إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

قبسات ونكات علمية و بلاغية من وحي نهج البلاغة ( الخطبة الاولى ) ق2

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #11
    م / (المطلب الثاني : بيان الجملة الاولى )

    قد احطتَ خبرا بما قدمنا لك اننا سنتكلم في اثبات دعوى : " من وصف الله فقد جهله " في مطلبين :
    الاول : ذكر المقدمات التي يتوقف عليها الاستدلال وقد مر عليك .. فراجع ثمة ..

    وقد حان اوان بيان ما وعدناك به وهو :

    المطلب الثاني : في بيان تلكم الجمل تفصيلا وهي خمس والكلام الان في الجملة الاولى ..



    الجملة الاولى وهي : ( كل صفة غير الموصوف وكل موصوف غير الصفة )

    بيانها :

    هذه الجملة بشقيها تريد ان تثبت امرا واحدة وهو " بين الصفة والموصوف مغايرة " وهذه الاخيرة وإن كانت في لفظها ونصها واحدة ولكنها تنحل الى جملتين قد صرح بهما الامام بشكل لا يحصل معه أي غموض وجاء بهما صريحيتن .. وبتعبير اخر ان الامام جاء بجملتين الثانية لازمة للإولى نظير ملازمة المفهوم للمنطوق فالاولى بمنزلة المنطوق والثانية بمنزلة المفهوم ..
    سؤال : ما معنى مفهوم ومنطوق ؟
    الجواب : باختصار ان يكون عندك جملة واحدة تستفيد من لفظها الظاهر مفاد معين وتستفيد مما وراء لفظها مفاد آخر فيكون عندك لفظ وجملة واحدة ولكن تفيد شيئين و ومضمونين .. ناخذ مثالا على ذلك .. الله تعالى يقول : {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا } [الحجرات : 6] هل هذه جملة واحدة او جملتين ؟
    الجواب : جملة واحدة ، ولكن هذه الجملة والواحدة تعطينا وتفيدنا شيئين ومفادين في عين انها واحدة :
    الاول : تفيد ان الفاسق اذا اخبرنا بشيء فلابد من التبين والفحص والتحقق والتاكد .. وهو واضح من لفظ ومنطوق الجملة ..
    الثاني : تفيد ان غير الفاسق اذا اخبرنا بشيء فلا نتبين وانما ناخذ بخبره ونصدقه فيما يخبر وما يقول ...
    اذن الخلاصة : في الجملة الاولى يراد اثبات المغايرة ما بين الصفة والموصوف وان احدهما غير الاخر فلا الصفة نفس الموصوف وعينه ولا الموصوف نفس الصفة وعينها ..
    سؤال : لماذا الصفة غير الموصوف والموصوف غير الصفة مع اننا حين نلاحظهما بحسب الخارج متحدان فحين نصف زيد بالجلوس فنحن نرى ان زيد والجلوس شيء واحد خارجا فمن اين جائت المغايرة ؟
    الجواب : هذا سؤال وجيه جدا ولكن في الحقيقة المغايرة جائت بالنظر الى ما يلي :

    هناك خصوصية للصفة ليست للموصوف وهناك خصوصية للموصوف ليست للصفة ..

    اما خصوصية الصفة فهي : الاحتياج الى الموصوف فلا يمكنك ان تتعقل وتتصور صفة بلا موصوف يتصف بها فهي بامس الحاجة الى الموصوف فالصفة غير مستغنية عن الموصوف بحيث يمكن ملاحظتها مستقلة عن الموصوف فهل ترى انك تتصور " جالس " بلا ذات وشخص يتصف بالجلوس ؟ الجواب كلا والف كلا لا يمكن ..


    واما خصوصية الموصوف فهي : الاستغناء عن الصفة وعدم احتياجه اليها فيمكن ان نتصور " زيد " ولا يتوقف تعقلنا وتصورنا هذا على " العلم او الجلوس او القيام ..الخ " فالموصوف فمستغن عن الصفة بخلاف العكس .. فهل الصفة الان عين الموصوف ام انها مغايرة له ؟ بالتاكيد مغايرة بعد ان لاحظنا ان لكل خصوصيته التي يختلف بها عن الاخر وهما خصوصيتان متطاردتان متنافيتان متباعدتان فبطبيعة الحال سيختلف صاحبا الخصوصيتين اعني " الصفة والموصوف " وسيتغايران ..

