي وأخرى لآنه لا يحب الفلم الفلاني وكثير أمثال هذه التوافه التي تنم على انفعال المرأة وتأثرها حتى بالأمور التي لا تستحق ذلك.
يتبع ان شاء الله
تعليق