(( وقفة معرفيّة مع مفهوم الحياء ))
======================
تحديد المدلول ومعطياته الأخلاقية نفسيا وسلوكيا.
==========================
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد وآله المعصومين
إنّ معنى ومفهوم (الحياء) هو الإمتناع النفساني والسلوكي عن ممارسة الأفعال القبيحة أخلاقيا وحتى المحرمة شرعا مخافةَ أن يُعاب على المُرتكِب لها .
وقد ورد عن رسول الله /ص/ أنه قال((إستحييوا من الله حق الحياء))
فقيل له يا رسول الله/ص/ وكيف نستحيي من الله حق الحياء؟
فقال/ص/ (مَنْ حَفظَ الرأس وماحوى (أي يقصد ضبط الذهن من الإفكار والنيات السيئة)
والبطن وما وعى( أي ترك الأكل الحرام والمشبوه)
وترك زينة الحياة الدنيا وذكر الموت والبلى (الهلاك)
فقد إستحيى من الله حق الحياء)) / تذكرة الفقهاء/ العلامة الحلي/ ج1/ص336.
وقال النبي /ص/ أيضا ((الحياء من الأيمان )) / كشف اللثام/ الفاضل الهندي/ ج7/ص81.
وفي الحديث الشريف أيضا ((الحياء خيرٌ كله))
(( ولا إيمان لمن لاحياء له)) /الحدائق الناظرة /البحراني/ ج10/ص13.
وبعد هذه الأحاديث الشريفة يتضح أنّ مفهوم الحياء هو مفهوم أخلاقي تقوائي نفسيا وسلوكيا وهو يُعادل أخلاقيا مفهوم العفة ونزاهة الذات الإنسانية والتي تُركّز على إجتناب المحرمات والرذائل من الإفعال .
والحياء يجبُ أن يكون من الله تعالى عن رغبة ووعي إيماني بإعتبار أنّ الله تعالى مطّلع على نيات وأعمال العباد كليا وهذا الشعور الذاتي إذا ما تم تفعيلة في كيانية النفس الإنسانية فإنه سوف يجعل من صاحبه إنسانا مخلصا وعابدا صالحا .
ولنا في رسول الله /ص/ والمعصومين إسوة حسنة في تركيز مفهوم الحياء في ذواتنا
عمليا .
والحياء حقيقة يُمكّن الإنسان المؤمن من الترقي في التكامل العبادي بينه وبين ربه وبينه وبين العباد فالذي يستحي من الله تعالى قطعا سوف يكون إنساناً مُستحياً من الناس أيضا.
وبحياءه هذا سوف يحفظ حرمة ذاته ولايسمح للإخرين بإغتيابه وهتك سمعته وخاصة وقد ورد في الروايات (( من أنّ من لاحياء له تجوز غيبته ))
لإنه خلع جلباب الإيمان وهو الحياء .
والحياء يجب أن يتجلى لنا اليوم في حياتنا مصداقا
الرجل والمرأة كل منها مُطالب بالإلتزام به في جميع صور التعاطي في هذه الحياة مع الأخرين بدأً من صيانة اللسان من فحش القول وحفظ الأذن من سماع المحرمات وحفظ البطن والفرج من الحرام وحفظ العين من النظر إلى ما حرم الله تعالى النظر إليه
كل تلك المفردات يجب أن تتعنون بخاصية الحياء فعليا .
فالحياء فعل وعمل وسلوك وليس إدعاء وتمني .
والحمدُ لله ربّ العالمين.
مرتضى علي الحلي:
تعليق