رسالة في إيمان أبي طالب
للشيخ المفيد
بسم الله الرحمن الرحيم
لعمري لقد كلفت وجدا بأحمد *** و أحببته حب الحبيب المواصل
و جدت بنفسي دونه و حميته *** و دارأت عنه بالذرى و الكلاكل
فما زال في الدنيا جمالا *** لأهلها و شينا لمن عادى و زين المحافل
حليما رشيدا حازما غير طائش *** يوالي إله الخلق ليس بماحل
فأيده رب العباد بنصره *** و أظهر دينا حقه غير باطل
فأيده رب العباد بنصره *** و أظهر دينا حقه غير باطل
حليما رشيدا حازما غير طائش *** يوالي إله الخلق ليس بماحل
أ لم تعلموا أن ابننا لا مكذب *** لدينا و لا يعبأ بقول الأباطل
و أبيض يستسقى الغمام بوجهه *** ربيع اليتامى عصمة للأرامل
يطوف به الهلاك من آل هاشم *** فهم عنده عصمة و فواضل
كذبتم و بيت الله نسلم أحمدا *** و لما نطاعن دونه و نقاتل
و نسلمه حتى نصرع حوله *** و نذهل عن أبنائنا و الحلائل
أ ترجون أن نسخو بقتل محمد *** و لم تختضب السمر العوالي من الدم
كذبتم و بيت الله حتى تفرقوا *** جماجم تلقى بالحطيم و زمزم
و تقطع أرحام و تنسى حليلة ** خليلا و يغشى محرم بعد محرم
و ينهض قوم في الحديد إليكم *** يذودون عن أحسابهم كل مجرم
على ما أتى من بغيكم و ضلالكم *** و عصيانكم في كل أمر و مظلم
بظلم نبي جاء يدعو إلى الهدى *** و أمر أتى من عند ذي العرش مبرم
فلا تحسبونا مسلميه و مثله *** إذا كان في قوم فليس بمسلم
أ
للعب قصي بأحلامها *** و هل يرجع الحلم بعد اللعب
إلى قوله رضي الله عنه :
و قالوا لأحمد أنت امرؤ *** خلوف الحديث ضعيف النسب
ألا إن أحمد قد جاءهم *** بحق و لم يأتهم بالكذب
أ خلتم بأنا مسلمون محمدا *** و لما نقاذف دونه بالمراجم
أمينا حبيبا في البلاد مسوما *** بخاتم رب قاهر للخواتم
يرى الناس برهانا عليه و هيبة *** و ما جاهل في فضله مثل عالم
نبيا أتاه الوحي من عند ربه *** فمن قال لا يقرع بها سن نادم
تطيف به جرثومة هاشمية *** تذبب عنه كل باغ و ظالم
ألا أبلغا عني على ذات بينها *** لؤيا و خصا من لؤي بني كعب
أ لم تعلموا أنا وجدنا محمدا *** نبيا كموسى خط في أول الكتب
و أن عليه في العباد محبة *** و لا شك في من خصه الله بالحب
إلى قوله :
و قد كان في أمر الصحيفة عبرة *** متى ما تخبر غائب القوم يعجب
محا الله منها كفرهم و عيوبهم *** و ما نقموا من باطل الحق مقرب
فكذب ما قالوا من الأمر باطلا *** و من يختلق ما ليس بالحق يكذب
و أمسى ابن عبد الله فينا مصدقا *** على سخط من قومنا غير معتب
فلا تحسبونا مسلمين محمدا *** لذي غربة منا و لا متغرب
ستمنعه منا يد هاشمية *** مركبها في الناس غير مركب
فصبرا أبا يعلى على دين أحمد *** و كن مظهرا للدين وفقت صابرا
نبي أتى بالدين من عند ربه *** بصدق و حق لا تكن حمز كافرا
فقد سرني إذ قلت لبيك مؤمنا *** فكن لرسول الله في الدين ناصرا
و ناد قريشا بالذي قد أتيته *** جهارا و قل ما كان أحمد ساحرا
إذا قيل من خير هذا الورى *** قبيلا و أكرمهم أسرة
أناف بعبد مناف أبي *** أبو نضلة هاشم الغرة
و قد حل مجد بني هاشم *** مكان النعائم و الزهرة
و خير بني هاشم أحمد *** رسول المليك على فترة
و
أبيت بحمد الله ترك محمد *** بمكة أسلمه لشر القبائل
و قال لي الأعداء قاتل عصابة *** أطاعوه و ابغهم جميع الغوائل
أقيم على نصر النبي محمد *** أقاتل عنه بالقنا و الذوابل
تعلم مليك الحبش أن محمدا نبي *** كموسى و المسيح ابن مريم
أتى بهدى مثل الذي أتيا به *** فكل بأمر الله يهدي و يعصم
و إنكم تتلونه في كتابكم *** بصدق حديث لا حديث المبرجم
و إنك ما تأتيك مني عصابة *** بفضلك إلا عاودوا بالتكرم
فلا تجعلوا لله ندا و أسلموا *** فإن طريق الحق ليس بمظلم
إن عليا و جعفرا ثقتي *** عند ملم الخطوب و الكرب
و الله لا أخذل النبي *** و لا يخذله من بني ذو حسب
لا تخذلا و انصرا ابن عمكما *** أخي لأمي من دونهم و أبي
فذلك من إعلامه و بيانه *** و ليس نهار واضح كظلام
فما يرجوا حتى رووا من محمد *** أحاديث تجلوا غم كل فؤاد
مليك الناس ليس له شريك *** هو الوهاب و المبدي المعيد
و من فوق السماء له ملاك *** و من تحت السماء له عبيد
فو الله لو لا الله لا شيء غيره *** لأصبحتم لا تملكون لنا شربا
للشيخ المفيد
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ولي الحمد و مستحقه و صلاته على خيرته من خلقه محمد و آله و سلم كثيرا .
