إنهم يسرقون حِكَم أهل البيت
من قديم الزمان كان الأدباء يسرق بعضهم من بعض شعراً ونثراً، وكانت السرقات الأدبيّة خطيئة يعاب عليها صاحبها!
ومع الأيام كان الأدباء يكتشفون السرقات الأدبية لأندادهم، حتى صار ذلك باباً في البلاغة وعلم النقد الأدبي، ووضع لـ(السرقة) قانون يمجّد بعضه ويعتبره حلالاً، ويمج بعضه ويعتبره حراماً. وليس ثمة شيء يمنع الأدبي أو الشاعر أن يمد يده لإنتاج الآخرين وينسبه لنفسه بعد تغيير بسيط سهل، أو حتى بدون تغيير.
وأقل السرقات اكتشافاً سرقة الأديب من اللغات الأخرى. فالذي يعرف أكثر من لغة تتاح له فرصة السرقة أكثر. وفي القديم كان اللصوص يبقى بمنئً عن الاكتشاف لقلة من يحسن لغتين وثلاث.
أما اليوم ومع اندماج الحضارات، وتعدد مراكز الترجمة، وتبادل الثقافات والمنابر الأدبية، ومجلات الأب والشعر والصحف، والكتب، واتساع النشر في كل مكان.. أصبح إخفاء السرقة أمراً عسيراً.
وعلى كل حال كانت السرقات تنكشف عبر الزمن، وكان (المظلومون) أديباً يقتصّون من عرض (الظالمين) وسمعتهم، ومكانتهم، واحترامهم لدى الناس..! ومع هذا كله فإنّ أغلبيّة الناس صارت تسمح بقليل من السرقة الأدبية، وتمنع عن الشيء الكثير. ولكن ماذا عن سرقة (العلم) و(الفكر) و(الاختراع)؟!
لا أحد اليوم يسمح بذلك قط.. ومن هنا فإن القانون يعطي لصاحب الاختراع والاكتشاف (براءة) يحظر بموجبه على الآخرين أن ينتحلوه سرقة أو يستخدمون إلا بإجازته.. وصارت تلك الحقوق جزءً من قوانين كل الشعوب والأمم.
يبقى نوع آخر من السرقة هو: سرقة (الحِكَم)، أي سرقة الكلمات القصيرة التي تعبّر عن حكمة في الحياة. ثم نسبتها إلى نفسه، وكأنه هو صاحبها ومكتشفها، ربما كان البعض يعتبر ذلك جزءً من (السرقة الأدبية)، ولكن الأمر ليس كذلك. ذلك لأن الكلمات القصيرة التي راج سوقها في هذا العصر، حيث خصص لها في كل مجلة وجريدة زاوية معينة.. ليست أهميتها في قيمتها الأدبية، وإنما في قيمتها (الحكميّة) أي أن قيمتها فيما تعبّر عنه من منهج وفكرة صائبة ـ مشى عليها الناجحون في الحياة. وليس في صياغتها الأدبية، ومع كثرة من يتتبّع السرقات الأدبية، إلا أن من يتتبع (سرقة الحكم) قليل أو معدوم تماماً.
وربما استغل (لصوص الحكمة) هذا التغافل عنهم، ليسرقوا ما يشاءون وينسبونها لمن يشاءون.
والغريب أن تعبر هذه (السرقات) على المجلات الشهيرة والقيّمة، فلا يعترض عليها قلم التحرير أهو مجرّد غفلة أو تغافل؟
وأكثر ما يتعرّض للسرقة (حكم الأنبياء) و(أهل البيت (عليهم السلام)) ولا ريب أن ما انتشر في الناس من حكم الأنبياء أكثره وصلنا عبر نبيّنا الأعظم محمد (صلّى الله عليه وآله) وأهل بيته الكرام.
وما وصلنا من (حكمة) عن أهل البيت (عليهم السلام) هو ـ في حدّ ذاته ـ كنز عظيم. يكفي أن نعرف أن ما يوجد في التوراة والإنجيل من (حكم) عدد ضئيل جداً بالقياس إلى واحد من أئمة أهل البيت (عليهم السلام) هو الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام). فلقد بلغ عدد ما وصلت من كلماته القصيرة أكثر من أربعة عشر ألف حكمة!
تأمّل في الرقم.. ولا شك أنه ليست جميع تلك الحكم من مخترعات علي (عليه السلام).. فالكثير منها مرويّة عن علي عن النبي الأعظم محمد (صلّى الله عليه وآله) أو هي مرويّة عن علي عن الأنبياء السابقين.. ولكن تبقى (كلماته القصيرة) التي أنشأها بنفسه تربو على الآلاف.
