حــــــبّ القـــرآن
(الَّذِينَ ءَاتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَآءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * الْحَقُّ مِن رَبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) (46)
يتعامل الفرد المؤمن مع القرآن، كما يتعامل الإنسان السوي مع أبنائه. فهو يعرف القرآن كما يعرف ذريته، ذلك لأنه لا يحب شيئاً أكثر من محبته لأولاده، بل حتى أنه يحبهم أكثر مما يحب نفسه.. والقرآن يضرب للناس الأمثال.
كلما ازداد الحب لله، كلما ازداد الحب لكتابه، وبمقدار مايتعمق الحب للكتاب تعمقت في النفس آداب الاهتمام به. فإذا قرئ كتاب الرب، استمع له المؤمن وأنصت، وتدبّر وركز في قلبه معانيه الحكيمة، لأنه يحبه.
إن الحب أعلى وأسمى علاقة قد تربط بين الإنسان وما حوله، فهو قد يحترم شيئاً، ولكنه ليس بالضرورة أن يكون قد أحبه.
وقد يستفيد من شيء وينتفع به، ولكنه قد لايحبه. ونحن نرى من يستفيد من سيارته أو بيته أو متاعه، إلاّ أنه لا يحب هذه الأشياء حتماً.
أما إذا أحب المرء شيئاً، فإنه ليس سيستفيد منه فقط -بل قد لا يستفيد منه مطلقاً- وإنما سيضحي من اجله بما عنده أيضاً.
ومن هذه الزاوية ترى قلوب المؤمنين الصادقين حال رؤيتهم أو قراءتهم أو استماعهم لكتاب ربهم خاشعة تهفو إليه بلهفة، وبهذه العلاقة السامية يتعاملون مع القرآن. فهم يعرفون أنه رسالة خالقهم التي أنعم بها عليهم، فيبحثون عن أية وسيلة وطريقة لخدمته ورفع شأنه.
فالتعامل ينبغي ان يكون كالتعامل مع أحب الأشياء، فإذا أردت قراءة آياته المباركة وجب أن تحترمه، فتضعه أمامك، دون أية إشارة أو دلالة على سوء الادب؛كأن تمدّ رجليك أو تضعه على الأرض، وإنما يلزمك أن تجلس جلسة التلميذ إلى معلمه.
ولعمري أن في ذلك لفخر للإنسان أن يتتلمذ على كتاب ربه. فإذا أردت معرفةمدى حبك واحترامك لكتاب الله، فانظر إلى طبيعة أدبك حياله.
م\ن
تعليق