في كتاب ( قرب الإسناد ) للحِميرَي، أنّه حضر فقيرٌ مؤمن يسأل الإمام موسى الكاظم عليه السّلام سدَّ فاقته، فضحك الإمام في وجه السائل الفقير وقال:
أسألك مسألة.. فإن أصبتَها أعطيتُك عشرة أضعاف ما طلبت، وإن لم تُصِبْها أعطيتك ما طلبت.
وكان السائل قد طلب منه مئة درهم يجعلها في بضاعةٍ يتعيّش بها.
فقال الرجل: سَلْ. قال الإمام موسى الكاظم عليه السّلام:
ـ لو جُعِل إليك التمنّي لنفسك في الدنيا.. ماذا كنتَ تتمنّى ؟
قال: كنتُ أتمنّى أن أُرزق التقيّةَ في دِيني، وقضاءَ حقوق إخواني.
قال عليه السّلام: وما لك لم تسأل الولاية لنا أهلَ البيت ؟!
قال: ذلك قد أُعطِيتُه وهذا لم أُعطَه، فأنا أشكر على ما أُعطِيت وأسأل ربّي عزّوجلّ ما مُنِعت.
فقال الإمام عليه السّلام له: أحسنت، أعطُوه ألفَي درهم.
* * *
• في ( الاختصاص ) للشيخ المفيد: عن أبي المَغْراء أنّه سمع الإمام موسى الكاظم سلام الله عليه يقول:
ـ إنّ أشقى أشقيائكم مَن يُكذّبنا في الباطن ممّا يُخبَر عنّا، ويُصدّقنا في الظاهر. نحن أبناء نبيّ الله وأبناء رسول الله صلّى الله عليه وآله، وأبناء أمير المؤمنين، وأحباب ربّ العالمين. نحن مفتاح الكتاب، بنا نطق العلماء، ولولا ذلك لَخَرسوا، نحن رَفَعنا المَنار وعَرَفنا القِبلة، نحن حجر البيت في السماء والأرض... نحن مكتوبون على عرش ربّنا، مكتوبٌ: محمّدٌ خير النبيّين، وعليٌّ سيّد الوصيّن، وفاطمة سيّدة نساء العالمين.
* * *
• في ( عيون أخبار الرضا عليه السّلام ) و ( الأمالي ) للشيخ الصدوق: عن السيّد عبدالعظيم الحسني، عن الإمام محمّد الجواد عليه السّلام عن أبيه الإمام عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام قال: دخل موسى بن جعفر عليه السّلام على هارون الرشيد وقد استخفّه الغضب على رجل، فقال عليه السّلام له: إنّما تغضب لله عزّوجلّ، فلا تَغضَبْ له بأكثر ممّا غَضِب لنفسه.
* * *
• في ( كشف الغمّة ) للإربلّي: رُوي أنّ موسى بن جعفر عليه السّلام أحضر وُلْدَه فقال لهم:
ـ يا بَنيّ، إنّي مُوصيكم بوصيّة.. فمَن حَفِظها لم يَضِعْ معها:
إن أتاكم آتٍ فأسمَعَكم في الأُذُن اليمنى مكروهاً، ثمّ تحوّل إلى الأذن اليسرى فاعتذر وقال: لم أقُلْ شيئاً! فاقبَلوا عُذرَه.
* * *
• في ( مشكاة الأنوار ) لأبي الفضل علي الطبرسي: قال موسى بن جعفر عليه السّلام: إنّ لله عِباداً في الأرض يَسعَون في حوائج الناس، همُ الآمِنون يوم القيامة.
* * *
• في ( مشكاة الأنوار ) أيضاً: قال موسى بن جعفر عليه السّلام: مَنِ استشار لم يُعدَم عند الصواب مادحاً، وعند الخطاء عاذراً.
* * *
• في ( المحاسن ) للبرقي: قال موسى بن جعفر عليه السّلام:
يَعظُم ثوابُ الصلاة على قَدْر تعظيم المصلّي على أبويَه الأفضلَين: محمّدٍ وعليّ.
