معنى الحياء
الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنّة، والبذاء من الجفاء، والجفاء في النار"1.
الحياء نورٌ جوهره صدر الإيمان، وتفسيره التذويب عند كلّ شيء ينكره التوحيد والمعرفة"2.
فلمّا رأيتُه لا يتعبّر3 لسانه ولا يفهمه، ظننتُ أنّ أبا عبد الله عليه السلام سيغضب عليه. قال: وأحدَّ أبو عبد الله النظرَ إليه ثمّ قال عليه السلام: أمَا واللهِ لئن كنتَ عييَّ اللسان فما أنت بعييِّ القلب، ثمّ قال عليه السلام: إنّ الحياء والعيّ من الإيمان، والفحش والبذاء والسلاطة من النفاق"4.
أهمية الحياء
الحياء والإيمان في قرنٍ واحدٍ، فإذا سلب أحدهما تبعه الآخر"5.
الحياء زينة، والتقوى كرم، وخير المركب الصبر، وانتظار الفرج من الله عزّ وجلّ عبادة"6.
الحياء هو الدين كله"7.
ما كان الفحش في شيءٍ قطّ إلا شانه، ولا كان الحياء في شيءٍ قطّ إلا زانه"8.
لا إيمان لمن لا حياء له، ولا مال لمن لا تقدير له، ولا جديد لمن لا خلق له"9.
الحياء أنواع
الحياء حياءان، حياءُ عقلٍ، وحياءُ حمق، فحياء العقل هو العلم. وحياء الحمق هو الجهل"10.
الحياء على وجهين، فمنه الضعف، ومنه قوّة وإسلام وإيمان"11.
1- الحياء الممدوح
أ- الحياء من الله تعالى:
استحي من الله كما تستحيي من الرجل الصالح من قومك"12.
13.
ب- الحياء من المعصوم:
إنّ أعمال العباد تُعرض على نبيّكم كلّ عشيّة خميس. فليستحْي أحدكم أن يعرض على نبيّه العمل القبيح"14.
تُعرض الأعمال يوم الخميس على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلى الأئمّة عليهم السلام "15.
1- عن بريد العجلي قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فسألته عن قول الله عزّ وجلّ ﴿وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُون﴾َ16. قال عليه السلام: إيّانا عنى17"18.
ج- الحياء من الملائكة:
ليستحِ أحدُكم من مَلَكيه اللذين معه، كما يستحْي من رَجُلَين صالحين من جيرانه، وهما معه بالليل والنهار"19.
د- الحياء من الناس:
من لا يستحْي من الناس لا يستحْي من الله تعالى"20.
شر الأصحاب (الأشرار) من لا يستحْي من الناس ولا يخاف من الله"21.
هـ- الحياء من النفس:
أحسن الحياء استحياؤك من نفسك"22.
من تمام المروة أن تستحيي من نفسك"23.
2- الحياء المذموم
أـ من سؤال التفقّه:
أتى نساءٌ إلى بعض نساء النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فحدثنها، فقالت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا رسول الله: إنّ هؤلاء نسوة جئن يسألنك عن شيءٍ يستحيِينَ من ذكره، قال: ليسألنَ عمّا شئنَ، فإنّ الله لا يستحيِي من الحقّ (...)"24.
لا يستحْي الجاهل إذا لم يعلم أن يتعلَّم"25.
من رقّ وجهه رقّ علمه"26.
ب- من قول الحقّ:
مَن استحيَى من قول الحقّ فهو أحمق"27.
ج- من قول لا أعلم:
لا يرجونَّ أحدٌ منكم إلا ربّه، ولا يخافنّ إلا ذنبه، ولا يستحينَّ أحد إذا سئل عمّا لا يعلم أن يقول لا أعلم. ولا يستحينَّ أحدٌ إذا لم يعلم الشيء أن يتعلّمه"28.
لا يستحْيِ العالم إذا سئل عمّا لا يعلم أن يقول: لا علم لي به"29.
