أمر الله عزوجل نبيه صلّى الله عليه وآله بقوله ( وأنذر عشيرتك الاقربين ) (1) .
( وأمر أهلك بالصلاة ) (2) .
وفي أمره بأمرهم بذلك على الخصوص نظراً الى أن الاهل أحق بالشفقة ايماء الى المطلوب .
والسر في البدأة في بعض هذه الايات بذكر الوالدين : أن حق ذوي القربى كالتابع لحقهما ، لتفرع اتصالهم عليهما . ضرورة ان الانسان انما يتصل به اقرباؤه بواسطة اتصالهما .
وكذا السر في تقديم ذكرهم : انهم أولى بالشفقة ، فان القرابة مظنة الاتحاد والالفة والرعاية والنصرة ، فلو لم يحصل شيء من ذلك لكان أشق على القلب وأبلغ في الايلام . والضرر كلما كان أقوى كان دفعه أوجب ، فلهذا وجبت رعاية حقوق أولي الارحام .
وأما الاخبار الناطقة بذلك :
فمنها ما رواه الثقة الجليل محمد بن يعقوب الكليني في الكافي باسناده عن جميل بن دراج قال : سألت ابا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزوجل (واتقوا الله الذي تسائلون به والارحام ان الله كان عليكم رقيباً ) (1) . قال : فقال هي ارحام الناس ، ان الله عزوجل أمر بصلتها وعظمها ، ألا ترى انه جعلها منه .
قلت : اراد عليه السلام بالامر بصلتها الامر على سبيل الوجوب ، ويلزم منه أن يكون المعنى اتقوا الارحام أن تقطعوها ، عن ابن عباس وقتادة ومجاهد والضحاك ، وهو المروي عن ابي جعفر عليه السلام . فعلى هذا يكون « الأرحام » منصوباً عطفاً على اسم الله .
وآخر الاية يجري مجرى الوعد والوعيد والترهيب والترغيب فان الرقيب هو المراقب الذي يحفظ جميع الافعال ، ومن هذه صفته يجب أن يخاف ويرجى .
وروى أيضاً الثقة المذكور باسناده عن ابن أبي عمير عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( الذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ) (2) نزلت في رحم آل محمّد عليه وعليهم السلام ، وقد تكون في قرابتك . ثم قال : ولا تكونن ممن يقول للشيء انه في شيء واحد .
قلت : لعله عليه السلام يشير بذلك الى أنه لا عبرة بخصوص سبب النزول ، وانما العبرة بعموم اللفظ ، وحينئذ لا يبعد الاستدلال بذلك على الترغيب في صلة مطلق القرابة حتى النائية بسبب الايمان .
وروى أيضاً باسناده عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام مثله .
وباسناده عن محمّد بن فضيل الصيرفي عن الرضا عليه السلام مثله أيضاً .
وباسناده عن حنان بن سدير عن أبيه عن ابي جعفر عليه السلام قال : قال ابوذر رحمه الله : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول : حافتا الصراط (1) يوم القيامة الرحم والامانة ، فاذا مر الوصول للرحم المؤدي للامانة نفذ الى الجنة ، واذا مر الخائن للامانة القطوع للرحم لم ينفعه معهما عمل ويكبونه في النار (2) وباسناده عن يونس بن عمار قال : قال ابوعبد الله عليه السلام : أول ناطق من الجوارح يوم القيامة الرحم ، تقول : يا رب من وصلني في الدنيا فصل اليوم ما بينك وبينه ، ومن قطعني في الدنيا فاقطع اليوم ما بينك وبينه . باسناده عن النبي صلّى الله عليه وآله قال : قال الله تعالى : أنا الرحمن ، خلقت الرحم وشققت لها اسماً من اسمي ، فمن وصلها وصلته ومن قطعها بتته .
قال : وفي أمثال هذا الخبر كثرة .
قلت : أراد بذلك أنه بمنزلة التواتر معنى .
وباسناده عن الاصبغ بن نباتة عن امير المؤمنين عليه السلام قال : ان احدكم ليغضب فما يرضى حتى يدخل به النار ، فأيما رجل غضب على رحمه فليمسنه ، فان الرحم اذا مستها الرحم استقرت ، وانها معلقة بالعرش تنادي : اللهم صل من وصلني واقطع من قطعني .
قلت : لا ينافي ذلك مارواه الصدوق في عيون اخبار الرضا عن ابيه موسى عليهما السلام قال : أخبرني أبي عن آبائه عن جدي عن رسول الله صلّى الله عليه وآله قال : الرحم اذا مستها الرحم تحركت واضطربت .
وذلك لان استقرارها من الغضب وزوال سورته عنها انما هو تحرك الدم واضطراب العروق الناشئين من المس المثمرين للرقة .
