كيف يختطف ابليس قلب الانسان ؟
قال الإمام الحسين عليه السلام: (وأحذركم الإصغاء إلى هتوف الشيطان بكم فإنه لكم عدو مبين، فتكونوا كأوليائه الذين قال لهم {لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني بريء منكم} فتلقون للسيوف ضربا، وللرماح وردا، وللعمد حطما، وللسهام غرضا، ثمم لا يقبل من نفس إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا).
لا يحتاج المؤمن إلى بيان عداوة الشيطان ولا يحتاج إلى معرفة طرق النجاة منه بعد أن صرح القرآن الكريم بذلك ما في قوله تعالى: {إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير}(سورة فاطر، الآية: 6).
ولكن لا بأس في التذكير بعداوة الشيطان والتحذير من حبائله لاسيما إذا عرفنا أن لإبليس طرقا خفية ومكائدا كثيرة وأفخاخا متعددة يصطاد بها من يغفل عنه، ولكي نقف على تحذيرات أهل البيت عليهم السلام ونواهيهم عن إتباع الشيطان لابد من ذكر ما ورد عنهم (صلوات الله عليهم أجمعين):
ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما يبين أن الشيطان عدو لا صلح معه ولا هدنه حينما يعظ ابن مسعود يقول: «يا بن مسعود، اتخذ الشيطان عدوا؛ فإن الله تعالى يقول: {إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا} (1)
وحذر أمير المؤمنين عليه السلام من الشيطان لما له من قدرة على اقتحام قلوب المؤمنين:«احذروا عدوا نفذ في الصدور خفيا، ونفث في الآذان نجيا»(2).
تخطف الشيطان
جاء عن الإمام الصادق عليه السلام ما يؤكد أن للشيطان أفخاخا ومكائد كما في قوله صلى الله عليه وآله وسلم:«لقد نصب إبليس حبائله في دار الغرور، فما يقصد فيها إلا أولياءنا»(3).
عَنْ الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السَّلام ) أنهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) : " بَيْنَمَا مُوسَى ( عليه السَّلام ) جَالِساً إِذْ أَقْبَلَ إِبْلِيسُ وَ عَلَيْهِ بُرْنُسٌ (4) ذُو أَلْوَانٍ .
فَلَمَّا دَنَا مِنْ مُوسَى ( عليه السَّلام ) خَلَعَ الْبُرْنُسَ ، وَ قَامَ إِلَى مُوسَى فَسَلَّمَ عَلَيْهِ .
فَقَالَ لَهُ مُوسَى : مَنْ أَنْتَ ؟
فَقَالَ : أَنَا إِبْلِيسُ ؟
قَالَ : أَنْتَ ! فَلَا قَرَّبَ اللَّهُ دَارَكَ .
قَالَ : إِنِّي إِنَّمَا جِئْتُ لِأُسَلِّمَ عَلَيْكَ لِمَكَانِكَ مِنَ اللَّهِ .
قَالَ : فَقَالَ لَهُ مُوسَى ( عليه السَّلام ) : فَمَا هَذَا الْبُرْنُسُ ؟
قَالَ : بِهِ أَخْتَطِفُ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ .
فَقَالَ مُوسَى : فَأَخْبِرْنِي بِالذَّنْبِ الَّذِي إِذَا أَذْنَبَهُ ابْنُ آدَمَ اسْتَحْوَذْتَ عَلَيْهِ ؟
قَالَ : إِذَا أَعْجَبَتْهُ نَفْسُهُ ، وَ اسْتَكْثَرَ عَمَلَهُ ، وَ صَغُرَ فِي عَيْنِهِ ذَنْبُهُ .
وَ قَالَ : قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِدَاوُدَ ( عليه السَّلام ) : يَا دَاوُدُ بَشِّرِ الْمُذْنِبِينَ ، وَ أَنْذِرِ الصِّدِّيقِينَ .
قَالَ : كَيْفَ أُبَشِّرُ الْمُذْنِبِينَ وَ أُنْذِرُ الصِّدِّيقِينَ ؟
قَالَ : يَا دَاوُدُ ، بَشِّرِ الْمُذْنِبِينَ أَنِّي أَقْبَلُ التَّوْبَةَ وَ أَعْفُو عَنِ الذَّنْبِ ، وَ أَنْذِرِ الصِّدِّيقِينَ أَلَّا يُعْجَبُوا بِأَعْمَالِهِمْ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ عَبْدٌ أَنْصِبُهُ لِلْحِسَابِ إِلَّا هَلَكَ " (5) .
