بسم الله الرحمن الرحيم
وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ
وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ
لقدأوصت السيدة فاطمة الزهراء ( صلوات الله وسلامه عليها ) أمير المؤمنين علي ( صلوات الله وسلامه عليه) بعدّة وصايا ، منها أوصته أن يدفنها ليلاً وسراً ، حيث ورد عنها أنها قالت ( صلوات الله وسلامه عليها ) له :
( أُوصيك أن لا يشهد أحد جنازتي من هؤلاء الذين ظلموني ،فإنّهم عدوّي وعدوّ رسول الله( صلى الله عليه وآله ) ، ولا تترك أن يصلّي عليَّ أحد منهم ولا من أتباعهم ، وادفني في الليل إذا هدأت العيون ونامت الأبصار ) .
وقد عمل الإمام علي ( عليه السلام ) بوصيتها ، فقد أخرج الإمام علي ( عليه السلام ) مع مجموعة من أهل بيته وأصحابه ، جنازة الزهراء ( عليها السلام ) إلى مقبرة البقيع ـ باعتبارها مقبرة المدينة الرئيسية ـ ، وقيل : دفنت في مسجد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ودفنها هناك ليلاً ، ثمّ عمل ( عليه السلام ) مجموعة من القبور حتى لا يعرف قبرها .
ولمّا أصبح الصباح من تلك الليلة التي دفنت فيها السيدة فاطمة الزهراء ( عليهاالسلام ) ، أقبل الناس ليشيّعوا جنازة الزهراء ( عليها السلام ) ، فبلغهمالخبر أنّها قد دفنت البارحة سراً .
فتوجّهوا إلى البقيع يبحثون عن قبر فاطمة ( عليها السلام ) ، فاُشكل عليهم الأمر ،ولم يعرفوا القبر الحقيقي لسيّدة نساء العالمين ، فضجّ الناس ، ولام بعضهم بعضاً ، وقالوا : لن يخلف نبيّكم إلاّ بنتاً واحدة ، تموت وتدفن ولم تحضروا وفاتها ، والصلاة عليها ، ولا تعرفون قبرها.فاطمة الزهراء علیه السلام
ثمّ قال ولاة الأمر منهم : هاتوا من نساء المسلمين من ينبش هذه القبور حتّى نخرجها ، فنصلي عليها ، فبلغ ذلك الإمام علي ( عليه السلام ) ، فخرج مغضباً قد احمرّت عيناه ودرت أوداجه ، وعليه قباؤه الأصفر الذي كان يلبسه في كل كريهة ، وهو متكئ على سيفه ذي الفقار ، حتى ورد البقيع .
سبقت الأخبار عليّاً إلى البقيع ، ونادى مناديهم : هذا علي بن أبي طالب قد أقبلكما ترونه يقسم بالله لئن حول من هذه القبور حجر ليضعن السيف على غابرالآمرين ، فتلقّاه بعضهم فقال له : ما لك يا أبا الحسن ، والله لننبشن قبرها ولنصلين عليها ، فضرب الإمام ( عليه السلام ) بيده إلى جوامع ثوبه ،فهزّه ثمّ ضرب به الأرض .
وقال ( عليه السلام) : ( أما حقي فقد تركته مخافة أن يرتد الناس، وأما قبر فاطمة فوالله الذي نفس علي بيده لأن رمت وأصحابك شيئاً من ذلك لأسقين الأرض من دمائكم ، فإن شئت فأعرض ) .
فتلقاه آخر فقال : يا أبا الحسن ، بحق رسول الله وبحق من فوق العرش إلاّ خليت عنه، فإنّا غير فاعلين شيئاً تكرهه ، فخلّى عنه وتفرّق الناس ، ولم يعودوا إلى ذلك.
( اَيْنَ الطـّّالِبُ بِدَمِ الْمَقْتُولِ بِكَرْبَلاءَ )
تعليق