د- من طلب المعاش:
من لم يستحْيِ من طلب المعاش خفّت مؤونته، ورخى باله، ونعم عياله. ومن زهد في الدنيا أنبتَ الله الحكمةَ في قلبه، وانطلق بها لسانه، وبصّره عيوب الدنيا، داءها ودواءها، وأخرجه منها سالماً إلى دار السلام"30.
هـ- من خدمة الضيف:
ثلاثٌ لا يُستحْيَى منهنّ: خدمة الرجل ضيفه، وقيامه عن مجلسه لأبيه ومعلّمه، وطلب الحقّ وإن قلّ"31.
و- من إعطاء القليل
البخل عارٌ، والجبن منقصة، كن سمحاً ولا تكن مبذراً وكن مقدرا ولا تكن مقتراً، (ولا تستحِ من أعطاء القليل، فإنّ الحرمان أقلّ منه)32. عجبت للبخيل يستعجل الفقر الذي هرب منه، ويفوته الغنى الذي إيّاه طلب، فيعيش في الدنيا عيش الفقراء، ويحاسب في الآخرة حساب الأغنياء. البخل جامع لمساوئ العيوب، وهو زمام يقاد به إلى كلّ سوء"33.
ز- خجل الخلوة مع الزوج
خير نسائكم التي إذا خلَت مع زوجها خلعت له درع الحياء، وإذا لبِسَت لبست معه درع الحياء"34.
ح- من ذكر الله
إنّ موسى عليه السلام قال: يا ربِّ، تمرّ بي حالات أستحيي أن أذكرك فيها، فقال: يا موسى ذِكري على كلّ حالٍ حسن"35.
يا ربّ أبعيدٌ أنت منّي فأناديك، أم قريبٌ فأناجيك؟ فأوحى الله إليه أنا جليس من ذكرني، فقال موسى: يا ربِّ، إنّي أكون في حال أجلّك أن أذكرك فيها36، قال: يا موسى اذكرني على كلّ حال"37.
قلت: الحائض والجنب يقرءان شيئاً؟ قال: نعم ما شاءا إلا السجدة، ويذكران الله تعالى على كلّ حال38"39.
يا محمّد بن مسلم، لا تدعنّ ذكر الله على كلّ حال. ولو سمعت المنادي ينادي بالأذان وأنت على الخلا فاذكر الله عزّ وجلّ، وقل كما يقول المؤذّن"40.
مم الحياء؟
أ- من فعل الحرام:
استحيوا من الله حقّ الحياء، قالوا: وما نفعل يا رسول الله؟ قال: فان كنتم فاعلين فلا يبيتنّ أحدُكم إلا وأجلُه بين عينيه، وليحفظ الرأسَ وما حوى، والبطنَ وما وعى، وليذكر القبر والبلى، ومن أراد الآخرة فليدع زينة الحياة الدنيا"41.
ب- من بذاءة اللسان:
إنّ الله حرّم الجنّة على كلّ فحاشٍ بذيء، قليل الحياء، لا يبالي ما قالَ، ولا ما قيل له. فإنّك إن فتّشته لم تجده إلا لغية أو شرك شيطان. فقيل: يا رسول الله وفي الناس شرك شيطان؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أما تقرأ قول الله عزّ وجلّ: "﴿وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ﴾"42.
ج- من كشف الجسد:
أنّه نظر إلى رجلٍ يغتسل بحيث يراه الناس. فقال: أيّها الناس: إنّ الله يحبّ من عباده الحياء والستر، فأيّكم اغتسل فليتوارَ من الناس فإنّ الحياء زينة الإسلام"43.
يا أبا سعيد فسادنا للإزارين أحبّ إلينا من فساد الدين. إنّ للماء أهلاً وسكاناً كسكان الأرض..."44.
آثار الحياء
مَن كثر كلامه كثُر خطؤه. ومن كثُر خطؤه قلّ حياؤه. ومن قلّ حياؤه قلّ ورعه. ومن قلّ ورعه مات قلبه. ومن مات قلبه دخل النار"45.
37- عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " 38- عن أبي سعيد قال: مررت بالحسن والحسين صلوات الله عليهما وهما في الفرات مستنقعان في إزارين. فقلت لهما: يا ابني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أفسدتما الإزارين. فقالا لي: " 39- قال عليّ عليه السلام: " ... اصنع ما شئت
لم يبقَ من أمثال الأنبياء إلا قول الناس: إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت"46.
40- عن الرضا عليه السلام عن آبائه عليهم السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "
1- المتّقي الهندي ـ كنز العمال ـ ج 3 ص 119.
2- العلامة المجلسيّ ـ بحار الأنوار ـ ج 68 ـ ص 336 ـ الحديث 19.
3- يتعثر في الكلام ولا يجرؤ عليه.
4- العلامة المجلسيّ ـ بحار الأنوار ـ ج 68 ـ ص 330 ـ الحديث 2.
5- الحرّ العامليّ ـ وسائل الشيعة ـ ج 12 باب استحباب الحياء ـ الحديث 11.
6- المتّقي الهندي ـ كنز العمال ـ ج 3 ص 119.
7- م . ن. ج 3 ص 119.
8- العلامة المجلسيّ ـ بحار الأنوار ـ ج 68 ـ ص 334 ـ الحديث 14.
9- الحرّ العامليّ ـ وسائل الشيعة ـ ج 5 باب استحباب لبس الثوب الغليظ ـ الحديث 2.
10- العلامة المجلسيّ ـ بحار الأنوار ـ ج 68 ـ ص 331ـ الحديث 6.
11- م . ن. ج 68 ـ ص 334 ـ الحديث 10.
12- العلامة المجلسيّ ـ بحار الأنوار ـ ج 68 ـ ص 336 ـ الحديث 20.
13- م . ن. ـ ج 68 ـ ص 333 ـ الحديث 9.
14- الحرّ العامليّ ـ وسائل الشيعة ـ ج 16 باب وجوب الحذر من عرض العمل ـ الحديث 18.
15- م . ن. الحديث 19.
16- التوبة: 105.
17- هذا الحديث والحديث السابق يتعرضان لعرض العمل على المعصوم عليه السلام، ولكن من الحديث السابق يفهم ضرورة الحياء من عرض العمل القبيح على النبيّ p، كذلك ينبغي الحياء من عرض العمل على سائر المعصومين عليهم السلام.
18- الحرّ العامليّ ـ وسائل الشيعة ـ ج 16 باب وجوب الحذر من عرض العمل ـ الحديث 20.
19- المتّقي الهندي ـ كنز العمال ـ ج 3 ص 118.
20- م.ن. ـ ج 3 ص 122.
21- علي بن محمّد الليثي ـ عيون الحكم والمواعظ ـ ص 294 (ينقله عن غرر الحكم).
22- م. ن. ص 121 (ينقله عن غرر الحكم).
23- م. ن. ص 472 (ينقله عن غرر الحكم).
24- القاضي النعمان المغربي ـ دعائم الإسلام ـ ج 1 ـ ص 115.
25- العلامة المجلسيّ ـ بحار الأنوار ـ ج 1 ـ ص 176 ـ الحديث 45.
26- الكليني ـ الكافي ـ ج 2 ـ باب الحياء ـ ص 106 ـ الحديث 3.
27- علي بن محمّد الليثي ـ عيون الحكم والمواعظ ـ ص 440 (ينقله عن غرر الحكم).
28- محمّد عبده ـ نهج البلاغة ـ ج 4 ـ وصيّة له بخمسة أشياء ـ ص 18.
29- أحمد بن خالد البرقي ـ المحاسن ـ ج 1 ـ باب البدع ـ ص 207 ـ الحديث 66.
30- الصدوق ـ ثواب الأعمال ـ ص 167.
31- الميرزا النوريّ ـ مستدرك الوسائل ـ ج 16 ـ باب استحباب أكل صاحب الطعام مع الضيف ـ ص 260 ـ الحديث 2.
32- محمّد عبده ـ نهج البلاغة ـ ج 4 ـ ص 15.
33- الفتال النيسابوريّ ـ روضة الواعظين ـ مجلس الجود والسخاء ـ ص 385.
