الفصل 8
(فتاة حمراء الشعر)
(فتاة حمراء الشعر)
كان لي صاحب معي في كليتنا ببغداد ؛ وليس صديقا لان الصاحب قد لا يكون صديقا كما في صاحبي السجن ليوسف عليه السلام:
يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ [1]
؛و هناك فرق وتفاوت بين درجات الوثاقة بين الاصدقاء ولابد ان نجعل الفرق واضحا في تعاملنا مع كل واحد منهم ؛ كما قال امير المؤمنين عليه السلام في هذه الرواية المباركة :
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: قَامَ رَجُلٌ بِالْبَصْرَةِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام فَقَالَ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ أَخْبِرْنَا عَنِ الإِخْوَانِ فَقَالَ:
الإِخْوَانُ صِنفَانِ إِخْوَانُ الثقَةِ وَ إِخْوَانُ المُكَاشَرَةِ فَأَمَّا إِخْوَانُ الثقَةِ فَهُمُ:
الكَفُّ وَ الجَنَاحُ وَ الأَهْلُ وَ المَالُ فَإِذَا كُنتَ مِنْ أَخِيكَ عَلَى حَدِّ الثقَةِ فَابْذلْ لَهُ مَالَكَ وَ بَدَنَكَ وَ صَافِ مَنْ صَافَاهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ وَ اكْتُمْ سِرَّهُ وَ عَيْبَهُ وَ أَظهِرْ مِنْهُ الحَسَنَ وَ اعلَمْ أَيُّهَا السَّائِلُ أَنهُمْ أَقَلُّ مِنَ الكِبْرِيتِ الأَحْمَرِ؛
وَ أَمَّا إِخْوَانُ المُكَاشَرَةِ:
فَإِنَّكَ تُصِيبُ لَذَّتَكَ مِنْهُمْ فَلا تَقطَعَنَّ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَ لا تَطلبَنَّ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ مِنْ ضَمِيرِهِمْ وَ ابْذلْ لَهُمْ مَا بَذَلوا لَكَ مِنْ طَلاقَةِ الوَجْهِ وَ حَلاوَةِ اللسَانِ.[2](انتهى)
؛فقال لي صاحبي يوما سيد هل تعرف (فلانه)؟؟
قلت لا!! ومن هذه الفتاة ؟؟
قال معك في نفس القاعة منذ ثلاث سنين0
قلت: لا والله ابداً ما رأيتها ا!
ونحن نتحدث صرخ صاحبي انظر- انظر- بسرعة هي هذه! الغزالة المبحوث عنها
واشار الى فتاة حمراء الشعر والوجه ؛ وكانت غير محجبة تماما وقال هذه من مدينتك تسكن في الكوفة ؛ حاول ان ترتبط بها لكي تستطيع ان تذهب معها في كل ليلة جمعة من بغداد الى الكوفة وانت جالس جنب الى جنبها في السيارة وتقضي معها اوقات ممتعة في الطريق ثم واعدها للعودة الى بغداد معا .
قلت له:
معاذ الله ؛ ابدا لا اكون احمقا بسماع وسوستك لاني احب ان أحفظ نفسي طاهرا عفيفا كما احب ان اتزوج بنة طاهرة عفيفة ؛ ارجوك اتركني ولا تعد لمثل هذه الاقتراحات الشيطانية ويكفيني ما انا فيه من الوساوس.
وكلما عدت من الجامعة للقسم الداخلي كنت اشعر بهجمة الوساوس من المناظر التي كانت تصادفني فكنت اقول :
السلام عليكم اهل البيت كم قلتم رُب نظرة زرعت شهوة ؛ ورب نظرة جلبت حسرة. ؛ والنظرة سهم من سهام ابليس0 وفي رواية اخرى غضوا ابصاركم ترون العجائب
وقد قال الامام الصادق عليه السلام:
ما اغتنم أحد بمثل مااغتنم بغض البصر لأن البصر لا يغض عن محارم الله تعالى إلا و قد سبق إلى قلبه مشاهدة العظمة و الجلال ؛سئل أمير المؤمنين عليه السلام بما ذا يستعان على غض البصر؟؟؟
فقال عليه السلام:
بالخمود تحت السلطان المطلع على سرك والعين جاسوس القلوب و بريد العقل فغض بصرك عما لا يليق بدينك و يكرهه قلبك و ينكره عقلك؛ قال النبي صلى الله عليه واله:
غضوا أبصاركم ترون العجائب
قال الله تعالى:
قُلْ لِلمُؤْمِنِينَ يَغضوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَ يَحفَظُوا فُرُوجَهُمْ(النور)
و قال عيسى ابن مريم عليه السلام للحواريين:
إياكم و النظر إلى المحذورات فإنها بذر الشهوات و بنات الفسق .
قال يحيى عليه السلام: الموت أحب إلي من نظرة بغيرواجب[3] .
[1] يوسف: 39.
[2] الكافي: ج 2 ص 248.
[3] مصباح الشريعة ص : 10
اترك تعليق: