بسم الله الرحمن الرحيم
من المؤسف له حقا أن نكون نحن المسلمين الذين نؤمن بالله وأنبيائه على عمى حالنا وحال من لا يؤمن به سواء من هذه الناحية إلا القليل ممن سلك الطريق المستقيم الذي رُسم له.
وأود في هذا الموضوع أن أبين بنظرة قرآنية-حسب ما ذكره العلماء- ظاهر الدنيا وباطنها ,و أمر القرآن الكريم لنا برؤية الباطن, والطريق الى ذلك, ومعرفة الحجب والموانع , وبذلك يتضح مانحن فيه من ضلالة وما وصل اليه الانبياء والأئمة واهل الصلاح من مقام,
وعندها تُحل الكثير من القضايا الغير مفهومة والتي لا يتحملها العقل البشري العادي أحيانا.
القرآن الكريم يوضح لنا بعدة الفاظ أن لهذا الوجود ظاهراً وباطناً, أو مُلك وملكوت فالمُلك الظاهر والملكوت الباطن, أو تنزيل وتأويل والتأويل هو الباطن, أو خلق و أمر والخلق ما يحتاج الى أسباب ومسببات و الأمر خلاف ذلك فهو كن فيكون.
يمكننا أن نقسم الوجود المادي إلى ثلاثة اقسام:
الأول- الكون الذي خلق للإنسان, والقرآن الذي نزل لهدايته , و الإنسان نفسه.
ونحن لو نظرنا في القرآن الكريم لرأينا عجبا , فكل شيءٍ له ظاهر و باطن والله سبحانه وتعالى يريد منا أن نصل إلى الباطن (من عرف نفسه عرف ربه). ولكنا لا نزال في عمى ولا نرى الا هذا الظاهر الا من جاهد نفسه فرحمه الله (ومن تقرب إليَّ شبرا تقربت اليه ذراعا)
نذكر أولا بعض الآيات ثم نوضح الموضوع
1- فيما يخص الكون نذكر للمثال:
قوله تعالى: (..له غيب السماوات والأرض أبصر به وأسمع..)الكهف 26
قوله تعالى: (يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون ) 7 الروم
و يظهر من الآيتين أن الغيبَ تُقابله شهادةٌ، و أنَّ الظاهرَ يقابله باطنٌ
وقال تعالى: (تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا ) الاسراء 44
والتسبيح المذكور للسماوات و الأرض و بقية الموجودات من الباطن الذي لا يراه كل أحد
2- و فيما يخص الكتاب العزيز
قال تعالى: (إنه لقرآن كريم ( 77 ) في كتاب مكنون ( 78 ) لا يمسه إلا المطهرون .79) الواقعة
وقال تعالى: ( إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم )4 الزخرف .
و قد بينت الآيتان أنَّ للقرآن حقيقتين، حقيقة ظاهرة، يمكن للناس التوصل إليها، فقد انزله الله الينا من مكانه العلي بهذا الشكل وبهذا المستوى كي نتعقله, و حقيقة باطنة لا يصل إليها إلا من وصل إلى منزلة عالية تؤهله لنيلها ، و هم المطهَّرون ,.
3- و فيما يخص الانسان
قال تعالى: (أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون)122 الانعام
فهذا الموت ليس موت الجسد المعهود ، كما أنَّ الحياة في الآية المباركة ليس هذه الحياة الجسدية المادية التي نعهدها و نشهدها .
ولذا يخاطب الله سبحانه الأحياء بقوله: (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم)
وقال تعالى: (ما كذب الفؤاد ما رأى(11) أفتمارونه على ما يرى(12) )النجم
وقال تعالى: (ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون)179الاعراف
فهذا التعقل غير مانعرفه وكذا البصر و السماع المعهود والا فهم يتعقلون ويرون ويسمعون
وقد وضح الله سبحانه هذا في سورة الحج: قال تعالى: (أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) 46
ولعل ذكر القلب كونه ينبض بالحياة ويغذي الجسم فهو كناية عن التعقل الروحي الغير مادي ولم يقصد به القلب الحقيقي وقد وضحت الاية في سورة طة ذلك قال تعالى:
(ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى (124) قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا (125) قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى(126)
والنسيان وظيفة النفس لا العين ولا القلب المادي
وقال تعالى: (ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا) الاسراء72
وهذا هو عمى الروح.