ولا عجب: فعليّ باب مدينة علم الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله) كما قال رسول الله: (أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد المدينة فليأتها من بابها). ولسائر أئمة أهل البيت (عليهم السلام) مثلما لعلي (عليه السلام) من حكم قصيرة. تربو على الألوف، وإن كانت أقل عددا ممّا وصلت عن الإمام علي (عليه السلام).
وهذا الكنز العظيم أغرى اللصوص ـ لصوص الحكمة الإلهية ـ بالسرقة وانتحال العلم والمعرفة للآخرين. ويمكن تقسيم هذه اللصوصية ـ عبر التاريخ ـ إلى أنواع ثلاث:
1ـ نوع كان يسرق الحكمة من الإمام علي (عليه السلام) وينسبها لنفسه إذا كان ثمة مجال لتصديقه من قبل الناس، وهذا من أقلّ الأنواع. ذلك لأن كلمة الحكمة عليها بصمات صاحبها ونفسه وروحه وضميره. وهل يمكن أن يسرق أحد روح غيره؟ أو يسرق نبضات قلبه؟
2ـ نوع آخر من السرقة هو أن يعمد اللّص إلى سرقة (الحكمة) ونسبتها إلى من (يحب) لكي يرفع من شأن محبوبه، ويستخدم هذه الوسيلة لكي يروّج بضاعته وينشر أسمه، ويأكل الحياة بسببه. وهذا النوع هو الأكثر الأشهر.
3ـ نوع ثالث من اللصوصيّة، إنها تسرق الحكمة لا لكي ينتحلها لنفسه، أو لمن يحب بل لكي ينسبها إلى (عدو) صاحب الحكمة ـ أو منافسه ـ أو خصمه وذلك نكاية لصاحب الحكمة ومنهجه في الحياة، وترويجاً لخط العداء له. ومن هذا القبيل الرواية التالية:
بعد مقتل (مالك الأشتر) غيلة وبالسم على يد عملاء (معاوية) عثروا عنده على عهد الإمام علي (عليه السلام) إليه بخصوص كيفية إدارة الحكم والمجتمع؟ وهو من أشهر كتب الإمام علي (عليه السلام) وأغزرها علماً وحكمة ومعرفة بطبقات الناس وكيفية إدارة المجتمع!
وعندما جيء بذلك العهد إلى (معاوية) اقترح أحد أصحابه عليه أن تمزّق وتتلف. فقال له معاوية إنّها مليئة بالحكمة، فكيف تمزّق؟ فقالوا له: إن انشرها باسمك!
وكان معاوية أكثر دهاءً من أن يرتكب هذه الحماقة، ذلك أن سيرته وسلوكه مع الناس لا يمكن أن تنسجم مع ذلك الكتاب الإنساني المليء بالمواعظ وبمسالك العدل والإنصاف في الحكم!
قالوا: فماذا تفعل إذن؟
قال: سنقول أنّها من وصية الخليفة الأول إلى ولده: (محمد)!
ولم يعش معاوية لكي يرى بنفسه أنّ خطته هي الأخرى لم تنجح. ذلك أن أولاد الإمام علي (عليه السلام) قد كشفوا الحقيقة للناس. كما أن بصمات علي (عليه السلام) على عهده، بصمات أبديّة لا تزول!
وفي هذا العصر تروج (سرقه الحكمة) في الكثير من المجلات والصحف في بلادنا العربية، مع الأسف! فمثلاً: قرأت في مجلة (العربي) الكونية الواسعة الانتشار الحكمة التالية: (قيمة كل امرئ ما يحسنه).
وتحتها مكتوب اسم واحد من الخلفاء ممن لم تعهد عنه كلمة حكمة واحدة. علماً بأن هذه الكلمة بالخصوص من أشهر كلمات الإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) ومسجّلة في عشرات المصادر التاريخية ومنها: (نهج البلاغة) وفي كتاب آخر باسم (روائع الأمثال العالمية) لمؤلفه ميشال مراد من الصفحة 54 تقرأ حكم الإمام علي (عليه السلام) منسوبة إلى الخليفة الثاني وهي كما يلي: أشقى الولاة من شقيت به رعيّته. أعقل الناس أعذرهم للناس.
أو ترى الحكمة التالية: (الناس أعداء ما جهلوا) المشهورة عن الإمام علي (عليه السلام) أيضاً منسوبة إلى الشعب الألماني ـ طبعاً مع قليل من التحريف في الألفاظ كما ترى في الصفحة ـ من نفس الكتاب الحكمة التالية: (قل لي من تعاشر أقل لك من أنت) وهي في حكم أهل البيت كالتالي: (المرء على دين خليله). وربّما تكون الحكمة مأخوذة نصاً من القرآن الكريم ولكن منسوبة إلى الشعب الأسباني ـ كما في الحكمة التالية من نفس المصدر: (لا يأخذ الإنسان معه إلا الجميل الذي صنعه) وهي في القرآن الكريم: (وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسانِ إِلاَّ ما سَعى) أو تقرأ: (من كانت له امرأة كان له عدو) منسوبة إلى الأسبان، وهي في القرآن كما يلي: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ).
