((وقفةٌ قيميةٌ مع الرسول الأكرم محمد/ص/في خطبته الشعبانيّة الشهيرة ))
================================
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين:
إنّ القارىء الواعي والمؤمن يجدُ في مفردات الخطبة الشعبانية الشهيرة التي ألقاها الرسول الأكرم محمد/ص/ على مسامع المسلمين ولِمَن بلغ
بيانا ومنهاجا قيميا وحقوقيا يستبطن المَنَزع الإنساني والإيماني الأصيل
حيثُ نراه /ص/ قد سنّ سننا أخلاقيةً للإنسان الصائم في شهر رمضان تكاد لاتجد نظيرها في الدساتير البشرية الوضعية
وخاصة حينما يطرحُ الرسول الأكرم /ص/ مسودة وورشة العمل والفعل التطبيقي والكاشف عن صدقية ويقينية تقوى وإيمان الصائم عمليا.
إذا أنه/ص/ جعل من شهر رمضان مختبرا واقعيا ولو بالحد الأدنى لتنضيج تقوى وإيمان وسلوك وفعل المسلم والمؤمن معا
هادفا/ص/ من وراء ذلك لتربية المجتمع الإنساني قيميا ومنهجيا بصورة تضمن له التكامل والتكافل الإجتماعي وجوديا
وواضعا/ص/ حلولا تامة لمشكلة الفقر والحاجة واليتم والتأرمل
وغير تاركٍ /ص/ لأزمات الوضع البشري في مدياته الزمنية والمكانية بأي حال كانت هي.
فلو وقفنا على عيَّنة من مفردات الخطبة الشريفة له/ص/
لوجدنا خيار الصوابية في تفريج وحل الأزمة
خياراً رائعا في معطياته وتحققاته إن أخذ منحى الفعل الواقعي مجتمعيا
فعندما يقول/ص/:
((وتصدقوا على فقرائكم ومساكينكم، ووقروا كباركم وارحموا صغاركم، وصلوا ارحامكم))
نجده/ص/ واضعا بعين الإعتبارالتطبيق العملي ككاشف عن قيمة الصيام ووقعه وأثره وجوديا
إذ لا أهمية للصيام واقعا على مستوى الذات والمجتمع مالم يأخذ أثره الوجودي عمليا من خلال الأندكاك في تحمل الوضع العام للمسلمين والمؤمنين والأهتمام بإمورهم وحاجاتهم
وهذه الحقيقة القيمية قد أسس لها القرآن الكريم في مناسك الحج في قوله تعالى:
{لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ }الحج37
بمعنى:
لن ينال اللهَ مِن لحوم هذه الذبائح ولا من دمائها شيء،
ولكن يناله الإخلاص فيها، وأن يكون القصد بها وجه الله وحده،
كذلك ذللها لكم -أيها المتقربون-؛ لتعظموا الله، وتشكروا له على ما هداكم من الحق، فإنه أهلٌ لذلك.
وبشِّر- أيها النبي- المحسنين بعبادة الله وحده والمحسنين إلى خلقه بكل خير وفلاح.
فالعبادة الحقيقية للإنسان تكمن قيمتها وقدسيتها وقدرها في جوهرها لا ظاهرها
فكذلك حال الصائم فليس قيمة صومه بالإمتناع ظاهرا عن المفطرات بقدر ما يمتنع واقعا عن المبعدات عن الله تعالى
من عدم إستشعاره بعوز وجوع الفقراء والمساكين والمحرومين
ولذا نجدُ الرسول الأكرم:ص: قد ركز على الجنبة الواقعية أكثر منها على غيرها:
فخذ مثلا قوله/ص/
((وتحننوا على أيتام الناس حتى يُتحننُ على أيتامكم ))
وحقيقة هذه المفردة الرائعة هي معادلة قيمية أطرافها الصائم واليتامى ونتيجتها المقبولية عند الله تعالى وتحقيق التكافل الإنساني مجتمعيا
فالإنسان الصائم والمؤمن كمثال تطبيقي في منهاجية وأخلاقية شهر رمضان على الأقل مطالب برعاية من أوصى بهم رسول الله /ص/ ولو بأضعف الأيمان كما ذكرهو /ص:
((أيها الناس من فطّر منكم صائماً مؤمناً في هذا الشهر كان له بذلك عند الله عتق رقبة ومغفرة لما مضى من ذنوبه،
فقيل يا رسول الله وليس كلنا قادر على ذلك، فقال صلى الله عليه وآله:
اتقوا الله ولو بشق تمرة، اتقوا الله ولو بشربة ماء.)) الأمالي/الصدوق/ ص154.