    اذن : لا الصفة نفس الموصوف ولا الموصوف نفس الصفة او قل بجملة واحدة كما قلنا في بداية بيان الجملة " بين الصفة والموصوف مغايرة " ..
    التعديل الأخير تم بواسطة السيد الحسيني; الساعة 26-04-2012, 06:27 PM.

    [
    الْيَمِينُ وَ الشِّمَالُ مَضَلَّةٌ وَ الطَّرِيقُ الْوُسْطَى هِيَ الْجَادَّةُ عَلَيْهَا بَاقِي الْكِتَابِ وَ آثَارُ النُّبُوَّةِ وَ مِنْهَا مَنْفَذُ السُّنَّةِ وَ إِلَيْهَا مَصِيرُ الْعَاقِبَةِ
    ]

    { نهج البلاغة }



    تعليق


    • #12
      بيان الجملة الثانية : ( من وصف الله فقد قرنه )

      كان الكلام ولا زال في شرح المقدمات والجمل الخمس وقد مضى منا ان تحدثنا عن الجملة الاولى تفصيلا ووصلنا الى الجملة الثانية وها نحن نتوكل على الله تعالى في بيانها فنقول :

      هذه الجملة مترتبة على الجملة التي قبلها فبعد ان ثبت ان الصفة غير الموصوف وبالعكس فحينئذ يثبت ان من يصف الله تعالى فهو من حيث يشعر او لا يشعر قد قرنه .. بمعنى اننا ان قبلنا بمفاد الجملة الاولى " الصفة مغايرة للذات وزائدة عليها " فهنا يترتب على وصفنا لله تعالى ولذاته الاقدس ان نضيف ونقرن اليها شيئا خارجا عن ذاتها زائدا عليها وعليه فقد قرنا الله تعالى ..وهو لازم لا محالة الا ان نقول ان صفاته سبحانه عين ذاته كما عليه المذهب الحق ..
      الخلاصة : الجملة الثانية متفرعة على الجملة الاولى فحيث ثبت ان القاعدة في الصفة والموصوف هي " زيادة الصفة على الذات " فيلزم اذن ان من يصف الله تعالى فقد قرنه ..
      التعديل الأخير تم بواسطة السيد الحسيني; الساعة 27-04-2012, 09:02 PM.

      [
      الْيَمِينُ وَ الشِّمَالُ مَضَلَّةٌ وَ الطَّرِيقُ الْوُسْطَى هِيَ الْجَادَّةُ عَلَيْهَا بَاقِي الْكِتَابِ وَ آثَارُ النُّبُوَّةِ وَ مِنْهَا مَنْفَذُ السُّنَّةِ وَ إِلَيْهَا مَصِيرُ الْعَاقِبَةِ
      ]

      { نهج البلاغة }



      تعليق


      • #13
        بيان الجملة الثالثة : ( من قرنه فقد ثناه )


        بيان هذه الجملة يقع في نقاط :

        1ـ المقصود من اقرانه اقرانه بـــ الصفات يعني فمن قرنه بصفة واعتبر الصفة زائدة فقد ثناه ..وعليه فمن وصف الله تعالى وكان اعتباره للصفات بانها زائدة على الذات فهو بهذا الوصف قد ثناه لانه قد ثبت في الجملة الاولى ان من وصف الله فقد قرنه وهنا نريد اثبات ان من قرنه تعالى فقد ثناه ..

        2ـ مع الاخذ بعين الاعتبار في وصف الواصف انه يرى ان الصفات زائدة على الذات يكون محكوما وملزما بان يلاحظ الذات الواحدة الموصوفة " كزيد العالم " بلحاظين ومن زاويتين :
        الاولى : ملاحظة الذات مع صرف النظر عن الصفة .. بمعنى يلحظ الذات مجردة عن الصفة وينظر للذات بما هي ذات ..ويلاحظ زيد كذات بلا اعتبار صفة العلم فيه ...
        الثانية : ملاحظة الصفة الموجودة في الذات بما هي صفة ومع قطع النظر عن الذات ..بحيث يلاحظ صفة العلم الكائنة في زيد بغض النظر عن ذات زيد في مثالنا اعلاه ..