* * *
• في ( الاحتجاج ) لأبي منصور أحمد بن عليّ الطبرسي: رُوي عن عليّ بن محمّد ( الهادي ) عليه السّلام أنّ أبا الحسن موسى بن جعفر عليه السّلام قال:
إنّ الله خلق الخلق فعَلِم ما هم إليه صائرون، فأمَرَهم ونهاهم، فما أمرهم به من شيء فقد جعل لهم السبيل إلى الأخذ به، وما نهاهم عنه من شيء فقد جعل لهم السبيل إلى تركه، ولا يكونون آخذِين ولا تاركين إلاّ بإذنه، وما جَبَر الله أحداً مِن خلقه على معصيته، بل اختبرهم بالبلوى، كما قال تعالى: لِيَبلُوَكُم أيُّكُم أحسَنُ عَمَلاً ( سورة هود:7 ).
* * *
• في ( التوحيد ) للشيخ الصدوق: عن ابن أبي عُمير قال: سألت أبا الحسن موسى بن جعفر عليه السّلام عن معنى قول رسول الله صلّى الله عليه وآله: اعملوا فكُلٌّ مُيَسَّر لِما خُلِق له. فقال:
ـ إنّ الله عزّوجلّ خلَقَ الجِنَّ والإنس ليعبدوه، ولم يخلقهم ليعصُوه؛ وذلك قوله عزّوجلّ: وما خَلَقْتُ الجْنَّ والإنسَ إلاّ لِيَعبُدونِ ( سورة الذاريات:56 )، فيَسَّر كلاًّ لِما خُلِق له، فالويل لِمَن استَحَبّ العَمى على الهدى!
* * *
• في ( الكافي ): عن عبدالله بن الإمام موسى الكاظم عليه السّلام، عن أبيه عليه السّلام، قال: سألته عن المَلَكينِ: هل يعلمان بالذنب إذا أراد العبد أن يفعله، أو الحسنة ؟ فقال: رِيحُ الكنيف ورِيحُ الطِّيب سَواء ؟! قلت: لا، قال:
إنّ العبد إذا هَمَّ بالحسنة خرج نَفَسُه طيّبَ الريح، فقال صاحب اليمين لصاحب الشمال: قُمْ؛ فإنّه قد هَمّ بالحسنة، فإذا فعَلَها كان لسانُه قلمَه ورِيقُه مِدادَه، فأثبَتَها له. وإذا هَمّ بالسيّئة خرج نَفَسُه مُنتِنَ الريح، فيقول صاحب الشمال لصاحب اليمين: قفْ؛ فإنّه قد هَمّ بالسيّئة، فإذا هو فعَلَها كان لسانه قلمه وريقه مداده، فأثبَتَها عليه.
* * *
• في ( معاني الأخبار ) للشيخ الصدوق: عن أبي محمّد الحسن العسكري عليه السّلام، عن آبائه عليهم السّلام: دخل موسى بن جعفر عليه السّلام على رجلٍ قد غَرِق في سَكَرات الموت وهو لا يُجيب داعياً، فقالوا له:
ـ يا ابن رسول الله، وَدِدْنا لو عَرَفنا كيف الموت! وكيف حالُ صاحبِنا!
فقال: الموت هو المصفاة تُصفّي المؤمنين مِن ذنوبهم، فيكون آخِرُ ألمٍ يُصيبهم كَفّارةَ آخِرِ وِزْرٍ بقيَ عليهم.. وتصفّي الكافرين من حسناتهم، فيكون آخِرُ لذّةٍ أو راحةٍ تَلحَقُهم هو آخر ثواب حسنة تكون لهم. وأمّا صاحبكم هذا، فقد نُخِل من الذنوب نَخْلاً، وصُفّي من الآثام تصفية، وخَلُص حتّى نُقّي كما يُنقّى الثوب من الوَسَخ، وصلح لمعاشرتنا أهلَ البيت في دارنا دار الأبد.