ومن أطرف ما قرأت حكمة شهيرة نسبها صاحبها إلى الرئيس (جمال عبد الناصر) ويبدو أن جمال قد استخدم هذه الحكمة في أثناء إحدى خطبه فصارت ملكاً له. والحكمة هي: (إنّ على كل حق حقيقة، وعلى كل صواب نوراً) وهي من الحكم المشهورة عن أهل البيت (عليهم السلام).
طبعاً لا يمكن أن ننفي عن بعض تلك الحكم أنها (توارد وخواطر) ولكن ليس عن جميعها، خصوصاً إذا كانت مترجمة بالنص، أو منحولة نصاً.
وقد تجد حكمة أهل البيت (عليهم السلام) في كتاب أو مجلة أو كتاب مدرسي منسوبة إلى (أعرابي).
ولا يمكن أن ننسب هذا النوع من الانتحال إلى (السرقة) فلعل الذي كتب تلك الحكمة أعجبه مضمونها الإنساني الجميل، فأراد نشرها، ولمّا وجد أن سياسة المجلة أو الجريدة أو الجامعة أو أن النظام السياسي برمته لا يرغب في نشر أسماء أهل البيت (عليهم السلام) خصوصاً إذا كان اسم الإمام علي (عليه السلام) أو الحسن والحسين، عندئذ يحتال على (الرقيب) المتعصّب فيذكر الحكمة ولا يذكر صاحبها.
قديماً ـ في العهد الأموي أو العباسي وفي ذروة الاضطهاد السياسي للعلويين ولأنصار أهل البيت (عليهم السلام) كانوا ينشرون أحاديث الأئمة بدون اسم.. ولكن مع رمز خاص مثلاً يقولون: قال (العالم) أو مع الكنية روي عن (أبي الحسن) أو ما أشبه ذلك. وكان (الخواص) يعرفون المصدر الحقيقي، ولا يثير أعوان الظلمة أيضاً!
ومع أن هذا المقال ليس مخصّصاً لشرح الطابع العام لحكم أهل البيت والتعرّف على امتيازها بشكل خاص، ولكن ثمة (معالم عامة) تميز (الحكم الإلهية) التي انتشرت في الناس على يد الأنبياء الكرام وأوصيائهم، عن تلك (الكلمات القصيرة) التي ليس ورائها إلا السراب وربّما تكون من الحكمة المعكوسة.
وأهم تلك المعالم وباختصار هي ما يلي:
أولاً: حكم الأنبياء تكشف عن (السعادة الحقيقة) للناس جميعاً في إطار الحياة البشرية ـ في الدنيا والآخرة ـ وأمّا نظرة غيرهم فهي محدودة بهذه الحياة الدنيا، وبقسم خاص من الشعوب، أو الطبقات، وهي قليلاً ما تنظر إلى المصلحة البشرية العليا، أو هي عاجزة عن معرفة تلك المصلحة وخصوصاً عندما تتعلق القضية بحياة الإنسان في العالم الآخر.. عالم ما بعد الموت.
ثانياً: إن حكم الأنبياء مسبوكة أدبياً بحيث أن أي تغيير لها يغيّر صورتها الأدبية الناصعة، ويقلّل من نور الكلمة وتأثيرها.
ومن هنا، فإن في كلمات الأنبياء (نوراً) لا يشعر بها إلا المؤمنون المتقون، الذين فتحوا قلوبهم لاستقبال ذلك النور.
ثالثاً: أن حكم الأنبياء وأوصيائهم يعضد بعضها بعضاً، ويسند بعضها بعضاً، فهي ليست كلمات قصيرة متناثرة، كل ما فيها صياغة جميلة، بل هي كلمات تعكس عن نواميس ثابتة في الكون وحقائق أزلية.
ولأن الناس العاديين ممن ليس مرتبط بالسماء لا يستطيع أن يعرف تلك النواميس لذلك كان الأنبياء هم الوحيدون أبطال هذه الساحة، لأنهم وحدهم يتلقون (الوحي الإلهي) وأوصياؤهم مثلهم يعرفون من نفس النبع والإلهام الرباني وإن كان الوحي المباشر مقطوعاً عنهم.
