تميزت الشريعة الاسلامية وتشريعاتها بالترابط والتكامل بين أحكامها، فرائضها وسننها، في العبادات، والمعاملات وكافة مناحي الحياة كما هو معروف من شمولية الأحكام في الاسلام. ورفض الفصل والتجزئة بين الأحكام وقد ذم الله تعالى من يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعضه.
ويلمس الانسان مدى الترابط بين الاحكام من خلال تداخل هذه الأحكام في التشريعات والآثار والنتائج على مختلف الصعد والأحكام، وترابطها بشكل تكاملي يؤثر حياتهم في البلدان العربية والاسلامية هو الحجاب والحشمة وعدم التبرج..
وان ما عليه بعض اليهود والنصارى من خلاعة وسفور وتبرج ليس هو قطعاً من أحكام أديانهم، وإنما هو مزيج من اهواء وبدع وضلالات ابناء هذه الديانات ومدعيها زوراً، وليس هذا التمرد على الأخلاق والقيم وانتشار الفساد والخلاعة هو خاص بهم كيهود أو نصارى، وإنما هو من صرعات الجاهلية. ان ما يبرر توسعنا في الحديث عن الحجاب عند غير المسلمين _كما قدمنا _ على من توهم: ان الحجاب شأن اسلامي تفرد به الاسلام عن غيره من الديانات ولعل هذا التوهم ناشىء من شدة الضجيج والاعلام المعادي للاسلام وللمثل الاسلامية، ولأن علماء غير المسلمين وكنائسهم والمتصدين فيهم للشؤون الدينية تسامحوا بافراط فاهملوا كثيراً من المثل والأحكام الإلهية حتى ظنّ الناس بأن ذلك هو رأي دينهم وعقيدتهم.
ومن جانب آخر، إنما اشتدت الحملة على الاسلام والمسلمين، باعتبار ان الاسلام دين متكامل انزله الله رحمة للعالمين، وخاتماً للشرائع والأديان الإلهية، ولأن الاسلام هو الوريث الشرعي لتراث الأديان وأحكامها والمحامي عنها والمحيي لسننها وآدابها.. من الاندثار والتشويه والبدع التي طرأت عليها..
فالاسلام وحملته يشعرون بالمسؤولية التامة عن صيانة الأخلاق وحماية البشرية جمعاء من كل انحراف وفساد..
والحجاب واحد من هذه الأحكام المتداخلة في كثير من العبادات والمؤثرة في صحتها وقبولها وبطلانها في الصلاة والحج والطواف والاعتكاف والسفر وغيرها من الفرائص والسنن، وليس هو من واجب النساء فقط بل من واجب كل المجتمع بتنفيذ أحكام الله والحجاب في الاسلام فرض أساسي ثابت باجماع المسلمين ومن كافّة مصادر التشريع الاسلامي، بما لا يدع مجالاً للاجتهاد ومعارضة نصوص أصل الحجاب وتشريعه وآثاره.
ففي القرآن الكريم هناك العشرات من الآيات الصريحة التي تحكم بالحجاب منطوقاً ومفهوماً بقول عزّ اسمه:
(قل للمؤمنين يغضّوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون* وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهنّ ويحفظن فروجهنّ ولا يبدين زينتهن...) إلى آخر الآيتين 30-31 من سورة النور.
ويقول سبحانه: (وقرن في بيوتكنّ ولا تبرجن تبرّج الجاهلية الاولى...)، (...والحافظين فروجهم والحافظات) إلى آخر الآيتين 32 و 33 من سورة الأحزاب، إلى العديد من آيات الكتاب العزيز التي تؤكد على تشريع الحجاب ووجوبه على النساء باعتباره حكماً شرعياً ملزماً وجزءاً من الاسلام والايمان، يجب الاعتقاد به والعمل بموجبه وان الاخلال به عقيدة اخلال بالاسلام والايمان، كما ان الاخلال به عملياً مبطل للصلاة والحج والطواف..