* * *
• في ( كامل الزيارات ) لابن قُولَويه: عن عبدالرحمان بن مسلم قال: دخلتُ على الكاظم عليه السّلام فقلت له: أيُّما أفضل: الزيارة لأمير المؤمنين صلوات الله عليه أو لأبي عبدالله ( الصادق ) عليه السّلام أو لفلانٍ أو فلان ؟ وسَمَّيتُ الأئمّة واحداً واحداً. فقال لي:
ـ يا عبدالرحمان بن مسلم، مَن زار أوّلنا فقد زار آخِرنا، ومن زار آخِرَنا فقد زار أوّلَنا، ومن تولّى أوّلَنا فقد تولّى آخِرنا، ومَن تولّى آخرنا فقد تولّى أوّلنا. ومَن قضى حاجةً لأحدٍ من أوليائنا فكأنّما قضاها لجميعنا.
يا عبدالرحمان، أحْبِبْنا وأحبِبْ فينا وأحبِبْ لنا، وتَولَّنا وتَوَلَّ مَن يتولاّنا، وأبغِضْ مَن يُبغِضنا. ألاَ وإنّ الرادّ علينا كالرادّ على رسول الله صلّى الله عليه وآله جَدِّنا، ومَن ردّ على رسول الله صلّى الله عليه وآله فقد ردّ على الله.
ألا يا عبدالرحمان، مَن أبغَضَنا فقد أبغَضَ محمّداً، ومَن أبغض محمّداً أبغض اللهَ جلّ وعلا، ومَن أبغض الله جلّ وعلا كان حقّاً على الله أن يُصليَه النار وما له مِن نصير!
* * *
• في ( قرب الإسناد ) للِحمْيري: عن أبي بصير، عن أبي الحسن الماضي ( الكاظم ) عليه السّلام، قال أبو بصير: دخلتُ عليه فقلت: جُعِلت فداك، بِمَ يُعرَف الإمام ؟ فقال: ـ بِخصال، أمّا أوّلهنّ فشيء تَقَدَّم مِن أبيه فيه وعَرَّفه الناس، ونصَبَه لهم علَماً حتّى يكون حُجّةً عليهم؛ لأنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله نصَبَ عليّاً وعرّفه الناس، وكذلك الأئمّة يعرّفونهم الناسَ وينصبونهم لهم حتّى يعرفوه، ويُسأل فيجيب، ويُسكَت عنه فيبتدئ، ويُخبِر الناسَ بما في غد، ويكلّم الناس بكلّ لسان.
ثمّ قال لي: يا أبا محمّد، الساعةَ قبلَ أن تقوم أُعطيك علامةً تطمئنّ إليها. قال أبو بصيرِ: فوَ الله ما لَبِثتُ أن دخل علينا رجلٌ من أهل خراسان، فتكلّم الخراساني بالعربيّة، فأجابه الإمام الكاظم عليه السّلام بالفارسية، فقال الخراسانيّ له: أصلحَكَ الله، ما منعني أن أُكلّمك بكلامي إلاّ أنّي ظننتُ أنّك لا تُحسن! فقال عليه السّلام: سبحان الله! إذا كنتُ لا أُحسن أُجيبك، فما فضلي عليك ؟!
ثمّ قال عليه السّلام لأبي بصير: إنّ الإمام لا يَخفى عليه كلام أحدٍ من الناس، ولا طيرٍ ولا بَهيمة ولا شيء فيه روح، بهذا يُعرَف الإمام، فإن لم تكن فيه هذه الخِصال فليس هو بإمام.
* * *
• في ( المحاسن ) للبرقي: عن ابن أبي طَيفُور ( وكان طبيباً ) أنّه استغرب من شرب أبي الحسن الكاظم عليه السّلام الماء، حتّى أراد منعه، فقال له الإمام سلام الله عليه: وما بأس بالماء وهو يُدير الطعام في المعدة، ويسكّن الغضب، ويزيد في اللُّبّ، ويُطفي المِرار.
* * *
• نسأله تعالى أن ينفعنا بهذه الغُرر من كلمات الإمام موسى الكاظم عليه السّلام في جميع شؤون حياتنا، ولِما بعد وفاتنا، فهي التُّحف المعنويّة التي لا تُقدَّر بأثمان، واللآلئ السماوية التي لا يخبو نورها على مدى الدهور والأزمان.
