بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وآل محمد
قال الله ربي جل علاه :اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى(24) قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِى صَدْرِى(25)وَيَسِّرْ لِى أَمْرِى(26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِى(27) يَفْقَهُوا قَوْلِى(28) وَاجْعَل لِّى وَزِيراً مِّنْ أَهْلِىْ(29) هـرُونَ أَخِى(30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِى(31) وَأَشْرِكْهُ فِى أَمْرِى(32) كَىْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً(33)ونَذْكُرَكَ كَثِيراً(34) إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيراً(35) قَالَ قَدْ أُتِيتَ سُؤْلَكَ يـمُوسى(36) من سورة طه
الرّسول الأعظم يكرر مطالب موسى
يستفاد من الرّوايات الواردة في كتب أهل السنة والشيعة أنّ النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) قد طلب من الله نفس تلك المطالب التي طلبها موسى(عليه السلام) من الله من أجل تقدم عمله، مع فارق، هو أنّه وضع اسم علي(عليه السلام) مكان اسم هارون، وقال: «اللهم إِنّي أسألك بما سألك أخي موسى أن تشرح لي صدري، وأن تيسر لي أمري، وأن تحل عقدة من لساني، يفقهوا قولي، واجعل لي وزيراً من أهلي، علياً أخي، أشدد به أزري، وأشركه في أمري، كي نسبحك كثيراً، ونذكرك كثيراً».
وقد نقل هذا الحديث السيوطي في تفسير «الدر المنثور»، والعلاّمة الطبرسي في «مجمع البيان»، وكثيرون وغيرهم من كبار علماء الفريقين باختلاف في العبارات.
وهذا الحديث يشبه حديث المنزلة، حيث قال(صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي(عليه السلام): «ألا ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إِلا أنّه لا نبي بعدي».
وهذا الحديث قد ورد في كتب العامّة المعتمدة، وكما قال المحدث البحراني في كتابه «غايه المرام»; إِنّ هذا الحديث قد ورد بمائة طريق عن أهل السنة، وبسبعين طريق من طرق الشيعة»، فهو معتبر إِلى الحدّ الذي لا يدع أي مجال للشك فيه، أو لإِنكاره.
وقد بحثنا حول حديث المنزلة بحثاً ضافياً في ذيل الآية (142) من سورة الأعراف، والذي نعتبر ذكره ضرورياً هنا، هو أن بعض المفسّرين ـ كالآلوسي في «روح المعاني» ـ مع قبوله أصل الرّواية، إلاّ أنّه أشكل في دلالتها، وقالوا: إِن جملة (أشركه في أمري) لا تثبت غير الإِشتراك في أمر إرشاد ودعوة الناس إِلى الحق!
إلاّ أنّ من الواضح أن مسألة الإِشتراك في الإرشاد، وبتعبير آخر: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونشر الدين، واجب على كل فرد من المسلمين، وهذا لم يكن شيئاً يطلبه النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي(عليه السلام) .. إِن هذا توضيح للواضحات، ولا يمكن تفسير دعاء النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) بذلك مطلقاً.
ومن جهة أُخرى، فإِنّا نعلم أن الأمر لم يكن الإِشتراك في النّبوة، وبناء على
[553]
هذا نخلص إِلى هذه النتيجة، وهي أن المطلوب مقام خاص غير النّبوة، وهل يمكن أن يكون إلاّ الولاية الخاصّة؟! أليس ذلك هو الخلافة بالمفهوم الخاص الذي تقول به الشيعة؟ وجملة «وزيراً» أيضاً تؤيد وتقوي ذلك.
وبتعبير آخر، فإِنّ هناك واجبات لا يقوم بها كل الأفراد، وهي حفظ دين النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) من كل أنواع التحريف والإِنحراف، وتفسير أي إِبهام يبديه البعض في محتوى الدين، وقيادة الأُمّة في غيبة النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وبعده، والمساعدة المؤثرة جداً في تحقيق أهدافه.
إِن هذا هو الشيء الذي طلبه النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله: «أشركه في أمري» لعلي(عليه السلام)من الله سبحانه.
ومن هنا يتّضح أن وفاة هارون قبل موسى لا توجد إِشكالا في هذا البحث، لأنّ الخلافة والنيابة تكون أحياناً في زمان غيبة القائد كما تولاها هارون عند غياب موسى، وتكون أحياناً بعد وفاته كما كان علي(عليه السلام) بعد وفاة النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، وكلاهما لهما نفس القدر المشترك والجامع الواحد، وإِن كانت المصاديق متفاوتة. (دققوا ذلك).
تعليق