و بعد أطال الله بقاء الأستاذ الجليل و أدام له العز و التأييد و العلو و التمهيد فإنني مثبت بتوفيق الله عز و جل و ما يهب من التسديد طرفا من المقال في المعنى الذي كنت أجريت منه جملا بحضرته معاينة و ما في حيزه بيان الطرف و الجمل من الدلائل على إيمان أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف رضي الله عنه و أرضاه المقتضبة من مقاله و فعاله التي لا يمكن دفعها إلا بالعناد و إن كنت قد أشبعت الكلام في هذا الباب في مواضع من كتبي المصنفات و أمالي المشهورات
ليكون ما يحصل به الرسم في هذا المختصر تذكارا و لما أخبرت عنه بيانا و في الغرض الملتمس منه كافيا و بالله أستعين .
فمن الدليل على إيمان أبي طالب رضي الله عنه ما اشتهر عنه من الولاية لرسول الله (ص) و المحبة و النصرة و ذلك ظاهر معروف لا يدفعه إلا جاهل و لا يجحده إلا بهات معاند و في معناه يقول رضي الله تعالى عنه في اللامية السائرة المعروفة :
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ولي الحمد و مستحقه و صلاته على خيرته من خلقه محمد و آله و سلم كثيرا .
و بعد أطال الله بقاء الأستاذ الجليل و أدام له العز و التأييد و العلو و التمهيد فإنني مثبت بتوفيق الله عز و جل و ما يهب من التسديد طرفا من المقال في المعنى الذي كنت أجريت منه جملا بحضرته معاينة و ما في حيزه بيان الطرف و الجمل من الدلائل على إيمان أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف رضي الله عنه و أرضاه المقتضبة من مقاله و فعاله التي لا يمكن دفعها إلا بالعناد و إن كنت قد أشبعت الكلام في هذا الباب في مواضع من كتبي المصنفات و أمالي المشهورات
ليكون ما يحصل به الرسم في هذا المختصر تذكارا و لما أخبرت عنه بيانا و في الغرض الملتمس منه كافيا و بالله أستعين .
فمن الدليل على إيمان أبي طالب رضي الله عنه ما اشتهر عنه من الولاية لرسول الله (ص) و المحبة و النصرة و ذلك ظاهر معروف لا يدفعه إلا جاهل و لا يجحده إلا بهات معاند و في معناه يقول رضي الله تعالى عنه في اللامية السائرة المعروفة :
لعمري لقد كلفت وجدا بأحمد *** و أحببته حب الحبيب المواصل
و جدت بنفسي دونه و حميته *** و دارأت عنه بالذرى و الكلاكل
فما زال في الدنيا جمالا *** لأهلها و شينا لمن عادى و زين المحافل
حليما رشيدا حازما غير طائش *** يوالي إله الخلق ليس بماحل
فأيده رب العباد بنصره *** و أظهر دينا حقه غير باطل
و من تأمل هذا المدح عرف منه صدق ولاء صاحبه لرسول الله (ص) و اعترافه بنبوته و إقراره بحقه فيما أتى به إذ لا فرق بين أن يقول محمد نبي صادق و ما دعا إليه حق صحيح واجب و بين قوله :
فأيده رب العباد بنصره *** و أظهر دينا حقه غير باطل
و في هذا البيت إقرار أيضا بالتوحيد صريح و اعتراف لرسول الله (ص) بالنبوة صحيح و في الذي قبله مثل ذلك حيث يقول
و هو يصف النبي (ص) :
و هو يصف النبي (ص) :
حليما رشيدا حازما غير طائش *** يوالي إله الخلق ليس بماحل
يعني ليس بكاذب متقول للمحال .
و ما بعد هذا القول المعلوم من أبي طالب رضي الله تعالى عنه المتيقن من قبله طريق إلى التأويل في كفره إلا و هو طريق إلى التأويل على حمزة و جعفر و غيرهما من وجوه المسلمين حتى لا يصح إيمان أحدهم و إن أظهر الإقرار بالشهادتين و بذل جهده في نصرة الرسول (ص) .
و هو في أمر أبي بكر و عمر و عثمان أقرب لأنه إن لم يثبت لأبي طالب و هو مقر به في نثره و نظمه الذي يسير به عنه الركبان و يطبق على رواياته نقلة الأخبار و رواة السير و الآثار مع ظهور نصرته للنبي (ص) و بذل نفسه و ولده و أهله و ماله دونه و رفع الصوت بتصديقه و الحث على اتباعه كان أولى أن لا يثبت للذين ذكرناهم إيمان و ليس ظهور إقرارهم و شهرته يقارب ظهور إقرار أبي طالب رضي الله تعالى عنه و يداني في الوضوح اعترافه بصدقه و نبوته و لهم مع ذلك من التأخر عن نصره و من خذلانه و الفرار عنه ما لا يخفى على ذي حجى ممن سمع الأخبار و تصفح الآثار و هذا لازم لا فصل منه .