منقول
أسألك مسألة.. فإن أصبتَها أعطيتُك عشرة أضعاف ما طلبت، وإن لم تُصِبْها أعطيتك ما طلبت.
وكان السائل قد طلب منه مئة درهم يجعلها في بضاعةٍ يتعيّش بها.
فقال الرجل: سَلْ. قال الإمام موسى الكاظم عليه السّلام:
ـ لو جُعِل إليك التمنّي لنفسك في الدنيا.. ماذا كنتَ تتمنّى ؟
قال: كنتُ أتمنّى أن أُرزق التقيّةَ في دِيني، وقضاءَ حقوق إخواني.
قال عليه السّلام: وما لك لم تسأل الولاية لنا أهلَ البيت ؟!
قال: ذلك قد أُعطِيتُه وهذا لم أُعطَه، فأنا أشكر على ما أُعطِيت وأسأل ربّي عزّوجلّ ما مُنِعت.
فقال الإمام عليه السّلام له: أحسنت، أعطُوه ألفَي درهم.
* * *
• في ( الاختصاص ) للشيخ المفيد: عن أبي المَغْراء أنّه سمع الإمام موسى الكاظم سلام الله عليه يقول:
ـ إنّ أشقى أشقيائكم مَن يُكذّبنا في الباطن ممّا يُخبَر عنّا، ويُصدّقنا في الظاهر. نحن أبناء نبيّ الله وأبناء رسول الله صلّى الله عليه وآله، وأبناء أمير المؤمنين، وأحباب ربّ العالمين. نحن مفتاح الكتاب، بنا نطق العلماء، ولولا ذلك لَخَرسوا، نحن رَفَعنا المَنار وعَرَفنا القِبلة، نحن حجر البيت في السماء والأرض... نحن مكتوبون على عرش ربّنا، مكتوبٌ: محمّدٌ خير النبيّين، وعليٌّ سيّد الوصيّن، وفاطمة سيّدة نساء العالمين.
* * *
• في ( عيون أخبار الرضا عليه السّلام ) و ( الأمالي ) للشيخ الصدوق: عن السيّد عبدالعظيم الحسني، عن الإمام محمّد الجواد عليه السّلام عن أبيه الإمام عليّ بن موسى الرضا عليه السّلام قال: دخل موسى بن جعفر عليه السّلام على هارون الرشيد وقد استخفّه الغضب على رجل، فقال عليه السّلام له: إنّما تغضب لله عزّوجلّ، فلا تَغضَبْ له بأكثر ممّا غَضِب لنفسه.
* * *
• في ( كشف الغمّة ) للإربلّي: رُوي أنّ موسى بن جعفر عليه السّلام أحضر وُلْدَه فقال لهم:
ـ يا بَنيّ، إنّي مُوصيكم بوصيّة.. فمَن حَفِظها لم يَضِعْ معها:
إن أتاكم آتٍ فأسمَعَكم في الأُذُن اليمنى مكروهاً، ثمّ تحوّل إلى الأذن اليسرى فاعتذر وقال: لم أقُلْ شيئاً! فاقبَلوا عُذرَه.
* * *
• في ( مشكاة الأنوار ) لأبي الفضل علي الطبرسي: قال موسى بن جعفر عليه السّلام: إنّ لله عِباداً في الأرض يَسعَون في حوائج الناس، همُ الآمِنون يوم القيامة.
* * *
• في ( مشكاة الأنوار ) أيضاً: قال موسى بن جعفر عليه السّلام: مَنِ استشار لم يُعدَم عند الصواب مادحاً، وعند الخطاء عاذراً.
* * *
• في ( المحاسن ) للبرقي: قال موسى بن جعفر عليه السّلام:
يَعظُم ثوابُ الصلاة على قَدْر تعظيم المصلّي على أبويَه الأفضلَين: محمّدٍ وعليّ.
