موت القلب
عن أبي عبد الله(ع) عن أبيه(ع)، قال: قال رسول الله(ص): أربع يمتن القلب، الذنب على الذنب، وكثرة مناقشة النساء يعني محادثتهن، ومماراة الأحمق، فتقول ولا يرجع إلى خير أبداً، ومجالسة الموتى، فقيل: يا رسول الله: وما الموتى؟ قال(ص): كل غني مترف.
إن المستفاد من الآيات القرآنية الشريفة، والنصوص المعصومية المباركة، أن القلب الإنساني ينقسم إلى ثلاثة أقسام بحسب الحالات الطارئة عليه:
1-القلب السليم
2-القلب المريض.
3-القلب الميت.
ولا يخفى أنه لا يقصد من القلب في هذه النصوص، العضو الصنوبري الذي يوجد في الجانب الأيسر من صدر الإنسان، ويتولى عملية ضخ الدم، بل يتردد أن المقصود منه إما الروح، أو العقل. ولا يهمنا الآن تحديد المقصود منه، وأنه الروح أو العقل، فإن لذلك مجاله، وليس هذا محل طرحه والتعرض له، بل ما يهمنا هو الإشارة إلى الحالات التي تعتور القلب الإنساني، كي ما يكون متصفاً بصفة السلامة، فيقال قلب سليم، أو بصفة المرض، فيقال قلب مريض، أو بصفة الموت فيقال قلب ميت.
ومن المعلوم أن تحقق أحد هذه الصفات الثلاث، السلامة أو المرض أو الموت، يتوقف على تحقق معطياتها وموجباته، بمعنى أن هناك أسباباً وظروفاً خاصة لابد من توفرها حتى يوجد وصف السلامة، أو المرض أو الموت، فلو لم توجد، فلن توجد الصفة المذكورة.
وقد تضمنت الرواية التي أفتـتحنا بها المقام عرضاً للأسباب التي توجب اتصاف القلب الإنساني بصفة الموت، فيقال أنه قلب ميت، فعرضت إلى أربعة أمور، ولا يبعد أن ما ذكر فيها ليس على نحو الحصر الحقيقي، إذ من الممكن وجود أسباب أخرى، وربما كان الداعي لعرض هذه الأمور كونها أبرز الموارد التي تحقق ذلك.
وكيف كان، فإن الأمور الأربعة المعروضة في الرواية هي:
الأول: الذنب على الذنب: إن العادة جارية على أن إقدام الإنسان على الذنب يكون ناجماً عن حالة من الغفلة تصيبه، فتنسيه الآخرة وما فيها من نعيم وعقاب، كما أن موجب إقدامه على المعصية غالباً اشتغاله بسكرة الذنب والشهوة، إلا أن الغالب في مثله أنه عندما يفيق من سكرة الذنب يؤوب إلى رشده، ويراجع نفسه، ويستفيق من غفلته، فيتوب إلى ربه تعالى، ويسأله العفو عنه، نعم قد تصيبه حالة الغفلة مرة ثانية، فيقع في الذنب من جديد، إلا أن ما نود التنبيه عليه أنه ما بين الذنبين قد تاب واستغفر، فإقدامه على الذنب مرة ثانية لم يكن مع بقائه على الذنب الأول، بل كان إقدامه عليه بعدما كان قد ترك الذنب السابق بتوبة منه.
إلا أن هناك حالات قد تكون قليلة، بل ربما نادرة، ألا يكون بين الذنبين توبة أبداً، بحيث يقدم العبد على فعل المعصية، وارتكاب الخطيئة، وعوضاً عن أن يقدم على التوبة والاستغفار، فإنه يعود إلى ارتكاب ذنب جديد، من دون أن يتوب من ذنبه السابق، فيقع الذنب الثاني تالياً للذنب الأول، وليس بينهما فصل بتوبة، وهذا هو الذي تتعرض له الرواية الشريفة، فإنها تشير إلى أن تراكم الذنوب بعضها على بعض من دون أن يفرق بينها بتوبة سبب رئيس إلى موت القلب.
وبالجملة، إن صدور المعصية من الإنسان متلاحقة دونما تجديد منه للتوبة، يؤدي إلى موت القلب.