ثم إن أبا طالب رضي الله تعالى عنه يصرح في هذه القصيدة بتصديق النبي (ص) بأخص ألفاظ التصديق ينادي بالقسم في نصرته (ص)
و بذل المهجة و الأهل دونه حيث يقول :
و ما بعد هذا القول المعلوم من أبي طالب رضي الله تعالى عنه المتيقن من قبله طريق إلى التأويل في كفره إلا و هو طريق إلى التأويل على حمزة و جعفر و غيرهما من وجوه المسلمين حتى لا يصح إيمان أحدهم و إن أظهر الإقرار بالشهادتين و بذل جهده في نصرة الرسول (ص) .
و هو في أمر أبي بكر و عمر و عثمان أقرب لأنه إن لم يثبت لأبي طالب و هو مقر به في نثره و نظمه الذي يسير به عنه الركبان و يطبق على رواياته نقلة الأخبار و رواة السير و الآثار مع ظهور نصرته للنبي (ص) و بذل نفسه و ولده و أهله و ماله دونه و رفع الصوت بتصديقه و الحث على اتباعه كان أولى أن لا يثبت للذين ذكرناهم إيمان و ليس ظهور إقرارهم و شهرته يقارب ظهور إقرار أبي طالب رضي الله تعالى عنه و يداني في الوضوح اعترافه بصدقه و نبوته و لهم مع ذلك من التأخر عن نصره و من خذلانه و الفرار عنه ما لا يخفى على ذي حجى ممن سمع الأخبار و تصفح الآثار و هذا لازم لا فصل منه .
ثم إن أبا طالب رضي الله تعالى عنه يصرح في هذه القصيدة بتصديق النبي (ص) بأخص ألفاظ التصديق ينادي بالقسم في نصرته (ص)
و بذل المهجة و الأهل دونه حيث يقول :
أ لم تعلموا أن ابننا لا مكذب *** لدينا و لا يعبأ بقول الأباطل
و أبيض يستسقى الغمام بوجهه *** ربيع اليتامى عصمة للأرامل
يطوف به الهلاك من آل هاشم *** فهم عنده عصمة و فواضل
إلى حيث قال :
كذبتم و بيت الله نسلم أحمدا *** و لما نطاعن دونه و نقاتل
و نسلمه حتى نصرع حوله *** و نذهل عن أبنائنا و الحلائل
و في هذه الأبيات أيضا بيان لمن تأملها في صحة ما ذكرناه من إخلاص أبي طالب رضي الله عنه و الولاء لرسول الله (ص) و بذل غاية النصرة له و الشهادة بنبوته و تصديقه حسب ما ذكرناه .
و قد جاءت الأخبار متواترة لا يختلف فيها من أهل النقل اثنان أن قريشا أمرت بعض السفهاء أن يلقي على ظهر النبي (ص) سلى الناقة إذا ركع في صلاته ففعلوا ذلك و بلغ الحديث أبا طالب فخرج مسخطا و معه عبيد له فأمرهم أن يلقوا السلى عن ظهره (ص) و يغسلوه ثم أمرهم أن يأخذوه فيمروه على سبال القوم و هم إذ ذاك وجوه قريش و حلف بالله أن لا يبرح حتى يفعلوا بهم ذاك فما امتنع أحد منهم عن طاعته و أذل جماعتهم بذلك و أخزاهم .
و في هذا الحديث دليل على رئاسة أبي طالب على الجماعة و عظم محله فيهم و أنه ممن تجب طاعته عندهم و يجوز أمره فيهم و عليهم و دلالة على شدة غضبه لله عز و جل و لرسوله (ص) و حميته له و لدينه و ترك المداهنة و التقية في حقه و التصميم لنصرته و البلوغ في ذلك إلى حيث لم يستطعه أحد قبله و لا ناله أحد بعده .
و قد أجمع أهل السير أيضا و نقلة الأخبار أن أبا طالب رضي الله عنه لما فقد النبي (ص) ليلة الأسراء جمع ولده و مواليه و سلم إلى كل رجل منهم مدية و أمرهم أن يباكروا الكعبة فيجلس كل رجل منهم إلى جانب رجل من قريش ممن كان يجلس بفناء الكعبة و هم يومئذ سادات أهل البطحاء فإن أصبح و لم يعرف للنبي (ص) خبرا أو سمع فيه سوءا أومأ إليهم بقتل القوم ففعلوا ذلك .
و أقبل رسول الله (ص) إلى المسجد مع طلوع الشمس فلما رآه أبو طالب قام إليه مستبشرا فقبل بين عينيه و حمد الله عز و جل على سلامته ثم قال و الله يا ابن أخي لو تأخرت عني لما تركت من هؤلاء عينا تطرف و أومأ إلى الجماعة الجلوس بفناء الكعبة من سادات قريش ذلك .
ثم قال لولده و مواليه أخرجوا أيديكم من تحت ثيابكم فلما رأت قريش ذلك انزعجت له و رجعت على أبي طالب بالعتب
و الاستعطاف فلم يحفل بهم .
و لم تزل قريش بعد ذلك خائفة من أبي طالب مشفقة على أنفسها من أذى يلحق النبي (ص) و هذا هو النصر الحقيقي نابع عن صدق الولاية و به ثبتت النبوة و تمكن النبي (ص) من أداء الرسالة و لولاه ما قامت الدعوة و من لم يعرف باعتباره إيمان صاحبه و عظم عناه في الدين خرج من حد المكلفين .
على أن رسول الله (ص) لم يزل عزيزا ما كان أبو طالب حيا و لم يزل به ممنوعا من الأذى معصوما حتى توفاه الله تعالى فنبت به مكة و لم تستقر له فيها دعوة و أجمع القوم على الفتك به حتى جاءه الوحي من ربه
فقال له جبرئيل (ع) إن الله عز و جل يقرئك السلام و يقول لك اخرج عن مكة فقد مات ناصرك
فخرج (ع) هاربا مستخفيا بخروجه و بيت أمير المؤمنين بدلا منه على فراشه فبات موقيا له بنفسه و سالكا بذلك منهاج أبيه رضي الله عنه في ولايته و نصرته و بذل النفس دونه .
فكم بين من أسلم نفسه لنبيه و شراها الله تعالى في طاعة نبيه (ص) و بين من حصل مع النبي (ص) في أمن و حرز و هو لا
يملك نفسه جزعا و لا قلبه هلعا قد أظهر الحزن و أبدى الخور شاكا في خبر الله تعالى مرتابا بقول رسول الله (ص) غير واثق بنصر الله عز و جل آيسا من روح الله ضانا بنفسه عن الشهادة مع نبي الله (ص) أم كم بين ما ذكرناه من نصر أبي طالب لرسول الله (ص) و قيامه بأمره حتى بلغ دين الله و مسارعته إلى اتباعه و معاضدته و مؤازرته و بين تأخر غيره عنه و إخلائه مع أعدائه عليه و نحره في السفر إلى... .
يطعم منه الراحلين معه لسفك دمه حتى إذا ظفره الله تعالى مقهورا و جيء به إليه أسيرا دعاه إلى الإيمان فلجلج و أمره بفداء نفسه فامتنع فلما أشرف على دمه أقر و انقاد للفداء ضرورة و أسلم .
إن هذا لعجب في القياس و غفلة خصوم الحق عن فصل بين هذه الأمور حتى عموا فيها عن الصواب و ركبوا العصبية و العناد لأعجب و الله نسأل التوفيق .
و مما يؤيد ما ذكرناه من إيمان أبي طالب رضي الله تعالى عنه و يزيده بيانا :
أنه لما قبض رحمه الله أتى أمير المؤمنين (ع) رسول الله (ص) فآذنه بموته فتوجع لذلك النبي (ص) و قال امض يا علي فتول غسله و تكفينه و تحنيطه فإذا رفعته على سريره فأعلمني ففعل ذلك أمير المؤمنين (ع) فلما رفعه على
السرير اعترضه النبي (ص) فرق له و قال وصلتك رحم و جزيت خيرا فلقد ربيت و كفلت صغيرا و آزرت و نصرت كبيرا ثم أقبل على الناس فقال أما و الله لأشفعن لعمي شفاعة يعجب منها أهل الثقلين
و في هذا الحديث دليلان على إيمان أبي طالب رضي الله عنه أحدهما أمر رسول الله عليا (ص) بغسله و تكفينه دون الحاضرين من أولاده إذ كان من حضره منهم سوى أمير المؤمنين إذ ذاك على الجاهلية لأن جعفرا رحمه الله كان يومئذ ببلاد الحبشة و كان عقيل و طالب حاضرين و هما يومئذ على خلاف الإسلام لم يسلم واحد منهما بعد و أمير المؤمنين (ع) مؤمن بالله تعالى و رسوله فخص منهم بولاية أمره و جعله أحق به منهما لإيمانه و وفاقه إياه في دينه .
و لو كان أبو طالب رضي الله عنه مات على ما يزعم النواصب كافرا كان عقيل و طالب أحق بتولية أمره من علي (ع) و لما جاز للمسلم من ولده القيام بأمره لانقطاع العصمة بينهما .
و في حكم رسول الله (ص) لعلي (ع) به دونهما و أمره إياه بإجراء أحكام المسلمين عليه من الغسل و التطهير و التحنيط و التكفين و المواراة شاهد صدق في إيمانه على ما بيناه .
و الدليل الآخر دعاء النبي (ص) له بالخيرات و وعده
أمته فيه بالشفاعة إلى الله و اتباعه بالثناء و الحمد و الدعاء و هذه هي الصلاة التي كانت مكتوبة إذ ذاك على أموات أهل الإسلام و لو كان أبو طالب مات كافرا لما وسع رسول الله (ص) الثناء عليه بعد الموت و الدعاء له بشيء من الخير بل كان يجب عليه اجتنابه و اتباعه بالذم و اللوم على قبح ما أسلفه من الخلاف له في دينه كما فرض الله عز و جل ذلك عليه للكافرين حيث يقول وَ لا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَ لا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ .
و في قوله وَ ما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ .
و إذا كان الأمر على ما وصفناه ثبت أن أبا طالب رضي الله عنه مات مؤمنا بدلالة فعله و مقاله و فعل نبي الله (ص) به و مقاله حسبما شرحناه .
و يؤكد ذلك ما أجمع عليه أهل النقل من العامة و الخاصة و رواه أصحاب الحديث عن رجالهم الثقات من
أن رسول الله (ص) سئل فقيل له ما تقول في عمك أبي طالب يا رسول الله و ترجو له قال أرجو له كل خير من ربي
فلو لا أنه رحمة الله عليه مات على الإيمان لما جاز من رسول
الله (ص) رجاء الخيرات له من الله عز و جل مع ما قطع له تعالى به في القرآن و على لسان نبيه (ص) من خلود الكفار في النار و حرمان الله لهم سائر الخيرات و تأبيدهم في العذاب على وجه الاستحقاق و الهوان
فصل
فأما قوله رضي الله عنه المنبه على إسلامه و حسن نصرته و إيمانه الذي ذكرناه عنه فهو ظاهر مشهور في نظمه المنقول عنه على التواتر و الإجماع و سأورد منه جزءا يدل على ما سواه إن شاء الله تعالى .