على ضوء ما سبق نستطيع أن نقول:
لذلك فإنّ الحكماء حقاً هم أنبياء الله وأوصيائهم الذين اغتسلوا بطهور الإيمان، والتقوى، والصلاح، فانفتحت قلوبهم لاستقبال نور الوحي من الملأ الأعلى، وترفعوا عن خسائس المادية، وظلمتها، وضيقها، وسجلوا في محيطات أفلاك النور في عالم وسيع جداً، ومن فوق عليائهم أطلوا على هذه الحياة، فرأوا بدايتها كما رأوا نهايتها ـ وعرفوا حقيقة ما فيها من ملذات وشهوات، وما سوف تنتهي إليه من حطام هشيم!!
وليس ما في يد الناس من (حكم) و(أمثال) إلا رشحاً ممّا تركه الأنبياء في مجتمعاتهم. فسارت أمثالهم في الناس مثلاً، كما كانت سيرتهم وسلوكهم (قدوة) لأولي الألباب والحكم الصادقة، تعبّر عن نواميس الله في الكون وتخبر عن العواقب (الطيّبة) أو (السيئة) للأعمال، وتحذر بلسان الموعظة عن أن يلقي الإنسان نفسه في الهلكة، ولذلك كان اكتشاف الحكمة من اختصاص الأنبياء والأوصياء والمتقين من الطراز الرفيع.
أما العوام من الناس، حتى ولو تخرجوا من ألف جامعة ومدرسة، وقرأوا ألف كتاب وكتاب، فإن نفوسهم وعقولهم قد تبقى ضيّقة حتى عن اكتشاف أبسط حكمة في الحياة. ويعجزون حتى عن انتزاع الحكمة من حياتهم الشخصيّة ـ فكيف بحياة الأمم جميعاً.
وكما أن للحكمة رجالها.. فإن للحكمة أدعياءها أيضاً.. فكم من نبي كاذب كان يدعي معرفة سرّ الكون وسرّ الحياة، ويصنع من نفسه معلّماً للناس، ومرشداً وليس له من العلم، إلا ما يعلمه الشيطان من أساليب المكر والخداع والدجل، وإضلال الآخرين.
وأدعياء الحكمة دائماً كثيرون، وبكثرة عدد شياطين الجن، تتنوع مسالك الدجل الزور في شياطين الإنس وأتباعهم، ترى كيف يمكن أن نميّز التبر من التراب؟ والحكمة الصادقة من الحكمة الكاذبة؟ والحكيم الإلهي العظيم، من المتحكم التافه؟
للعقل دور كبير في التمييز للأشياء، بل له الدور الأوحد، فهو وحده يستطيع أن يميز الصالح من الفاسد، والجيّد من الرديء، والأصل من البدل، وبكلمة يميز الخير من الشر، والشر من الأشر!
معظم الجرائد والمجلات اليوم تفسح لصفحاتها مجالاً لكلمات الحكمة القصيرة.
بعض تلك الكلمات حلوة جميلة، ولكنها ليست بحكمة، إنما هو (شعر أدبي جميل)، وبعضها توافه مكتوبة على ورق.
وبعضها كلمات كاذبة (ضد الحكمة).
وبعضها الآخر حكمة حقاً، وأغلب هذا النوع الأخير تشكل طيفاً لحكم الأنبياء الكبار ـ فهي تموّجات لذت الحكمة النبويّة ذي المنبع الملكوتي ـ الإلهي.
وربما كانت نابعة من (إلهام رباني) وليس ذلك أمراً بعيداً ـ وإن كان الوحي الإلهي قد انقطع عن الأرض بختم النبوة بسيدنا محمد بن عبد الله (صلّى الله عليه وآله)، ولكن الإلهام الإلهي لم ينقطع وفي الحديث: (من أخلص لله أربعين صباحاً تفجرت ينابيع الحكمة من قلبه).
وكم في الجرائد والمجلات من (توافه) تنشر على الناس باسم الحكمة أو هي وصايا عادية ـ بديهية لا تستحق النشر ـ تأمل معي الكلمات التالية واحكم عليها بنفسك:
أ) أفضل مذاق مذاق الملح، مثل أسباني.
ب) خير لك أن تكون مجنوناً مع الجميع من أن تكون وحدك، مثل أسباني.
ج) يولد الإنسان في البيت ويموت في الصحراء، مثل منغولي.
د) الكلمات كالبيض ما إن تفقس حتى تطير، مثل مدغشقري.
ه) الكسر أسرع من الترقيع، مثل سويسري.
و) الكلمات أقزام والأمثلة عمالقة، مثل سويسري.
ز) يرسل الله البرد حسب الغطاء، مثل فرنسي.
ح) الحقيقة تخرج من فم الأطفال، مثل فرنسي.
ط) لا تذهب إلى العرس إن لم تكن مدعوّاً، مثل فرنسي.
ي) الحرية لون الإنسان، الحقد ليس سوى هزيمة الخيال.
