بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلىَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبَالِ فَأَبَينَْ أَن يحَْمِلْنهََا وَ أَشْفَقْنَ مِنهَْا وَ حَمَلَهَا الْانسَنُ إِنَّهُ كاَنَ ظَلُومًا جَهُولًا(72) سورة الاحزاب
صدق الله العلي العظيم
عيون أخبار الرضا- عليه السّلام 1/ 306، ح 66 :
في باب ما جاء عن الرّضا- عليه السّلام- من الأخبار المتفرّقة، بإسناده إلى الحسين بن خالد قال: سألت عليّ بن موسى الرّضا- عليه السّلام- عن قول اللَّه- عزّ و جلّ-: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها (الآية)
فقال: الأمانة، الولاية. من ادّعاها بغير حقّ ، فقد كفر.
تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج10، ص: 451
و في معاني الأخبار/ 108- 110، ح 1 :
بإسناده إلى محمّد بن سنان، عن المفضّل بن عمر قال:
قال أبو عبد اللَّه- عليه السّلام-: إنّ اللَّه- تبارك و تعالى- خلق الأزواج قبل الأجساد بألفي عام. فجعل أعلاها و أشرفها أرواح محمّد و عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمّة - عليهم السّلام-. فعرضها على السّماوات و الأرض و الجبال، فغشيها نورهم.
فقال اللَّه- تبارك و تعالى- السّماوات و الأرض و الجبال: هؤلاء أحبّائي و أوليائي و حججي على خلقي و أئمّة بريّتي، ما خلقت خلقا هو أحبّ إليّ منهم. لهم و لمن تولّاهم خلقت جنّتي، و لمن خالفهم و عاداهم خلقت ناري. فمن ادّعى منزلتهم منّي و محلّهم من عظمتي، عذّبته عذابا لا أعذّبه أحدا من العالمين، و جعلته مع المشركين في أسفل درك من ناري. و من أقرّ بولايتهم و لم يدّع منزلتهم منّي و معانهم من عظمتي، جعلته معهم في روضات جنّاتي، و كان لهم فيها ما يشاءون عندي، و أبحتهم كرامتي، و أحللتهم جواري، و شفّعتهم في المذنبين من عبادي و إمائي. فولايتهم أمانة عند خلقي. فأيّكم يحملها بأثقالها و يدّعيها لنفسه ؟
فأبت السّماوات و الأرض و الجبال أن يحملنها و أشفقن منها، من ادّعاء منزلتها و تمنّي محلّها من عظمة ربّهم .
فلمّا أسكن اللَّه- عزّ و جلّ- آدم و زوجته الجنّة قال لهما : كُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ، يعني: شجرة الحنطة فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ.
فنظر إلى منزلة محمّد و عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة بعدهم- صلوات اللَّه عليهم- فوجداها أشرف منازل أهل الجنّة.
فقالا: ربّنا، لمن هذه المنزلة؟
فقال اللَّه- جل جلاله-: ارفعا رؤوسكما إلى ساق العرش .
فرفعا رؤوسهما، فوجدا أسماء محمّد و عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة بعدهم عليهم السّلام مكتوبة على ساق العرش بنور اللَّه الجبّار- جلّ جلاله.
فقالا: يا ربّنا، ما أكرم أهل هذه المنزلة عليك، و ما أحبّهم إليك، و ما أشرفهم لديك! فقال اللَّه- جلّ جلاله- لولاهم ما خلقتكما. هؤلاء خزنة علمي و أمنائي على سريّ. إيّاكما أن تنظر إليهم بعين الحسد و تتمنّيا منزلتهم عندي و محلّهم من كرامتي، فتدخلا بذلك في نهي و عصياني فتكونا من الظّالمين.
قالا: ربّنا، و من الظّالمون؟
قال: المدّعون لمنزلتهم بغير حقّ.
قالا: ربّنا، فأرنا منازل ظالميهم في نارك حتّى نراها، كما رأينا منزلتهم في جنّتك.
فأمر اللَّه- تبارك و تعالى- النّار، فأبرزت جميع ما فيها من ألوان النكال و العذاب.