فمن ذلك قوله في قصيدته الميمية التي أولها :
ألا من لهم آخر الليل مقتم *** طواني و أخرى النجم لما تقهم
إلى قوله :
و قد جاءت الأخبار متواترة لا يختلف فيها من أهل النقل اثنان أن قريشا أمرت بعض السفهاء أن يلقي على ظهر النبي (ص) سلى الناقة إذا ركع في صلاته ففعلوا ذلك و بلغ الحديث أبا طالب فخرج مسخطا و معه عبيد له فأمرهم أن يلقوا السلى عن ظهره (ص) و يغسلوه ثم أمرهم أن يأخذوه فيمروه على سبال القوم و هم إذ ذاك وجوه قريش و حلف بالله أن لا يبرح حتى يفعلوا بهم ذاك فما امتنع أحد منهم عن طاعته و أذل جماعتهم بذلك و أخزاهم .
و في هذا الحديث دليل على رئاسة أبي طالب على الجماعة و عظم محله فيهم و أنه ممن تجب طاعته عندهم و يجوز أمره فيهم و عليهم و دلالة على شدة غضبه لله عز و جل و لرسوله (ص) و حميته له و لدينه و ترك المداهنة و التقية في حقه و التصميم لنصرته و البلوغ في ذلك إلى حيث لم يستطعه أحد قبله و لا ناله أحد بعده .
و قد أجمع أهل السير أيضا و نقلة الأخبار أن أبا طالب رضي الله عنه لما فقد النبي (ص) ليلة الأسراء جمع ولده و مواليه و سلم إلى كل رجل منهم مدية و أمرهم أن يباكروا الكعبة فيجلس كل رجل منهم إلى جانب رجل من قريش ممن كان يجلس بفناء الكعبة و هم يومئذ سادات أهل البطحاء فإن أصبح و لم يعرف للنبي (ص) خبرا أو سمع فيه سوءا أومأ إليهم بقتل القوم ففعلوا ذلك .
و أقبل رسول الله (ص) إلى المسجد مع طلوع الشمس فلما رآه أبو طالب قام إليه مستبشرا فقبل بين عينيه و حمد الله عز و جل على سلامته ثم قال و الله يا ابن أخي لو تأخرت عني لما تركت من هؤلاء عينا تطرف و أومأ إلى الجماعة الجلوس بفناء الكعبة من سادات قريش ذلك .
ثم قال لولده و مواليه أخرجوا أيديكم من تحت ثيابكم فلما رأت قريش ذلك انزعجت له و رجعت على أبي طالب بالعتب
و الاستعطاف فلم يحفل بهم .
و لم تزل قريش بعد ذلك خائفة من أبي طالب مشفقة على أنفسها من أذى يلحق النبي (ص) و هذا هو النصر الحقيقي نابع عن صدق الولاية و به ثبتت النبوة و تمكن النبي (ص) من أداء الرسالة و لولاه ما قامت الدعوة و من لم يعرف باعتباره إيمان صاحبه و عظم عناه في الدين خرج من حد المكلفين .
على أن رسول الله (ص) لم يزل عزيزا ما كان أبو طالب حيا و لم يزل به ممنوعا من الأذى معصوما حتى توفاه الله تعالى فنبت به مكة و لم تستقر له فيها دعوة و أجمع القوم على الفتك به حتى جاءه الوحي من ربه
فقال له جبرئيل (ع) إن الله عز و جل يقرئك السلام و يقول لك اخرج عن مكة فقد مات ناصرك
فخرج (ع) هاربا مستخفيا بخروجه و بيت أمير المؤمنين بدلا منه على فراشه فبات موقيا له بنفسه و سالكا بذلك منهاج أبيه رضي الله عنه في ولايته و نصرته و بذل النفس دونه .
فكم بين من أسلم نفسه لنبيه و شراها الله تعالى في طاعة نبيه (ص) و بين من حصل مع النبي (ص) في أمن و حرز و هو لا
يملك نفسه جزعا و لا قلبه هلعا قد أظهر الحزن و أبدى الخور شاكا في خبر الله تعالى مرتابا بقول رسول الله (ص) غير واثق بنصر الله عز و جل آيسا من روح الله ضانا بنفسه عن الشهادة مع نبي الله (ص) أم كم بين ما ذكرناه من نصر أبي طالب لرسول الله (ص) و قيامه بأمره حتى بلغ دين الله و مسارعته إلى اتباعه و معاضدته و مؤازرته و بين تأخر غيره عنه و إخلائه مع أعدائه عليه و نحره في السفر إلى... .
يطعم منه الراحلين معه لسفك دمه حتى إذا ظفره الله تعالى مقهورا و جيء به إليه أسيرا دعاه إلى الإيمان فلجلج و أمره بفداء نفسه فامتنع فلما أشرف على دمه أقر و انقاد للفداء ضرورة و أسلم .
إن هذا لعجب في القياس و غفلة خصوم الحق عن فصل بين هذه الأمور حتى عموا فيها عن الصواب و ركبوا العصبية و العناد لأعجب و الله نسأل التوفيق .