وروى ابو علي الفضل بن الحسن الطبرسي في مجمع البيان باسناده عن النبي صلّى الله عليه وآله قال : قال الله تعالى : أنا الرحمن ، خلقت الرحم وشققت لها اسماً من اسمي ، فمن وصلها وصلته ومن قطعها بتته .
قال : وفي أمثال هذا الخبر كثرة .
قلت : أراد بذلك أنه بمنزلة التواتر معنى .
وباسناده عن الاصبغ بن نباتة عن امير المؤمنين عليه السلام قال : ان احدكم ليغضب فما يرضى حتى يدخل به النار ، فأيما رجل غضب على رحمه فليمسنه ، فان الرحم اذا مستها الرحم استقرت ، وانها معلقة بالعرش تنادي : اللهم صل من وصلني واقطع من قطعني .
قلت : لا ينافي ذلك مارواه الصدوق في عيون اخبار الرضا عن ابيه موسى عليهما السلام قال : أخبرني أبي عن آبائه عن جدي عن رسول الله صلّى الله عليه وآله قال : الرحم اذا مستها الرحم تحركت واضطربت .
وذلك لان استقرارها من الغضب وزوال سورته عنها انما هو تحرك الدم واضطراب العروق الناشئين من المس المثمرين للرقة .
قال الله تعالى : ( ووصينا الانسان بوالديه حسناً وان جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما ) (1) .
( وبالوالدين احساناً وذي القربى ) (2) .
( ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى ) (3) .
( قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والاقربين ) (4) .
( الا ترك خيراً الوصية للوالدين والاقربين ) (5) .
( وآتى المال على حبه ذوي القربى ) (6) .
( ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى ) (7) .
( وأولو الارحام بعضهم اولى ببعض ) (8) .
ومن ذلك الامر بالشكر للوالدين في قوله جل ثناؤه ( أن اشكر لي ولوالديك ) (9) .
____________
(1) سورة العنكبوت : 8 .
(2) سورة البقرة : 82 .
(3) سورة النحل : 90 .
(4) سورة البقرة : 215 .
(5) سورة البقرة : 180 .
(6) سورة البقرة : 177 .
(7) سورة النور : 22 .
(8) سورة الانفال : 75 .
(9) سورة لقمان : 14 .
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
الشيخ حسن بن علي بن عبد العالي
الكركي العاملي
( وأمر أهلك بالصلاة ) (2) .
وفي أمره بأمرهم بذلك على الخصوص نظراً الى أن الاهل أحق بالشفقة ايماء الى المطلوب .
والسر في البدأة في بعض هذه الايات بذكر الوالدين : أن حق ذوي القربى كالتابع لحقهما ، لتفرع اتصالهم عليهما . ضرورة ان الانسان انما يتصل به اقرباؤه بواسطة اتصالهما .
وكذا السر في تقديم ذكرهم : انهم أولى بالشفقة ، فان القرابة مظنة الاتحاد والالفة والرعاية والنصرة ، فلو لم يحصل شيء من ذلك لكان أشق على القلب وأبلغ في الايلام . والضرر كلما كان أقوى كان دفعه أوجب ، فلهذا وجبت رعاية حقوق أولي الارحام .
وأما الاخبار الناطقة بذلك :
فمنها ما رواه الثقة الجليل محمد بن يعقوب الكليني في الكافي باسناده عن جميل بن دراج قال : سألت ابا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزوجل (واتقوا الله الذي تسائلون به والارحام ان الله كان عليكم رقيباً ) (1) . قال : فقال هي ارحام الناس ، ان الله عزوجل أمر بصلتها وعظمها ، ألا ترى انه جعلها منه .
قلت : اراد عليه السلام بالامر بصلتها الامر على سبيل الوجوب ، ويلزم منه أن يكون المعنى اتقوا الارحام أن تقطعوها ، عن ابن عباس وقتادة ومجاهد والضحاك ، وهو المروي عن ابي جعفر عليه السلام . فعلى هذا يكون « الأرحام » منصوباً عطفاً على اسم الله .
وآخر الاية يجري مجرى الوعد والوعيد والترهيب والترغيب فان الرقيب هو المراقب الذي يحفظ جميع الافعال ، ومن هذه صفته يجب أن يخاف ويرجى .
وروى أيضاً الثقة المذكور باسناده عن ابن أبي عمير عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( الذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ) (2) نزلت في رحم آل محمّد عليه وعليهم السلام ، وقد تكون في قرابتك . ثم قال : ولا تكونن ممن يقول للشيء انه في شيء واحد .