34- الكليني ـ الكافي ـ ج 5 ـ باب خير النساء ـ ص 324 ـ الحديث 2.
35- الحرّ العامليّ ـ وسائل الشيعة ـ ج 1 ـ باب عدم كراهة ذكر الله ـ الحديث 5.
36- فهل يصح أن يستحي المرء من ذكر الله في بعض الحالات التي يكون عليها الإنسان؟ الجواب كلا، يُذكَر الله في كل حال.
37- الحرّ العامليّ ـ وسائل الشيعة ـ ج 1 ـ باب عدم كراهة ذكر الله ـ الحديث 4.
38- الحرّ العامليّ ـ وسائل الشيعة ـ ج 1 ـ باب عدم كراهة ذكر الله ـ الحديث 6.
39- فلا ينبغي أن تستحي المرأة من ذكر الله وهي على هذه الحال، حتى في قراءة القرآن، لأن كراهة قراءتها القرآن في هذه الحالة تعني قلة الثواب.
40- الحرّ العامليّ ـ وسائل الشيعة ـ ج 1 ـ باب عدم كراهة حكاية الأذان على الخلا ـ الحديث 1.
41- العلامة المجلسيّ ـ بحار الأنوار ـ ج 68 ـ ص 333 ـ الحديث 9.
42- الكليني ـ الكافي ـ ج 2 ـ باب البذاء ـ ص 324 ـ الحديث 3.
43- الميرزا النوريّ ـ مستدرك الوسائل ـ ج 1 ـ باب نوادر ما يتعلّق بالجنابةـ ص 488 ـ الحديث 13.
44- الكليني ـ الكافي ـ ج 6 ـ باب النوادرـ ص 390 ـ الحديث 3.
45- محمّد عبده ـ نهج البلاغة ـ ج 4 ـ تعزيته للأشعث عن ولده ـ ص 81.
46- العلامة المجلسيّ ـ بحار الأنوار ـ ج 68 ـ ص 333 ـ الحديث 8.
الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنّة، والبذاء من الجفاء، والجفاء في النار"1.
الحياء نورٌ جوهره صدر الإيمان، وتفسيره التذويب عند كلّ شيء ينكره التوحيد والمعرفة"2.
فلمّا رأيتُه لا يتعبّر3 لسانه ولا يفهمه، ظننتُ أنّ أبا عبد الله عليه السلام سيغضب عليه. قال: وأحدَّ أبو عبد الله النظرَ إليه ثمّ قال عليه السلام: أمَا واللهِ لئن كنتَ عييَّ اللسان فما أنت بعييِّ القلب، ثمّ قال عليه السلام: إنّ الحياء والعيّ من الإيمان، والفحش والبذاء والسلاطة من النفاق"4.
أهمية الحياء
الحياء والإيمان في قرنٍ واحدٍ، فإذا سلب أحدهما تبعه الآخر"5.
الحياء زينة، والتقوى كرم، وخير المركب الصبر، وانتظار الفرج من الله عزّ وجلّ عبادة"6.
الحياء هو الدين كله"7.
ما كان الفحش في شيءٍ قطّ إلا شانه، ولا كان الحياء في شيءٍ قطّ إلا زانه"8.
لا إيمان لمن لا حياء له، ولا مال لمن لا تقدير له، ولا جديد لمن لا خلق له"9.
الحياء أنواع
الحياء حياءان، حياءُ عقلٍ، وحياءُ حمق، فحياء العقل هو العلم. وحياء الحمق هو الجهل"10.
الحياء على وجهين، فمنه الضعف، ومنه قوّة وإسلام وإيمان"11.
1- الحياء الممدوح
أ- الحياء من الله تعالى:
استحي من الله كما تستحيي من الرجل الصالح من قومك"12.
13.
ب- الحياء من المعصوم:
إنّ أعمال العباد تُعرض على نبيّكم كلّ عشيّة خميس. فليستحْي أحدكم أن يعرض على نبيّه العمل القبيح"14.