والاسلام حين أوجب الحجاب وحرم السفور والتبرج، إنما يرسي قواعد الأخلاق والمثل التي تحمي الانسان أفراده ومجتمعه، وأحكامه وبما فيها الحجاب تمثل ظواهر تحضر تبعد الانسان عن وحشية التعرِّي وجاهلية التبرّج، مشيراً إلى أن التبرّج يمثل رجعية مغرقة في القدم والتخلّف كما هو صريح قوله عزّ اسمه (ولا تبرّجن تبرّج الجاهلية الاُولى) ومع ان المؤمن حين اسلم وآمن قد عاهد ربّه باسلامه وايمانه على الطاعة والالتزام الكامل بكل ما جاء به الرسول الكريم من عند الله (وما آتاكم الرّسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا، واتّقوا الله إنّ الله شديد العقاب) (سورة الحشر:7)، وقد ثبت بما لا مزيد عليه ان الله ورسوله أوجبا الحجاب، وحرما وذما السفور والتبرج، وخيار المؤمن بعد ذلك محدود، بصريح قوله تعالى: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً بعيداً) (سورة الأحزاب: 36)، والمؤمنون، هم الذين آمنوا بالله ورسوله.. إلاّ اننا نلمس رغبة الشريعة في عدم الطاعة الصامتة.. بل جاء كثير من أحكام الاسلام، والحجاب والسفور واحد منها جاءت معللة بما يحمل الحجاب من ايجابيات ومنافع، فيما كرست الآيات ذكر سلبيات السفور ومخاطره وآثاره السيئة على كافة الصعد..
وتابعت الآيات الشريعة الاشارات المركزة لسلبيات السفور والتبرج، ومنها فرض الرقابة الصارمة على الجوارح من الأبصار والفروج... كقوله عزّ اسمه: (ذلك أزكى لهم) بكل معنى الزكاة من الطهر النفسي والمادي والمعنوي والسلامة، والنماء، والخير فيما سماه الله تعالى بانه أزكى لله وأطهر، وما بالك بتشخيص الحكيم العادل الرؤوف بعباده، الخبير بما يجره السفور والتبرج والاختلاط المحرم الفاقد للحشمة (إن الله خبير بما يصنعون) وبما يؤول إليه أمر الاختلاط والسفور.. علاج وتشخيص، وتحذير وانذار.. بهذا تختم الآية الأولى.
تمّ تختم الآية الثانية بقوله (وقل للمؤمنات يغضضن... وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلّكم تفلحون) ونحن نعرف مدى التناسق والترابط بين فقرات الآيات وخواتيمها وهنا نلمس الاهتمام الكبير بما تستبطنه سيئات السفور والتبرج، ولهذا نرى حدة الخطاب وصرامة التحذير في ان يخاطب المؤمنون بهذه اللهجة الجادة الصريحة بوجوب التوبة إلى الله، ولا توبة إلاّ من ذنب.
وفي مواجهة الأمراض النفسية والأخلاقية يأتي تحريم الخضوع بالقول واللين المريب والمغري بالريب، وفجور النفوس وأهوائها (فلا يخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض، وقلن قولاً معروفاً) خالياً من الميوعة، ورقة المقول المؤدية أو المغرية بالتجاوب المشبوه، مع التأكيد على الاستقامة (وقلن قولاً معروفاً) .
ورغم صرامة الأحكام وصراحتها في التحريم والتحذير والذم والتهديد بخسارة الدنيا وعذاب الآخرة... فان الآيات الكريمة تفتح باب التوبة وتحث على دخولها وتدعو المتورِّطين في المخالفات والسيئات للتوجّه إلى الله تعالى بالتوبة والانتفاع من العفو الإلهي الذي أعدّه الله تعالى للتائبين المخلصين الراجعين إليه (أعدّ الله لهم مغفرة وأجراً عظيماً) .
وما ذلك إلاّ لعظم هذه المشاكل والمحرمات، وما يواجهه المؤمنون والمؤمنات من جهد ومعاناة في سبيل الاستقامة وتجنب الانحراف والضلال.
وبمقدار ما اهتم الكتاب العزيز بالحجاب والعفة ووجوب الابتعاد عن السفور والتهتك.. ولم نستطيع في هذه العجالة التفصيل الكامل..
جاءت السنّة النبوية المطهّرة _كما هو شأنها _ مؤكدة ومفسرة وموضحة أهداف الشريعة وصرامي الآيات من فرض الحجاب وحرمة السفور والتبرج، مقيمة استقامة المرأة وحسن التزامها بعفافها وشرفها وحجابها، منصرفة إلى مهامها الأساسية وأدوارها الكبيرة في بناء الكيان البشري.
