ما المقصود بالتناسي أو النسيان في القرآن؟ | ||
قال تعالى: { ... فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَاء يَوْمِهِمْ هَذَا ... } ، وقال : { ... نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ ... } . كيف يلتئم ذلك مع قوله : { ... وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا } ، وقوله : { ... لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى } ؟! . | ||
النسيان في الآيتَين الأَوّليتَين هو التناسي والتغافل ، أمّا المنفّي في الآيتَين الأخيريتَين فهي الغفلة والنسيان حقيقة . والنسيان ـ بمعنى التناسي ـ في القرآن ، كما في قوله تعالى : ﴿ وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ﴾ [1] أي تناسى العهد ولم يأخذ بجدٍّ ؛ إذ لو كان نَسيَ حقيقةً لكان معذوراً ، إذ لا مؤاخذة على التناسي عقلاً ولا لوم عليه . وقوله : ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ ... ﴾ [2] أي تَغافلوا حضورَه تعالى في الحياة ؛ ومِن ثَمَّ تغافلوا ولم يأخذوا كرامة الإنسان بجدّ . فقوله تعالى : ﴿ قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى ﴾ [3] يعني نَبَذتَ آياتنا وراء ظهرك ولم تأخذها بجدٍّ ، فكذلك اليوم تُنسى ولا تَشملك العناية الإلهيّة . كما في قوله تعالى : ﴿ ... فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً ... ﴾ [4] أي استهانوا بشأن الكتاب واستعاضوا به مَتاع الحياة الدنيا القليل ، وهو مِن التغافل في الأمر والتساهل فيه وليست حقيقة الغفلة . وهكذا جاء في الجواب فيما نُسب إلى الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال : ( أمّا قوله : ﴿ ... نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ ... ﴾ [5] فإنّما يعني : نَسوا الله في دار الدنيا ، لم يَعملوا بطاعته ، فنَسَيهم في الآخرة أي لم يَجعل لهم في ثوابه شيئاً ، فصاروا منسيّينَ من الخير ، وقد يقول العرب : قد نَسيَنا فلان فلا يَذكُرُنا ، أي إنّه لا يَأمر لنا بخير ولا يَذكُرُنا به ، وأمّا قوله : ﴿ ... وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ﴾ [6] فإنّ ربّنا تبارك و تعالى ليس بالذي يَنسى ولا يَغفل بل هو الحفيظ العليم ) [7] [8] . [1] القران الكريم : سورة طه ( 20 ) ، الآية : 115 ، الصفحة : 320 . [2] القران الكريم : سورة الحشر ( 59 ) ، الآية : 19 ، الصفحة : 548 . [3] القران الكريم : سورة طه ( 20 ) ، الآية : 126 ، الصفحة : 321 . [4] القران الكريم : سورة آل عمران ( 3 ) ، الآية : 187 ، الصفحة : 75 . [5] القران الكريم : سورة التوبة ( 9 ) ، الآية : 67 ، الصفحة : 197 . [6] القران الكريم : سورة مريم ( 19 ) ، الآية : 64 ، الصفحة : 309 . [7] كتاب التوحيد للصدوق ، ص259 ـ 260 . [8] شُبُهَات و ردود حول القرآن الكريم ، تأليف : العلامة الشيخ محمّد هادي معرفة ، تحقيق : مؤسّسة التمهيد |
إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
ما المقصود بالتناسي أو النسيان في القرآن؟
تقليص
X
-
ما المقصود بالتناسي أو النسيان في القرآن؟
sigpicالكلمات الدلالية (Tags): لا يوجد
- اقتباس
-
بسم الله الرحمن الرحيم
ولله الحمد والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
عن القاسم بن مسلم عن أخيه عبد العزيز بن مسلم قال: سألت الرضا (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: "نسوا الله فنسيهم" فقال: ((إن الله تبارك وتعالى لا ينسى ولا يسهو، وإنما ينسى ويسهو المخلوق المحدث ألا تسمعه عز وجل يقول: "وما كان ربك نسيا"، وإنما يجازي من نسيه ونسي لقاء يومه أن ينسيهم أنفسهم كما قال عز وجل: "ولا تكونوا كالذين نسوا الله - فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون"))..
