السلام عليكم
أتى أعرابي أبا جعفر محمد بن علي عليه السلام فقال أرأيت ربك حين
عبدته فقال لم أكن لأعبد شيئا لم أره فقال كيف رأيته فقال لم تره الابصار بالمشاهدة
والعيان بل رأته القلوب بحقائق الايمان لا يدرك بالحواس ولا يقاس بالناس معروف بالآيات
منعوت بالعلامات لا يجوز في أقضيته هو الله الذي لا اله الا هو فقال الاعرابي الله أعلم
حيث يجعل رسالاته.. نقلا من الامالي للسيد المرتضى
هنا انقل كلام بين مولانا الامام الصادق عليه السلام وتلميذه المفضل بن عمر ... لقد نقلت اجزاء من الكلام لانه الكلام كان طويل من اجل تسهيل على القارئ
جاء في كتاب توحيد المفضل عن الامام جعفر الصادق عليه الصلاة والسلام : يا مفضل إن الله تعالى كان و لا شيء قبله ، و هو باق و لا نهاية له ، فله الحمد على ما ألهمنا ، و الشكر على ما منحنا ، فقد خصنا من العلوم بأعلاها ، و من المعالي بأسناها ، و اصطفانا على جميع الخلق بعلمه ، و جعلنا مهيمنين عليهم بحكمه ....(الى ان يقول عليه السلام)
يا مفضل : أول العبر و الدلالة على الباري جل قدسه تهيئة هذا العالم و تأليف أجزائه و نظمها على ما هي عليه فإنك إذا تأملت العالم بفكرك و خبرته بعقلك وجدته كالبيت المبني المعد فيه جميع ما يحتاج إليه عباده فالسماء مرفوعة كالسقف و الأرض ممدودة كالبساط و النجوم مضيئة كالمصابيح و الجواهر مخزونة كالذخائر و كل شيء فيها لشأنه معد و الإنسان كالملك ذلك البيت و المخول جميع ما فيه و ضروب النبات مهيأة لمآربه و صنوف الحيوان مصروفة في مصالحه و منافعه ففي هذا دلالة واضحة على أن العالم مخلوق بتقدير و حكمة و نظام و ملائمة و أن الخالق له واحد و هو الذي ألفه و نظمه بعضا إلى بعض جل قدسه و تعالى جده و كرم وجهه و لا إله غيره تعالى عما يقول الجاحدون و جل و عظم عما ينتحله الملحدون .
نبدأ يا مفضل بذكر خلق الإنسان فاعتبر به فأول ذلك ما يدبر به الجنين في الرحم و هو محجوب في ظلمات ثلاث ظلمة البطن و ظلمة الرحم و ظلمة المشيمة حيث لا حيلة عنده في طلب غذاء و لا دفع أذى و لا استجلاب منفعة و لا دفع مضرة فإنه يجرى إليه من دم الحيض ما يغذوه الماء و النبات فلا يزال ذلك غذاؤه .....(الى ان يقول عليه السلام)
حتى إذا كمل خلقه و استحكم بدنه و قوى أديمه على مباشرة الهواء و بصره على ملاقاة الضياء هاج الطلق بأمه فأزعجه أشد إزعاج و أعنفه حتى يولد فإذا ولد صرف ذلك الدم الذي كان يغذوه من دم أمه إلى ثديها و انقلب الطعم و اللون إلى ضرب آخر من الغذاء و هو أشد موافقة للمولود من الدم فيوافيه في وقت حاجته إليه فحين يولد قد تلمظ و حرك شفتيه طلبا للرضاع فهو يجد ثدي أمه كالإداوتين المعلقتين لحاجته فلا يزال يتغذى باللبن ما دام رطب البدن رقيق الأمعاء لين الأعضاء