التألّم جريمة، المبادئ وجدت لتنقض، رجل بلا شاربين كامرأة بشاربين، الخ.
والآن خير ما نختم به مقالنا
والله أعلم.
من قديم الزمان كان الأدباء يسرق بعضهم من بعض شعراً ونثراً، وكانت السرقات الأدبيّة خطيئة يعاب عليها صاحبها!
ومع الأيام كان الأدباء يكتشفون السرقات الأدبية لأندادهم، حتى صار ذلك باباً في البلاغة وعلم النقد الأدبي، ووضع لـ(السرقة) قانون يمجّد بعضه ويعتبره حلالاً، ويمج بعضه ويعتبره حراماً. وليس ثمة شيء يمنع الأدبي أو الشاعر أن يمد يده لإنتاج الآخرين وينسبه لنفسه بعد تغيير بسيط سهل، أو حتى بدون تغيير.
وأقل السرقات اكتشافاً سرقة الأديب من اللغات الأخرى. فالذي يعرف أكثر من لغة تتاح له فرصة السرقة أكثر. وفي القديم كان اللصوص يبقى بمنئً عن الاكتشاف لقلة من يحسن لغتين وثلاث.
أما اليوم ومع اندماج الحضارات، وتعدد مراكز الترجمة، وتبادل الثقافات والمنابر الأدبية، ومجلات الأب والشعر والصحف، والكتب، واتساع النشر في كل مكان.. أصبح إخفاء السرقة أمراً عسيراً.
وعلى كل حال كانت السرقات تنكشف عبر الزمن، وكان (المظلومون) أديباً يقتصّون من عرض (الظالمين) وسمعتهم، ومكانتهم، واحترامهم لدى الناس..! ومع هذا كله فإنّ أغلبيّة الناس صارت تسمح بقليل من السرقة الأدبية، وتمنع عن الشيء الكثير. ولكن ماذا عن سرقة (العلم) و(الفكر) و(الاختراع)؟!
لا أحد اليوم يسمح بذلك قط.. ومن هنا فإن القانون يعطي لصاحب الاختراع والاكتشاف (براءة) يحظر بموجبه على الآخرين أن ينتحلوه سرقة أو يستخدمون إلا بإجازته.. وصارت تلك الحقوق جزءً من قوانين كل الشعوب والأمم.
يبقى نوع آخر من السرقة هو: سرقة (الحِكَم)، أي سرقة الكلمات القصيرة التي تعبّر عن حكمة في الحياة. ثم نسبتها إلى نفسه، وكأنه هو صاحبها ومكتشفها، ربما كان البعض يعتبر ذلك جزءً من (السرقة الأدبية)، ولكن الأمر ليس كذلك. ذلك لأن الكلمات القصيرة التي راج سوقها في هذا العصر، حيث خصص لها في كل مجلة وجريدة زاوية معينة.. ليست أهميتها في قيمتها الأدبية، وإنما في قيمتها (الحكميّة) أي أن قيمتها فيما تعبّر عنه من منهج وفكرة صائبة ـ مشى عليها الناجحون في الحياة. وليس في صياغتها الأدبية، ومع كثرة من يتتبّع السرقات الأدبية، إلا أن من يتتبع (سرقة الحكم) قليل أو معدوم تماماً.
وربما استغل (لصوص الحكمة) هذا التغافل عنهم، ليسرقوا ما يشاءون وينسبونها لمن يشاءون.
والغريب أن تعبر هذه (السرقات) على المجلات الشهيرة والقيّمة، فلا يعترض عليها قلم التحرير أهو مجرّد غفلة أو تغافل؟
وأكثر ما يتعرّض للسرقة (حكم الأنبياء) و(أهل البيت (عليهم السلام)) ولا ريب أن ما انتشر في الناس من حكم الأنبياء أكثره وصلنا عبر نبيّنا الأعظم محمد (صلّى الله عليه وآله) وأهل بيته الكرام.
وما وصلنا من (حكمة) عن أهل البيت (عليهم السلام) هو ـ في حدّ ذاته ـ كنز عظيم. يكفي أن نعرف أن ما يوجد في التوراة والإنجيل من (حكم) عدد ضئيل جداً بالقياس إلى واحد من أئمة أهل البيت (عليهم السلام) هو الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام). فلقد بلغ عدد ما وصلت من كلماته القصيرة أكثر من أربعة عشر ألف حكمة!
تأمّل في الرقم.. ولا شك أنه ليست جميع تلك الحكم من مخترعات علي (عليه السلام).. فالكثير منها مرويّة عن علي عن النبي الأعظم محمد (صلّى الله عليه وآله) أو هي مرويّة عن علي عن الأنبياء السابقين.. ولكن تبقى (كلماته القصيرة) التي أنشأها بنفسه تربو على الآلاف.