و قال- عزّ و جلّ-: مكان الظّالمين لهم المدّعين منزلتهم في أسفل درك منها، كلّما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها، و كلّما نضجت جلودهم بدّلناهم سواها ليذوقوا العذاب. يا آدم و يا حوّاء، لا تنظر إلى أنواري و حججي بعين الحسد فأهبطكما عن جواري و أحلّ بكما هواني فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما، وَ قالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ وَ قاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ و حملهما على تمنيّ منزلتهم، فنظرا إليهم بعين الحسد فخذلا حتّى أكلا من شجرة الحنطة، فعاد مكان ما أكلا شعيرا. فأصل الحنطة كلّها ممّا لم يأكلاه، و أصل الشّعير كلّه ممّا عاد مكان ما أكلاه.
فلمّا أكلا من الشّجرة، طار الحليّ و الحلل عن أجسادهما و بقيا عريانين وَ طَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ، وَ ناداهُما رَبُّهُما أَ لَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَ أَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَ تَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ قالَ اهْبِطا من جواري فلا يجاورني في جنّتي من يعصيني. فهبطا موكولين إلى أنفسهما في طلب المعاش.
فلمّا أراد اللَّه- عزّ و جلّ- أنّ يتوب عليهما، جاءهما جبرائيل- عليه السّلام- فقال لهما: إنكما إن ظلمتما أنفسكما بتمنّي منزلة من فضّل عليكما، فجزاؤكما ما قد عوقبتما من الهبوط من جوار اللَّه إلى أرضه. فسألا ربّكما بحقّ الأسماء الّتي رأيتموها على سابق العرش حتّى يتوب عليكما.
فقالا: اللّهمّ، إنّا نسألك بحقّ الأكرمين عليك، محمّد و عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمّة، إلّا تبت علينا و رحمتنا. فتاب اللَّه عليهما، إنّه هو التّوّاب الرّحيم. فلم يزل أنبياء اللَّه بعد ذلك يحفظون هذه الأمانة و يخبرون بها أوصيائهم و المخلصين من أمّتهم، فيأبون حملها و يشفقون من ادّعائها، و حملها الإنسان الّذي قد عرف. فأصل كلّ ظلم منه، إلى يوم القيامة. و ذلك قول اللَّه- عزّ و جلّ-: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا.
و في أصول الكافي 1/ 413، ح 2:
محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن الحكم بن مسكين، عن إسحاق بن عمّار، عن رجل، عن أبي عبد اللَّه- عليه السّلام- في قول اللَّه- عزّ و جلّ-: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا.
قال: هي ولاية أمير المؤمنين- عليه السّلام-.
و في نهج البلاغة / 317- 318، ذيل خطبة 199:
ثمّ أداء الأمانة، فقد خاب من ليس أهلها. إنّها عرضت على السّماوات المبنيّة و الأرض المدحوّة و الجبال ذات الطّول المنصوبة، فلا أطول و لا أعرض و لا أعلى و لا أعظم منها، و لو امتنع شيء بطول أو عرض أو قوّة أو عزّلا امتنعن، و لكن أشفقن من العقوبة و عقلن ما جهل من أضعف منهنّ و هو الإنسان إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا.
و في كتاب الاحتجاج 1/ 364 و 374، للطّبرسيّ- رحمه اللَّه-:
عن أمير المؤمنين- عليه السّلام- حديث طويل. يقول فيه- عليه السّلام- لبعض الزّنادقة- و قد قال: و أجده يقول: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا.
فما هذه الأمانة، و من هذا الإنسان؟ و ليس من صفة القدير الحكيم التّلبيس على عباده.
و أمّا الأمانة الّتي ذكرتها، فهي الأمانة الّتي لا تجب و لا تجوز أن تكون إلّا في الأنبياء و أوصيائهم. لأنّ اللَّه- تبارك و تعالى- ائتمنهم على خلقه و جعلهم حججا في أرضه.
فبالسّامريّ و من اجتمع معه و أعانه من الكفّار على عبادة العجل عند غيبة موسى، ما تمّ انتحال محلّ موسى من الطّغام و الاحتمال لتلك الأمانة الّتي لا ينبغي إلّا لطاهر من الرّجس. فاحتمال وزرها و وزر من سلك سبيله من الظّالمين و أعوانهم. و لذلك قال النّبيّ- صلّى اللَّه عليه و آله و سلم-: من استنّ بسنّة حقّ، كان له أجرها و أجر من عمل بها إلى يوم القيامة. و من استنّ سنّة باطل، كان عليه و وزرها و وزر من عمل بها إلى يوم القيامة.
