هل تأثرتبشخصية ممثل وتمنيت لو كنت مكانه ؟
هل تعتقد ان عادات وتقاليد تلك البلدان المنتجة للافلام والمسلسلات أرقى من عاداتك وتقاليدك ؟
هل عالجت المسلسلات مشاكلك الشخصية أو المجتمعية ، ام اكتفت بطرح ظواهر اجتماعية دون القدلرة على ايجاد\ حلولها ؟
يرى الانثربولوجي "تايلور " ان الثقافة عبارة عن ذلك الكل المركب الذي يشتمل المعرفة والعقائد والفن والاخلاق والقانون وكل القدرات التي يكتسبها الانسان من حيث هو عضو في المجتمع ، اي نستنتج من هذا التعريف بأن الثقافة هي كل الامور المادية والمعنوية التي يكتسبها الفرد من البيئة المحيطة به .
أليس اليوم نعيش واقعا مغاير لواقع آباءنا واجدادنا ، ألا يعد العالم قرية ألكترونية في يد نخبة تديرها حيث اهوائها وارادتها ، وهذه النخبة لم تكن مطوقة على المجال السياسي فحسب بل جميع المجالات البشرية الدينية والاجتماعية وغيرها . وبما ان المجال الاعلامي اصبح من المكانة التي يحتلها كقوة يحسب لها ألف حساب لما تملكه من تأثير مهم على توجهات الافراد بل المجتمعات اجمع . لذلك تعمدت القوى الاستعمارية من توظيف اكبر قدر ممكن من اعلاميين متخصصين في المجالات المختلفة كعلم النفس والاجتماع والسياسة وغيرها ، لضمان الهيمنة الفكرية على عقول الناس وصناعتها كيفما تريد .
وقد نجحت هذه القوى في زرع ثقافات مغايرة لما يعتقده الفرد ويراه صحيح من وجهة نظره ، بإستيراد الافلام الماجنة والمسلسلات الهابطة ، ليست صفقة تجارية يعقدها الاعلاميون معا، بل وجدت من اجل السيطرة الفكرية ، فهناك من يقول ان هذه المسلسلات جاءت لتحاكي الواقع المعاش وتحل الكثير من الظواهر الاجتماعية ، فهي تتناول قضايا يعاني منها الافراد كالبطالة والطلاق وعقوق الوالدين واحترام الاخرين ، واذا كانت فعلا كما يعتقد البعض فأين النتائج ومن المبكي حقا تفاخر الآباء بقدرة ابنهم الذي لا يتجاوز السادسة من عمره على سرد احداث مساسل فيه من الغث والسمن ما لا يحصى ، وعجزه عن اجابة سؤال ثقافي . اما الادهى من ذلك هو اتخاذ بطل مسلسل ما قدوة يحتذى به ويدافع عنه بكل طاقاته وكأنه المحامي الامين عنه .
فالمستعمر لم يقتصر على فئة الشباب دون غيرها ، فالطفل العربي ايضا له نصيب ليس بأقل من اخية الشاب ، فعن طريق الكارتون استطاع المتلاعبون بالعقول من سلب الطفل العربي فكره ، ألم تقدم جامعة الدول العربية رسالة احتجاج لوالت ديزيني عام 1979م ، لتعمدها اظهار العرب المسلمين العرب بصورة سلبية في افلامها ، بقصد تشويه صورتنا امام العالم .
وقد تتم مسألة تبادل المسلسلات وبرامج متنوعة بين دولة واخرى ، هذا ما يطلق عليه بالتبادل الثقافي ، فهي عملية ارضائية تكون بين طرفين حيث ينتقي ويختار كل طرف ما يعينه ويعتقد مناسب له ، كأنه تعرض بلدة ما مثلا مسلسل يختص بمجتع خارجي عنها ، والعكس صحيح وهنا تقع مسئولية نقل الثقافة للجمهور على مسئولي الدولة وهذه العملية وان كانت مقننة فهي لا تخلوا من مساوئ ألا انها اقل ضررا من عملية الغزو الثقافي .
فعاداتنا وتقاليدنا اليوم باتت ضيفة تطل علينا بين فترة واخرى ببركة وسائل الاعلام الفاتنة تعرض كل ما هو شيق ومثير دون اكتراث بالاضرار الناجمة عن هذه الاثارة . فلم تعد هناك خصوصية الملبس والمأكل والقيم المتعارف عليها ، بل امتزجت مع غيرها برضا منا او لا ، فكم شخص ابتاع اخلاقه وقيمه بقرص ألكتروني ليتلقى البديل ، فالمستعمر يدأب جاهدا لتصويب الشعوب نحو هدفه ، وخير معين تلك الشاشة السوداء المتربعة في زواية من زوايا البيت ، نحن لا ننكر المسلسلات التاريخية والوثائقية والبرامج العلمية ، لكنها امام قريناتها من البرامج شحيحة .
ومما لا شك فيه لعب التطور الاعلامي وانتشار الايدلوجية الديمقراطية حد من سلطة الجهاز الاعلامي من سيطرة الاحتكار ، فقد ادت تلك الايدولوجية لانتشار قنوات مضادة لسياسة المستعمر ، تحاول اعادت القيم الدينية والمبادئ الاخلاقية ، ولكن بقى على المرء العاقل استخلاص العائد النفعي وهذا لا يحدث الا عن طريق الموازنة بينها وبين غيرها من القنوات ، ليرى بنفسه كفت ايهما ارحج ، وبالتالي يختار الانسب بناءا على تلك الموازنة
تعليق