* * *
• في ( الاحتجاج ) لأبي منصور أحمد بن عليّ الطبرسي: رُوي عن عليّ بن محمّد ( الهادي ) عليه السّلام أنّ أبا الحسن موسى بن جعفر عليه السّلام قال:
إنّ الله خلق الخلق فعَلِم ما هم إليه صائرون، فأمَرَهم ونهاهم، فما أمرهم به من شيء فقد جعل لهم السبيل إلى الأخذ به، وما نهاهم عنه من شيء فقد جعل لهم السبيل إلى تركه، ولا يكونون آخذِين ولا تاركين إلاّ بإذنه، وما جَبَر الله أحداً مِن خلقه على معصيته، بل اختبرهم بالبلوى، كما قال تعالى: لِيَبلُوَكُم أيُّكُم أحسَنُ عَمَلاً ( سورة هود:7 ).
* * *
• في ( التوحيد ) للشيخ الصدوق: عن ابن أبي عُمير قال: سألت أبا الحسن موسى بن جعفر عليه السّلام عن معنى قول رسول الله صلّى الله عليه وآله: اعملوا فكُلٌّ مُيَسَّر لِما خُلِق له. فقال:
ـ إنّ الله عزّوجلّ خلَقَ الجِنَّ والإنس ليعبدوه، ولم يخلقهم ليعصُوه؛ وذلك قوله عزّوجلّ: وما خَلَقْتُ الجْنَّ والإنسَ إلاّ لِيَعبُدونِ ( سورة الذاريات:56 )، فيَسَّر كلاًّ لِما خُلِق له، فالويل لِمَن استَحَبّ العَمى على الهدى!
* * *
• في ( الكافي ): عن عبدالله بن الإمام موسى الكاظم عليه السّلام، عن أبيه عليه السّلام، قال: سألته عن المَلَكينِ: هل يعلمان بالذنب إذا أراد العبد أن يفعله، أو الحسنة ؟ فقال: رِيحُ الكنيف ورِيحُ الطِّيب سَواء ؟! قلت: لا، قال:
إنّ العبد إذا هَمَّ بالحسنة خرج نَفَسُه طيّبَ الريح، فقال صاحب اليمين لصاحب الشمال: قُمْ؛ فإنّه قد هَمّ بالحسنة، فإذا فعَلَها كان لسانُه قلمَه ورِيقُه مِدادَه، فأثبَتَها له. وإذا هَمّ بالسيّئة خرج نَفَسُه مُنتِنَ الريح، فيقول صاحب الشمال لصاحب اليمين: قفْ؛ فإنّه قد هَمّ بالسيّئة، فإذا هو فعَلَها كان لسانه قلمه وريقه مداده، فأثبَتَها عليه.
* * *
• في ( معاني الأخبار ) للشيخ الصدوق: عن أبي محمّد الحسن العسكري عليه السّلام، عن آبائه عليهم السّلام: دخل موسى بن جعفر عليه السّلام على رجلٍ قد غَرِق في سَكَرات الموت وهو لا يُجيب داعياً، فقالوا له:
ـ يا ابن رسول الله، وَدِدْنا لو عَرَفنا كيف الموت! وكيف حالُ صاحبِنا!
فقال: الموت هو المصفاة تُصفّي المؤمنين مِن ذنوبهم، فيكون آخِرُ ألمٍ يُصيبهم كَفّارةَ آخِرِ وِزْرٍ بقيَ عليهم.. وتصفّي الكافرين من حسناتهم، فيكون آخِرُ لذّةٍ أو راحةٍ تَلحَقُهم هو آخر ثواب حسنة تكون لهم. وأمّا صاحبكم هذا، فقد نُخِل من الذنوب نَخْلاً، وصُفّي من الآثام تصفية، وخَلُص حتّى نُقّي كما يُنقّى الثوب من الوَسَخ، وصلح لمعاشرتنا أهلَ البيت في دارنا دار الأبد.