حتى إذا يحرك و احتاج إلى غذاء فيه صلابة ليشتد و يقوى بدنه طلعت له الطواحن من الأسنان و الأضراس ليمضغ بها الطعام فيلين عليه و يسهل له إساغته فلا يزال كذلك حتى يدرك فإذا أدرك و كان ذكرا طلع الشعر في وجهه فكان ذلك علامة الذكر و عز الرجل الذي يخرج به من جد الصبا و شبه النساء و إن كانت أنثى يبقى وجهها نقيا من الشعر لتبقى لها البهجة و النضارة التي تحرك الرجل لما فيه دوام النسل و بقاؤه اعتبر يا مفضل فيما يدبر به الإنسان في هذه الأحوال المختلفة هل ترى مثله يمكن أن يكون بالإهمال أ فرأيت لو لم يجر إليه ذلك الدم و هو في الرحم أ لم يكن سيذوي و يجف كما يجف النبات إذا فقد الماء و لو لم يزعجه المخاض عند استحكامه أ لم يكن سيبقى في الرحم كالموءود في الأرض و لو لم يوافقه اللبن مع ولادته أ لم يكن سيموت جوعا أو يغتذي بغذاء لا يلائمه و لا يصلح عليه بدنه و لو لم تطلع له الأسنان في وقتها أ لم يكن سيمتنع عليه مضغ الطعام و إساغته أو يقيمه على الرضاع فلا يشتد بدنه و لا يصلح لعمل ثم كان يشغل أمه بنفسه عن تربية غيره من الأولاد ......(الى ان يقول عليه السلام)
فكر يا مفضل في أعضاء البدن أجمع و تدبير كل منها للأرب . فاليدان للعلاج و الرجلان للسعي و العينان للاهتداء و الفم للاغتذاء و المعدة للهضم و الكبد للتخليص و المنافذ لتنفيذ الفضول و الأوعية لحملها و الفرج لإقامة النسل و كذلك جميع الأعضاء إذا ما تأملتها و أعملت فكرك فيها و نظرك وجدت كل شيء منها قد قدر لشيء على صواب و حكمة .
قال المفضل فقلت يا مولاي إن قوما يزعمون أن هذا من فعل الطبيعة فقال (عليه السلام) سلهم عن هذه الطبيعة أ هي شيء له علم و قدرة على مثل هذه الأفعال أم ليست كذلك فإن أوجبوا لها العلم و القدرة فما يمنعهم من إثبات الخالق فإن هذه صنعته و إن زعموا أنها تفعل هذه الأفعال بغير علم و لا عمد و كان في أفعالها ما قد تراه من الصواب و الحكمة علم أن هذا الفعل للخالق الحكيم فإن الذي سموه طبيعة هو سنته في خلقه الجارية على ما أجراها عليه .......(الى ان يقول عليه السلام)
انظر يا مفضل ما خص به الإنسان في خلقه تشرفا و تفضلا على البهائم فإنه خلق ينتصب قائما و يستوي جالسا ليستقبل الأشياء بيديه و جوارحه و يمكنه العلاج و العمل بهما فلو كان مكبوبا على وجهه كذوات الأربع لما استطاع أن يعمل شيئا من الأعمال ......(الى ان يقول عليه السلام)
فكر يا مفضل في الأعضاء التي خلقت أفرادا و أزواجا و ما في ذلك من الحكمة و التقدير و الصواب في التدبير فالرأس مما خلق فردا و لم يكن للإنسان صلاح في أن يكون له أكثر من واحد أ لا ترى أنه لو أضيف إلى رأس الإنسان رأس آخر لكان ثقلا عليه من غير حاجة إليه لأن الحواس التي يحتاج إليها مجتمعة في رأس واحد ثم كان الإنسان ينقسم قسمين لو كان له رأسان فإن تكلم من أحدهما كان الآخر معطلا لا أرب فيه و لا حاجة إليه و إن تكلم منهما جميعا بكلام واحد كان أحدهما فضلا لا يحتاج إليه و إن تكلم بأحدهما بغير الذي تكلم به من الآخر لم يدر السامع بأي ذلك يأخذ و أشباه هذا من الأخلاط و اليدان مما خلق أزواجا و لم يكن للإنسان خير في أن يكون له يد واحدة لأن ذلك كان يخل به فيما يحتاج إلى معالجته من الأشياء أ لا ترى أن النجار و البناء لو شلت إحدى يديه لا يستطيع أن يعالج صناعته و إن تكلف ذلك لم يحكمه و لم يبلغ منه ما يبلغه إذا كانت يداه تتعاونان على العمل .