        3ـ هذا التعدد في اللحاظ والاعتبار المتقدم مع ان الملحوظ ـ زيد في مثالنا ـ واحد ولكن يجعل هذا الملحوظ مركبا من شيئين ولو على مستوى الاعتبار وعليه لا يمكننا القول ان " زيد العالم " في مثالنا واحد من جميع الجهات بل سيكون عبارة عن شيئين اذا وصفناه بصفة واحدة فاذا وصفناه باكثر من ذلك سيكون طبعا اكثر فاكثر وهكذا ..

        اذن الخلاصة : من يصف الله تعالى بصفات ويجعلها زائدة على الذات فقد جعل فيه كثرة من حيث يشعر او لا يشعر .. وعليه فمن وصف الله تعالى فقد قرنه بالصفة ومن يقرنه بالصفة فقد ثناه وجعله شيئين اثنين لا واحد من جميع الجهات ..

        [
        الْيَمِينُ وَ الشِّمَالُ مَضَلَّةٌ وَ الطَّرِيقُ الْوُسْطَى هِيَ الْجَادَّةُ عَلَيْهَا بَاقِي الْكِتَابِ وَ آثَارُ النُّبُوَّةِ وَ مِنْهَا مَنْفَذُ السُّنَّةِ وَ إِلَيْهَا مَصِيرُ الْعَاقِبَةِ
        ]

        { نهج البلاغة }



        تعليق


        • #14
          بيان الجملة الرابعة : ( ومن ثناه فقد جزأه )

          معنى هذه الجملة ان من جعل الله تعالى عبارة عن ( ذات + صفات ) في عين انه واحد جعله اثنين .. ولكن كيف ؟
          لانه جعل ذاته تعالى مركبة من جزئين ، فهو يرى ان الله واحد ولكن هذا الواحد ذو اجزاء فمن اعتبر الله سبحانه واحد ذو اجزاء واجزاؤه هي " الذات والصفات " فقد جعله اثنين وحيث ان هذا الانسان يعتقد ان الله واحد فحينئذ تكون الاثنينية من جهة انها اجزاء الذات ..

          ولتقريب الفكرة نأخذ مثال بسيط وهو الانسان المركب من روح وبدن فالانسان واحد ولكنه ذو اجزاء فمن اعتبر الانسان روح وبدن كما هو في الواقع كذلك فهذا يعني جعل الانسان الواحد مركب من جزئين فمن ثنى الانسان فقد جعل له اجزاء وهذا لا اشكال فيه في الانسان فمن عرف الانسان بهذه المعرفة لم يخطأ بل اصاب حقيقة الانسان ولكن في الحق تبارك وتعالى الامر بالعكس تماما فالتركيب والاثنينية من كل وجه محالة وباطلة ..
          والخلاصة : من يعتقد ان الله تعالى عبارة عن ذات وصفات وهذه هي التثنية حيث اعتبره من ذات وصفات فهو بذلك جعل الحق الواحد ذو جزئين فمن ثنّى الله تعالى فقد جعل له اجزاء ..
          التعديل الأخير تم بواسطة السيد الحسيني; الساعة 29-04-2012, 08:15 PM.

          [
          الْيَمِينُ وَ الشِّمَالُ مَضَلَّةٌ وَ الطَّرِيقُ الْوُسْطَى هِيَ الْجَادَّةُ عَلَيْهَا بَاقِي الْكِتَابِ وَ آثَارُ النُّبُوَّةِ وَ مِنْهَا مَنْفَذُ السُّنَّةِ وَ إِلَيْهَا مَصِيرُ الْعَاقِبَةِ
          ]

          { نهج البلاغة }



          تعليق


          • #15
            بيان الجملة الخامسة : ( ومن جزأه فقد جهله )

            وهذه الجملة واضحة مما تقدم ولكن مع ذلك نجمل البيان في نقطتين :

            1ـ معنى الجملة هو ان من جعل الحق تبارك وتعالى ذا اجزاء فهو جاهل به ولم يقدر الله حق قدره ولم يعرف الله سبحانه ..

