بكاء الأكوان في مراسم الأحزان
ما إن يقترب حلول شهر محرم الحرام , حتى يبدأ الاستعداد والتحضير لاستقبال شهر المصائب الأحزان في مدينة كربلاء المقدسة.. استعدادات ملفتة لنظر العالم أجمع ويشاهدها ويسمعها الملايين من البشر عبر مختلف وسائل الإعلام.. تبدؤها العتبات المقدسة في المدينة.. باستبدال المصابيح الملونة التي كانت لعهد قريب مظهراً من مظاهر الفرح والسرور لشيعة أهل البيت (ع)، بالمصابيح الحمراء ذات الدلالة الحزينة والذكرى الأليمة لما جرى من مصائب عظيمة على أهل بيت النبوة (ع) في يوم العاشر من المحرم..
يتلو ذلك نشر السواد واليافطات والأعلام.. ونصب المواكب والتكيات.. وارتداء المؤمنين السواد حزناً..
بعد ذلك تبدأ مراسيم تبديل الراية الحمراء فوق قبة حرم المولى أبي عبد الله الحسين (ع)، والتي ترمز إلى أن صاحب هذا المرقد مقتول ولم يؤخذ بثأره إلى الآن، بالراية السوداء.. وسط الآلاف من المؤمنين المعزين المرددين الهتافات والردات الحسينية.. وما إن ترتفع الراية السوداء حتى ترتفع الحناجر بصوت شجي وحزين ينادي (لبيك يا حسين).. تتزامن مع بث قراءة إحدى المصائب التي جرت على الحسين (ع) بصوت الخطيب المرحوم الشيخ هادي الكربلائي، وبعده القصيدة الشهيرة (يا شهر عاشور ما مثلك شهر) للرادود المرحوم حمزة الزغير، تلك الأصوات الحزينة الشجية، التي تشعرك وتذكرك بأجواء الحزن والعزاء والتي لم يتمالك الإنسان نفسه – حين يسمعها – أن يجري دموعه بشكل عفوي لا إرادي...
وبعد الانتهاء من هذه المراسيم، تتوجه تلك الجموع إلى مرقد أخيه وعضيده وحامل لوائه أبي الفضل العباس بن علي (ع) لإجراء نفس المراسيم السابقة...
كل ذلك إيذاناً ببدء مراسم العزاء، واستجابة لنداء الحسين (ع) واستغاثته يوم الطف (ألا هل من ناصر؟!)، ليأتيه الجواب من كل حدب وصوب من أرجاء العالم: (لبيك داعي الله, إن كان لم يجبك بدني عند استغاثتك ولساني عند استنصارك, فقد أجابك قلبي وسمعي وبصري).
من أرض الفداء والتضحيات.. تبقى هذه الراية مرفوعة لإيصال صوت الحسين (ع) إلى جميع أنحاء العالم، مشعلاً يستضيء به كل الأحرار والمحرومين.. ويطبقوا الأهداف السامية التي من أجلها ضحى الحسين (ع) بكل غالٍ ونفيس..
تبقى هذه الراية منتظرة حتى يظهر صاحبها المنتظر (أرواحنا فداه) ليرفعها بيده المباركة، آخذاً بثأر جده الحسين (ع).. مستنداً إلى جدار الكعبة منادياً، مطلقاً تلك الصرخات الخمس الخالدة:
ألا يا أهل العالم، أنا الإمام القائم.
ألا يا أهل العالم، أنا الصمصام المنتقم.
ألا يا أهل العالم، إن جدي الحسين قتلوه عطشاناً.
ألا يا أهل العالم، إن جدي الحسين طرحوه عرياناً.
ألا يا أهل العالم، إن جدي الحسين سحقوه عدواناً.
أخوكم
منير الحزامي
ليلة 1 محرم
بجوار مرقد العباس عليه السلام
تعليق