أطل الفكر يا مفضل في الصوت و الكلام و تهيئة آلاته في الإنسان فالحنجرة كالأنبوبة لخروج الصوت و اللسان و الشفتان و الأسنان لصياغة الحروف و النغم أ لا ترى أن من سقطت أسنانه لم يقم السين و من سقطت شفته لم يصحح الفاء و من ثقل لسانه لم يفصح الراء.......(الى ان يقول عليه السلام)
و لو رأيت الدماغ إذا كشف عنه لرأيته قد لف بحجب بعضها فوق بعض لتصونه من الأعراض و تمسكه فلا يضطرب و لرأيت عليه الجمجمة بمنزلة البيضة كيما تقيه هد الصدمة و الصكة التي ربما وقعت في الرأس ثم قد جللت الجمجمة بالشعر حتى صارت بمنزلة الفرو للرأس يستره من شدة الحر و البرد فمن حصن الدماغ هذا التحصين إلا الذي خلقه و جعله ينبوع الحس و المستحق للحيطة و الصيانة بعلو منزلته من البدن و ارتفاع درجته و خطير مرتبته .......(الى ان يقول عليه السلام)
من جعل الرئة مروحة الفؤاد لا تفتر و لا تختل لكيلا تتحير الحرارة في الفؤاد فتؤدي إلى التلف . من جعل لمنافذ البول و الغائط أشراجا تضبطهما لئلا يجريا جريانا دائما فيفسد على الإنسان عيشه فكم عسى أن يحصي المحصي من هذا بل الذي لا يحصى منه و لا يعلمه الناس أكثر .
من جعل المعدة عصبانية شديدة و قدرها لهضم الطعام الغليظ . و من جعل الكبد رقيقة ناعمة لقبول الصفو اللطيف من الغذاء و لتهضم و تعمل ما هو ألطف من عمل المعدة إلا الله القادر . أ ترى الإهمال يأتي بشيء من ذلك ? كلا . بل هو تدبير مدبر حكيم قادر عليم بالأشياء قبل خلقه إياها لا يعجزه شيء و هو اللطيف الخبير .
فكر يا مفضل ، لم صار المخ الرقيق محصنا في أنابيب العظام هل ذلك إلا ليحفظه و يصونه . لم صار الدم السائل محصورا في العروق بمنزلة الماء في الظروف إلا لتضبطه فلا يفيض . لم صارت الأظفار على أطراف الأصابع إلا وقاية لها و معونة على العمل . لم صار داخل الأذن ملتويا كهيأه اللولب إلا ليطرد فيه الصوت حتى ينتهي إلى السمع ، و ليكسر حمة الريح فلا ينكي في السمع . لم حمل الإنسان على فخذيه و أليتيه هذا اللحم إلا ليقيه من الأرض فلا يتألم من الجلوس عليها كما يألم من نحل جسمه و قل لحمه إذا لم يكن بينه و بين الأرض حائل يقيه صلابتها ........(الى ان يقول عليه السلام)
تأمل و اعتبر بحسن التدبير في خلق الشعر و الأظفار فإنهما لما كانا مما يطول و يكثر حتى يحتاج إلى تخفيفه أولا فأولا جعلا عديما الحس لئلا يؤلم الإنسان الأخذ منهما و لو كان قص الشعر و تقليم الأظفار مما يوجد له ألم وقع من ذلك بين مكروهين إما أن يدع كل واحد منهما حتى يطول فيثقل عليه و إما أن يخففه بوجع و ألم يتألم منه قال المفضل فقلت فلم لم يجعل ذلك خلقة لا تزيد فيحتاج الإنسان إلى النقصان منه فقال (عليه السلام) إن لله تبارك اسمه في ذلك على العبد نعما لا يعرفها فيحمده عليها اعلم أن آلام البدن و أدواءه تخرج بخروج الشعر في مسامه و بخروج الأظفار من أناملها و لذلك أمر الإنسان بالنورة و حلق الرأس و قص الأظفار في كل أسبوع ليسرع الشعر و الأظفار في النبات فتخرج الآلام و الأدواء بخروجهما و إذا طالا تحيرا و قل خروجهما فاحتبست الآلام و الأدواء في البدن فأحدثت عللا و أوجاعا و منع مع ذلك الشعر من المواضع التي تضر بالإنسان و تحدث عليه الفساد و الضر لو نبت الشعر في العين أ لم يكن سيعمى البصر و لو نبت في الفم أ لم يكن سينغص على الإنسان طعامه و شرابه و لو نبت في باطن الكف أ لم يكن سيعوقه عن صحة اللمس و بعض الأعمال ..........(الى ان يقول عليه السلام)