مجاهدة الشيطان
بعد أن عرفنا مكائد الشيطان وحبائله وفتنه صار لزاما علينا مجاهدة هذا المخلوق الذي لا هم له إلا إيقاعنا في معصية الله تعالى، وهذا ما أكده الإمام الكاظم عليه السلام بقوله لما سئل عن أوجب الأعداء مجاهدة: «أقربهم إليك وأعداهم لك... ومن يحرض أعداءك عليك، وهو إبليس»(6).
فعدم الابتعاد عن الشيطان يوجب الوقوع في معصية الله تعالى بل يوجب الوقوع في شرك الطاعة وهذا الشرك هو أحد أنواع الشرك الذي قالت عنه الآية الكريمة: {وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم}( سورة لقمان، الآية: 13).
آثار طاعة الشيطان على الإنسان
لكل عمل أثر وضعي أو غير وضعي، وهكذا طاعة الشيطان فإن لها آثارا وخيمة وضعية أو غير وضعية كما في الزنا (على سبيل المثال) الذي يقع فيه الإنسان نتيجة وسوسة الشيطان وتزينه للزاني والزانية، نلاحظ أن الأثر الوضعي هو فساد الحرث والنسل والسقوط عن أعين الناس وغيرها من الآثار الوخيمة وأما الأثر الشرعي فهو الجلد لغير المحصن والرجم للمحصن وغير ذلك من الأمثلة التي لها آثار وضعية أو شرعية أو غير ذلك.
ولكي يتضح الأمر جليا لابد من التأمل فيما ورد عن أهل بيت الحكمة والعصمة عليهم السلام.
1 قوله تعالى: {يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون}(سورة الأعراف، الآية: 27).
يبين لنا ما حصل لأبوينا رغم أنهما لم يطيعوه في معصية، إذ إنهما خالفا الأمر الإرشادي الذي أمرهما الله تعالى به إلا أن طاعة الشيطان أخرجتهما عن الجنة وما فيها من روح وريحان إلى دنيا الألم والعذاب والكد والتعب.
يؤكد على أن الشيطان لا يريد للإنسان إلا أن يعيش قبيحا نجسا بعيدا عن كل ألوان الطهارة والحسن والجمال.
4 قوله تعالى: {كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين}(سورة الحشر، الآية: 16).
تشير هذه الآية الكريمة إلى خذلان الشيطان للإنسان الذي وقع في إغرائه، وتصرح بأن طاعته قد تؤدي إلى الخروج عن الدين في بعض الأحيان.
5 طاعة الشيطان توجب الوقوع في الزلل والخوض في الباطل، بل تلغي شخصية المؤمن ويحل إبليس بدلا عنها في أفعالها وأقوالها وهذا ما أكده أمير المؤمنين عليه السلام في ذم أتباع الشيطان: «اتخذوا الشيطان لأمرهم ملاكا، واتخذهم له أشراكا، فباض وفرخ في صدورهم، ودب ودرج في حجورهم، فنظر بأعينهم، ونطق بألسنتهم، فركب بهم الزلل، وزين لهم الخطل، فعل من قد شركه الشيطان في سلطانه، ونطق بالباطل على لسانه!» (7)
6 طاعة إبليس توجب الوقوع في الجرائم والكبائر حتى تصل إلى درجة الكفر .
7 طاعة إبليس توجب الاتصاف بكل رذيلة كالتكبر والحسد والبغي كما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: «يقول إبليس لجنوده: ألقوا بينهم الحسد والبغي؛ فإنهما يعدلان عند الله الشرك»
9 إتباع الشيطان يوجب ضرورة التابع من أوليائه وحزبه فينالهم الخوف كما في قوله تعالى: {إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين}( سورة آل عمران، الآية: 175).
لم يتمثّل الشيطان بصورة النبي(ص) و الاوصياء و شيعتهم
فقال له الرضا (ع) :ولقد حدثني أبي عن جدي عن أبيه (ع) : أنّ رسول الله (ص) قال : من رآني في منامه فقد رآني ، لأنّ الشيطان لا يتمثّل في صورتي ، ولا في صورة أحدٍ من أوصيائي ، ولا في صورة أحدٍ من شيعتهم .. وإن الرؤيا الصادقة جزءٌ من سبعين جزء من النبوة .