* * *
• في ( كامل الزيارات ) لابن قُولَويه: عن عبدالرحمان بن مسلم قال: دخلتُ على الكاظم عليه السّلام فقلت له: أيُّما أفضل: الزيارة لأمير المؤمنين صلوات الله عليه أو لأبي عبدالله ( الصادق ) عليه السّلام أو لفلانٍ أو فلان ؟ وسَمَّيتُ الأئمّة واحداً واحداً. فقال لي:
ـ يا عبدالرحمان بن مسلم، مَن زار أوّلنا فقد زار آخِرنا، ومن زار آخِرَنا فقد زار أوّلَنا، ومن تولّى أوّلَنا فقد تولّى آخِرنا، ومَن تولّى آخرنا فقد تولّى أوّلنا. ومَن قضى حاجةً لأحدٍ من أوليائنا فكأنّما قضاها لجميعنا.
يا عبدالرحمان، أحْبِبْنا وأحبِبْ فينا وأحبِبْ لنا، وتَولَّنا وتَوَلَّ مَن يتولاّنا، وأبغِضْ مَن يُبغِضنا. ألاَ وإنّ الرادّ علينا كالرادّ على رسول الله صلّى الله عليه وآله جَدِّنا، ومَن ردّ على رسول الله صلّى الله عليه وآله فقد ردّ على الله.
ألا يا عبدالرحمان، مَن أبغَضَنا فقد أبغَضَ محمّداً، ومَن أبغض محمّداً أبغض اللهَ جلّ وعلا، ومَن أبغض الله جلّ وعلا كان حقّاً على الله أن يُصليَه النار وما له مِن نصير!
* * *
• في ( قرب الإسناد ) للِحمْيري: عن أبي بصير، عن أبي الحسن الماضي ( الكاظم ) عليه السّلام، قال أبو بصير: دخلتُ عليه فقلت: جُعِلت فداك، بِمَ يُعرَف الإمام ؟ فقال: ـ بِخصال، أمّا أوّلهنّ فشيء تَقَدَّم مِن أبيه فيه وعَرَّفه الناس، ونصَبَه لهم علَماً حتّى يكون حُجّةً عليهم؛ لأنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله نصَبَ عليّاً وعرّفه الناس، وكذلك الأئمّة يعرّفونهم الناسَ وينصبونهم لهم حتّى يعرفوه، ويُسأل فيجيب، ويُسكَت عنه فيبتدئ، ويُخبِر الناسَ بما في غد، ويكلّم الناس بكلّ لسان.
ثمّ قال لي: يا أبا محمّد، الساعةَ قبلَ أن تقوم أُعطيك علامةً تطمئنّ إليها. قال أبو بصيرِ: فوَ الله ما لَبِثتُ أن دخل علينا رجلٌ من أهل خراسان، فتكلّم الخراساني بالعربيّة، فأجابه الإمام الكاظم عليه السّلام بالفارسية، فقال الخراسانيّ له: أصلحَكَ الله، ما منعني أن أُكلّمك بكلامي إلاّ أنّي ظننتُ أنّك لا تُحسن! فقال عليه السّلام: سبحان الله! إذا كنتُ لا أُحسن أُجيبك، فما فضلي عليك ؟!
ثمّ قال عليه السّلام لأبي بصير: إنّ الإمام لا يَخفى عليه كلام أحدٍ من الناس، ولا طيرٍ ولا بَهيمة ولا شيء فيه روح، بهذا يُعرَف الإمام، فإن لم تكن فيه هذه الخِصال فليس هو بإمام.
* * *
• في ( المحاسن ) للبرقي: عن ابن أبي طَيفُور ( وكان طبيباً ) أنّه استغرب من شرب أبي الحسن الكاظم عليه السّلام الماء، حتّى أراد منعه، فقال له الإمام سلام الله عليه: وما بأس بالماء وهو يُدير الطعام في المعدة، ويسكّن الغضب، ويزيد في اللُّبّ، ويُطفي المِرار.
* * *
• نسأله تعالى أن ينفعنا بهذه الغُرر من كلمات الإمام موسى الكاظم عليه السّلام في جميع شؤون حياتنا، ولِما بعد وفاتنا، فهي التُّحف المعنويّة التي لا تُقدَّر بأثمان، واللآلئ السماوية التي لا يخبو نورها على مدى الدهور والأزمان.
منقول
تعليق