تأمل يا مفضل ما أنعم الله تقدست أسماؤه به على الإنسان من هذا المنطق الذي يعبر به عما في ضميره و ما يخطر بقلبه و ينتجه فكره و به يفهم عن غيره ما في نفسه و لو لا ذلك كان بمنزله البهائم المهملة التي لا تخبر عن نفسها بشيء و لا تفهم عن مخبر شيئا و كذلك الكتابة التي بها تقيد أخبار الماضين للباقين و أخبار الباقين للآتين و بها تخلد الكتب في العلوم و الآداب و غيرها و بها يحفظ الإنسان ذكر ما يجري بينه و بين غيره من المعاملات و الحساب و لولاه لانقطع أخبار بعض الأزمنة عن بعض و أخبار الغائبين عن أوطانهم و درست العلوم و ضاعت الآداب و عظم ما يدخل على الناس من الخلل في أمورهم و معاملاتهم و ما يحتاجون إلى النظر فيه من أمر دينهم و ما روى لهم مما لا يسعهم جهله و لعلك تظن أنها مما يخلص إليه بالحيلة و الفطنة و ليست مما أعطيه الإنسان من خلقه و طباعه و كذلك الكلام إنما هو شيء يصطلح عليه الناس فيجري بينهم و لهذا صار يختلف في الأمم المختلفة و كذلك لكتابة العربي و السرياني و العبراني و الرومي و غيرها من سائر الكتابة التي هي متفرقة في الأمم إنما اصطلحوا عليها كما اصطلحوا على الكلام فيقال لمن ادعى ذلك أن الإنسان و إن كان له في الأمرين جميعا فعل أو حيلة فإن الشيء الذي يبلغ به ذلك الفعل و الحيلة عطية و هبة من الله عز و جل له في خلقه فإنه لو لم يكن له لسان مهيأ للكلام و ذهن يهتدي به للأمور لم يكن ليتكلم أبدا و لو لم تكن له كف مهيئة و أصابع للكتابة لم يكن ليكتب أبدا..........(الى ان يقول عليه السلام)
تأمل الآن يا مفضل ما ستر عن الإنسان علمه من مدة حياته فإنه لو عرف مقدار عمره و كان قصير العمر لم يتهنأ بالعيش مع ترقب الموت و توقعه لوقت قد عرفه بل كان يكون بمنزلة من قد فنى ماله أو قارب الفناء فقد استشعر الفقر و الوجل من فناء ماله و خوف الفقر على أن الذي يدخل على الإنسان من فناء العمر أعظم مما يدخل عليه من فناء المال لأن من يقل ماله يأمل أن يستخلف منه فيسكن إلى ذلك و من أيقن بفناء العمر استحكم عليه اليأس و إن كان طويل العمر ثم عرف ذلك وثق بالبقاء و انهمك في اللذات و المعاصي و عمل على أنه يبلغ من ذلك شهوته ثم يتوب في آخر عمره و هذا مذهب لا يرضاه الله من عباده و لا يقبله أ لا ترى لو أن عبدا لك عمل على أنه يسخطك سنة و يرضيك يوما أو شهرا لم تقبل ذلك منه و لم يحل عندك محل العبد الصالح دون أن يضمر طاعتك و نصحك في كل الأمور و في كل الأوقات على تصرف الحالات فإن قلت أ و ليس قد يقيم الإنسان على المعصية حينا ثم يتوب فتقبل توبته قلنا إن ذلك شيء يكون من الإنسان لغلبة الشهوات له و تركه مخالفتها من غير أن يقدرها في نفسه و يبني عليه أمره فيصفح الله عنه و يتفضل عليه بالمغفرة فأما من قدر أمره على أن يعصي ما بدا له ثم يتوب آخر ذلك فإنما يحاول خديعة من لا يخادع بأن يتسلف التلذذ في العاجل و