و في عوالي اللّآلئ 1/ 324، ح 62:
و في الحديث أنّ عليّا- عليه السّلام- إذا حضرت وقت الصّلاة يتململ و يتزلزل و يتلوّن.
فيقال له: مالك، يا أمير المؤمنين؟
فيقول: جاء وقت الصّلاة، وقت أمانة عرضها اللَّه على السّماوات و الأرض و الجبال فأبين أن يحملنها و أشفقن منها.
و في بصائر الدرجات/ 96، ح 3 :
أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد ، عن عثمان بن سعيد، عن مفضّل بن صالح، عن جابر، عن أبي جعفر- عليه السّلام- في قول اللَّه- عزّ و جلّ-: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها قال: الولاية. فأبين أن يحملنها كفرا بها و عنادا ، و حملها الإنسان. و الإنسان الّذي حملها، أبو فلان.
و في تأويل الآيات الباهرة، مخطوط، ص 168:
روى محمّد بن العبّاس- رحمه اللَّه- عن الحسين بن عامر، عن محمّد بن الحسين، عن الحكم بن مسكين ، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد اللَّه- عليه السّلام- في قول اللَّه- عزّ و جلّ-: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً لنفسه جَهُولًا قال: يعني بها: ولاية عليّ بن أبي طالب.
و يؤيّده ما
رواه الشّيخ محمّد بن يعقوب- رحمه اللَّه بطريق آخر: عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن الحسن بن مسكان ، عن إسحاق بن عمّار في قوله- عزّ و جلّ-: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ (إلى آخر الآية) قال: هي الولاية لأمير المؤمنين- صلوات اللَّه عليه و على ذرّيّته الطّيّبين، صلاة باقية دائمة إلى يوم الدّين
إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلىَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبَالِ فَأَبَينَْ أَن يحَْمِلْنهََا وَ أَشْفَقْنَ مِنهَْا وَ حَمَلَهَا الْانسَنُ إِنَّهُ كاَنَ ظَلُومًا جَهُولًا(72) سورة الاحزاب
صدق الله العلي العظيم
عيون أخبار الرضا- عليه السّلام 1/ 306، ح 66 :
في باب ما جاء عن الرّضا- عليه السّلام- من الأخبار المتفرّقة، بإسناده إلى الحسين بن خالد قال: سألت عليّ بن موسى الرّضا- عليه السّلام- عن قول اللَّه- عزّ و جلّ-: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها (الآية)
فقال: الأمانة، الولاية. من ادّعاها بغير حقّ ، فقد كفر.
تفسير كنز الدقائق و بحر الغرائب، ج10، ص: 451
و في معاني الأخبار/ 108- 110، ح 1 :
بإسناده إلى محمّد بن سنان، عن المفضّل بن عمر قال:
قال أبو عبد اللَّه- عليه السّلام-: إنّ اللَّه- تبارك و تعالى- خلق الأزواج قبل الأجساد بألفي عام. فجعل أعلاها و أشرفها أرواح محمّد و عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمّة - عليهم السّلام-. فعرضها على السّماوات و الأرض و الجبال، فغشيها نورهم.
فقال اللَّه- تبارك و تعالى- السّماوات و الأرض و الجبال: هؤلاء أحبّائي و أوليائي و حججي على خلقي و أئمّة بريّتي، ما خلقت خلقا هو أحبّ إليّ منهم. لهم و لمن تولّاهم خلقت جنّتي، و لمن خالفهم و عاداهم خلقت ناري. فمن ادّعى منزلتهم منّي و محلّهم من عظمتي، عذّبته عذابا لا أعذّبه أحدا من العالمين، و جعلته مع المشركين في أسفل درك من ناري. و من أقرّ بولايتهم و لم يدّع منزلتهم منّي و معانهم من عظمتي، جعلته معهم في روضات جنّاتي، و كان لهم فيها ما يشاءون عندي، و أبحتهم كرامتي، و أحللتهم جواري، و شفّعتهم في المذنبين من عبادي و إمائي. فولايتهم أمانة عند خلقي. فأيّكم يحملها بأثقالها و يدّعيها لنفسه ؟
فأبت السّماوات و الأرض و الجبال أن يحملنها و أشفقن منها، من ادّعاء منزلتها و تمنّي محلّها من عظمة ربّهم .
