بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والقرآن الكريم هو المنبع الثقافي والروحي للإنسان المسلم .. منه يأخذ تصوره عن الله تعالى ، وعن الوجود ، والحياة ، والمجتمع ، والناس.. ومنه يأخذ معالم التشريع الإلهي لهذا الإنسان على هذه الأرض .. ومنه يتعرف على أهداف الله في الخلق ، وأغراضه من هذا الخلق والحياة ..اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والقرآن الكريم سند روحي أيضاً ، يتصاعد الإنسان في تلاوته لأنّه يلتقي بالله تعالى، وهو يتحدث إليه ، ويتحبب إليه ، ويحنو عليه ، - وفيه يشعر هذا الكائن الضعيف بالحنان الإلهي ودفء التكريم لهذا الكائن الفقير ، ويعايش الحقائق الوجودية الكبرى ، ويذكر الله.. ويتحسّس الحياة معنى ومسؤولية ، وابتلاء .. فيسمو ، ويسمو حتى لكأنّه في عالم آخر من عوالم التكوين
ويبدأ الانحراف في مسيرة الإنسان المسلم عندما يبحث عن زاد آخر غير القرآن ، وغير ما ثبته القرآن الكريم من مقاييس ، ويتلقى الثقافة ، والفكر ، والتربية من تحت منبر آخر غير منبر القرآن الكريم ، وقد سجّلت رواية الحارث الهمداني بداية الانحراف الحضاري في المسيرة الإسلامية عندما بدأ الناس في عهد علي ( عليه السلام ) يخوضون في المسجد بالأحاديث ، لا أعرف الآن هذه الأحاديث بالضبط.. ولكنّها تؤشر بداية مرحلة العقل ، وتوديع مرحلة الروح ، ومرحلة القرآن الكريم .
وهكذا ( فعلوها ) واستمر المسلمون في الانحراف.. وتصدّى أهل البيت ( عليه السلام ) لهذا الانحراف عن طريق بناء أجيال قرآنية ( تعي ) قيمة هذا القرآن.. كما ( تفهمها ) وتبني سلوكها ، وفكرها في ضوء هذا الوعي والشعور ..
و( التلقي ) من القرآن الكريم .. هو المعنى الأساس الذي انحرفت به الثقافة الغربية في الماضي ، وفي الحاضر ، فسواء في الماضي ، أو في الحاضر بدأنا نتلقى من مصادر أخرى غير القرآن .. وبدأنا إذا التقينا بالقرآن الكريم نحكم عليه ونؤوله ، ونجره إلى ما نريد من أهواء جراً ، ومع أنّه كان في التقدير الإلهي ولا يزال ( حاكماً ) و( مهيمناً ) وسلطاناً على كل المقاييس الفكرية والثقافية ..
ونحن على الدوام ظلمنا أنفسنا.. ولا أقول القرآن .. عندما ودعناه وعندما حكمنا عليه مرة ( الروايات )(13) باعتباره أنّه كتاب ألغاز ، وأحاجي لا يفهمه إلاّ من خوطب به ، ومرّة ( الثقافات ) لأنّها أحكام العقول ، وأحكام العقول مقدّمة على ظواهر النصوص والتي هي قواعد الصرف ، والنحو الجامدة وغيرها.. كل ذلك ، والقرآن لا زال ربيعاً لقلوب
المؤمنين تسامى به الدهر ، منار هدى ، وسبيل نجاة ، وبصائر للناس وذكرى للعالمين ..
وأداء حق القرآن علينا لا يتم إلاّ من خلال :
(1) - إحلاله الموقع النفسي والشعوري الذي يتناسب معه بوصفه الكتاب الرباني الوحيد في الناس..
(2) - تحكيمه في كل شؤوننا الثقافية ، والفكرية ، والصدور عنه ، والتلقي منه بلا تدخل أو تأويل..
(3) - معايشته المستمرة في التأمل ، والتدبر والتلاوة والحفظ..
تلاوة القرآن الكريم
(1) - عن الصادق ( عليه السلام ) قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) :( إنّ أهل القرآن في أعلى درجة من الآدميين ، ما خلا النبيّين ، والمرسلين فلا تستضعفوا أهل القرآن حقوقهم ، فإنّ لهم من الله العزيز الجبّار مكانةً عُليا )
(2) - وعنه ( عليه السلام ) :
( من قرأ القرآن ، وهو شاب مؤمن اختلط القرآن بلحمه ، ودمه ، وجعله الله عزّ وجل
مع السفرة الكرام البررة . وكان القرآن حجيزاً عنه يوم القيامة )
(3) وعنه ( عليه السلام ) قال :
( القرآن عهد الله إلى خلقه فقد ينبغي للمرء المسلم إنّ ينظر في عهده ، وان يقرأ منه في كل يوم خمسين آية )
(4) وعنه ( عليه السلام ) :
( يدعى ابن آدم المؤمن للحساب فيتقدم القرآن أمامه في أحسن صورة ، فيقول : يا رب ، أنا القرآن ، وهذا عبدك المؤمن ، قد كان يتعب نفسه بتلاوتي ويطيل ليله بترتيلي ، وتفيض عيناه إذا تهجّد ، فارضه كما أرضاني . قال : فيقول العزيز الجبّار : عبدي ابسط يمينك فأملأها من رضوان الله ، وأملأ شمالك من رحمة الله ، ثمّ يقول : هذه الجنة مباحة لك ، فاقرأ ، واصعد ، فإذا قد قرأ آية صعد درجة )
إلى آخر النصوص الكثيرة الواردة في الحث على النظر إلى عهد الله وقد وردت أيضاً نصوص أخرى في أدب التلاوة.. أهمّها التفكّر ، والتدبّر ، والخشوع ، والاستفادة ، والترتيل والحزن ..
وأمّا مقدار القراءة فليس له في النصوص تحديد حدّي معيّن . وكذلك لم يكن في سلوكهم ما يشير إلى حد مقدار قراءتهم.. وإنّما قراءة القرآن أمر مستحب في ذاته.. والإكثار منه مستحب مهما بلغ من الكثرة.. ولكن بشرطين :
(1) - إن لا تزاحم تلاوة القرآن الكريم أمراً أهم .
(2) - إن لا تكون كثرة القراءة على حساب التأمل والتدبر..
ولعل من أهم أشكال أداء حق القرآن الكريم ، ومعايشته والارتباط به هو أنْ يحاول الإنسان المسلم البحث في القرآن الكريم.. من تفسير بعض السور ، والكتابة في بعض الموضوعات القرآنية التي يستقصي فيها جميع ما ورد من آيات في ذلك الموضوع ، أو الكتابة عن تاريخه ، وعلومه.. الخ فان هذا يزيدنا بصيرة أكثر في الطريق إلى فهم القرآن الكريم ، ومعايشته ومن خلال القراءة والبحث ، وحفظ الكثير من آيات القرآن.. يكون - وما أروع أنْ يكون - القرآن سليقة للمؤمن ، وذوقاً له..
تعليق