وأخيرا إنّ ظاهرة اليُتم لقد أصبحت من الأهمية بمكان مما لايمكن السكوت عنها أبدا
وهي اليوم مشفوعة بلازمها وهو تكثُّر الأرامل والثكالى
ذلك الثالوث المُرعب مجتمعيا والمتوتر وجوديا في هذه الحياة
فمَن لليتامى والأرامل والثكالى من بعدك يا علي /ع/؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي/النجف الأشرف:
================================
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين:
إنّ القارىء الواعي والمؤمن يجدُ في مفردات الخطبة الشعبانية الشهيرة التي ألقاها الرسول الأكرم محمد/ص/ على مسامع المسلمين ولِمَن بلغ
بيانا ومنهاجا قيميا وحقوقيا يستبطن المَنَزع الإنساني والإيماني الأصيل
حيثُ نراه /ص/ قد سنّ سننا أخلاقيةً للإنسان الصائم في شهر رمضان تكاد لاتجد نظيرها في الدساتير البشرية الوضعية
وخاصة حينما يطرحُ الرسول الأكرم /ص/ مسودة وورشة العمل والفعل التطبيقي والكاشف عن صدقية ويقينية تقوى وإيمان الصائم عمليا.
إذا أنه/ص/ جعل من شهر رمضان مختبرا واقعيا ولو بالحد الأدنى لتنضيج تقوى وإيمان وسلوك وفعل المسلم والمؤمن معا
هادفا/ص/ من وراء ذلك لتربية المجتمع الإنساني قيميا ومنهجيا بصورة تضمن له التكامل والتكافل الإجتماعي وجوديا
وواضعا/ص/ حلولا تامة لمشكلة الفقر والحاجة واليتم والتأرمل
وغير تاركٍ /ص/ لأزمات الوضع البشري في مدياته الزمنية والمكانية بأي حال كانت هي.
فلو وقفنا على عيَّنة من مفردات الخطبة الشريفة له/ص/
لوجدنا خيار الصوابية في تفريج وحل الأزمة
خياراً رائعا في معطياته وتحققاته إن أخذ منحى الفعل الواقعي مجتمعيا
فعندما يقول/ص/:
((وتصدقوا على فقرائكم ومساكينكم، ووقروا كباركم وارحموا صغاركم، وصلوا ارحامكم))
نجده/ص/ واضعا بعين الإعتبارالتطبيق العملي ككاشف عن قيمة الصيام ووقعه وأثره وجوديا
إذ لا أهمية للصيام واقعا على مستوى الذات والمجتمع مالم يأخذ أثره الوجودي عمليا من خلال الأندكاك في تحمل الوضع العام للمسلمين والمؤمنين والأهتمام بإمورهم وحاجاتهم
وهذه الحقيقة القيمية قد أسس لها القرآن الكريم في مناسك الحج في قوله تعالى:
{لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ }الحج37
بمعنى:
لن ينال اللهَ مِن لحوم هذه الذبائح ولا من دمائها شيء،
ولكن يناله الإخلاص فيها، وأن يكون القصد بها وجه الله وحده،
كذلك ذللها لكم -أيها المتقربون-؛ لتعظموا الله، وتشكروا له على ما هداكم من الحق، فإنه أهلٌ لذلك.
وبشِّر- أيها النبي- المحسنين بعبادة الله وحده والمحسنين إلى خلقه بكل خير وفلاح.
فالعبادة الحقيقية للإنسان تكمن قيمتها وقدسيتها وقدرها في جوهرها لا ظاهرها
فكذلك حال الصائم فليس قيمة صومه بالإمتناع ظاهرا عن المفطرات بقدر ما يمتنع واقعا عن المبعدات عن الله تعالى
من عدم إستشعاره بعوز وجوع الفقراء والمساكين والمحرومين
ولذا نجدُ الرسول الأكرم:ص: قد ركز على الجنبة الواقعية أكثر منها على غيرها:
فخذ مثلا قوله/ص/
((وتحننوا على أيتام الناس حتى يُتحننُ على أيتامكم ))
وحقيقة هذه المفردة الرائعة هي معادلة قيمية أطرافها الصائم واليتامى ونتيجتها المقبولية عند الله تعالى وتحقيق التكافل الإنساني مجتمعيا
فالإنسان الصائم والمؤمن كمثال تطبيقي في منهاجية وأخلاقية شهر رمضان على الأقل مطالب برعاية من أوصى بهم رسول الله /ص/ ولو بأضعف الأيمان كما ذكرهو /ص:
((أيها الناس من فطّر منكم صائماً مؤمناً في هذا الشهر كان له بذلك عند الله عتق رقبة ومغفرة لما مضى من ذنوبه،
فقيل يا رسول الله وليس كلنا قادر على ذلك، فقال صلى الله عليه وآله:
اتقوا الله ولو بشق تمرة، اتقوا الله ولو بشربة ماء.)) الأمالي/الصدوق/ ص154.
وأخيرا إنّ ظاهرة اليُتم لقد أصبحت من الأهمية بمكان مما لايمكن السكوت عنها أبدا
وهي اليوم مشفوعة بلازمها وهو تكثُّر الأرامل والثكالى
ذلك الثالوث المُرعب مجتمعيا والمتوتر وجوديا في هذه الحياة
فمَن لليتامى والأرامل والثكالى من بعدك يا علي /ع/؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي/النجف الأشرف:
تعليق