وهنا يمكن القول: اننا سلطنا الأضواء على مسألة الحجاب بشكل كاف، وان تشريع الحجاب في الاسلام معناه وهدفه السامي الحقيقي هو منع الخلاعة بكل ما لها من صور واشكال، وبكل ما فيها من مفاسد واضرار، وغلق كل منافذ الانحلال الأخلاقي، ووقاية المجتمع البشري من الانحدار إلى مهاوي الشر وحضيض الفساد المدمر للحياة بكاملها، وقد اثبتت الشواهد بأن التبرج والاختلاط الجنسي هو العامل الأكبر في حصول التمرد الأخلاقي، والمزلق الخطر الذي طالما قاد الأفراد والجماعات لتدمير الأخلاق والقيم، وتدمير وتجاوز نفس القوانين الوضعية التي وضعها الانسان بوحي من شهواته وفلسفاته المادية الجنسية المتمردة.
ظنّاً منه بأنه يحمي حرية الفرد والاسرة والمجتمع، فعادت عليه بالويلات والدمار الشامل، وهذا من مظاهر الضجر والتململ عند الغربيين اليوم من الفوضى الأخلاقية ومن نتائج اقصاء الدين والضوابط الدينية والاجتماعية في مجتمعاتهم.
وها هم عقلاء الغربيين يستغيثون ولا يغاثون من ويلات الاختلاط والتبرج والفوضى الجنسية ومن تبعاتها المسعورة التي لم ولن تقف دون الدمار الشامل.
وطالما حذر الاسلام، وشدد القرآن والسنة المطهرة على مساوي الاختلاط وكوارثه، روي عن رسول الله (ص): "النظرة سهم من سهام إبليس، ورُبّ نظرة أورثت حسرة يوم القيامة، وإنّ زنا العين النظر" .
وهنا يعلق الشيخ محمد زين العابدين فيقول: إنما فرض الحجاب على المرأة تحقيقاً لمعنى العفو وقطعاً لدابر الفساد والفتنة اللذين هما نتيجة طبيعية للتبرج والاختلاط وفي ختام هذا البحث أعجبتني مقطوعة شعرية للشيخ عبد الحسين الازري رحمه الله تعالى:
حصروا علاجك بالسفور وما دروا أن الذي حصروه عين الداء
أوَلـم يـروا أن الفتـاة بطبعهــا كالمـاء لم يحفظ بغير إناء
مــن يحفظ الفتيات بعـد ظهورها ممّا يجيش بخاطر السفهاء
ومـن الـذي ينهى الفتـى بشبابـه عن خدع كل فريدة حسناء
أوَلـم يسـغ تعليمهـنّ بـدون أن يملأن بالاعطاف عين الرأي
ويجلن مـا بين الرجـال سوافراً بتجاذب الارداف والاثداء
وصدق الله العظيم حيث يقول:
(قل للمؤمنين يغضّوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون).
ويلمس الانسان مدى الترابط بين الاحكام من خلال تداخل هذه الأحكام في التشريعات والآثار والنتائج على مختلف الصعد والأحكام، وترابطها بشكل تكاملي يؤثر حياتهم في البلدان العربية والاسلامية هو الحجاب والحشمة وعدم التبرج..
وان ما عليه بعض اليهود والنصارى من خلاعة وسفور وتبرج ليس هو قطعاً من أحكام أديانهم، وإنما هو مزيج من اهواء وبدع وضلالات ابناء هذه الديانات ومدعيها زوراً، وليس هذا التمرد على الأخلاق والقيم وانتشار الفساد والخلاعة هو خاص بهم كيهود أو نصارى، وإنما هو من صرعات الجاهلية. ان ما يبرر توسعنا في الحديث عن الحجاب عند غير المسلمين _كما قدمنا _ على من توهم: ان الحجاب شأن اسلامي تفرد به الاسلام عن غيره من الديانات ولعل هذا التوهم ناشىء من شدة الضجيج والاعلام المعادي للاسلام وللمثل الاسلامية، ولأن علماء غير المسلمين وكنائسهم والمتصدين فيهم للشؤون الدينية تسامحوا بافراط فاهملوا كثيراً من المثل والأحكام الإلهية حتى ظنّ الناس بأن ذلك هو رأي دينهم وعقيدتهم.
ومن جانب آخر، إنما اشتدت الحملة على الاسلام والمسلمين، باعتبار ان الاسلام دين متكامل انزله الله رحمة للعالمين، وخاتماً للشرائع والأديان الإلهية، ولأن الاسلام هو الوريث الشرعي لتراث الأديان وأحكامها والمحامي عنها والمحيي لسننها وآدابها.. من الاندثار والتشويه والبدع التي طرأت عليها..
فالاسلام وحملته يشعرون بالمسؤولية التامة عن صيانة الأخلاق وحماية البشرية جمعاء من كل انحراف وفساد..