وبهذه الجولة السريعة في القرآن الكريم اتضح لنا ان لهذا الوجود ظاهراً وباطناً, و أن الله يريد منّا أن نرى باطن الأشياء لا ظاهرها فقط
ولذا من يتعامى عن الغيب بالجملة فجزاؤه العمى في الآخرة
ومن الآيات التي تأمرنا بالوصول الى رؤية الباطن قوله تعالى: (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) 99 الحجرات
والوصول الى اليقين يلازمه الكشف ورؤية الباطن كما سيأتي .
مثال للتوضيح
ذكرنا أنَّ لكل شيءٍ باطناً، فللقرآن الكريم باطن بل بطون وكذا للكون ولتقريب المعنى نقول:
إننا نرى في هذا الكون هذه الكائنات من جماد ونبات وحيوان ونشاهده بأعيننا متناسقاً بهذا الشكل, ولكن هناك عالماً آخر مخفيٌ، عنا وهو عالم الجراثيم والمكروبات وما شابه وحينما نسلط المجهر يخرج لنا هذا العالم الغير مرئي.
وهناك عالم آخر وهو عالم الذبذبات والقوة الكهربائية والبث وما شابهه , فنحن نرى سلكا كهربائيا هادئا ولكنه طافح بالقوة الكهربائية بمجرد أن تلمسه يصعقك صعقة قاتلة, ومثل هذه الذبذبات والبث لا نراه ولكن حينما نضع اللاقط (Receiver) والتلفزيون تظهر لنا هذه الأصوات والصور
وهناك عالم الجن والملائكة والشياطين وهكذا.
وبما يخص الرؤية والسمع والتعقل القلبي يمكننا أن نمثل له بالاحلام والرؤى، فنحن في عالم الأحلام نشاهد ونتعقل ونسمع ونركض وغير ذلك، بينما أعضاءنا الخارجية في معزل عن ذلك، أي أننا نرى بغير البصر ونسمع بغير الأذن وهكذا. أما اذا وصل الانسان الى اليقين فهو يرى بقلبه حقائق الاشياء من غير شك ولا شبهة.
فإن كان عالم المكروبات لانراه الا بالمجهر، وعالم البث لانراه إلا بالأجهزة الملائمة فعالم الباطن وارتباط الموجودات بالله سبحانه وحقيقة قبح الذنوب لانراها الا بأدوات خاصة و إليك البيان .
يتبع ان شاء الله
من المؤسف له حقا أن نكون نحن المسلمين الذين نؤمن بالله وأنبيائه على عمى حالنا وحال من لا يؤمن به سواء من هذه الناحية إلا القليل ممن سلك الطريق المستقيم الذي رُسم له.
وأود في هذا الموضوع أن أبين بنظرة قرآنية-حسب ما ذكره العلماء- ظاهر الدنيا وباطنها ,و أمر القرآن الكريم لنا برؤية الباطن, والطريق الى ذلك, ومعرفة الحجب والموانع , وبذلك يتضح مانحن فيه من ضلالة وما وصل اليه الانبياء والأئمة واهل الصلاح من مقام,
وعندها تُحل الكثير من القضايا الغير مفهومة والتي لا يتحملها العقل البشري العادي أحيانا.
القرآن الكريم يوضح لنا بعدة الفاظ أن لهذا الوجود ظاهراً وباطناً, أو مُلك وملكوت فالمُلك الظاهر والملكوت الباطن, أو تنزيل وتأويل والتأويل هو الباطن, أو خلق و أمر والخلق ما يحتاج الى أسباب ومسببات و الأمر خلاف ذلك فهو كن فيكون.
القرآن الكريم وهذه الحقيقة
يمكننا أن نقسم الوجود المادي إلى ثلاثة اقسام:
الأول- الكون الذي خلق للإنسان, والقرآن الذي نزل لهدايته , و الإنسان نفسه.
ونحن لو نظرنا في القرآن الكريم لرأينا عجبا , فكل شيءٍ له ظاهر و باطن والله سبحانه وتعالى يريد منا أن نصل إلى الباطن (من عرف نفسه عرف ربه). ولكنا لا نزال في عمى ولا نرى الا هذا الظاهر الا من جاهد نفسه فرحمه الله (ومن تقرب إليَّ شبرا تقربت اليه ذراعا)
نذكر أولا بعض الآيات ثم نوضح الموضوع
1- فيما يخص الكون نذكر للمثال:
قوله تعالى: (..له غيب السماوات والأرض أبصر به وأسمع..)الكهف 26
قوله تعالى: (يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون ) 7 الروم
و يظهر من الآيتين أن الغيبَ تُقابله شهادةٌ، و أنَّ الظاهرَ يقابله باطنٌ
وقال تعالى: (تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا ) الاسراء 44
والتسبيح المذكور للسماوات و الأرض و بقية الموجودات من الباطن الذي لا يراه كل أحد
2- و فيما يخص الكتاب العزيز
قال تعالى: (إنه لقرآن كريم ( 77 ) في كتاب مكنون ( 78 ) لا يمسه إلا المطهرون .79) الواقعة
وقال تعالى: ( إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم )4 الزخرف .
