بِسمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَالحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعالَمِيْنَ وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلى أشْرَفِ الْأَنْبِياءِ وَالْمُرْسَلِينَ أَبِي الْقاسِمِ مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِهِ الْطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِين ...
ينبغي على المرء أن يلتفت الى أعماله وتصرفاته من أقوال وأفعال ، فعلى كلٍّ منا أن يراجع سلسلة أعماله ، يومياً إن استطاع ذلك ، أو كل يومين أو ثلاثة أو أسبوع ، ليرى الصالح منها فيحاول الاستزادة منه ، ويرى الطالح منها فيستغفر منه ويحاول اجتنابه وأمثاله .
فعن النبي (صلى الله عليه وآله) :
" حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوها قبل أن توزنوا، وتجهزوا للعرض الاكبر "
وعن أمير المؤمنين عليه السلام:
"من حاسب نفسه ربح ، ومن غفل عنها خسر، ومن خاف أمن ، ومن اعتبر أبصر ، ومن أبصر فهم ، ومن فهم علم "
بحار الأنوار - العلامة المجلسي - (ج 67 / ص 73)
وكذلك يجب علينا الإلتفات الى مسألة مهمة جداً جداً ، وهي مسألة الإخلاص في العمل لوجه الله تعالى ، فقد يأتي أناس بعبادة كثيرة في ظاهرها ؛ لكنها خاوية الباطن ؛ لعدم الاخلاص فيها ، فقد روي عن شخص كان في زمن النبي (صلى الله عليه وآله) وربما أعتبره البعض واحداً من الصحابة في أنه تصدق بعدد غير قليل من الخواتم لأجل أن تنزل فيه آية أو بعض آية لتمدحه كما نزلت في أمير المؤمنين(عليه السلام) الذي تصدّق بخاتم واحد ، ولكن لم ينزل في ذكر ذلك الشخص حتى حرف واحد فيه مدح أو ثناء .
كذلك ما نقل عن بعض المقاتلين الذين كانوا مع المسلمين وقد قُتلوا في المعركة فقال النبي (صلى الله عليه وآله) عنهم ما قال ( ... شهيد الحمار ) و ( ... شهيد أم جميل ) ؛ وذلك لعدم الأخلاص في أعمالهم ...
لذا فان ما أردت أن أوصله لكم أخوتي أخواتي الأكارم هو أن نلتفت الى أعمالنا وندقق فيها ، فربما وجدنا فيها الكثير من الشوائب التي تعيق أو ربما تمنع عروجها الى الملكوت الأعلى ، قال تعالى : " إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ " [فاطر/10]
فقد نصلي صلاة الليل وباقي النوافل وقد نصلي صلاة أول الشهر ونصوم ثلاثة أشهر ونتصدق على المستحقين ونساعد المحتاجين ونعين المعوزين ، ووو ...
ولكننا نحبط ثواب أعمالنا بالعجب ونبطله بالرياء ... فحذارِ حذارِ من هذه الآفة الخطيرة ...
فعن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:
" يجاء بعبد يوم القيامة قد صلى فيقول: يا رب صليت ابتغاء وجهك، فيقال له: إنك صليت ليقال: ما أحسن صلاة فلان ! اذهبوا به إلى النار
ويجاء بعبد قد قاتل فيقول: يا رب قد قاتلت ابتغاء وجهك، فيقال له: بل قاتلت ليقال: ما أشجع فلانا ! اذهبوا به إلى النار
ويجاء بعبد قد تعلم القرآن فيقول: يا رب تعلمت القرآن ابتغاء وجهك، فيقال له: بل تعلمت ليقال: ما أحسن صوت فلان ! اذهبوا به إلى النار
ويجاء بعبد قد أنفق ماله فيقول: يا رب أنفقت مالي ابتغاء وجهك، فيقال له: بل أنفقته ليقال: ما أسخى فلانا ! اذهبوا به إلى النار "
بحار الأنوار - العلامة المجلسي - (ج 7 / ص 180)
وكذلك في نفس الوقت أود أن أنبّه أخوتي وأخواتي الأكارم الى مسألة مهمة لا تقل أهمية عن سابقتها
ألا وهي أن الشيطان قد يوسوس الى المرء المؤمن بأن بان العمل الفلاني من أعماله دخل فيه الرياء لذا فعليه تركه ، فربما يتركه ، فيوسوس له من جديد بعمل آخر فيتركه وهكذا وربما يصل به الأمر الى ترك جميع المستحبات بل قد يصل الأمر الى ترك بعض الواجبات بدعوى يدعيها عليه الشيطان وهي الرياء ، وقد لايكون في عمله اي شائبة من رياء أو عجب ولنها مجد تصورات يصورها له الشيطان
أعاذنا الله تعالى وإيّاكم وجميع المؤمنين
من الشيطان ووساوسه
ومن كل سوء أحاط به ربُّنا علما
بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الْطّاَهِرِين
اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ
أخوكم الصدوق
يسألكم الدعاء
تعليق