والحجاب واحد من هذه الأحكام المتداخلة في كثير من العبادات والمؤثرة في صحتها وقبولها وبطلانها في الصلاة والحج والطواف والاعتكاف والسفر وغيرها من الفرائص والسنن، وليس هو من واجب النساء فقط بل من واجب كل المجتمع بتنفيذ أحكام الله والحجاب في الاسلام فرض أساسي ثابت باجماع المسلمين ومن كافّة مصادر التشريع الاسلامي، بما لا يدع مجالاً للاجتهاد ومعارضة نصوص أصل الحجاب وتشريعه وآثاره.
ففي القرآن الكريم هناك العشرات من الآيات الصريحة التي تحكم بالحجاب منطوقاً ومفهوماً بقول عزّ اسمه:
(قل للمؤمنين يغضّوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون* وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهنّ ويحفظن فروجهنّ ولا يبدين زينتهن...) إلى آخر الآيتين 30-31 من سورة النور.
ويقول سبحانه: (وقرن في بيوتكنّ ولا تبرجن تبرّج الجاهلية الاولى...)، (...والحافظين فروجهم والحافظات) إلى آخر الآيتين 32 و 33 من سورة الأحزاب، إلى العديد من آيات الكتاب العزيز التي تؤكد على تشريع الحجاب ووجوبه على النساء باعتباره حكماً شرعياً ملزماً وجزءاً من الاسلام والايمان، يجب الاعتقاد به والعمل بموجبه وان الاخلال به عقيدة اخلال بالاسلام والايمان، كما ان الاخلال به عملياً مبطل للصلاة والحج والطواف..
والاسلام حين أوجب الحجاب وحرم السفور والتبرج، إنما يرسي قواعد الأخلاق والمثل التي تحمي الانسان أفراده ومجتمعه، وأحكامه وبما فيها الحجاب تمثل ظواهر تحضر تبعد الانسان عن وحشية التعرِّي وجاهلية التبرّج، مشيراً إلى أن التبرّج يمثل رجعية مغرقة في القدم والتخلّف كما هو صريح قوله عزّ اسمه (ولا تبرّجن تبرّج الجاهلية الاُولى) ومع ان المؤمن حين اسلم وآمن قد عاهد ربّه باسلامه وايمانه على الطاعة والالتزام الكامل بكل ما جاء به الرسول الكريم من عند الله (وما آتاكم الرّسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا، واتّقوا الله إنّ الله شديد العقاب) (سورة الحشر:7)، وقد ثبت بما لا مزيد عليه ان الله ورسوله أوجبا الحجاب، وحرما وذما السفور والتبرج، وخيار المؤمن بعد ذلك محدود، بصريح قوله تعالى: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً بعيداً) (سورة الأحزاب: 36)، والمؤمنون، هم الذين آمنوا بالله ورسوله.. إلاّ اننا نلمس رغبة الشريعة في عدم الطاعة الصامتة.. بل جاء كثير من أحكام الاسلام، والحجاب والسفور واحد منها جاءت معللة بما يحمل الحجاب من ايجابيات ومنافع، فيما كرست الآيات ذكر سلبيات السفور ومخاطره وآثاره السيئة على كافة الصعد..
وتابعت الآيات الشريعة الاشارات المركزة لسلبيات السفور والتبرج، ومنها فرض الرقابة الصارمة على الجوارح من الأبصار والفروج... كقوله عزّ اسمه: (ذلك أزكى لهم) بكل معنى الزكاة من الطهر النفسي والمادي والمعنوي والسلامة، والنماء، والخير فيما سماه الله تعالى بانه أزكى لله وأطهر، وما بالك بتشخيص الحكيم العادل الرؤوف بعباده، الخبير بما يجره السفور والتبرج والاختلاط المحرم الفاقد للحشمة (إن الله خبير بما يصنعون) وبما يؤول إليه أمر الاختلاط والسفور.. علاج وتشخيص، وتحذير وانذار.. بهذا تختم الآية الأولى.
تمّ تختم الآية الثانية بقوله (وقل للمؤمنات يغضضن... وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلّكم تفلحون) ونحن نعرف مدى التناسق والترابط بين فقرات الآيات وخواتيمها وهنا نلمس الاهتمام الكبير بما تستبطنه سيئات السفور والتبرج، ولهذا نرى حدة الخطاب وصرامة التحذير في ان يخاطب المؤمنون بهذه اللهجة الجادة الصريحة بوجوب التوبة إلى الله، ولا توبة إلاّ من ذنب.