يدلّ الخبر على عدم تمثّل الشيطان في المنام ، بصورة النبي (ص) والأئمة ، بل بصورة شيعتهم أيضاً ، ولعله محمولٌ على خلّص شيعتهم كسلمان وأبي ذر والمقداد وأضرابهم .
وقد روى المخالفون أيضاً مثله بأسانيد عن ابن عمر ، وأبي هريرة ، وابن مسعود ، وجابر ، وأبي سعيد ، وأبي قتادة ، عن النبي (ص) برواية أبي داود ، والبخاري ، ومسلم ، والترمذي ، بألفاظٍ مختلفة ،
منها : من رآني في المنام فكأنما رآني في اليقظة ، ولا يتمثّل الشيطان بي .
ومنها : من رآني في المنام فقد رآني ، فإنّ الشيطان لا يتمثّل بي .
ومنها : من رآني في النوم فقد رآني ، فإنه لا ينبغي للشيطان أن يتمثّل في صورتي .. وفي روايةٍ : أن يتشبّه بي .
ومنها : من رآني فقد رأى الحقّ ، فإنّ الشيطان لا يتراءى بي .
وقال في النهاية : الحقّ ضدّ الباطل ، ومنه الحديث :
" من رآني فقد رأى الحق " ، أي رؤيا صادقة ليست من أضغاث الأحلام ، وقيل : فقد رآني حقيقة غير مشتبه .
المصادر:
1- مكارم الأخلاق: ج2، 2354، ح2660. ميزان الحكمة: ج5، ص1919 ــ 1920، ح9369
2- غرر الحكم: 2623. ميزان الحكمة: ج5، ص1920، ح9371
3- تحف العقول: ص301. ميزان الحكمة: ج5، ص1920، ح9375
4- مجمع البحرين : 4 / 52 ، للعلامة فخر الدين بن محمد الطريحي
5- الكافي : 2 / 314 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكُليني
6- تحف العقول: ص399. ميزان الحكة: ج5، ص1920، ح9370
7- نهج البلاغة: الخطبة 7. ميزان الحكمة: ج5، ص1922، ح9381.
8- الكافي: ج2، ص327، ح2. ميزان الحكمة: ج5، ص1927، ح9393.
9- العيون 2/257 ، أمالي الصدوق ص39
قال الإمام الحسين عليه السلام: (وأحذركم الإصغاء إلى هتوف الشيطان بكم فإنه لكم عدو مبين، فتكونوا كأوليائه الذين قال لهم {لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني بريء منكم} فتلقون للسيوف ضربا، وللرماح وردا، وللعمد حطما، وللسهام غرضا، ثمم لا يقبل من نفس إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا).
لا يحتاج المؤمن إلى بيان عداوة الشيطان ولا يحتاج إلى معرفة طرق النجاة منه بعد أن صرح القرآن الكريم بذلك ما في قوله تعالى: {إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير}(سورة فاطر، الآية: 6).
ولكن لا بأس في التذكير بعداوة الشيطان والتحذير من حبائله لاسيما إذا عرفنا أن لإبليس طرقا خفية ومكائدا كثيرة وأفخاخا متعددة يصطاد بها من يغفل عنه، ولكي نقف على تحذيرات أهل البيت عليهم السلام ونواهيهم عن إتباع الشيطان لابد من ذكر ما ورد عنهم (صلوات الله عليهم أجمعين):
ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما يبين أن الشيطان عدو لا صلح معه ولا هدنه حينما يعظ ابن مسعود يقول: «يا بن مسعود، اتخذ الشيطان عدوا؛ فإن الله تعالى يقول: {إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا} (1)
وحذر أمير المؤمنين عليه السلام من الشيطان لما له من قدرة على اقتحام قلوب المؤمنين:«احذروا عدوا نفذ في الصدور خفيا، ونفث في الآذان نجيا»(2).
تخطف الشيطان
جاء عن الإمام الصادق عليه السلام ما يؤكد أن للشيطان أفخاخا ومكائد كما في قوله صلى الله عليه وآله وسلم:«لقد نصب إبليس حبائله في دار الغرور، فما يقصد فيها إلا أولياءنا»(3).
عَنْ الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السَّلام ) أنهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) : " بَيْنَمَا مُوسَى ( عليه السَّلام ) جَالِساً إِذْ أَقْبَلَ إِبْلِيسُ وَ عَلَيْهِ بُرْنُسٌ (4) ذُو أَلْوَانٍ .