ولا عجب: فعليّ باب مدينة علم الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله) كما قال رسول الله: (أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد المدينة فليأتها من بابها). ولسائر أئمة أهل البيت (عليهم السلام) مثلما لعلي (عليه السلام) من حكم قصيرة. تربو على الألوف، وإن كانت أقل عددا ممّا وصلت عن الإمام علي (عليه السلام).
وهذا الكنز العظيم أغرى اللصوص ـ لصوص الحكمة الإلهية ـ بالسرقة وانتحال العلم والمعرفة للآخرين. ويمكن تقسيم هذه اللصوصية ـ عبر التاريخ ـ إلى أنواع ثلاث:
1ـ نوع كان يسرق الحكمة من الإمام علي (عليه السلام) وينسبها لنفسه إذا كان ثمة مجال لتصديقه من قبل الناس، وهذا من أقلّ الأنواع. ذلك لأن كلمة الحكمة عليها بصمات صاحبها ونفسه وروحه وضميره. وهل يمكن أن يسرق أحد روح غيره؟ أو يسرق نبضات قلبه؟
2ـ نوع آخر من السرقة هو أن يعمد اللّص إلى سرقة (الحكمة) ونسبتها إلى من (يحب) لكي يرفع من شأن محبوبه، ويستخدم هذه الوسيلة لكي يروّج بضاعته وينشر أسمه، ويأكل الحياة بسببه. وهذا النوع هو الأكثر الأشهر.
3ـ نوع ثالث من اللصوصيّة، إنها تسرق الحكمة لا لكي ينتحلها لنفسه، أو لمن يحب بل لكي ينسبها إلى (عدو) صاحب الحكمة ـ أو منافسه ـ أو خصمه وذلك نكاية لصاحب الحكمة ومنهجه في الحياة، وترويجاً لخط العداء له. ومن هذا القبيل الرواية التالية:
بعد مقتل (مالك الأشتر) غيلة وبالسم على يد عملاء (معاوية) عثروا عنده على عهد الإمام علي (عليه السلام) إليه بخصوص كيفية إدارة الحكم والمجتمع؟ وهو من أشهر كتب الإمام علي (عليه السلام) وأغزرها علماً وحكمة ومعرفة بطبقات الناس وكيفية إدارة المجتمع!
وعندما جيء بذلك العهد إلى (معاوية) اقترح أحد أصحابه عليه أن تمزّق وتتلف. فقال له معاوية إنّها مليئة بالحكمة، فكيف تمزّق؟ فقالوا له: إن انشرها باسمك!
وكان معاوية أكثر دهاءً من أن يرتكب هذه الحماقة، ذلك أن سيرته وسلوكه مع الناس لا يمكن أن تنسجم مع ذلك الكتاب الإنساني المليء بالمواعظ وبمسالك العدل والإنصاف في الحكم!
قالوا: فماذا تفعل إذن؟
قال: سنقول أنّها من وصية الخليفة الأول إلى ولده: (محمد)!
ولم يعش معاوية لكي يرى بنفسه أنّ خطته هي الأخرى لم تنجح. ذلك أن أولاد الإمام علي (عليه السلام) قد كشفوا الحقيقة للناس. كما أن بصمات علي (عليه السلام) على عهده، بصمات أبديّة لا تزول!
وفي هذا العصر تروج (سرقه الحكمة) في الكثير من المجلات والصحف في بلادنا العربية، مع الأسف! فمثلاً: قرأت في مجلة (العربي) الكونية الواسعة الانتشار الحكمة التالية: (قيمة كل امرئ ما يحسنه).
وتحتها مكتوب اسم واحد من الخلفاء ممن لم تعهد عنه كلمة حكمة واحدة. علماً بأن هذه الكلمة بالخصوص من أشهر كلمات الإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) ومسجّلة في عشرات المصادر التاريخية ومنها: (نهج البلاغة) وفي كتاب آخر باسم (روائع الأمثال العالمية) لمؤلفه ميشال مراد من الصفحة 54 تقرأ حكم الإمام علي (عليه السلام) منسوبة إلى الخليفة الثاني وهي كما يلي: أشقى الولاة من شقيت به رعيّته. أعقل الناس أعذرهم للناس.
أو ترى الحكمة التالية: (الناس أعداء ما جهلوا) المشهورة عن الإمام علي (عليه السلام) أيضاً منسوبة إلى الشعب الألماني ـ طبعاً مع قليل من التحريف في الألفاظ كما ترى في الصفحة ـ من نفس الكتاب الحكمة التالية: (قل لي من تعاشر أقل لك من أنت) وهي في حكم أهل البيت كالتالي: (المرء على دين خليله). وربّما تكون الحكمة مأخوذة نصاً من القرآن الكريم ولكن منسوبة إلى الشعب الأسباني ـ كما في الحكمة التالية من نفس المصدر: (لا يأخذ الإنسان معه إلا الجميل الذي صنعه) وهي في القرآن الكريم: (وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسانِ إِلاَّ ما سَعى) أو تقرأ: (من كانت له امرأة كان له عدو) منسوبة إلى الأسبان، وهي في القرآن كما يلي: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ).