و قد بينت الآيتان أنَّ للقرآن حقيقتين، حقيقة ظاهرة، يمكن للناس التوصل إليها، فقد انزله الله الينا من مكانه العلي بهذا الشكل وبهذا المستوى كي نتعقله, و حقيقة باطنة لا يصل إليها إلا من وصل إلى منزلة عالية تؤهله لنيلها ، و هم المطهَّرون ,.
3- و فيما يخص الانسان
قال تعالى: (أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون)122 الانعام
فهذا الموت ليس موت الجسد المعهود ، كما أنَّ الحياة في الآية المباركة ليس هذه الحياة الجسدية المادية التي نعهدها و نشهدها .
ولذا يخاطب الله سبحانه الأحياء بقوله: (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم)
وقال تعالى: (ما كذب الفؤاد ما رأى(11) أفتمارونه على ما يرى(12) )النجم
وقال تعالى: (ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون)179الاعراف
فهذا التعقل غير مانعرفه وكذا البصر و السماع المعهود والا فهم يتعقلون ويرون ويسمعون
وقد وضح الله سبحانه هذا في سورة الحج: قال تعالى: (أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) 46
ولعل ذكر القلب كونه ينبض بالحياة ويغذي الجسم فهو كناية عن التعقل الروحي الغير مادي ولم يقصد به القلب الحقيقي وقد وضحت الاية في سورة طة ذلك قال تعالى:
(ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى (124) قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا (125) قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى(126)
والنسيان وظيفة النفس لا العين ولا القلب المادي
وقال تعالى: (ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا) الاسراء72
وهذا هو عمى الروح.
وبهذه الجولة السريعة في القرآن الكريم اتضح لنا ان لهذا الوجود ظاهراً وباطناً, و أن الله يريد منّا أن نرى باطن الأشياء لا ظاهرها فقط
ولذا من يتعامى عن الغيب بالجملة فجزاؤه العمى في الآخرة
ومن الآيات التي تأمرنا بالوصول الى رؤية الباطن قوله تعالى: (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) 99 الحجرات
والوصول الى اليقين يلازمه الكشف ورؤية الباطن كما سيأتي .
مثال للتوضيح
ذكرنا أنَّ لكل شيءٍ باطناً، فللقرآن الكريم باطن بل بطون وكذا للكون ولتقريب المعنى نقول:
إننا نرى في هذا الكون هذه الكائنات من جماد ونبات وحيوان ونشاهده بأعيننا متناسقاً بهذا الشكل, ولكن هناك عالماً آخر مخفيٌ، عنا وهو عالم الجراثيم والمكروبات وما شابه وحينما نسلط المجهر يخرج لنا هذا العالم الغير مرئي.
وهناك عالم آخر وهو عالم الذبذبات والقوة الكهربائية والبث وما شابهه , فنحن نرى سلكا كهربائيا هادئا ولكنه طافح بالقوة الكهربائية بمجرد أن تلمسه يصعقك صعقة قاتلة, ومثل هذه الذبذبات والبث لا نراه ولكن حينما نضع اللاقط (Receiver) والتلفزيون تظهر لنا هذه الأصوات والصور
وهناك عالم الجن والملائكة والشياطين وهكذا.
وبما يخص الرؤية والسمع والتعقل القلبي يمكننا أن نمثل له بالاحلام والرؤى، فنحن في عالم الأحلام نشاهد ونتعقل ونسمع ونركض وغير ذلك، بينما أعضاءنا الخارجية في معزل عن ذلك، أي أننا نرى بغير البصر ونسمع بغير الأذن وهكذا. أما اذا وصل الانسان الى اليقين فهو يرى بقلبه حقائق الاشياء من غير شك ولا شبهة.
فإن كان عالم المكروبات لانراه الا بالمجهر، وعالم البث لانراه إلا بالأجهزة الملائمة فعالم الباطن وارتباط الموجودات بالله سبحانه وحقيقة قبح الذنوب لانراها الا بأدوات خاصة و إليك البيان .
يتبع ان شاء الله
تعليق