تُعرض الأعمال يوم الخميس على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلى الأئمّة عليهم السلام "15.
1- عن بريد العجلي قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فسألته عن قول الله عزّ وجلّ ﴿وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُون﴾َ16. قال عليه السلام: إيّانا عنى17"18.
ج- الحياء من الملائكة:
ليستحِ أحدُكم من مَلَكيه اللذين معه، كما يستحْي من رَجُلَين صالحين من جيرانه، وهما معه بالليل والنهار"19.
د- الحياء من الناس:
من لا يستحْي من الناس لا يستحْي من الله تعالى"20.
شر الأصحاب (الأشرار) من لا يستحْي من الناس ولا يخاف من الله"21.
هـ- الحياء من النفس:
أحسن الحياء استحياؤك من نفسك"22.
من تمام المروة أن تستحيي من نفسك"23.
2- الحياء المذموم
أـ من سؤال التفقّه:
أتى نساءٌ إلى بعض نساء النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فحدثنها، فقالت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا رسول الله: إنّ هؤلاء نسوة جئن يسألنك عن شيءٍ يستحيِينَ من ذكره، قال: ليسألنَ عمّا شئنَ، فإنّ الله لا يستحيِي من الحقّ (...)"24.
لا يستحْي الجاهل إذا لم يعلم أن يتعلَّم"25.
من رقّ وجهه رقّ علمه"26.
ب- من قول الحقّ:
مَن استحيَى من قول الحقّ فهو أحمق"27.
ج- من قول لا أعلم:
لا يرجونَّ أحدٌ منكم إلا ربّه، ولا يخافنّ إلا ذنبه، ولا يستحينَّ أحد إذا سئل عمّا لا يعلم أن يقول لا أعلم. ولا يستحينَّ أحدٌ إذا لم يعلم الشيء أن يتعلّمه"28.
لا يستحْيِ العالم إذا سئل عمّا لا يعلم أن يقول: لا علم لي به"29.
د- من طلب المعاش:
من لم يستحْيِ من طلب المعاش خفّت مؤونته، ورخى باله، ونعم عياله. ومن زهد في الدنيا أنبتَ الله الحكمةَ في قلبه، وانطلق بها لسانه، وبصّره عيوب الدنيا، داءها ودواءها، وأخرجه منها سالماً إلى دار السلام"30.
هـ- من خدمة الضيف:
ثلاثٌ لا يُستحْيَى منهنّ: خدمة الرجل ضيفه، وقيامه عن مجلسه لأبيه ومعلّمه، وطلب الحقّ وإن قلّ"31.
و- من إعطاء القليل
البخل عارٌ، والجبن منقصة، كن سمحاً ولا تكن مبذراً وكن مقدرا ولا تكن مقتراً، (ولا تستحِ من أعطاء القليل، فإنّ الحرمان أقلّ منه)32. عجبت للبخيل يستعجل الفقر الذي هرب منه، ويفوته الغنى الذي إيّاه طلب، فيعيش في الدنيا عيش الفقراء، ويحاسب في الآخرة حساب الأغنياء. البخل جامع لمساوئ العيوب، وهو زمام يقاد به إلى كلّ سوء"33.
ز- خجل الخلوة مع الزوج
خير نسائكم التي إذا خلَت مع زوجها خلعت له درع الحياء، وإذا لبِسَت لبست معه درع الحياء"34.
ح- من ذكر الله
إنّ موسى عليه السلام قال: يا ربِّ، تمرّ بي حالات أستحيي أن أذكرك فيها، فقال: يا موسى ذِكري على كلّ حالٍ حسن"35.
يا ربّ أبعيدٌ أنت منّي فأناديك، أم قريبٌ فأناجيك؟ فأوحى الله إليه أنا جليس من ذكرني، فقال موسى: يا ربِّ، إنّي أكون في حال أجلّك أن أذكرك فيها36، قال: يا موسى اذكرني على كلّ حال"37.
قلت: الحائض والجنب يقرءان شيئاً؟ قال: نعم ما شاءا إلا السجدة، ويذكران الله تعالى على كلّ حال38"39.