ومن أطرف ما قرأت حكمة شهيرة نسبها صاحبها إلى الرئيس (جمال عبد الناصر) ويبدو أن جمال قد استخدم هذه الحكمة في أثناء إحدى خطبه فصارت ملكاً له. والحكمة هي: (إنّ على كل حق حقيقة، وعلى كل صواب نوراً) وهي من الحكم المشهورة عن أهل البيت (عليهم السلام).
طبعاً لا يمكن أن ننفي عن بعض تلك الحكم أنها (توارد وخواطر) ولكن ليس عن جميعها، خصوصاً إذا كانت مترجمة بالنص، أو منحولة نصاً.
وقد تجد حكمة أهل البيت (عليهم السلام) في كتاب أو مجلة أو كتاب مدرسي منسوبة إلى (أعرابي).
ولا يمكن أن ننسب هذا النوع من الانتحال إلى (السرقة) فلعل الذي كتب تلك الحكمة أعجبه مضمونها الإنساني الجميل، فأراد نشرها، ولمّا وجد أن سياسة المجلة أو الجريدة أو الجامعة أو أن النظام السياسي برمته لا يرغب في نشر أسماء أهل البيت (عليهم السلام) خصوصاً إذا كان اسم الإمام علي (عليه السلام) أو الحسن والحسين، عندئذ يحتال على (الرقيب) المتعصّب فيذكر الحكمة ولا يذكر صاحبها.
قديماً ـ في العهد الأموي أو العباسي وفي ذروة الاضطهاد السياسي للعلويين ولأنصار أهل البيت (عليهم السلام) كانوا ينشرون أحاديث الأئمة بدون اسم.. ولكن مع رمز خاص مثلاً يقولون: قال (العالم) أو مع الكنية روي عن (أبي الحسن) أو ما أشبه ذلك. وكان (الخواص) يعرفون المصدر الحقيقي، ولا يثير أعوان الظلمة أيضاً!
ومع أن هذا المقال ليس مخصّصاً لشرح الطابع العام لحكم أهل البيت والتعرّف على امتيازها بشكل خاص، ولكن ثمة (معالم عامة) تميز (الحكم الإلهية) التي انتشرت في الناس على يد الأنبياء الكرام وأوصيائهم، عن تلك (الكلمات القصيرة) التي ليس ورائها إلا السراب وربّما تكون من الحكمة المعكوسة.
وأهم تلك المعالم وباختصار هي ما يلي:
أولاً: حكم الأنبياء تكشف عن (السعادة الحقيقة) للناس جميعاً في إطار الحياة البشرية ـ في الدنيا والآخرة ـ وأمّا نظرة غيرهم فهي محدودة بهذه الحياة الدنيا، وبقسم خاص من الشعوب، أو الطبقات، وهي قليلاً ما تنظر إلى المصلحة البشرية العليا، أو هي عاجزة عن معرفة تلك المصلحة وخصوصاً عندما تتعلق القضية بحياة الإنسان في العالم الآخر.. عالم ما بعد الموت.
ثانياً: إن حكم الأنبياء مسبوكة أدبياً بحيث أن أي تغيير لها يغيّر صورتها الأدبية الناصعة، ويقلّل من نور الكلمة وتأثيرها.
ومن هنا، فإن في كلمات الأنبياء (نوراً) لا يشعر بها إلا المؤمنون المتقون، الذين فتحوا قلوبهم لاستقبال ذلك النور.
ثالثاً: أن حكم الأنبياء وأوصيائهم يعضد بعضها بعضاً، ويسند بعضها بعضاً، فهي ليست كلمات قصيرة متناثرة، كل ما فيها صياغة جميلة، بل هي كلمات تعكس عن نواميس ثابتة في الكون وحقائق أزلية.
ولأن الناس العاديين ممن ليس مرتبط بالسماء لا يستطيع أن يعرف تلك النواميس لذلك كان الأنبياء هم الوحيدون أبطال هذه الساحة، لأنهم وحدهم يتلقون (الوحي الإلهي) وأوصياؤهم مثلهم يعرفون من نفس النبع والإلهام الرباني وإن كان الوحي المباشر مقطوعاً عنهم.
على ضوء ما سبق نستطيع أن نقول:
إن للحكمة رجالها، ورجالها هم الذين تنورت قلوبهم بهدى الإيمان بالله خالق الكون والحياة، وتطهّرت نفوسهم بمعين التقوى والإخلاص والمحبة الصادقة.