            2ـ وجه جهل المعتقد بتجزئة الله تعالى هو :
            ان الله واجب الوجود غني عن خلقه وخلقه فقير اليه {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر : 15]
            وعليه فمن يعتقد ان الله تعالى ذو اجزاء فلقوله هذا لازم باطل وهو اثبات الفقر والحاجة لله تعالى لماذا ؟
            لانه حين اعتقد بانه ذو اجزاء وكل ذي اجزاء محتاج وفقير الى اجزائه فيكون لازم اعتقاده او قوله من حيث يشعر او لا يشعر هو اثبات الفقر والحاجة تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا .. وعليه فهو لم يعرف ان الحق تعالى غني لما يلزم من اعتقاده من اثبات الفقر ..

            [
            الْيَمِينُ وَ الشِّمَالُ مَضَلَّةٌ وَ الطَّرِيقُ الْوُسْطَى هِيَ الْجَادَّةُ عَلَيْهَا بَاقِي الْكِتَابِ وَ آثَارُ النُّبُوَّةِ وَ مِنْهَا مَنْفَذُ السُّنَّةِ وَ إِلَيْهَا مَصِيرُ الْعَاقِبَةِ
            ]

            { نهج البلاغة }



            تعليق


            • #16
              زبدة المخاض وخلاصة البحث ..


              قلنا ان بين هذه الجمل الاربع مر ذكرها وبيانها اجمالا وتفصيلا بينها ارتباط محكم يسوقنا الى النتيجة المتوخاة من عقد هذه الجمل والجمل هي ـ من باب التذكير ـ
              1ـ وكمال معرفته التصديق به ..
              2ـ وكمال التصديق به توحيده.
              3ـ وكمال توحيده الاخلاص له .
              4ـ وكمال الاخلاص له نفي الصفات عنه . ؟

              والنتيجة التي تترتب على الجمل الثلاث هي : كمال الاخلاص له نفي الصفات عنه .. ثم برهنا على هذه القضية بدليل يثبت لنا قضية قضية اخرى وهي " من وصف الله فقد هله " و يلزم من صدق هذه الاخيرة صدق " كمال الاخلاص نفي الصفات عنه " وحاصل الدليل كان من مقدمات خمس وهي اجمالا :

              1ـ كل صفة غير الموصوف وبالعكس " كل موصوف غير الصفة "..

              2ـ كل من وصف الله فقد قرنه ..

              3ـ كل من قرن الله فقد ثناه . .

              4ـ كل من ثناه فقد جزّأه ..

              5ـ كل من جزّأه فقد جهله .




              نتيجة البحث


              1ـــ من وصف الله فقد جهله

              ويلازم صدق هذه القضية قضيتنا الاساسية ومقصدنا من كل ذلك العناء والغوص في كلام الامير عليه السلام وهي :

              2ــــ " كمال الاخلاص نفي الصفات عنه "

              لماذا ؟

              لان بين الجهل به سبحانه وبين الاخلاص له معاندة تامة وخطان متوازيان لا يمكن ان يلتقيا وبالتالي ما دمنا اثبتنا ان من وصف الله فقد جهله ومن يجهله لا يمكن ان يخلص له اذن كمال الاخلاص له معرفته وهو الملطوب ..
              والحمد لله رب العالمين ..
              التعديل الأخير تم بواسطة السيد الحسيني; الساعة 30-04-2012, 07:25 PM.

              [
              الْيَمِينُ وَ الشِّمَالُ مَضَلَّةٌ وَ الطَّرِيقُ الْوُسْطَى هِيَ الْجَادَّةُ عَلَيْهَا بَاقِي الْكِتَابِ وَ آثَارُ النُّبُوَّةِ وَ مِنْهَا مَنْفَذُ السُّنَّةِ وَ إِلَيْهَا مَصِيرُ الْعَاقِبَةِ
              ]

              { نهج البلاغة }



              تعليق


              • #17
                بارك الله بكم أخي الكريم ... مجهود طيب ..
                جعلك الله من العارفين

                تعليق


                • #18
                  بارك الله فيك

                  السلام على الحسين
                  وعلى علي بن الحسين
                  وعلى اولاد الحسين
                  وعلى اصحاب الحسين



                  تعليق


                  • #19
                    معلومات راقيه وهامه جدا بارك الله بك اخي الكريم

                    تعليق

                    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                    حفظ-تلقائي
                    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
                    x
                    يعمل...
                    X