فلمّا أسكن اللَّه- عزّ و جلّ- آدم و زوجته الجنّة قال لهما : كُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ، يعني: شجرة الحنطة فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ.
فنظر إلى منزلة محمّد و عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة بعدهم- صلوات اللَّه عليهم- فوجداها أشرف منازل أهل الجنّة.
فقالا: ربّنا، لمن هذه المنزلة؟
فقال اللَّه- جل جلاله-: ارفعا رؤوسكما إلى ساق العرش .
فرفعا رؤوسهما، فوجدا أسماء محمّد و عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة بعدهم عليهم السّلام مكتوبة على ساق العرش بنور اللَّه الجبّار- جلّ جلاله.
فقالا: يا ربّنا، ما أكرم أهل هذه المنزلة عليك، و ما أحبّهم إليك، و ما أشرفهم لديك! فقال اللَّه- جلّ جلاله- لولاهم ما خلقتكما. هؤلاء خزنة علمي و أمنائي على سريّ. إيّاكما أن تنظر إليهم بعين الحسد و تتمنّيا منزلتهم عندي و محلّهم من كرامتي، فتدخلا بذلك في نهي و عصياني فتكونا من الظّالمين.
قالا: ربّنا، و من الظّالمون؟
قال: المدّعون لمنزلتهم بغير حقّ.
قالا: ربّنا، فأرنا منازل ظالميهم في نارك حتّى نراها، كما رأينا منزلتهم في جنّتك.
فأمر اللَّه- تبارك و تعالى- النّار، فأبرزت جميع ما فيها من ألوان النكال و العذاب.
و قال- عزّ و جلّ-: مكان الظّالمين لهم المدّعين منزلتهم في أسفل درك منها، كلّما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها، و كلّما نضجت جلودهم بدّلناهم سواها ليذوقوا العذاب. يا آدم و يا حوّاء، لا تنظر إلى أنواري و حججي بعين الحسد فأهبطكما عن جواري و أحلّ بكما هواني فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما، وَ قالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ وَ قاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ و حملهما على تمنيّ منزلتهم، فنظرا إليهم بعين الحسد فخذلا حتّى أكلا من شجرة الحنطة، فعاد مكان ما أكلا شعيرا. فأصل الحنطة كلّها ممّا لم يأكلاه، و أصل الشّعير كلّه ممّا عاد مكان ما أكلاه.
فلمّا أكلا من الشّجرة، طار الحليّ و الحلل عن أجسادهما و بقيا عريانين وَ طَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ، وَ ناداهُما رَبُّهُما أَ لَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَ أَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَ تَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ قالَ اهْبِطا من جواري فلا يجاورني في جنّتي من يعصيني. فهبطا موكولين إلى أنفسهما في طلب المعاش.
فلمّا أراد اللَّه- عزّ و جلّ- أنّ يتوب عليهما، جاءهما جبرائيل- عليه السّلام- فقال لهما: إنكما إن ظلمتما أنفسكما بتمنّي منزلة من فضّل عليكما، فجزاؤكما ما قد عوقبتما من الهبوط من جوار اللَّه إلى أرضه. فسألا ربّكما بحقّ الأسماء الّتي رأيتموها على سابق العرش حتّى يتوب عليكما.
فقالا: اللّهمّ، إنّا نسألك بحقّ الأكرمين عليك، محمّد و عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمّة، إلّا تبت علينا و رحمتنا. فتاب اللَّه عليهما، إنّه هو التّوّاب الرّحيم. فلم يزل أنبياء اللَّه بعد ذلك يحفظون هذه الأمانة و يخبرون بها أوصيائهم و المخلصين من أمّتهم، فيأبون حملها و يشفقون من ادّعائها، و حملها الإنسان الّذي قد عرف. فأصل كلّ ظلم منه، إلى يوم القيامة. و ذلك قول اللَّه- عزّ و جلّ-: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا.