وليس ما في يد الناس من (حكم) و(أمثال) إلا رشحاً ممّا تركه الأنبياء في مجتمعاتهم. فسارت أمثالهم في الناس مثلاً، كما كانت سيرتهم وسلوكهم (قدوة) لأولي الألباب والحكم الصادقة، تعبّر عن نواميس الله في الكون وتخبر عن العواقب (الطيّبة) أو (السيئة) للأعمال، وتحذر بلسان الموعظة عن أن يلقي الإنسان نفسه في الهلكة، ولذلك كان اكتشاف الحكمة من اختصاص الأنبياء والأوصياء والمتقين من الطراز الرفيع.
أما العوام من الناس، حتى ولو تخرجوا من ألف جامعة ومدرسة، وقرأوا ألف كتاب وكتاب، فإن نفوسهم وعقولهم قد تبقى ضيّقة حتى عن اكتشاف أبسط حكمة في الحياة. ويعجزون حتى عن انتزاع الحكمة من حياتهم الشخصيّة ـ فكيف بحياة الأمم جميعاً.
وكما أن للحكمة رجالها.. فإن للحكمة أدعياءها أيضاً.. فكم من نبي كاذب كان يدعي معرفة سرّ الكون وسرّ الحياة، ويصنع من نفسه معلّماً للناس، ومرشداً وليس له من العلم، إلا ما يعلمه الشيطان من أساليب المكر والخداع والدجل، وإضلال الآخرين.
وأدعياء الحكمة دائماً كثيرون، وبكثرة عدد شياطين الجن، تتنوع مسالك الدجل الزور في شياطين الإنس وأتباعهم، ترى كيف يمكن أن نميّز التبر من التراب؟ والحكمة الصادقة من الحكمة الكاذبة؟ والحكيم الإلهي العظيم، من المتحكم التافه؟
للعقل دور كبير في التمييز للأشياء، بل له الدور الأوحد، فهو وحده يستطيع أن يميز الصالح من الفاسد، والجيّد من الرديء، والأصل من البدل، وبكلمة يميز الخير من الشر، والشر من الأشر!
معظم الجرائد والمجلات اليوم تفسح لصفحاتها مجالاً لكلمات الحكمة القصيرة.
بعض تلك الكلمات حلوة جميلة، ولكنها ليست بحكمة، إنما هو (شعر أدبي جميل)، وبعضها توافه مكتوبة على ورق.
وبعضها كلمات كاذبة (ضد الحكمة).
وبعضها الآخر حكمة حقاً، وأغلب هذا النوع الأخير تشكل طيفاً لحكم الأنبياء الكبار ـ فهي تموّجات لذت الحكمة النبويّة ذي المنبع الملكوتي ـ الإلهي.
وربما كانت نابعة من (إلهام رباني) وليس ذلك أمراً بعيداً ـ وإن كان الوحي الإلهي قد انقطع عن الأرض بختم النبوة بسيدنا محمد بن عبد الله (صلّى الله عليه وآله)، ولكن الإلهام الإلهي لم ينقطع وفي الحديث: (من أخلص لله أربعين صباحاً تفجرت ينابيع الحكمة من قلبه).
وكم في الجرائد والمجلات من (توافه) تنشر على الناس باسم الحكمة أو هي وصايا عادية ـ بديهية لا تستحق النشر ـ تأمل معي الكلمات التالية واحكم عليها بنفسك:
أ) أفضل مذاق مذاق الملح، مثل أسباني.
ب) خير لك أن تكون مجنوناً مع الجميع من أن تكون وحدك، مثل أسباني.
ج) يولد الإنسان في البيت ويموت في الصحراء، مثل منغولي.
د) الكلمات كالبيض ما إن تفقس حتى تطير، مثل مدغشقري.
ه) الكسر أسرع من الترقيع، مثل سويسري.
و) الكلمات أقزام والأمثلة عمالقة، مثل سويسري.
ز) يرسل الله البرد حسب الغطاء، مثل فرنسي.
ح) الحقيقة تخرج من فم الأطفال، مثل فرنسي.
ط) لا تذهب إلى العرس إن لم تكن مدعوّاً، مثل فرنسي.
ي) الحرية لون الإنسان، الحقد ليس سوى هزيمة الخيال.
التألّم جريمة، المبادئ وجدت لتنقض، رجل بلا شاربين كامرأة بشاربين، الخ.
والآن خير ما نختم به مقالنا
حكمة الإمام علي (عليه السلام): (إنّ على كل حق حقيقة، وعلى كل صواب نوراً وبذلك النّور نستطيع أن نميز التبر من التراب، والخطأ من الصواب).
تعليق