و مما يؤيد ما ذكرناه من إيمان أبي طالب رضي الله تعالى عنه و يزيده بيانا :
أنه لما قبض رحمه الله أتى أمير المؤمنين (ع) رسول الله (ص) فآذنه بموته فتوجع لذلك النبي (ص) و قال امض يا علي فتول غسله و تكفينه و تحنيطه فإذا رفعته على سريره فأعلمني ففعل ذلك أمير المؤمنين (ع) فلما رفعه على
السرير اعترضه النبي (ص) فرق له و قال وصلتك رحم و جزيت خيرا فلقد ربيت و كفلت صغيرا و آزرت و نصرت كبيرا ثم أقبل على الناس فقال أما و الله لأشفعن لعمي شفاعة يعجب منها أهل الثقلين
و في هذا الحديث دليلان على إيمان أبي طالب رضي الله عنه أحدهما أمر رسول الله عليا (ص) بغسله و تكفينه دون الحاضرين من أولاده إذ كان من حضره منهم سوى أمير المؤمنين إذ ذاك على الجاهلية لأن جعفرا رحمه الله كان يومئذ ببلاد الحبشة و كان عقيل و طالب حاضرين و هما يومئذ على خلاف الإسلام لم يسلم واحد منهما بعد و أمير المؤمنين (ع) مؤمن بالله تعالى و رسوله فخص منهم بولاية أمره و جعله أحق به منهما لإيمانه و وفاقه إياه في دينه .
و لو كان أبو طالب رضي الله عنه مات على ما يزعم النواصب كافرا كان عقيل و طالب أحق بتولية أمره من علي (ع) و لما جاز للمسلم من ولده القيام بأمره لانقطاع العصمة بينهما .
و في حكم رسول الله (ص) لعلي (ع) به دونهما و أمره إياه بإجراء أحكام المسلمين عليه من الغسل و التطهير و التحنيط و التكفين و المواراة شاهد صدق في إيمانه على ما بيناه .
و الدليل الآخر دعاء النبي (ص) له بالخيرات و وعده
أمته فيه بالشفاعة إلى الله و اتباعه بالثناء و الحمد و الدعاء و هذه هي الصلاة التي كانت مكتوبة إذ ذاك على أموات أهل الإسلام و لو كان أبو طالب مات كافرا لما وسع رسول الله (ص) الثناء عليه بعد الموت و الدعاء له بشيء من الخير بل كان يجب عليه اجتنابه و اتباعه بالذم و اللوم على قبح ما أسلفه من الخلاف له في دينه كما فرض الله عز و جل ذلك عليه للكافرين حيث يقول وَ لا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَ لا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ .
و في قوله وَ ما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ .
و إذا كان الأمر على ما وصفناه ثبت أن أبا طالب رضي الله عنه مات مؤمنا بدلالة فعله و مقاله و فعل نبي الله (ص) به و مقاله حسبما شرحناه .
و يؤكد ذلك ما أجمع عليه أهل النقل من العامة و الخاصة و رواه أصحاب الحديث عن رجالهم الثقات من
أن رسول الله (ص) سئل فقيل له ما تقول في عمك أبي طالب يا رسول الله و ترجو له قال أرجو له كل خير من ربي
فلو لا أنه رحمة الله عليه مات على الإيمان لما جاز من رسول
الله (ص) رجاء الخيرات له من الله عز و جل مع ما قطع له تعالى به في القرآن و على لسان نبيه (ص) من خلود الكفار في النار و حرمان الله لهم سائر الخيرات و تأبيدهم في العذاب على وجه الاستحقاق و الهوان
فصل
فأما قوله رضي الله عنه المنبه على إسلامه و حسن نصرته و إيمانه الذي ذكرناه عنه فهو ظاهر مشهور في نظمه المنقول عنه على التواتر و الإجماع و سأورد منه جزءا يدل على ما سواه إن شاء الله تعالى .
فمن ذلك قوله في قصيدته الميمية التي أولها :
ألا من لهم آخر الليل مقتم *** طواني و أخرى النجم لما تقهم
إلى قوله :
أ ترجون أن نسخو بقتل محمد *** و لم تختضب السمر العوالي من الدم
كذبتم و بيت الله حتى تفرقوا *** جماجم تلقى بالحطيم و زمزم
و تقطع أرحام و تنسى حليلة ** خليلا و يغشى محرم بعد محرم
و ينهض قوم في الحديد إليكم *** يذودون عن أحسابهم كل مجرم
على ما أتى من بغيكم و ضلالكم *** و عصيانكم في كل أمر و مظلم
بظلم نبي جاء يدعو إلى الهدى *** و أمر أتى من عند ذي العرش مبرم
فلا تحسبونا مسلميه و مثله *** إذا كان في قوم فليس بمسلم
أ
فلا ترى الخصوم إلى هذا الجد من أبي طالب رضي الله عنه في نصرة نبي الله (ص) و التصريح بنبوته و الإقرار بما من عند الله عز و جل و الشهادة بحقه فيتدبرون ذلك أم على قلوب أقفالها .
و منه قوله رضي الله تعالى عنه :
تطاول ليلي بهم نصب *** و دمع كسح السقاء السرب و منه قوله رضي الله تعالى عنه :
للعب قصي بأحلامها *** و هل يرجع الحلم بعد اللعب
إلى قوله رضي الله عنه :
و قالوا لأحمد أنت امرؤ *** خلوف الحديث ضعيف النسب
ألا إن أحمد قد جاءهم *** بحق و لم يأتهم بالكذب
و في هذا البيت صرح بالإيمان برسول الله (ص) .