الثاني: كثرة مناقشة النساء: ولا يخفى أنه ليس المقصود من النساء في هذا العنوان مطلق النساء، إذ أن الرجل لا ينفك عن الحديث إليهن، لأن من بين النساء أمه، وأخته، وزوجته، وابنته، بل حتى المرأة الأجنبية ليست مقصودة بصورة مطلقة، فإن من الممكن تواجد المرأة مع الرجل في مجال العمل مما يؤدي إلى دوران الحديث بينهما كالطبيب والممرضة على سبيل المثال، وهذا يعني أن هناك قرائن حالية، تشير إلى أن المقصود ليس مطلق النساء، بل المقصود من ذلك هي المرأة الأجنبية، وليس المقصود أيضاً مطلق الحديث إليها لما عرفت من استدعاء بعض المواقف وقوع الحديث بينهما، بل يقصد من ذلك الحديث مع المرأة الأجنبية من دون وجود سبب داعٍ إلى ذلك، أو كون الحديث أبعد مما يسوغ فيه الحديث، فالمرأة التي تركب مع السائق الأجنبي مثلاً ينبغي أن يقتصر حديثها معه في حدود حاجتها إلى ذلك، أما أن تعمد إلى إدارة الحديث معه، والتدخل في جملة من الشؤون الخاصة، وتقوم بتجاذب أطراف الحديث وإياه، فهذا أحد مصاديق محادثة النساء التي توجب موت القلب، وكذا أيضاً المرأة التي تتصل هاتفياً على شخص كي ما تستشيره، أو تسأل منه، فيتعدى ذلك إلى بعض الأحاديث الجانبية، ويتضمن ذلك ترقيقاً في الصوت، أو غير ذلك، فإنه يسبب موت القلب.
الثالث: المماراة مع الأحمق: ولا يخفى أن المقصود من الأحمق هو كل من يفتقد إلى الاتزان في التصرفات والأفعال والأقوال، أعني من لا يكون ضابطاً لحيثيات الأمور، فيقدم على أعمال لا ينبغي أن تصدر منه، ولهذا نجده يأسف على ما بدر منه، ويتمنى لو أنها ما صدرت عنه. ونماذجه كثيرة، ولسنا بصدد تعداد تلك المصاديق، فإن لذلك محله، وما يهمنا في المقام هو الإشارة إلى أنه(ص) قد ذكر أن أحد الأسباب الموجبة لإصابة القلب بالموت المماراة مع الأحمق، وقد فسرت بأن المقصود منها الدخول معه في مناقشة إلا أنها لا تنتهي إلى إيجابية، فلا تثمر خيراً أبداً.
الرابع: مجالسة الموتى: وقد عرف(ص) الموتى وقد سأل عن المقصود منهم، فقال هم الأغنياء المترفون.
والظاهر أن ذلك يعود لكونهم مبتعدين عن عالم الآخرة، قد شغلتهم الدنيا، والأموال، فنسوا ذكر الله تعالى.
عن أبي عبد الله(ع) عن أبيه(ع)، قال: قال رسول الله(ص): أربع يمتن القلب، الذنب على الذنب، وكثرة مناقشة النساء يعني محادثتهن، ومماراة الأحمق، فتقول ولا يرجع إلى خير أبداً، ومجالسة الموتى، فقيل: يا رسول الله: وما الموتى؟ قال(ص): كل غني مترف.
إن المستفاد من الآيات القرآنية الشريفة، والنصوص المعصومية المباركة، أن القلب الإنساني ينقسم إلى ثلاثة أقسام بحسب الحالات الطارئة عليه:
1-القلب السليم
2-القلب المريض.
3-القلب الميت.
ولا يخفى أنه لا يقصد من القلب في هذه النصوص، العضو الصنوبري الذي يوجد في الجانب الأيسر من صدر الإنسان، ويتولى عملية ضخ الدم، بل يتردد أن المقصود منه إما الروح، أو العقل. ولا يهمنا الآن تحديد المقصود منه، وأنه الروح أو العقل، فإن لذلك مجاله، وليس هذا محل طرحه والتعرض له، بل ما يهمنا هو الإشارة إلى الحالات التي تعتور القلب الإنساني، كي ما يكون متصفاً بصفة السلامة، فيقال قلب سليم، أو بصفة المرض، فيقال قلب مريض، أو بصفة الموت فيقال قلب ميت.
ومن المعلوم أن تحقق أحد هذه الصفات الثلاث، السلامة أو المرض أو الموت، يتوقف على تحقق معطياتها وموجباته، بمعنى أن هناك أسباباً وظروفاً خاصة لابد من توفرها حتى يوجد وصف السلامة، أو المرض أو الموت، فلو لم توجد، فلن توجد الصفة المذكورة.
وقد تضمنت الرواية التي أفتـتحنا بها المقام عرضاً للأسباب التي توجب اتصاف القلب الإنساني بصفة الموت، فيقال أنه قلب ميت، فعرضت إلى أربعة أمور، ولا يبعد أن ما ذكر فيها ليس على نحو الحصر الحقيقي، إذ من الممكن وجود أسباب أخرى، وربما كان الداعي لعرض هذه الأمور كونها أبرز الموارد التي تحقق ذلك.