يا محمّد بن مسلم، لا تدعنّ ذكر الله على كلّ حال. ولو سمعت المنادي ينادي بالأذان وأنت على الخلا فاذكر الله عزّ وجلّ، وقل كما يقول المؤذّن"40.
مم الحياء؟
أ- من فعل الحرام:
استحيوا من الله حقّ الحياء، قالوا: وما نفعل يا رسول الله؟ قال: فان كنتم فاعلين فلا يبيتنّ أحدُكم إلا وأجلُه بين عينيه، وليحفظ الرأسَ وما حوى، والبطنَ وما وعى، وليذكر القبر والبلى، ومن أراد الآخرة فليدع زينة الحياة الدنيا"41.
ب- من بذاءة اللسان:
إنّ الله حرّم الجنّة على كلّ فحاشٍ بذيء، قليل الحياء، لا يبالي ما قالَ، ولا ما قيل له. فإنّك إن فتّشته لم تجده إلا لغية أو شرك شيطان. فقيل: يا رسول الله وفي الناس شرك شيطان؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أما تقرأ قول الله عزّ وجلّ: "﴿وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ﴾"42.
ج- من كشف الجسد:
أنّه نظر إلى رجلٍ يغتسل بحيث يراه الناس. فقال: أيّها الناس: إنّ الله يحبّ من عباده الحياء والستر، فأيّكم اغتسل فليتوارَ من الناس فإنّ الحياء زينة الإسلام"43.
يا أبا سعيد فسادنا للإزارين أحبّ إلينا من فساد الدين. إنّ للماء أهلاً وسكاناً كسكان الأرض..."44.
آثار الحياء
مَن كثر كلامه كثُر خطؤه. ومن كثُر خطؤه قلّ حياؤه. ومن قلّ حياؤه قلّ ورعه. ومن قلّ ورعه مات قلبه. ومن مات قلبه دخل النار"45.
37- عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " 38- عن أبي سعيد قال: مررت بالحسن والحسين صلوات الله عليهما وهما في الفرات مستنقعان في إزارين. فقلت لهما: يا ابني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أفسدتما الإزارين. فقالا لي: " 39- قال عليّ عليه السلام: " ... اصنع ما شئت
لم يبقَ من أمثال الأنبياء إلا قول الناس: إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت"46.
40- عن الرضا عليه السلام عن آبائه عليهم السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "
1- المتّقي الهندي ـ كنز العمال ـ ج 3 ص 119.
2- العلامة المجلسيّ ـ بحار الأنوار ـ ج 68 ـ ص 336 ـ الحديث 19.
3- يتعثر في الكلام ولا يجرؤ عليه.
4- العلامة المجلسيّ ـ بحار الأنوار ـ ج 68 ـ ص 330 ـ الحديث 2.
5- الحرّ العامليّ ـ وسائل الشيعة ـ ج 12 باب استحباب الحياء ـ الحديث 11.
6- المتّقي الهندي ـ كنز العمال ـ ج 3 ص 119.
7- م . ن. ج 3 ص 119.
8- العلامة المجلسيّ ـ بحار الأنوار ـ ج 68 ـ ص 334 ـ الحديث 14.
9- الحرّ العامليّ ـ وسائل الشيعة ـ ج 5 باب استحباب لبس الثوب الغليظ ـ الحديث 2.
10- العلامة المجلسيّ ـ بحار الأنوار ـ ج 68 ـ ص 331ـ الحديث 6.
11- م . ن. ج 68 ـ ص 334 ـ الحديث 10.
12- العلامة المجلسيّ ـ بحار الأنوار ـ ج 68 ـ ص 336 ـ الحديث 20.
13- م . ن. ـ ج 68 ـ ص 333 ـ الحديث 9.
14- الحرّ العامليّ ـ وسائل الشيعة ـ ج 16 باب وجوب الحذر من عرض العمل ـ الحديث 18.
15- م . ن. الحديث 19.
16- التوبة: 105.