يعد و يمني نفسه التوبة في الأجل و لأنه لا يفي بما يعد من ذلك فإن النزوع من الترفه و التلذذ و معاناة التوبة و لا سيما عند الكبر و ضعف البدن أمر صعب و لا يؤمن على الإنسان مع مدافعته بالتوبة أن يرهقه الموت فيخرج من الدنيا غير تائب كما قد يكون على الواحد دين إلى أجل و قد يقدر على قضائه فلا يزال يدافع بذلك حتى يحل الأجل و قد نفذ المال فيبقى الدين قائما عليه فكان خير الأشياء للإنسان أن يستر عنه مبلغ عمره فيكون طول عمره يترقب الموت فيترك المعاصي و يؤثر العمل الصالح فإن قلت و ها هو الآن قد ستر عنه مقدار حياته و صار يترقب الموت في كل ساعة يقارف الفواحش و ينتهك المحارم قلنا إن وجه
التدبير في هذا الباب هو الذي جرى عليه الأمر فيه فإن كان الإنسان مع ذلك لا يرعوى و لا ينصرف عن المساوئ فإنما ذلك من مرحه و من قساوة قلبه لا من خطإ في التدبير كما أن الطبيب قد يصف للمريض ما ينتفع به فإن كان المريض مخالفا لقول الطبيب لا يعمل بما يأمره و لا ينتهي عما ينهاه عنه لم ينتفع بصفته و لم تكن الإساءة في ذلك للطبيب بل للمريض حيث لم يقبل منه و لئن كان الإنسان مع ترقبه للموت كل ساعة لا يمتنع عن المعاصي فإنه لو وثق بطول البقاء كان أحرى بأن يخرج إلى الكبائر الفظيعة فترقب الموت على كل حال خير له من الثقة بالبقاء ثم إن ترقب الموت و إن كان صنف من الناس يلهون عنه و لا يتعظون به فقد يتعظ به صنف آخر منهم و ينزعون عن المعاصي و يؤثرون العمل الصالح و يجودون بالأموال و العقائل النفيسة في الصدقة على الفقراء و المساكين فلم يكن من العدل أن يحرم هؤلاء الانتفاع بهذه الخصلة لتضييع أولئك حظهم منها ...........(الى ان يقول عليه السلام)
اعتبر لم لا يتشابه الناس واحد بالآخر كما تتشابه الوحوش و الطير و غير ذلك فإنك ترى السرب من الظباء و القطا تتشابه حتى لا يفرق بين واحد منها و بين الأخرى و ترى الناس مختلفة صورهم و خلقهم حتى لا يكاد اثنان منهم يجتمعان في صفة واحدة و العلة في ذلك أن الناس محتاجون إلى أن يتعارفوا بأعيانهم و حلاهم لما يجرى بينهم من المعاملات و ليس يجري بين البهائم مثل ذلك فيحتاج إلى معرفة كل واحد منها بعينه و حليته أ لا ترى أن التشابه في الطير و الوحش لا يضرها شيئا و ليس كذلك الإنسان فإنه ربما تشابه التوأم تشابها شديدا فتعظم المئونة على الناس في معاملتهما حتى يعطى أحدهما بالآخر و يؤخذ أحدهما بذنب الآخر و قد يحدث مثل هذا في تشابه الأشياء فضلا عن تشابه الصور فمن لطف بعباده بهذه الدقائق التي لا تكاد تخطر بالبال حتى وقف بها على الصواب إلا من وسعت رحمته كل شيء لو رأيت تمثال الإنسان مصورا على حائط و قال لك قائل إن هذا ظهر هنا من تلقاء نفسه لم يصنعه صانع أ كنت تقبل ذلك بل كنت تستهزئ به فكيف تنكر هذا في تمثال مصور جماد و لا تنكر في الإنسان الحي الناطق .
انتهى كلام الامام جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب عليه الصلاة والسلام مع المفضل بن عمر رضوان الله عليه
وهذا الكلام له تتمه حيث ان المفضل قدم على الامام الصادق عليه السلام في اليوم التالي حتى يكتب باقي الحديث الشريف
والسلام عليكم
منقول من موقع السراج