قلت : لعله عليه السلام يشير بذلك الى أنه لا عبرة بخصوص سبب النزول ، وانما العبرة بعموم اللفظ ، وحينئذ لا يبعد الاستدلال بذلك على الترغيب في صلة مطلق القرابة حتى النائية بسبب الايمان .
وروى أيضاً باسناده عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام مثله .
وباسناده عن محمّد بن فضيل الصيرفي عن الرضا عليه السلام مثله أيضاً .
وباسناده عن حنان بن سدير عن أبيه عن ابي جعفر عليه السلام قال : قال ابوذر رحمه الله : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول : حافتا الصراط (1) يوم القيامة الرحم والامانة ، فاذا مر الوصول للرحم المؤدي للامانة نفذ الى الجنة ، واذا مر الخائن للامانة القطوع للرحم لم ينفعه معهما عمل ويكبونه في النار (2) وباسناده عن يونس بن عمار قال : قال ابوعبد الله عليه السلام : أول ناطق من الجوارح يوم القيامة الرحم ، تقول : يا رب من وصلني في الدنيا فصل اليوم ما بينك وبينه ، ومن قطعني في الدنيا فاقطع اليوم ما بينك وبينه . باسناده عن النبي صلّى الله عليه وآله قال : قال الله تعالى : أنا الرحمن ، خلقت الرحم وشققت لها اسماً من اسمي ، فمن وصلها وصلته ومن قطعها بتته .
قال : وفي أمثال هذا الخبر كثرة .
قلت : أراد بذلك أنه بمنزلة التواتر معنى .
وباسناده عن الاصبغ بن نباتة عن امير المؤمنين عليه السلام قال : ان احدكم ليغضب فما يرضى حتى يدخل به النار ، فأيما رجل غضب على رحمه فليمسنه ، فان الرحم اذا مستها الرحم استقرت ، وانها معلقة بالعرش تنادي : اللهم صل من وصلني واقطع من قطعني .
قلت : لا ينافي ذلك مارواه الصدوق في عيون اخبار الرضا عن ابيه موسى عليهما السلام قال : أخبرني أبي عن آبائه عن جدي عن رسول الله صلّى الله عليه وآله قال : الرحم اذا مستها الرحم تحركت واضطربت .
وذلك لان استقرارها من الغضب وزوال سورته عنها انما هو تحرك الدم واضطراب العروق الناشئين من المس المثمرين للرقة .
وروى ابو علي الفضل بن الحسن الطبرسي في مجمع البيان باسناده عن النبي صلّى الله عليه وآله قال : قال الله تعالى : أنا الرحمن ، خلقت الرحم وشققت لها اسماً من اسمي ، فمن وصلها وصلته ومن قطعها بتته .
قال : وفي أمثال هذا الخبر كثرة .
قلت : أراد بذلك أنه بمنزلة التواتر معنى .
وباسناده عن الاصبغ بن نباتة عن امير المؤمنين عليه السلام قال : ان احدكم ليغضب فما يرضى حتى يدخل به النار ، فأيما رجل غضب على رحمه فليمسنه ، فان الرحم اذا مستها الرحم استقرت ، وانها معلقة بالعرش تنادي : اللهم صل من وصلني واقطع من قطعني .
قلت : لا ينافي ذلك مارواه الصدوق في عيون اخبار الرضا عن ابيه موسى عليهما السلام قال : أخبرني أبي عن آبائه عن جدي عن رسول الله صلّى الله عليه وآله قال : الرحم اذا مستها الرحم تحركت واضطربت .
وذلك لان استقرارها من الغضب وزوال سورته عنها انما هو تحرك الدم واضطراب العروق الناشئين من المس المثمرين للرقة .
قال الله تعالى : ( ووصينا الانسان بوالديه حسناً وان جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما ) (1) .
( وبالوالدين احساناً وذي القربى ) (2) .
( ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى ) (3) .
( قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والاقربين ) (4) .
( الا ترك خيراً الوصية للوالدين والاقربين ) (5) .
( وآتى المال على حبه ذوي القربى ) (6) .
( ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى ) (7) .
( وأولو الارحام بعضهم اولى ببعض ) (8) .
ومن ذلك الامر بالشكر للوالدين في قوله جل ثناؤه ( أن اشكر لي ولوالديك ) (9) .
____________
(1) سورة العنكبوت : 8 .
(2) سورة البقرة : 82 .
(3) سورة النحل : 90 .
(4) سورة البقرة : 215 .
(5) سورة البقرة : 180 .
(6) سورة البقرة : 177 .
(7) سورة النور : 22 .
(8) سورة الانفال : 75 .
(9) سورة لقمان : 14 .
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
الشيخ حسن بن علي بن عبد العالي
الكركي العاملي
اعداد السيد أحمد الحسيني |
تعليق