و في أصول الكافي 1/ 413، ح 2:
محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن الحكم بن مسكين، عن إسحاق بن عمّار، عن رجل، عن أبي عبد اللَّه- عليه السّلام- في قول اللَّه- عزّ و جلّ-: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا.
قال: هي ولاية أمير المؤمنين- عليه السّلام-.
و في نهج البلاغة / 317- 318، ذيل خطبة 199:
ثمّ أداء الأمانة، فقد خاب من ليس أهلها. إنّها عرضت على السّماوات المبنيّة و الأرض المدحوّة و الجبال ذات الطّول المنصوبة، فلا أطول و لا أعرض و لا أعلى و لا أعظم منها، و لو امتنع شيء بطول أو عرض أو قوّة أو عزّلا امتنعن، و لكن أشفقن من العقوبة و عقلن ما جهل من أضعف منهنّ و هو الإنسان إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا.
و في كتاب الاحتجاج 1/ 364 و 374، للطّبرسيّ- رحمه اللَّه-:
عن أمير المؤمنين- عليه السّلام- حديث طويل. يقول فيه- عليه السّلام- لبعض الزّنادقة- و قد قال: و أجده يقول: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا.
فما هذه الأمانة، و من هذا الإنسان؟ و ليس من صفة القدير الحكيم التّلبيس على عباده.
و أمّا الأمانة الّتي ذكرتها، فهي الأمانة الّتي لا تجب و لا تجوز أن تكون إلّا في الأنبياء و أوصيائهم. لأنّ اللَّه- تبارك و تعالى- ائتمنهم على خلقه و جعلهم حججا في أرضه.
فبالسّامريّ و من اجتمع معه و أعانه من الكفّار على عبادة العجل عند غيبة موسى، ما تمّ انتحال محلّ موسى من الطّغام و الاحتمال لتلك الأمانة الّتي لا ينبغي إلّا لطاهر من الرّجس. فاحتمال وزرها و وزر من سلك سبيله من الظّالمين و أعوانهم. و لذلك قال النّبيّ- صلّى اللَّه عليه و آله و سلم-: من استنّ بسنّة حقّ، كان له أجرها و أجر من عمل بها إلى يوم القيامة. و من استنّ سنّة باطل، كان عليه و وزرها و وزر من عمل بها إلى يوم القيامة.
و في عوالي اللّآلئ 1/ 324، ح 62:
و في الحديث أنّ عليّا- عليه السّلام- إذا حضرت وقت الصّلاة يتململ و يتزلزل و يتلوّن.
فيقال له: مالك، يا أمير المؤمنين؟
فيقول: جاء وقت الصّلاة، وقت أمانة عرضها اللَّه على السّماوات و الأرض و الجبال فأبين أن يحملنها و أشفقن منها.
و في بصائر الدرجات/ 96، ح 3 :
أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد ، عن عثمان بن سعيد، عن مفضّل بن صالح، عن جابر، عن أبي جعفر- عليه السّلام- في قول اللَّه- عزّ و جلّ-: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها قال: الولاية. فأبين أن يحملنها كفرا بها و عنادا ، و حملها الإنسان. و الإنسان الّذي حملها، أبو فلان.
و في تأويل الآيات الباهرة، مخطوط، ص 168:
روى محمّد بن العبّاس- رحمه اللَّه- عن الحسين بن عامر، عن محمّد بن الحسين، عن الحكم بن مسكين ، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد اللَّه- عليه السّلام- في قول اللَّه- عزّ و جلّ-: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً لنفسه جَهُولًا قال: يعني بها: ولاية عليّ بن أبي طالب.
و يؤيّده ما
رواه الشّيخ محمّد بن يعقوب- رحمه اللَّه بطريق آخر: عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن الحسن بن مسكان ، عن إسحاق بن عمّار في قوله- عزّ و جلّ-: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ (إلى آخر الآية) قال: هي الولاية لأمير المؤمنين- صلوات اللَّه عليه و على ذرّيّته الطّيّبين، صلاة باقية دائمة إلى يوم الدّين
تعليق