17- هذا الحديث والحديث السابق يتعرضان لعرض العمل على المعصوم عليه السلام، ولكن من الحديث السابق يفهم ضرورة الحياء من عرض العمل القبيح على النبيّ p، كذلك ينبغي الحياء من عرض العمل على سائر المعصومين عليهم السلام.
18- الحرّ العامليّ ـ وسائل الشيعة ـ ج 16 باب وجوب الحذر من عرض العمل ـ الحديث 20.
19- المتّقي الهندي ـ كنز العمال ـ ج 3 ص 118.
20- م.ن. ـ ج 3 ص 122.
21- علي بن محمّد الليثي ـ عيون الحكم والمواعظ ـ ص 294 (ينقله عن غرر الحكم).
22- م. ن. ص 121 (ينقله عن غرر الحكم).
23- م. ن. ص 472 (ينقله عن غرر الحكم).
24- القاضي النعمان المغربي ـ دعائم الإسلام ـ ج 1 ـ ص 115.
25- العلامة المجلسيّ ـ بحار الأنوار ـ ج 1 ـ ص 176 ـ الحديث 45.
26- الكليني ـ الكافي ـ ج 2 ـ باب الحياء ـ ص 106 ـ الحديث 3.
27- علي بن محمّد الليثي ـ عيون الحكم والمواعظ ـ ص 440 (ينقله عن غرر الحكم).
28- محمّد عبده ـ نهج البلاغة ـ ج 4 ـ وصيّة له بخمسة أشياء ـ ص 18.
29- أحمد بن خالد البرقي ـ المحاسن ـ ج 1 ـ باب البدع ـ ص 207 ـ الحديث 66.
30- الصدوق ـ ثواب الأعمال ـ ص 167.
31- الميرزا النوريّ ـ مستدرك الوسائل ـ ج 16 ـ باب استحباب أكل صاحب الطعام مع الضيف ـ ص 260 ـ الحديث 2.
32- محمّد عبده ـ نهج البلاغة ـ ج 4 ـ ص 15.
33- الفتال النيسابوريّ ـ روضة الواعظين ـ مجلس الجود والسخاء ـ ص 385.
34- الكليني ـ الكافي ـ ج 5 ـ باب خير النساء ـ ص 324 ـ الحديث 2.
35- الحرّ العامليّ ـ وسائل الشيعة ـ ج 1 ـ باب عدم كراهة ذكر الله ـ الحديث 5.
36- فهل يصح أن يستحي المرء من ذكر الله في بعض الحالات التي يكون عليها الإنسان؟ الجواب كلا، يُذكَر الله في كل حال.
37- الحرّ العامليّ ـ وسائل الشيعة ـ ج 1 ـ باب عدم كراهة ذكر الله ـ الحديث 4.
38- الحرّ العامليّ ـ وسائل الشيعة ـ ج 1 ـ باب عدم كراهة ذكر الله ـ الحديث 6.
39- فلا ينبغي أن تستحي المرأة من ذكر الله وهي على هذه الحال، حتى في قراءة القرآن، لأن كراهة قراءتها القرآن في هذه الحالة تعني قلة الثواب.
40- الحرّ العامليّ ـ وسائل الشيعة ـ ج 1 ـ باب عدم كراهة حكاية الأذان على الخلا ـ الحديث 1.
41- العلامة المجلسيّ ـ بحار الأنوار ـ ج 68 ـ ص 333 ـ الحديث 9.
42- الكليني ـ الكافي ـ ج 2 ـ باب البذاء ـ ص 324 ـ الحديث 3.
43- الميرزا النوريّ ـ مستدرك الوسائل ـ ج 1 ـ باب نوادر ما يتعلّق بالجنابةـ ص 488 ـ الحديث 13.
44- الكليني ـ الكافي ـ ج 6 ـ باب النوادرـ ص 390 ـ الحديث 3.
45- محمّد عبده ـ نهج البلاغة ـ ج 4 ـ تعزيته للأشعث عن ولده ـ ص 81.
46- العلامة المجلسيّ ـ بحار الأنوار ـ ج 68 ـ ص 333 ـ الحديث 8.
تعليق