وكيف كان، فإن الأمور الأربعة المعروضة في الرواية هي:
الأول: الذنب على الذنب: إن العادة جارية على أن إقدام الإنسان على الذنب يكون ناجماً عن حالة من الغفلة تصيبه، فتنسيه الآخرة وما فيها من نعيم وعقاب، كما أن موجب إقدامه على المعصية غالباً اشتغاله بسكرة الذنب والشهوة، إلا أن الغالب في مثله أنه عندما يفيق من سكرة الذنب يؤوب إلى رشده، ويراجع نفسه، ويستفيق من غفلته، فيتوب إلى ربه تعالى، ويسأله العفو عنه، نعم قد تصيبه حالة الغفلة مرة ثانية، فيقع في الذنب من جديد، إلا أن ما نود التنبيه عليه أنه ما بين الذنبين قد تاب واستغفر، فإقدامه على الذنب مرة ثانية لم يكن مع بقائه على الذنب الأول، بل كان إقدامه عليه بعدما كان قد ترك الذنب السابق بتوبة منه.
إلا أن هناك حالات قد تكون قليلة، بل ربما نادرة، ألا يكون بين الذنبين توبة أبداً، بحيث يقدم العبد على فعل المعصية، وارتكاب الخطيئة، وعوضاً عن أن يقدم على التوبة والاستغفار، فإنه يعود إلى ارتكاب ذنب جديد، من دون أن يتوب من ذنبه السابق، فيقع الذنب الثاني تالياً للذنب الأول، وليس بينهما فصل بتوبة، وهذا هو الذي تتعرض له الرواية الشريفة، فإنها تشير إلى أن تراكم الذنوب بعضها على بعض من دون أن يفرق بينها بتوبة سبب رئيس إلى موت القلب.
وبالجملة، إن صدور المعصية من الإنسان متلاحقة دونما تجديد منه للتوبة، يؤدي إلى موت القلب.
الثاني: كثرة مناقشة النساء: ولا يخفى أنه ليس المقصود من النساء في هذا العنوان مطلق النساء، إذ أن الرجل لا ينفك عن الحديث إليهن، لأن من بين النساء أمه، وأخته، وزوجته، وابنته، بل حتى المرأة الأجنبية ليست مقصودة بصورة مطلقة، فإن من الممكن تواجد المرأة مع الرجل في مجال العمل مما يؤدي إلى دوران الحديث بينهما كالطبيب والممرضة على سبيل المثال، وهذا يعني أن هناك قرائن حالية، تشير إلى أن المقصود ليس مطلق النساء، بل المقصود من ذلك هي المرأة الأجنبية، وليس المقصود أيضاً مطلق الحديث إليها لما عرفت من استدعاء بعض المواقف وقوع الحديث بينهما، بل يقصد من ذلك الحديث مع المرأة الأجنبية من دون وجود سبب داعٍ إلى ذلك، أو كون الحديث أبعد مما يسوغ فيه الحديث، فالمرأة التي تركب مع السائق الأجنبي مثلاً ينبغي أن يقتصر حديثها معه في حدود حاجتها إلى ذلك، أما أن تعمد إلى إدارة الحديث معه، والتدخل في جملة من الشؤون الخاصة، وتقوم بتجاذب أطراف الحديث وإياه، فهذا أحد مصاديق محادثة النساء التي توجب موت القلب، وكذا أيضاً المرأة التي تتصل هاتفياً على شخص كي ما تستشيره، أو تسأل منه، فيتعدى ذلك إلى بعض الأحاديث الجانبية، ويتضمن ذلك ترقيقاً في الصوت، أو غير ذلك، فإنه يسبب موت القلب.
الثالث: المماراة مع الأحمق: ولا يخفى أن المقصود من الأحمق هو كل من يفتقد إلى الاتزان في التصرفات والأفعال والأقوال، أعني من لا يكون ضابطاً لحيثيات الأمور، فيقدم على أعمال لا ينبغي أن تصدر منه، ولهذا نجده يأسف على ما بدر منه، ويتمنى لو أنها ما صدرت عنه. ونماذجه كثيرة، ولسنا بصدد تعداد تلك المصاديق، فإن لذلك محله، وما يهمنا في المقام هو الإشارة إلى أنه(ص) قد ذكر أن أحد الأسباب الموجبة لإصابة القلب بالموت المماراة مع الأحمق، وقد فسرت بأن المقصود منها الدخول معه في مناقشة إلا أنها لا تنتهي إلى إيجابية، فلا تثمر خيراً أبداً.
الرابع: مجالسة الموتى: وقد عرف(ص) الموتى وقد سأل عن المقصود منهم، فقال هم الأغنياء المترفون.
والظاهر أن ذلك يعود لكونهم مبتعدين عن عالم الآخرة، قد شغلتهم الدنيا، والأموال، فنسوا ذكر الله تعالى.
تعليق