و منه قوله رضي الله تعالى عنه :
و منه قوله رضي الله تعالى عنه :
أ خلتم بأنا مسلمون محمدا *** و لما نقاذف دونه بالمراجم
أمينا حبيبا في البلاد مسوما *** بخاتم رب قاهر للخواتم
يرى الناس برهانا عليه و هيبة *** و ما جاهل في فضله مثل عالم
نبيا أتاه الوحي من عند ربه *** فمن قال لا يقرع بها سن نادم
تطيف به جرثومة هاشمية *** تذبب عنه كل باغ و ظالم
و منه قوله رضي الله عنه :
ألا أبلغا عني على ذات بينها *** لؤيا و خصا من لؤي بني كعب
أ لم تعلموا أنا وجدنا محمدا *** نبيا كموسى خط في أول الكتب
و أن عليه في العباد محبة *** و لا شك في من خصه الله بالحب
و في هذا الشعر و الذي قبله محض الإقرار برسول الله (ص) و بالنبوة و صريح بلا ارتياب .
و من ذلك قوله رضي الله عنه :
ألا من لهم آخر الليل منصب *** و شعب العصا من قومك المشعبو من ذلك قوله رضي الله عنه :
إلى قوله :
و قد كان في أمر الصحيفة عبرة *** متى ما تخبر غائب القوم يعجب
محا الله منها كفرهم و عيوبهم *** و ما نقموا من باطل الحق مقرب
فكذب ما قالوا من الأمر باطلا *** و من يختلق ما ليس بالحق يكذب
و أمسى ابن عبد الله فينا مصدقا *** على سخط من قومنا غير معتب
فلا تحسبونا مسلمين محمدا *** لذي غربة منا و لا متغرب
ستمنعه منا يد هاشمية *** مركبها في الناس غير مركب
و قال أيضا رضي الله عنه يحض حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه على اتباع رسول الله (ص) و الصبر على طاعته و الثبات على دينه :
فصبرا أبا يعلى على دين أحمد *** و كن مظهرا للدين وفقت صابرا
نبي أتى بالدين من عند ربه *** بصدق و حق لا تكن حمز كافرا
فقد سرني إذ قلت لبيك مؤمنا *** فكن لرسول الله في الدين ناصرا
و ناد قريشا بالذي قد أتيته *** جهارا و قل ما كان أحمد ساحرا
و ليس وراء هذه الشهادة و الإقرار بالنبوة و الحث على اعتقادها بيان في إيمانه و لا بعده شبهة و ليس غير ذلك إلا العناد و رفع الاضطرار نعوذ بالله من الخذلان .
و من ذلك قوله رضي الله تعالى عنه :
و من ذلك قوله رضي الله تعالى عنه :
إذا قيل من خير هذا الورى *** قبيلا و أكرمهم أسرة
أناف بعبد مناف أبي *** أبو نضلة هاشم الغرة
و قد حل مجد بني هاشم *** مكان النعائم و الزهرة
و خير بني هاشم أحمد *** رسول المليك على فترة
و
هذا مطابق لقوله تعالى قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ .
فإن لم يكن في ذلك شهادة للنبي (ص) بالنبوة فليس في ظاهر الآية شهادة و هذا ما لا يرتكبه عاقل له معرفة بأدنى معرفة أهل اللسان .
و منه قوله في ذكر الآيات للنبي (ص) و دلالة و قول بحيراء الراهب فيه و ذلك أن أبا طالب رضي الله عنه لما أراد الخروج إلى الشام ترك رسول الله (ص) إشفاقا عليه و لم يعمل على استصحابه فلما ركب أبو طالب رضي الله تعالى عنه بلغه ذلك فتعلق رسول الله (ص) بالناقة و بكى و ناشده الله في إخراجه معه فرق له أبو طالب و أجابه إلى استصحابه .
فلما خرج معه أظلته الغمامة و لقيه بحيراء الراهب فأخبره بنبوته و ذكر لهم البشارة في الكتب الأولى فقال أبو طالب رضي الله تعالى عنه
إن الأمين محمدا في قومه عندي يفوق منازل الأولادلما تعلق بالزمام ضممته و العيس قد قلصن بالأزواد
حتى إذا ما القوم بصرى عاينوا لاقوا على شرف من المرصادحبرا فأخبرهم حديثا صادقا عنه و رد معاشر الحساد
و منه قوله رضي الله عنه و قد حضرته الوفاة في وصيته لرسول الله (ص)
أوصي بنصر النبي الخير مشهده عليا ابني و شيخ القوم عباساو حمزة الأسد الحامي حقيقته و جعفرا ليذودوا دونه البأسا
و من ذلك قوله رحمه الله تعالى :
فإن لم يكن في ذلك شهادة للنبي (ص) بالنبوة فليس في ظاهر الآية شهادة و هذا ما لا يرتكبه عاقل له معرفة بأدنى معرفة أهل اللسان .
و منه قوله في ذكر الآيات للنبي (ص) و دلالة و قول بحيراء الراهب فيه و ذلك أن أبا طالب رضي الله عنه لما أراد الخروج إلى الشام ترك رسول الله (ص) إشفاقا عليه و لم يعمل على استصحابه فلما ركب أبو طالب رضي الله تعالى عنه بلغه ذلك فتعلق رسول الله (ص) بالناقة و بكى و ناشده الله في إخراجه معه فرق له أبو طالب و أجابه إلى استصحابه .
فلما خرج معه أظلته الغمامة و لقيه بحيراء الراهب فأخبره بنبوته و ذكر لهم البشارة في الكتب الأولى فقال أبو طالب رضي الله تعالى عنه
إن الأمين محمدا في قومه عندي يفوق منازل الأولادلما تعلق بالزمام ضممته و العيس قد قلصن بالأزواد
حتى إذا ما القوم بصرى عاينوا لاقوا على شرف من المرصادحبرا فأخبرهم حديثا صادقا عنه و رد معاشر الحساد
و منه قوله رضي الله عنه و قد حضرته الوفاة في وصيته لرسول الله (ص)
أوصي بنصر النبي الخير مشهده عليا ابني و شيخ القوم عباساو حمزة الأسد الحامي حقيقته و جعفرا ليذودوا دونه البأسا
و من ذلك قوله رحمه الله تعالى :
أبيت بحمد الله ترك محمد *** بمكة أسلمه لشر القبائل
و قال لي الأعداء قاتل عصابة *** أطاعوه و ابغهم جميع الغوائل
إلى قوله :
أقيم على نصر النبي محمد *** أقاتل عنه بالقنا و الذوابل
و منه أيضا قوله يحض النجاشي على نصر النبي (ص) :
تعلم مليك الحبش أن محمدا نبي *** كموسى و المسيح ابن مريم
أتى بهدى مثل الذي أتيا به *** فكل بأمر الله يهدي و يعصم
و إنكم تتلونه في كتابكم *** بصدق حديث لا حديث المبرجم
و إنك ما تأتيك مني عصابة *** بفضلك إلا عاودوا بالتكرم
فلا تجعلوا لله ندا و أسلموا *** فإن طريق الحق ليس بمظلم
و في هذا الشعر من التوحيد و الإسلام ما لا يمكن دفعه مسلما .
و من ذلك قوله رضي الله تعالى عنه لجعفر ابنه و قد أمر بالصلاة مع النبي (ص) صل يا بني جناح ابن عمك ففعل فلما رأى إجابته له أنشأ يقول :
و من ذلك قوله رضي الله تعالى عنه لجعفر ابنه و قد أمر بالصلاة مع النبي (ص) صل يا بني جناح ابن عمك ففعل فلما رأى إجابته له أنشأ يقول :
إن عليا و جعفرا ثقتي *** عند ملم الخطوب و الكرب
و الله لا أخذل النبي *** و لا يخذله من بني ذو حسب
لا تخذلا و انصرا ابن عمكما *** أخي لأمي من دونهم و أبي
فهذا القول في خاتمة أمره وفاقا لما سلف منه في مضي زمانه و حياته و هو محض التصديق حقيقة الإيمان و صريح الإسلام و إيمانه بالله تعالى .
و له من بعد هذا أبيات في المعنى المتقدم يطول بها التقصاص منها قوله في قصيدة ميمية له و قد عدد آيات النبي (ص) :
و له من بعد هذا أبيات في المعنى المتقدم يطول بها التقصاص منها قوله في قصيدة ميمية له و قد عدد آيات النبي (ص) :
فذلك من إعلامه و بيانه *** و ليس نهار واضح كظلام
و قوله في قصيدته الدالية :
فما يرجوا حتى رووا من محمد *** أحاديث تجلوا غم كل فؤاد
فأما دليل توحيده لله عز و جل فمن كلامه المشهور و مقاله المعروف أكثر من أن يحصى و قد تقدم منه مما كتبناه ما سنلحقه بأمثاله له في معناه على سبيل الاختصار إن شاء الله .
فمن ذلك قوله في قصيدة طويلة :
فمن ذلك قوله في قصيدة طويلة :
مليك الناس ليس له شريك *** هو الوهاب و المبدي المعيد
و من فوق السماء له ملاك *** و من تحت السماء له عبيد
فأقر لله تعالى بالتوحيد و خلع الأنداد من دونه و أنه يعيد بعد الإبداء و ينشئ خلقه نشأة أخرى و بهذا المعنى فارق المسلمون أهل الجاهلية و باينهم فيما كانوا عليه من خلاف التوحيد و الملة .
و له أيضا في قصيدة بائية :
و له أيضا في قصيدة بائية :
فو الله لو لا الله لا شيء غيره *** لأصبحتم لا تملكون لنا شربا
و أشباه ذلك و نظائره مما هو موجود في نظمه و نثره و في وصاياه و سجعه في خطبه و كلامه المدون له في البلاغة و الحكمة و إيراد جميعه يطول و فيما أثبتناه منه كفاية و من دلائل إيمانه برسول الله (ص) كفاية و بلاغ و الحمد لله رب العالمين و صلواته على سيدنا محمد و آله الطاهرين .
تمت الرسالة من تأليفات الشيخ المقدم و الإمام المكرم الفقيه المفيد محمد بن محمد بن النعمان رضوان الله تعالى عليه و كان ذلك بعد العصر من يوم الجمعة أول أول الربيعين سنة ست و ثمانين و تسعمائة بالمسجد الجامع الكبير بأصفهان بتوفيق الله تعالى
تمت الرسالة من تأليفات الشيخ المقدم و الإمام المكرم الفقيه المفيد محمد بن محمد بن النعمان رضوان الله تعالى عليه و كان ذلك بعد العصر من يوم الجمعة أول أول الربيعين سنة ست و ثمانين و تسعمائة بالمسجد الجامع الكبير بأصفهان بتوفيق الله تعالى
تعليق