فَلَمَّا دَنَا مِنْ مُوسَى ( عليه السَّلام ) خَلَعَ الْبُرْنُسَ ، وَ قَامَ إِلَى مُوسَى فَسَلَّمَ عَلَيْهِ .
فَقَالَ لَهُ مُوسَى : مَنْ أَنْتَ ؟
فَقَالَ : أَنَا إِبْلِيسُ ؟
قَالَ : أَنْتَ ! فَلَا قَرَّبَ اللَّهُ دَارَكَ .
قَالَ : إِنِّي إِنَّمَا جِئْتُ لِأُسَلِّمَ عَلَيْكَ لِمَكَانِكَ مِنَ اللَّهِ .
قَالَ : فَقَالَ لَهُ مُوسَى ( عليه السَّلام ) : فَمَا هَذَا الْبُرْنُسُ ؟
قَالَ : بِهِ أَخْتَطِفُ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ .
فَقَالَ مُوسَى : فَأَخْبِرْنِي بِالذَّنْبِ الَّذِي إِذَا أَذْنَبَهُ ابْنُ آدَمَ اسْتَحْوَذْتَ عَلَيْهِ ؟
قَالَ : إِذَا أَعْجَبَتْهُ نَفْسُهُ ، وَ اسْتَكْثَرَ عَمَلَهُ ، وَ صَغُرَ فِي عَيْنِهِ ذَنْبُهُ .
وَ قَالَ : قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِدَاوُدَ ( عليه السَّلام ) : يَا دَاوُدُ بَشِّرِ الْمُذْنِبِينَ ، وَ أَنْذِرِ الصِّدِّيقِينَ .
قَالَ : كَيْفَ أُبَشِّرُ الْمُذْنِبِينَ وَ أُنْذِرُ الصِّدِّيقِينَ ؟
قَالَ : يَا دَاوُدُ ، بَشِّرِ الْمُذْنِبِينَ أَنِّي أَقْبَلُ التَّوْبَةَ وَ أَعْفُو عَنِ الذَّنْبِ ، وَ أَنْذِرِ الصِّدِّيقِينَ أَلَّا يُعْجَبُوا بِأَعْمَالِهِمْ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ عَبْدٌ أَنْصِبُهُ لِلْحِسَابِ إِلَّا هَلَكَ " (5) .
مجاهدة الشيطان
بعد أن عرفنا مكائد الشيطان وحبائله وفتنه صار لزاما علينا مجاهدة هذا المخلوق الذي لا هم له إلا إيقاعنا في معصية الله تعالى، وهذا ما أكده الإمام الكاظم عليه السلام بقوله لما سئل عن أوجب الأعداء مجاهدة: «أقربهم إليك وأعداهم لك... ومن يحرض أعداءك عليك، وهو إبليس»(6).
فعدم الابتعاد عن الشيطان يوجب الوقوع في معصية الله تعالى بل يوجب الوقوع في شرك الطاعة وهذا الشرك هو أحد أنواع الشرك الذي قالت عنه الآية الكريمة: {وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم}( سورة لقمان، الآية: 13).
آثار طاعة الشيطان على الإنسان
لكل عمل أثر وضعي أو غير وضعي، وهكذا طاعة الشيطان فإن لها آثارا وخيمة وضعية أو غير وضعية كما في الزنا (على سبيل المثال) الذي يقع فيه الإنسان نتيجة وسوسة الشيطان وتزينه للزاني والزانية، نلاحظ أن الأثر الوضعي هو فساد الحرث والنسل والسقوط عن أعين الناس وغيرها من الآثار الوخيمة وأما الأثر الشرعي فهو الجلد لغير المحصن والرجم للمحصن وغير ذلك من الأمثلة التي لها آثار وضعية أو شرعية أو غير ذلك.
ولكي يتضح الأمر جليا لابد من التأمل فيما ورد عن أهل بيت الحكمة والعصمة عليهم السلام.
1 قوله تعالى: {يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون}(سورة الأعراف، الآية: 27).
يبين لنا ما حصل لأبوينا رغم أنهما لم يطيعوه في معصية، إذ إنهما خالفا الأمر الإرشادي الذي أمرهما الله تعالى به إلا أن طاعة الشيطان أخرجتهما عن الجنة وما فيها من روح وريحان إلى دنيا الألم والعذاب والكد والتعب.
يؤكد على أن الشيطان لا يريد للإنسان إلا أن يعيش قبيحا نجسا بعيدا عن كل ألوان الطهارة والحسن والجمال.