الأخت القديرة أم حيدر..
نسأل الله تعالى لكم الموفقية ودوام النشر لفكر آل البيت عليهم السلام...
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
ما هو النسيان أو التناسي في القرآن ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى: { ... فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَاء يَوْمِهِمْ هَذَا ... } ،
وقال : { ... نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ ... } .
كيف يلتئم ذلك مع قوله : { ... وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا } ، وقوله : { ... لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى } ؟! .
الجواب :
الكاتب : سماحة العلامة المحقق الشيخ محمد هادي معرفة رحمه الله
النسيان في الآيتَين الأَوّليتَين هو التناسي والتغافل ، أمّا المنفّي في الآيتَين الأخيريتَين فهي الغفلة والنسيان حقيقة .
والنسيان ـ بمعنى التناسي ـ في القرآن ، كما في قوله تعالى : ﴿ وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ﴾ [1] أي تناسى العهد ولم يأخذ بجدٍّ ؛ إذ لو كان نَسيَ حقيقةً لكان معذوراً ، إذ لا مؤاخذة على التناسي عقلاً ولا لوم عليه .
وقوله : ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ ... ﴾ [2] أي تَغافلوا حضورَه تعالى في الحياة ؛ ومِن ثَمَّ تغافلوا ولم يأخذوا كرامة الإنسان بجدّ .
فقوله تعالى : ﴿ قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى ﴾ [3] يعني نَبَذتَ آياتنا وراء ظهرك ولم تأخذها بجدٍّ ، فكذلك اليوم تُنسى ولا تَشملك العناية الإلهيّة .
كما في قوله تعالى : ﴿ ... فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً ... ﴾ [4] أي استهانوا بشأن الكتاب واستعاضوا به مَتاع الحياة الدنيا القليل ، وهو مِن التغافل في الأمر والتساهل فيه وليست حقيقة الغفلة . وهكذا جاء في الجواب فيما نُسب إلى الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال :
( أمّا قوله : ﴿ ... نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ ... ﴾ [5] فإنّما يعني : نَسوا الله في دار الدنيا ، لم يَعملوا بطاعته ، فنَسَيهم في الآخرة أي لم يَجعل لهم في ثوابه شيئاً ، فصاروا منسيّينَ من الخير ، وقد يقول العرب : قد نَسيَنا فلان فلا يَذكُرُنا ، أي إنّه لا يَأمر لنا بخير ولا يَذكُرُنا به ، وأمّا قوله : ﴿ ... وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ﴾ [6] فإنّ ربّنا تبارك و تعالى ليس بالذي يَنسى ولا يَغفل بل هو الحفيظ العليم ) [7] [8] .
--------------------------------------------------------------------------------
[1] القران الكريم : سورة طه ( 20 ) ، الآية : 115 ، الصفحة : 320 .
[2] القران الكريم : سورة الحشر ( 59 ) ، الآية : 19 ، الصفحة : 548 .
[3] القران الكريم : سورة طه ( 20 ) ، الآية : 126 ، الصفحة : 321 .
[4] القران الكريم : سورة آل عمران ( 3 ) ، الآية : 187 ، الصفحة : 75 .
[5] القران الكريم : سورة التوبة ( 9 ) ، الآية : 67 ، الصفحة : 197 .
[6] القران الكريم : سورة مريم ( 19 ) ، الآية : 64 ، الصفحة : 309 .
[7] كتاب التوحيد للصدوق ، ص259 ـ 260 .
[8] شُبُهَات و ردود حول القرآن الكريم ، تأليف : العلامة الشيخ محمّد هادي معرفة ، تحقيق : مؤسّسة التمهيد ـ قم المقدّسة ، الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة ص 273 .
- اقتباس
- تعليق
تعليق
تعليق