وفي مواجهة الأمراض النفسية والأخلاقية يأتي تحريم الخضوع بالقول واللين المريب والمغري بالريب، وفجور النفوس وأهوائها (فلا يخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض، وقلن قولاً معروفاً) خالياً من الميوعة، ورقة المقول المؤدية أو المغرية بالتجاوب المشبوه، مع التأكيد على الاستقامة (وقلن قولاً معروفاً) .
ورغم صرامة الأحكام وصراحتها في التحريم والتحذير والذم والتهديد بخسارة الدنيا وعذاب الآخرة... فان الآيات الكريمة تفتح باب التوبة وتحث على دخولها وتدعو المتورِّطين في المخالفات والسيئات للتوجّه إلى الله تعالى بالتوبة والانتفاع من العفو الإلهي الذي أعدّه الله تعالى للتائبين المخلصين الراجعين إليه (أعدّ الله لهم مغفرة وأجراً عظيماً) .
وما ذلك إلاّ لعظم هذه المشاكل والمحرمات، وما يواجهه المؤمنون والمؤمنات من جهد ومعاناة في سبيل الاستقامة وتجنب الانحراف والضلال.
وبمقدار ما اهتم الكتاب العزيز بالحجاب والعفة ووجوب الابتعاد عن السفور والتهتك.. ولم نستطيع في هذه العجالة التفصيل الكامل..
جاءت السنّة النبوية المطهّرة _كما هو شأنها _ مؤكدة ومفسرة وموضحة أهداف الشريعة وصرامي الآيات من فرض الحجاب وحرمة السفور والتبرج، مقيمة استقامة المرأة وحسن التزامها بعفافها وشرفها وحجابها، منصرفة إلى مهامها الأساسية وأدوارها الكبيرة في بناء الكيان البشري.
وهنا يمكن القول: اننا سلطنا الأضواء على مسألة الحجاب بشكل كاف، وان تشريع الحجاب في الاسلام معناه وهدفه السامي الحقيقي هو منع الخلاعة بكل ما لها من صور واشكال، وبكل ما فيها من مفاسد واضرار، وغلق كل منافذ الانحلال الأخلاقي، ووقاية المجتمع البشري من الانحدار إلى مهاوي الشر وحضيض الفساد المدمر للحياة بكاملها، وقد اثبتت الشواهد بأن التبرج والاختلاط الجنسي هو العامل الأكبر في حصول التمرد الأخلاقي، والمزلق الخطر الذي طالما قاد الأفراد والجماعات لتدمير الأخلاق والقيم، وتدمير وتجاوز نفس القوانين الوضعية التي وضعها الانسان بوحي من شهواته وفلسفاته المادية الجنسية المتمردة.
ظنّاً منه بأنه يحمي حرية الفرد والاسرة والمجتمع، فعادت عليه بالويلات والدمار الشامل، وهذا من مظاهر الضجر والتململ عند الغربيين اليوم من الفوضى الأخلاقية ومن نتائج اقصاء الدين والضوابط الدينية والاجتماعية في مجتمعاتهم.
وها هم عقلاء الغربيين يستغيثون ولا يغاثون من ويلات الاختلاط والتبرج والفوضى الجنسية ومن تبعاتها المسعورة التي لم ولن تقف دون الدمار الشامل.
وطالما حذر الاسلام، وشدد القرآن والسنة المطهرة على مساوي الاختلاط وكوارثه، روي عن رسول الله (ص): "النظرة سهم من سهام إبليس، ورُبّ نظرة أورثت حسرة يوم القيامة، وإنّ زنا العين النظر" .
وهنا يعلق الشيخ محمد زين العابدين فيقول: إنما فرض الحجاب على المرأة تحقيقاً لمعنى العفو وقطعاً لدابر الفساد والفتنة اللذين هما نتيجة طبيعية للتبرج والاختلاط وفي ختام هذا البحث أعجبتني مقطوعة شعرية للشيخ عبد الحسين الازري رحمه الله تعالى:
حصروا علاجك بالسفور وما دروا أن الذي حصروه عين الداء
أوَلـم يـروا أن الفتـاة بطبعهــا كالمـاء لم يحفظ بغير إناء
مــن يحفظ الفتيات بعـد ظهورها ممّا يجيش بخاطر السفهاء
ومـن الـذي ينهى الفتـى بشبابـه عن خدع كل فريدة حسناء
أوَلـم يسـغ تعليمهـنّ بـدون أن يملأن بالاعطاف عين الرأي
ويجلن مـا بين الرجـال سوافراً بتجاذب الارداف والاثداء
وصدق الله العظيم حيث يقول:
(قل للمؤمنين يغضّوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون).
تعليق