4 قوله تعالى: {كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين}(سورة الحشر، الآية: 16).
تشير هذه الآية الكريمة إلى خذلان الشيطان للإنسان الذي وقع في إغرائه، وتصرح بأن طاعته قد تؤدي إلى الخروج عن الدين في بعض الأحيان.
5 طاعة الشيطان توجب الوقوع في الزلل والخوض في الباطل، بل تلغي شخصية المؤمن ويحل إبليس بدلا عنها في أفعالها وأقوالها وهذا ما أكده أمير المؤمنين عليه السلام في ذم أتباع الشيطان: «اتخذوا الشيطان لأمرهم ملاكا، واتخذهم له أشراكا، فباض وفرخ في صدورهم، ودب ودرج في حجورهم، فنظر بأعينهم، ونطق بألسنتهم، فركب بهم الزلل، وزين لهم الخطل، فعل من قد شركه الشيطان في سلطانه، ونطق بالباطل على لسانه!» (7)
6 طاعة إبليس توجب الوقوع في الجرائم والكبائر حتى تصل إلى درجة الكفر .
7 طاعة إبليس توجب الاتصاف بكل رذيلة كالتكبر والحسد والبغي كما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: «يقول إبليس لجنوده: ألقوا بينهم الحسد والبغي؛ فإنهما يعدلان عند الله الشرك»
9 إتباع الشيطان يوجب ضرورة التابع من أوليائه وحزبه فينالهم الخوف كما في قوله تعالى: {إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين}( سورة آل عمران، الآية: 175).
لم يتمثّل الشيطان بصورة النبي(ص) و الاوصياء و شيعتهم
فقال له الرضا (ع) :ولقد حدثني أبي عن جدي عن أبيه (ع) : أنّ رسول الله (ص) قال : من رآني في منامه فقد رآني ، لأنّ الشيطان لا يتمثّل في صورتي ، ولا في صورة أحدٍ من أوصيائي ، ولا في صورة أحدٍ من شيعتهم .. وإن الرؤيا الصادقة جزءٌ من سبعين جزء من النبوة .
يدلّ الخبر على عدم تمثّل الشيطان في المنام ، بصورة النبي (ص) والأئمة ، بل بصورة شيعتهم أيضاً ، ولعله محمولٌ على خلّص شيعتهم كسلمان وأبي ذر والمقداد وأضرابهم .
وقد روى المخالفون أيضاً مثله بأسانيد عن ابن عمر ، وأبي هريرة ، وابن مسعود ، وجابر ، وأبي سعيد ، وأبي قتادة ، عن النبي (ص) برواية أبي داود ، والبخاري ، ومسلم ، والترمذي ، بألفاظٍ مختلفة ،
منها : من رآني في المنام فكأنما رآني في اليقظة ، ولا يتمثّل الشيطان بي .
ومنها : من رآني في المنام فقد رآني ، فإنّ الشيطان لا يتمثّل بي .
ومنها : من رآني في النوم فقد رآني ، فإنه لا ينبغي للشيطان أن يتمثّل في صورتي .. وفي روايةٍ : أن يتشبّه بي .
ومنها : من رآني فقد رأى الحقّ ، فإنّ الشيطان لا يتراءى بي .
وقال في النهاية : الحقّ ضدّ الباطل ، ومنه الحديث :
" من رآني فقد رأى الحق " ، أي رؤيا صادقة ليست من أضغاث الأحلام ، وقيل : فقد رآني حقيقة غير مشتبه .
المصادر:
1- مكارم الأخلاق: ج2، 2354، ح2660. ميزان الحكمة: ج5، ص1919 ــ 1920، ح9369
2- غرر الحكم: 2623. ميزان الحكمة: ج5، ص1920، ح9371
3- تحف العقول: ص301. ميزان الحكمة: ج5، ص1920، ح9375
4- مجمع البحرين : 4 / 52 ، للعلامة فخر الدين بن محمد الطريحي
5- الكافي : 2 / 314 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكُليني
6- تحف العقول: ص399. ميزان الحكة: ج5، ص1920، ح9370
7- نهج البلاغة: الخطبة 7. ميزان الحكمة: ج5، ص1922، ح9381.
8- الكافي: ج2، ص327، ح2. ميزان الحكمة: ج5، ص1927، ح9393.
9- العيون 2/257 ، أمالي الصدوق ص39
تعليق